القدس..فلسطين : "هزيمة ترامب" و"انهيار الناتو".. ما أبرز توقعات عام 2024؟
10.01.2024
لم يكد يمضي عام 2023، حتى بدأت التكهنات والتوقعات حول ما يحمله العام الجديد في ما يتعلق بالشؤون السياسية والاقتصادية والمناخية وغيرها من الملفات.ومن المرجّح أن يشهد عام 2024 كثيراً من الأحداث الساخنة والمنتظرة، لعل من أبرزها الانتخابات الرئاسية الأمريكية، فضلاً عن مصير العدوان الإسرائيلي على غزة، والأزمات الاقتصادية في الصين وغيرها.ويتوقع مراقبون أن ما ينتظرنا في الساحة العالمية عام 2024 يكون أكثر غموضاً من أي وقت مضى، حيث يشهد العالم تحولات وتحديات متزايدة تجعل التنبؤ بالمستقبل أمراً صعباً.ورغم ذلك، سارعت العديد من الصحف الأمريكية والغربية بنشر أبرز توقعاتها للعام الجديد، حيث توقعت صحيفة "فايننشيال تايمز" خسارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية في شهر نوفمبر القادم. ووفقاً للصحيفة، فإن الرئيس الأمريكي الحالي جو بايدن سيفوز في الانتخابات.بينما يتوقع أستاذ الجغرافيا السياسية مثنى مشعان المزروعي، أن الحزب الجمهوري سيحقق فوزاً ساحقاً في الانتخابات الأمريكية القادمة في عام 2024، ويعزو ذلك إلى أن الديمقراطيين في زمن بايدن فشلوا فشلاً ذريعاً.ويضيف لـ"الخليج أونلاين"، أن السياسة الأمريكية تراجعت بشكل كبير، في ظل الحديث عن إعادة هيكلة النظام العالمي وبنائه، كما أن هنالك توقعات كثيرة بأن النظام العالمي سيكون متعدد القطبية، وهذا بالتأكيد سيكون على حساب الولايات المتحدة الأمريكية، بسبب فشل الإدارة الأمريكية في اتخاذ قرارات جريئة وقوية وحاسمة، لا سيما في منطقة الشرق الأوسط.ويبيّن المزروعي أن ما جرى من قبل الديمقراطيين في منطقة الشرق الأوسط هو هزائم وخسائر متلاحقة، وهذا سيؤثر كثيراً على الانتخابات الأمريكية المرتقبة، كما أنه سيكون هنالك تأثير كبير للوبي الصهيوني في أمريكا.ويردف: "حتى اللوبي العربي سيكون بالضد تماماً من سياسات بايدن في منطقة الشرق الأوسط، والتي أعطت مساحة كبيرة لصراع إقليمي أدى إلى فوضى في معظم دول المنطقة".
ومن جهتها، تتوقع صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية أن يواصل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تعزيز النجاحات التي حققها خلال العام الماضي، مؤكدةً أن "روسيا تمتلك كل الإمكانات للحفاظ على المكتسبات التي حققتها في أوكرانيا، بل حتى الانتقال بالجيش الروسي لوضعية الهجوم، وعليه يحق لبوتين أن يتطلع إلى المكافأة التي تنتظره في عام 2024 عبر الانتخابات الرئاسية الأمريكية".ومع تفاقم فاتورة الحرب الأوكرانية على الولايات المتحدة والدول الأوروبية، ومع انحسار دعم نظام كييف بالتزامن مع الانتخابات الرئاسية الأمريكية، تعتقد الصحيفة الفرنسية أن وصول ترامب إلى البيت الأبيض سيعني "تقديم الهدية الكبرى على طبق من ذهب للرئيس الروسي، وهي انهيار الناتو".وأفادت شبكة NBC الأمريكية في 31 ديسمبر الماضي، بأن المسؤولين الأمريكيين والأوروبيين قد بدؤوا في إجراء محادثات مع نظام كييف لدراسة الأثمان المطلوبة من أوكرانيا، وضمن ذلك استعراض إمكانية التنازل عن أجزاء من أراضيها كجزء من اتفاقية السلام.
*عالم ساخن
ويؤكد المزروعي أن عام 2024 سيكون عاماً غامضاً جداً، وهناك كثير من المعطيات تشير إلى أن العام قد يشهد حرباً عالمية ثالثة، لكنها قد تكون حرباً بالنيابة عن القوى العالمية.ويشير إلى أنه لا يمكن تجاهل الصراع في بحر الصين الجنوبي بين الولايات المتحدة والصين، لا سيما أن بكين بدأت تخطو خطوات مرسومة وموثقة ودقيقة في استراتيجية الحزام والطريق، ومن خلالها ستصل إلى أن تكون قطباً ثانياً مع الولايات المتحدة، وستكون شريكاً لها في المرحلة القادمة.ويستدرك، أن "هذا سيدفع واشنطن إلى خلق حالة من الصراع، لكن أتوقع أن يكون للصين دور، في هذا العام تجاه بعض المناطق الساخنة، وتحرك الصين لن يروق للولايات المتحدة، وذلك سينعكس حتى على الانتخابات الأمريكية القادمة".أما في ما يخص توقعات انهيار الناتو، فيرى المزروعي أن "الناتو لن ينهار، ومن السابق لآوانه القراءة في ذلك، لأن الحلف متوقف على القوة المسيطرة أو القوة المهيمنة وهي الولايات المتحدة التي تقود النظام العالمي".ويلفت أستاذ الجغرافيا السياسية إلى أن ذلك كله يؤكد أن هناك صراعاً دولياً بدأ ينعكس على أهم الأقاليم الاستراتيجية بالعالم، وهذا الصراع يعني أن هنالك تغيراً كبيراً سيكون في المستقبل المنظور.الحرب على غزة ويبدأ العام الجديد في ظروف استثنائية وغير مسبوقة تعيشها القضية الفلسطينية، فالحرب الهائلة التي تعصف بقطاع غزة منذ عملية "طوفان الأقصى"، التي نُفذت في السابع من أكتوبر الماضي، على يد "كتائب القسام"، تظل سيدة المشهد وسط تصاعد التوتر والصراع في المنطقة.وتشير كثير من التوقعات الرسمية وغير الرسمية إلى استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة طوال عام 2024، حيث يواصل الجيش الإسرائيلي قصفه المكثف على القطاع من دون بوادر واضحة للتوقف.وصرّح المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، دانيال هاغاري، في 31 ديسمبر الماضي، بأن "أهداف الحرب الجارية تستلزم استعداداً لصراع طويل الأمد"، في تلميح إلى استمرار القتال طوال العام الجديد.وأوضح هاغاري أنهم "يخططون بحكمة لإدارة القوات المشاركة في الميدان، ويُناقشون نظام الاحتياط، ويعملون على تحديث القوات، مع التركيز على الاقتصاد العسكري، ويواصلون عمليات التدريب القتالي داخل جيش الدفاع الإسرائيلي"، مؤكداً أن "هذه التعديلات تهدف إلى ضمان التخطيط والإعداد لمواصلة الحرب في العام 2024".وفي السياق ذاته، وافق الكنيست الإسرائيلى في 16 ديسمبر الماضي، على تعديلات قانون الموازنة العامة لإسرائيل للعام 2024، وذلك بعد شد وجذب بين الحكومة الإسرائيلية وأعضاء الكنيست حول الاعتمادات الإضافية اللازمة لتمويل الحرب على غزة، في دلالة أخرى على استمرارية الحرب على القطاع.
*اقتصاد عام 2024
ويتوقع خبراء اقتصاديون تباطؤ معدلات النمو الاقتصادي حول العالم؛ نظراً إلى كثرة التحديات التي ألمّت بالعام الماضي، وأن قادة الدول الكبرى عجزوا حتى الآن عن الارتقاء إلى مستوى التحديات، والتعامل معها بعدالة وإنصاف.وتظهر التوقعات أن التحديات المالية ستظل تمثل ضغطاً على معدلات النمو الاقتصادي العالمي في عام 2024، في ظل تفاقم أزمة ديون عديد من الدول، فيما يبدو أن تراكم الديون، الذي بدأ منذ جائحة كوفيد-19 وحتى الآن، قد تجاوز مستويات قياسية.وتتسم التحديات الجيوسياسية بأنها الخطر الرئيس الذي يمكن أن يشكل تهديداً كبيراً للاقتصاد العالمي في عام 2024، وذلك يشمل التوترات المستمرة في أوكرانيا، إضافة إلى العدوان المستمر في غزة وتأثيره على استقرار الشرق الأوسط.ويتفق الاقتصاديون على أن الاقتصاد الصيني سيكون محطّ اهتمام ومراقبة فائقة في عام 2024؛ نظراً إلى ما يمثله كثاني أكبر اقتصاد في العالم من أهميّة استراتيجية بالغة بالنسبة للمجتمع الدولي.ويعزى هذا الاهتمام إلى تأثير الاقتصاد الصيني الكبير على الأسواق العالمية، وتطورات السياسة الاقتصادية الصينية التي قد تلعب دوراً مهماً في تحديد اتجاهات الاقتصاد العالمي.وفي هذا السياق، يشير كبير استراتيجيي الاستثمار في شركة " كرينشيرز" (Kraneshares)، أنطوني ساسين، في تصريحات صحفية حديثة، إلى أن الاقتصاد الصيني يبدو أنه يواجه تحديات ملموسة بمعانٍ مثل تراجع ثقة المستهلك، وانخفاض الطلب، وتراجع استثمارات الشركات، يعكس ذلك بعض الضبابية وعدم اليقين الذي يحيط بالرؤية المستقبلية للاقتصاد الصيني في الفترة القادمة.ومن المستبعد انهيار الاقتصاد الصيني حتى في ظل الاعتراف ببعض المخاوف الاقتصادية، حيث يُشير الخبراء إلى أن الاقتصاد الصيني يتمتع بقوة وتنوع يعززان استقراره.ويتمثل ذلك في وجود قطاعات رئيسة ذات قدرة تصديرية كبيرة، بدءاً من صناعة بطاريات السيارات الكهربائية وصولاً إلى قطاع التعدين والمعادن، وبذلك يمتلك الاقتصاد الصيني فعلاً قدرة تنافسية عالية تمتد على مستوى الساحة العالمية، مما يسهم في استمرار استقراره على المدى الطويل.وبالعودة إلى المزروعي، إذ يرى أن عام 2024 سيكون هو الأسخن والأكثر غموضاً، وسيحتوي على كثير من الصراعات قد تصل إلى حروب، لا سيما في منطقة الشرق الأوسط وفي منطقة المشرق العربي والخليج العربي.وحول الحرب في قطاع غزة، يعتقد أنها ستضع أوزارها في الأشهر أو الأيام القريبة القادمة، لأن الصراع في غزة أخذ طابعاً آخر، وهذا الطابع انعكس على المنطقة كثيراً، خاصة بعد التحالف الدولي الذي أعلن في منطقة البحر الأحمر وفي الخليج العربي تحت ذريعة حماية التجارة العالمية.ويستدرك بأن "عديداً من القوات الموجودة في المنطقة وعدد الدول المشاركة في التحالف، أمر بحد ذاته يثير كثيراً من الشكوك ويعطي مؤشرات كبيرة".ويؤكد أستاذ الجغرافيا السياسية أن هذا التحالف الكبير لا يمكن أن يكون لمواجهة حماس أو الحوثيين في المنطقة، بل ربما يخلق كثيراً من الأزمات، خصوصاً في ما يخص حركة التجارة والنقل العالمي، مشيراً إلى أن هذا التحالف قد ينفذ عمليات واسعة ضد الأذرع الإيرانية بالمنطقة.!!
*المصدر : "الخليج أونلاين"
www.deyaralnagab.com
|