عمان..الاردن : عشائر الأردن في “الترميز العميق”: عجل سلطي وخبز طفيلي وحليب كركي لاختراق الحصار.. والبقية في رمضان!!
28.02.2024
رسالتان في العمق لم يكن من الممكن إسقاطهما من حسابات الدولة الأردنية بعد رصد حالة تفاعل شعبية غير مسبوقة مع عنوان المجاعة في غزة.الرسالة الأولى تمكّن المراقبون من تلمسها بعد تسابق أبناء العشائر والمناطق الأردنية في نشر فيديوهات عن وصولهم بطريقة أو بأخرى لعمق مناطق قطاع غزة، عبر مساعدات تحديدا غذائية، باسم الأهالي.والرسالة الثانية، تلك التي تشير إلى أن المزاج العام والوطني والشعبي الأردني قد يتصاعد إلى مناطق غير مسبوقة عشية شهر رمضان، إذا ما حلّ الشهر الفضيل فيما يجوّع ويعطّش أطفال غزة.واضح أن بعض الاعتبارات السياسية العميقة لها دور وبصمة في تأسيس تحركات أردنية دبلوماسية، وأخرى لوجستية، تشكل علامات فارقة رفضا للعدوان وتداعياته، وأيضا -وهذا مهم جدا- احتراما للمشاعر وبوصلة اتجاهات الشعب الأردني قبل الدخول في المزاج الرمضاني.كانت الإشارات تقرأ بعمق في مجسات الدولة الأردنية التي راقبت سياسة التجويع والتعطيش مؤخرا، أكثر من مراقبة ومتابعة العدوان نفسه بمعناه العسكري والسياسي، فيما يبلغ أحد المسؤولين الكبار “القدس العربي” مباشرة، بأن جرائم القتل الإسرائيلية العشوائية في وجدان الدولة والشعب الأردنيين معا شيء، والانتقال لجرائم القتل بالتعطيش والتجويع شيء آخر.قبل يومين فقط، أعلنت عشيرة الخريسات عن ذبح عجل باسم أبنائها في قطاع غزة، وهي إحدى العشائر الرئيسية في مدينة السلط غربي العاصمة عمّان.طبعا، تلك مساعدة غذائية بسيطة جدا، لكن رمزيتها السياسية والشعبية هي الأهم، لأن الفيديوهات التي تداولها الأردنيون بكثافة، صورت كل مراحل ذبح وطهي وتوزيع العجل المشار إليه على بعض مستشفيات قطاع غزة.تلك مبادرة صغيرة باسم عشيرة أردنية، لكن سبقها ذبح عجل آخر باسم محسنين أردنيين مجهولين.وسبقها أيضا فيديوهات توثق تمكّن لجنة تمثل أبناء حي الطفايلة في العاصمة عمّان، من إيصال كمية كبيرة من الخبز والغذاء تحت القصف الإسرائيلي، باسم حارتهم المسيّسة في عمان، ولحقها باسم أبناء حي الطفايلة أيضا، وأغلبهم فقراء بالمناسبة، توزيع عبوات المساعدات أمام الكاميرا بصورة موثقة.فعل أبناء مدينة الكرك شيئا مماثلا لتوثيقات أبناء السلط والطفيلة، وبدأت رسائل في السياق توحي بأن الشعب الأردني عشية شهر رمضان ليس في وارد إظهار أي مرونة أو حتى انضباط إذا ما تعلق الأمر بتجويع أطفال غزة.الأهم أن الطريق اللوجستية التي نفذت فيها لجان تمثل عشائر الأردن غامضة أو غير معلومة بعد، لكن على الأرجح وفقا للخبراء، أن تلك اللجان قدمت مالاً لتجار في قطاع غزة، اشترت منهم وبالسعر المرتفع جدا كميات من اللحوم والطحين والحليب لصناعة الخبز والوجبات الغذائية.سرعان ما أظهر شارع الأردن الذي وصفته حركة حماس علنا بأنه كابوس الاحتلال، تضامنا نادرا مع أهل قطاع غزة. وسرعان ما التقطت الحكومة وكبار مسؤوليها تلك الرسائل التي تصدر عن أبناء العشائر هنا وهناك، وهم يتمكنون من اختراق معبر رفح والحصار الإسرائيلي معا بمبادرات بسيطة لكنها قابلة للتحول إلى تقليد أفقي في أوساط المجتمع الأردني خصوصا قبل شهر رمضان المبارك.تلك معادلة بالمعنى السياسي تعني الكثير، والتقديرات كانت سياسيا وإعلاميا تعزف على وترين. الأول هو تذكير الدولة الأردنية بأن عليها التصعيد ضد الحصار الإسرائيلي وليس العدوان فقط، والثاني أن عليها تجنب المقارنات، لأن مواطنين بسطاء في شرق الأردن يستطيعون الوصول للجائعين في غزة، فيما ينبغي أن تصلهم أيضا الدولة الأردنية.ابتداء من خبز أبناء الطفيلة، وعجل أبناء السلط، ومبادرة حليب أطفال مماثلة في المستشفيات لأبناء الكرك، كان من الضروري سياسيا تجنب مفارقة المقارنات والمقاربات، علما بأن الموقف الرسمي للأردن ومؤسساته، تنطلق منه أصلا تلك المقاربات الشعبية الفارقة. وعلما أن الأردن عمليا هو أول من طَرَق أبواب الحصار وفقا للإمكانات، وأول من أسس لتجربة إنزال المساعدات جوا على قطاع غزة.
www.deyaralnagab.com
|