logo
القدس..فلسطين :900 حاجز للاحتلال تجعل رحلة الفلسطيني في وطنه عذابا!!
23.01.2025

تشهد الضفة الغربية انتشارا مكثفا للحواجز العسكرية الإسرائيلية، التي تُعدّ واحدة من أكثر مظاهر الاحتلال تأثيرا على حياة الفلسطينيين اليومية.وفقا للتقارير، هناك نحو 900 حاجز عسكري منتشر في مختلف أنحاء الضفة الغربية. وتتنوع هذه الحواجز بين الثابتة والمتنقلة، وتُستخدم كأداة لتقييد حرية حركة الفلسطينيين وعزل المدن والقرى عن بعضها البعض. إضافة إلى ذلك، تُستخدم البوابات الحديدية كوسيلة أخرى للتحكم في حياة السكان، إذ تُغلق بشكل متكرر ودون إنذار مسبق، ما يعقد حياة الفلسطينيين ويزيد من معاناتهم اليومية.الحواجز العسكرية ليست مجرد نقاط تفتيش، بل هي أدوات تعزز سياسة الفصل التي تتبعها إسرائيل في الضفة الغربية. وتفرض هذه الحواجز قيودا صارمة على حركة الفلسطينيين، وتجعل التنقل بين القرى والمدن أمرا بالغ الصعوبة ويستهلك أوقاتا طويلة. إضافة إلى ذلك، تُستخدم أبراج المراقبة وحواجز “الطيّار” المتنقلة، التي تُنصب بشكل مفاجئ، لتضييق الخناق على السكان، ما يجعل التنقل عملية محفوفة بالمخاطر والإهانات.لى جانب تعطيل الحركة اليومية، تسبب الحواجز أزمات إنسانية متعددة. فهي تعيق وصول المرضى إلى المستشفيات، خصوصا في حالات الطوارئ، وتؤخر الطلاب عن الوصول إلى مدارسهم وجامعاتهم، وتعطل حياة العمال والتجار الذين يعتمدون على التنقل بين المدن لمزاولة أعمالهم. فضلا عن ذلك، تؤثر الحواجز بشكل مباشر على الاقتصاد الفلسطيني من خلال إبطاء حركة التجارة ونقل البضائع بين المدن والقرى، ما يؤدي إلى زيادة التكاليف الاقتصادية وتفاقم الأوضاع المعيشية. ويصف المواطن يحيى عيسى، أحد العالقين على الحواجز، تجربته فيقول لـ»القدس العربي»: «صار لي أربع ساعات واقف هون، جاي من رام الله ورايح على جنين. الوضع سيئ للغاية. الإهانات والتأخير غير مقبولين. قبل أيام فقط استشهد شخص بسبب الانتظار الطويل على حاجز سعير في الخليل. إذا استمر الوضع هيك، سنشهد حالات أسوأ.”أما محمد حاتم، مواطن آخر يعاني يوميا أثناء تنقله، فيوضح: «كنت أحتاج ساعة ونصف للوصول من بير زيت إلى طولكرم، أما الآن فأصبحت الرحلة تستغرق أكثر من ثلاث ساعات. تسبب الحواجز ضغطا نفسيا لا يُطاق، وتعيق حياتنا بشكل يومي. أصبحنا نعيش حالة من القلق الدائم أثناء التنقل، ولا نرى حلولا قريبة لهذه المعاناة سوى إنهاء الاحتلال.”وتقول فاطمة خليل، وهي أم فلسطينية من بلدة سنجل، لـ»القدس العربي»: «حتى أبسط الأمور أصبحت صعبة. الواحد يطلع خايف ما يرجع. التنقل بين المدن صار يشكل خطرا يوميا، خصوصا في الحالات الإنسانية. قبل أيام، أغلقت بوابة حديدية فجأة، وعلقت العائلات لساعات. هذا الوضع غير إنساني ويؤدي إلى ضغط نفسي كبير علينا جميعا.”
معاناة السائقين العموميين
وكما المواطنون، يعاني سائقو سيارات الاجرة من تداعيات هذه الإجراءات. ويروي محمد سلامة أبو عدي – سائق عمومي يعمل على خط رام الله – طولكرم، تجربته اليومية مع الحواجز:«قبل أيام وصلت طولكرم منتصف الليل بعد رحلة شاقة مليئة بالانتظار على حاجز عناب. الحاجز كان مغلقا لساعات طويلة دون أي إنذار مسبق، ما تسبب في تأخير الركاب عن أعمالهم ومواعيدهم المهمة. الوضع يستهلك وقتي ومالي، ويؤثر بشكل كبير على حياتي وحياة الركاب.”
ويضيف أبو عدي: «الحواجز ليست مجرد نقاط تفتيش؛ بل هي عبء نفسي واقتصادي كبير. كل يوم نواجه مشكلات جديدة على الطرق، ونضطر للانتظار لساعات دون أي تفسير. الركاب يتأخرون عن أعمالهم، وأنا أتحمل خسائر مالية كبيرة. هذا الوضع أصبح لا يُطاق.” ويؤكد أبو عدي أن الحواجز العسكرية تؤثر بشكل مباشر على حياة السائقين العموميين الذين يعتمدون على التنقل السريع بين المدن لجني قوت يومهم: «نحن نعيش تحت ضغط يومي. الركاب يسألون دائما: ما الحل؟ وأنا لا أجد إجابة. الحل الوحيد هو رفع هذه الحواجز وإنهاء الاحتلال، لأن الوضع الحالي يدمر حياتنا.”
الحواجز كأداة سياسية
تُبرر إسرائيل وجود الحواجز العسكرية بدواعٍ أمنية، إلا أن الواقع يشير إلى أنها تُستخدم كأداة سياسية لإخضاع الفلسطينيين وتعزيز السيطرة عليهم. هذه الحواجز، التي تفصل المدن والقرى عن بعضها البعض، ليست فقط رموزا للمعاناة اليومية، بل هي أيضا جزء من سياسة ممنهجة تهدف إلى تقويض الحياة الفلسطينية وتعزيز العزلة. وتُعتبر الحواجز خرقا واضحا للقوانين الدولية التي تكفل حرية الحركة والتنقل، حيث تنص اتفاقيات جنيف على ضرورة احترام حقوق السكان المدنيين في الأراضي المحتلة، إلا أن السياسات الإسرائيلية تنتهك هذه القوانين بشكل مستمر، ما يزيد من تعقيد الأوضاع الإنسانية والاقتصادية والنفسية للفلسطينيين.وفي ظل غياب الحلول العملية، يبقى الفلسطينيون محاصرين وسط أزمات متعددة. ولا ينعكس استمرار هذه السياسات فقط على الأوضاع المحلية، بل يمتد تأثيره إلى المنطقة بأكملها، حيث يُعتبر استمرار الاحتلال وممارساته تهديدا للاستقرار والأمن الإقليمي. ويؤكد الفلسطينيون أن على المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤوليته تجاه الشعب الفلسطيني من خلال الضغط على إسرائيل لرفع هذه الحواجز وإنهاء سياسات الإغلاق التي تخنق حياة الفلسطينيين.فالحواجز العسكرية في الضفة الغربية ليست مجرد نقاط تفتيش، بل هي أدوات قهر وعزل تُضاف إلى سجل الاحتلال الطويل في معاناة الفلسـطينيين.


www.deyaralnagab.com