logo
رفح..فلسطين : «مجزرة 18 رمضان» في رفح استهدفت إسرائيل مراكز النزوح والخيام!!
18.03.2025

كانت مدينة رفح على موعد مع ليلة دامية، إذ شهدت مجازر عدة في هجوم طيران الاحتلال على قطاع غزة، فيما عُرف إعلاميًا باسم «مجزرة 18 رمضان». هجمات طاولت مراكز إيواء وخيام ومنازل في منطقة مواصي رفح، الذي زعم الاحتلال كذبًا أنها آمنة.كان علي عبد العال شاهد عيان على مجزرة عائلة عبد العال في خربة العدس في رفح. كان يقف وسط الركام، وعيناه تائهتان بين الأنقاض يحاول لملمة ما تبقى من حياة عائلته التي أُبيدت في لحظة خاطفة.يقول بصوت مخنوق من الألم خلال حديثه لـ«القدس العربي»: «ما حدث الليلة لا يمكن وصفه بالكلمات. ابن عمي إسماعيل عبد العال الذي فقد زوجته وأولاده قبل ثلاثة أشهر في قصف سابق، استكملت إسرائيل جريمته بحقه، فقتلته هو وإخوته ووالديه وأولادهم. لم يتبقَ أحد من أهله».يوضح: «لم يكن هناك أي تحذير. كنا نائمين في منازلنا، نحاول أن نعيش حياة طبيعية وسط كل هذا الخراب. لكن إسرائيل لا تعترف بحقنا في الحياة. الأطفال كانوا نائمين في أسرتهم، الرضع بين أذرع أمهاتهم، والآن أصبحوا أشلاء ممزقة. هذه ليست حربًا، هذه إبادة جماعية».«كان الليل هادئًا يخيّم على خربة العدس، لكن السكون تحطم فجأة عند الساعة الثانية والنصف بعد منتصف ليل الثلاثاء، حينما سمعنا الخبر الفاجع: تم قصف بيت عبد العال»، تقول أسماء عبد العال خلال حديثها لـ«القدس العربي»، وقد ملأت ملامحها مزيج من الصدمة والألم.وتتابع: «انتظرنا قليلًا حتى تتضح الأمور، ثم عرفنا أن بنت أخي وأولادها قد استشهدوا. 12 شخصًا قُتلوا في لحظة واحدة، بالإضافة إلى عشرات آخرين من بيت العائلة. ما زالت هناك جثث تحت الأنقاض، أشلاء لا نعرف لمن تعود».وتستكمل أسماء بصوت يرتجف من الحزن والغضب: «ماذا فعل هؤلاء الأطفال النائمون كي يُقتلوا بهذه الطريقة؟ كانت أعمارهم تتراوح بين شهرين – رضيعة لم تعرف من الحياة سوى حضن أمها – وحتى 12 و13 عامًا. هل كان ذنبهم الوحيد أنهم فلسطينيون؟ ماذا فعلوا لإسرائيل؟».وتضيف بلهجة تتحدى كل هذا الألم: «نحن هنا رغم الشهداء والمجازر التي ارتكبتموها، هذا لن يؤثر علينا ولو بنسبة 1%. وأقول لمن خذلونا من الحكام العرب: لن يضرنا من خذلنا. يشاهدوننا نموت، لكنهم لن ينفعونا ولن يضرونا. عليهم أن يخجلوا من صمتهم».تهز أسماء رأسها بأسى قبل أن تختتم: «إنهم يتحدثون عن هدنة، لكن أي هدنة هذه التي تُباد فيها العائلات؟ هذا العدو لا يعرف الإنسانية. إذا كانوا قد خانوا العهود مع الأنبياء والرسل، هل سيحافظون على عهد مع الحكام العرب؟».ورغم هذه الأوضاع المأساوية، يرفض كثيرون ترك مدينتهم، كما يؤكد صلاح محمود أبو صالح: «لكننا لن نهاجر خارج قطاع غزة كما يريد ترامب. نموت ولا نترك أرضنا. هناك زيتونة نبتت في بيتي المدمر، إذا الزيتونة لم تطلع، كيف أنا أطلع؟».وبينما يستمر الاحتلال في حصار رفح وتجريدها من مقومات الحياة، تبقى المدينة شاهدًا حيًا على الإبادة المستمرة بحق سكانها، الذين ما زالوا يقاومون بصمودهم وإصرارهم على البقاء رغم كل الظروف القاسية.
وكانت رفح قبل هذا العدوان، ورغم وقف إطلاق النار، عرضة لهجمات إسرائيلية استهدفت السكان الذين يحاولون العودة إلى منازلهم أو تفقد ممتلكاتهم. قتل وأصاب الجيش الإسرائيلي العشرات أثناء محاولتهم العودة، وحتى من وجدوا منازلهم قائمة لم يتمكنوا من العودة إليها بسبب المخاطر المستمرة من الاستهداف، وانعدام مقومات الحياة الأساسية.وكانت «القدس العربي»، سألت قبل العدوان أحدهم، ويدعى صلاح محمود أبو صالح، وهو مسن سبعيني، يتحدث بعينين غارقتين في الحزن: «ما زال أكثر من نصف مساحة مدينة رفح تحت سيطرة الجيش الإسرائيلي، الذي لا يزال يمارس سياسة التدمير والنسف. عُدنا من المواصي وقعدنا هنا، لم نجد منازلنا. هذه داري قسمها جيش الاحتلال نصفين وأقام شارعًا في منتصفها. حتى جدرانها المهدمة ما زالت تحمل آثار قذائفهم».يرفع صوته قليلًا، «جيش الاحتلال، رغم وقف إطلاق النار، ما زال يطلق علينا الرصاص الحي».أما علي مصلح، وهو مسن ستيني من حي الفرقان شمال غرب رفح، فأشار إلى ما كان يومًا شارعًا حيويًا: «العديد من أهالي الحي تركوه لعدة أسباب؛ الخوف من الاحتلال، انعدام مقومات الحياة، وعدم وجود أماكن مناسبة لنصب الخيام بسبب الدمار الهائل. الركام يخفي حتى معالم الشوارع، ولم نعد نعرف أين كنا نعيش».ويؤكد خلال حديثه لـ«القدس العربي» أن الاحتلال يطلق عليهم الرصاص والصواريخ يوميًا: «لا نشعر بالأمانعادوا، فعلى ماذا سيعودون؟ المدينة صارت أطلالا».ووفقًا لمركز الميزان لحقوق الإنسان، فإن قوات الاحتلال الإسرائيلي استمرت في ارتكاب الجرائم ضد سكان قطاع غزة حتى بعد سريان اتفاق وقف إطلاق النار في 19 كانون الثاني/ يناير 2025.وتشير ميرفت النحال الباحثة في المركز إلى استمرار عمليات القصف وإطلاق النار، ما أدى إلى استشهاد وإصابة المئات.وتشير إحصائيات بلدية رفح إلى أن 200,000 من سكان المدينة المقدر عددهم بحوالي 300000 مواطن، لا يزالون غير قادرين على العودة إليها.!!


www.deyaralnagab.com