هل سيتأثر المغرب بقرار الجزائر وقف تصدير الغاز الطبيعي نحو اسبانيا عبر أراضيه؟!
02.11.2021
“عدم تجديد الاتفاق بشأن خط أنبوب الغاز المغاربي-الأوروبي لن يكون له حالياً سوى تأثير ضئيل على أداء نظام الكهرباء الوطني”، هكذا جاء رد المغرب على القرار الذي اتخذته الجزائر بعدم تجديد عقد أنبوب الغاز “المغرب العربي – أوروبا” العابر من المغرب نحو إسبانيا، والذي انتهى الاتفاق بخصوصه مع منتصف ليلة الـ30 من أكتوبر/تشرين الأول، بعد 25 سنة على بدء سريان الاتفاق عليه.وأكد المغرب، عبر بيان مشترك بين “المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب”، و”المكتب الوطني للهيدروكاربورات والمعادن” أن ترتيبات تم اتخاذها لضمان استمرارية إمداد البلاد بالكهرباء، حيث يتم حالياً دراسة خيارات أخرى لبدائل مستدامة على المدى المتوسط والمدى الطويل. وأعلنت رئاسة الجمهورية الجزائرية في بيان لها، أن الرئيس عبد المجيد تبون قرَّر إنهاء العقد الذي كان يربط بين الشركة الوطنية “سوناطراك”، والذي يخص أنبوب الغاز “المغرب العربي – أوروبا” العابر للمملكة المغربية نحو إسبانيا.وحسب ما نشرته الصفحة الرسمية لرئاسة الجمهورية الجزائرية، فإن الرئيس عبد المجيد تبون توصل بتقرير حول العقد الذي يربط “الشركة الوطنية سوناطراك بالديوان المغربي للكهرباء والماء، والمؤرخ في 31 يوليو/تموز 2011، الذي انتهى يوم 31 أكتوبر/تشرين الأول 2021 في منتصف الليل”. وكان عدم تجديد عقد أنبوب الغاز العابر من المملكة المغربية نحو إسبانيا مُتوقَّعاً بالنَّظر إلى التصريحات المتوالية للنظام الحاكم في الجزائر، والتي أشارت جميعاً إلى قطع أي تعاون بين المغرب والجزائر مستقبلاً، خصوصاً بعد أن تم قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين وقرار الجزائر إغلاق المجال الجوي على جميع الطائرات المدنية والعسكرية أو المسجلة في المغرب من عبور أجواء الجزائر.تزود الجزائر أوروبا بالغاز الطبيعي عبر ثلاثة خطوط أنابيب تعبر البحر المتوسط وصولاً إلى إيطاليا وإسبانيا، انطلاقاً من حقول “حاسي الرمل” الضخمة جنوبي البلاد إلى القارة العجوز. أما إسبانيا، فترتبط الجزائر معها عبر HYPERLINK خطي أنبوب غاز، أحدهما يسمى “أنبوب المغرب العربي ـ أوروبا” وجرى تدشينه عام 1996 وانطلقت الأشغال به في 1994.وينطلق هذا الأنبوب من حقل “حاسي الرمل” الضخم جنوبي الجزائر وصولاً إلى جنوب إسبانيا، مروراً بالأراضي المغربية، ويمكنه نقل كميات غاز سنوية تصل 12 مليار متر مكعب، ويبلغ طوله 1350 كيلومتراً انطلاقاً من الجزائر، وصولاً إلى حدودها مع المغرب.داخل الحدود الجزائرية، يمر الأنبوب عبر أقاليم ولايات الأغواط (جنوب)، والبيض والنعامة (جنوب غرب) وتلمسان (شمال غرب)، ثم يعبر الحدود المغربية من منطقة العريشة بولاية تلمسان، ويقطع الأنبوب الأراضي المغربية من الحدود الجزائرية وصولاً إلى شمالي المغرب عبر مسافة 520 كيلومتراً.ويمتد أنبوب الغاز عبر البحر المتوسط وصولاً إلى منطقة طريفة بمضيق جبل طارق جنوبي إسبانيا على مسافة 45 كيلومتراً، ويواصل الأنبوب مساره عبر الأراضي الإسبانية وصولاً إلى منطقة قرطبة على مسافة 270 كيلومتراً، حيث أنشأت مدريد محطات معالجة وتخزين للغاز.في نظر الخبير الاقتصادي والمالي نوفل الناصري، فإن المغرب لن يُصيبه الكثير من التأثيرات بقدر ما سيكون التأثير الأكبر من نصيب الجزائر، لأن ما لا يعرفه الجميع أن الغاز يمثل فقط 5 في المئة من إنتاج الكهرباء بالمغرب، ذلك أن المغرب منذ مدة خاصة خلال عهد الملك محمد السادس، اشتغل على تنويع مصادر الإنتاج الطاقي، موضحاً أن البِنية تتكون من 60 في المئة من البترول و25 في المئة من الفحم و10 في المئة من الطاقات المتجددة و5 في المئة من الغاز.وبالنظر إلى نسبة الغاز الجزائري الذي لا يشكل إلا 3,3 في المئة من إنتاج الطاقة الوطنية، يقول الناصري متحدثاً لـ “القدس العربي”، ما يعني أن التأثير ضئيل فعلاً، وتابع: “أكثر من هذا، المملكة المغربية منذ سنة 2018 وبفضل الحس الاستباقي، انفتحت على الغاز الأمريكي ووضعت بالفعل احتمال وقف الإمداد الجزائري بالحسبان، حيث تم إمداد المحطتين المشتغلتين اعتماداً على الغاز الجزائري بشكل مباشر بالطاقات المتجددة، ما يعني الانتقال إلى مصادر أخرى”.الباحث في السياسات العمومية أوضح أن هناك تحوُّلاً كبيراً على الساحة الدولية فيما يتعلق بالإمدادات الغازية خاصة الصراع الأمريكي الروسي المعروف في أوروبا، وسببه استئناف موسكو العمل بخط أنابيب “ستريم2” تربط بين روسيا وأوروبا عبر بحر البلطيق، ذات الإمدادات الضخمة من الغاز لألمانيا ومن خلالها للاتحاد الأوروبي، وهناك إمكانية أن يستفيد المغرب بدوره من هذه الإمدادات ذات الأثمنة جد منخفضة.ويعتقد المتحدث أن المغرب يُراهن على الاكتشافات الغازية لتأمين حاجياته، حيث تم البدء بالفعل في البحث في مجموعة من المناطق.ويرى الخبير الاقتصادي أن هذا الأنبوب الذي يمر عبر المغرب يلعب دوراً أساسياً لتأمين مداخيل الجزائر، ويبقى أقل تكلفة للجزائر من استعمال الخط المار عبر البحر مباشر نحو إسبانيا.“لهذا، تؤكد الجزائر أنها تفتقد للرشد السياسي، لأن تدبير العلاقات الدولية يُميِّز بين الحسابات السياسية والمصالح الاقتصادية، وأن تُقحِم بعض الدول المصالح الاقتصادية بين الدولتين وحاجيات المواطنين وتحشر الإرث الثقافي المشترك في حيز الحسابات الضيقة يؤكد الأزمة العميقة التي تعيشها الجارة الشرقية والورطة العالمية التي وضعت نفسها فيها باعتبارها تمول منظمة إرهابية وتُقوِّض الأمن والاستقرار بالمنطقة، وتؤكد أن المغرب يواصل بالحكمة والاستشراف المطلوبين مساره في تعزيز العلاقات بين الشعبين وتؤمن مستقبل البلاد الطاقي”، وفق تعبير المحلل الاقتصادي المغربي.وأشار المحلل الاقتصادي نجيب الصومعي، إلى أن قطع تدفق الغاز الجزائري لإسبانيا عبر المغرب يحمل أربع إشارات سيتنبه لها المغرب والأوروبيون والمنظومة الطاقية لغرب إفريقيا، تتمثل أولاها في خسارة الجزائر إمكانيات إعادة التموقع في السوق الإسبانية التي فقدت فيها 45% من حصة السوق قبل جائحة “كورونا” بأشهر.وزاد أن ثاني الإشارات تتمثل في عدم استفادة الجزائر من ارتفاع الطلب العالمي لأن منظومتها اللوجستية الطاقية محدودة جداً، وخاصة فيما يتعلق بالغاز المسال GNL، أما ثالث الإشارات فهي فقدان ثقة الأوربيين، وخاصة إسبانيا في الجزائر، لأن التجارة والمصالح لا ينبغي أن تتأثر بإشكاليات سياسية ظرفية وعابرة، وهو ما سيدفع إسبانيا إلى التخلي عن خط الغاز المتبقي المار من بني صاف نحو ألميريا في أول فرصة تجارية أكثر تنافسية.وختم المحلل الاقتصادي المغربي حديثه بالإشارة إلى أن الجدوى التقنية واللوجستية لخط الغاز المغربي النيجيري أصبحت أقوى، بالنظر لضرورة وضع بديل طاقي آمن ودائم لمواجهة الابتزاز الروسي وطريقة التعامل الجزائري.
www.deyaralnagab.com
|