logo
1 2 3 45521
حرص رئاسي في الجزائر على إحياء ذكرى الزعيم الراحل هواري بومدين بعد عقود من النسيان!!
28.12.2022

عاد بشكل مفاجئ في الجزائر، اهتمام السلطات الرسمية على أعلى مستوى، بذكرى الزعيم الراحل هواري بومدين، بعد عقود من التجاهل والنسيان. ولا تخلو الإحالة على فترة بومدين من أهداف سياسية، كون الرجل يظل حاضرا بقوة في مخيال الجزائريين، باعتباره أكثر الرؤساء نزاهة واقترابا من الفئات الفقيرة في الشعب.وظهر التأثر بالغا على أنيسة بومدين، أرملة الرئيس الراحل، وهي تتحدث خلال الملتقى الوطني الذي نظم في الذكرى الـ44 لوفاته، قائلة إنها المرة الأولى التي تعترف فيها السلطات بفضل الرئيس هواري بومدين، بمشاركة عدد كبير من المسؤولين، وهو ما يفتح بحسبها الآفاق نحو مستقبل أفضل.ووصفت أنيسة بومدين، الرئيسَ الراحل بأنه كان يكره الفوضى، يحب النظام، وكان يتسم بإرادة قوية جدا. وأضافت: “كان يتحمل كل شيء دون أن يشتكي، ولا يهمه الجانب المادي الذي كان آخر همه، كان بسيطا. يتحدث عن كيفية حماية الأسعار وحماية القدرة الشرائية، كان يحب الحديث مع الفلاحين. كان رجلا وفيا، ويحب الارتجال في خطاباته”.واعتبرت أن زوجها كان يريد بناء دولة قوية مبنية على التنمية، وكان يتسم بالشجاعة عندما قرر تأميم المحروقات، فالبلدان المنتجة للنفط كانت تخاف من الإقدام على هذه الخطوة، لكن المرحوم أظهر شجاعته السياسية، ولم يكن يخاف من العواقب”، على حد قولها.وحول وفاته التي ما تزال محل جدل إلى اليوم، قالت أرملة الرئيس الجزائري الراحل: “الأطباء قالوا لنا إنه أصيب بنزلة برد. وبعد 40 يوما وافته المنية، وفاته كانت صدمة للجميع”. وتابعت: “كنت أرى الراحل في عيون الشباب الذي مُنحت له الفرصة. كنت أراه في جيشنا الشعبي، كنت أرى الحزن في الشوارع ومختلف المدن. بومدين سيبقى حاضرا في القلوب. كما كان بومدين رجل المحرومين والمساكين”. وظلت ذاكرة الرئيس بومدين، محط تداول شعبي في الأساس توارثتها حتى الأجيال التي لم تعش ذكراه، بينما على المستوى الرسمي، لم يكن الحديث عنه دارجا خارج السياقات التاريخية لفترته. وشهدت مرحلة الشاذلي بن جديد، الذي خلف بومدين، تراجعا عن السياسات الاشتراكية التي انتهجها وتحولا عن الانفتاح الاقتصادي لكن بشكل عشوائي، أدى في الأخير إلى دخول البلاد أزمة اقتصادية كبرى، ساهمت في التحولات السياسية التي عرفتها البلاد مع بداية التسعينات. وفي الفترة السابقة للرئيس عبد العزيز بوتفليقة، ظل الحديث عن بومدين هامشيا، على الرغم من أن بوتفليقة يدين بالفضل في صعوده السياسي لبومدين الذي عينه وزيرا للخارجية في الفترة الذهبية للدبلوماسية الجزائرية. ويعود الأمر، وفق متابعين، لطبيعة بوتفليقة المحبة للزعامة ورفضه الظهور في ثوب أحد رجالات بومدين. وأظهرت كلمة وزير المجاهدين خلال الملتقى الذي تم برعاية الرئيس عبد المجيد تبون، رغبة من السلطات الحالية في توجيه رسالة للجزائريين أنها تحاول تمثيل فترة الرئيس بومدين، ليس في الخيارات الاقتصادية التي صارت من الماضي، ولكن في طريقته في الحكم البعيدة عن الفساد، وحرصه على السيادة الوطنية وعلى القضايا الدولية العادلة خاصة القضية الفلسطينية ودعوته لبناء نظام عالمي جديد.وقال الوزير، العيد ربيقة، إن تجربة عهد الرئيس الراحل هواري بومدين “مثّلت صفحة لامعة في التشييد والبناء، كونه أرسى ركائز دولة المؤسسات وخدم الوطن والشعب وحارب الفقر والجهل وأمم الثروات وحصن كرامة المواطن بعدالة اجتماعية وتنمية اقتصادية ونهضة ثقافية”. وأبرز أن الرجل “ظل مدافعا عن القضايا التحررية والقومية وجعل الجزائر قبلة الثوار ومكة الأحرار، كما حمل رؤية واعية للواقع بمتغيراته وللمستقبل بتحدياته وفق نظرة استشرافية”، مشيرا إلى أن الجزائر وهي تخلد ذكرى رحيله “كلها ثقة وعزم للسير نحو المستقبل وتشييد دولة لا تزول بزوال الرجال، وفاء لقيم ثورة أول نوفمبر ورموزها الأبطال”.
ومن الحديث عن بومدين، أحال الوزير مباشرة على الفترة الحالية، قائلا إن “الجزائر اليوم بأبنائها البررة ورجالها المخلصين، وبفضل القيادة الرشيدة لرئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، لا تزال ماضية في تعزيز صرح مؤسساتها وحماية مكتسباتها وممارسة سيادتها، بما يحمي أمنها ويحفظ كرامة وراحة شعبها، ومستجمعة لطاقاتها ومواردها لترفع سقف طموحاتها وكلها وعي بالرهانات واستعداد للتحديات، ومناصرة قضايا أمتها بقوة عقيدتها وثبات مواقفها”.وأضاف أن “الرئيس تبون يجدد التزامه الكامل بالحرص على تأمين الذاكرة وتحقيق المناعة المجتمعية بتعظيم العظماء والوفاء لبطولاتهم وتضحياتهم الجسيمة، من خلال تجديد العهود والأفكار وتفجير الطاقات للحفاظ على الوطن”. فالجزائر الجديدة (شعار تبون) بحسبه “تجعل من أيامها الخالدات منارات تضيء الطريق الصحيح الذي رسمه الشهداء الأبرار والمجاهدون الميامين، وهو ما يدعونا إلى إحاطة تاريخنا الوطني بسياج الحفظ وتعزيز الدفاع عن ذاكرتنا”.ويظهر هذا التوجه وفق مراقبين، رغبة من الرئيس تبون في التخلص من فكرة أنه امتداد لنظام الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة التي تلتصق بها كل صفات الحكم السيئة من فساد وتشبث بكرسي الحكم، والبحث في التاريخ الحديث عن مراجع أكثر تعبيرا عما يريده الجزائريون. ومنذ حملته الانتخابية، حرص تبون على استدعاء فترة بومدين وتحدث بفخر عن أنه اشتغل واليا (محافظا) في فترة بومدين الذي وصفه بالزعيم. كما استعار تبون في الفترة الأخيرة، بعض أفكار بومدين في مداخلاته في ملتقيات دولية، مثل الدعوة لإقامة نظام عالمي جديد والرغبة في إحياء منظمة عدم الانحياز في ظل عودة الصراعات بين الأقطاب الدولية الكبرى.


www.deyaralnagab.com