توفي رئيس الوزراء اللبناني الأسبق سليم الحص عن عمر يناهز الـ95 عاماً، اليوم الأحد، وشغل الحص موقع رئاسة الحكومة خمس مرات بعهودٍ مختلفة، بين عامي 1976 و2000، في فترات دقيقة من التاريخ اللبناني، لا سيما إبّان الحرب الأهلية اللبنانية وبعد اتفاق الطائف، وتولّى عبرها وزارات عدة منها الصناعة والإعلام والخارجية.ونعاه رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، الأحد، وقال إنه "رحل في أصعب وأدق مرحلة يحتاج فيها لبنان إلى ضميره وحسّه الوطني والعروبي وإلى حكمته ورصانته وحسن إدارته للشأن العام". وأشار ميقاتي إلى أن سليم الحص "كان اقتصادياً بارزاً ومثال الخبرة والاخلاق والعلم، وضع المصلحة العليا ومصلحة المواطن فوق كل اعتبار. وكان متجرداً وموضوعياً ودستورياً بامتياز"، مضيفاً أنّ "الرئيس الحص الذي وصل إلى أعلى ما يمكن أن يصل إليه رجل عصامي بنى نفسه بنفسه ليصل إلى أعلى درجات العلم، وأرفع المناصب، ليكون رئيس حكومة ناجحاً في لبنان، ويستحق بعد سنوات من العطاء والتضحية لقب ضمير لبنان ويدخل إلى الأبد في وجدان اللبنانيين".وأعلن ميقاتي الحداد الرسمي بحيث تُنكس الأعلام المرفوعة على الإدارات والمؤسسات الرسمية والبلديات حداداً لمدة ثلاثة أيام اعتباراً من يوم غد الاثنين ولغاية يوم الأربعاء، وتُعدَّل البرامج العادية في محطات الإذاعة والتلفزيون بما يتوافق مع المناسبة الأليمة.وتولّى الحص أول موقع له في رئاسة الوزراء من ديسمبر/كانون الأول 1976 إلى يوليو/تموز 1979 في عهد الرئيس الياس سركيس، ومن يوليو 1979 إلى أكتوبر/تشرين الأول 1980 في عهد سركيس أيضاً، كما تولى في يونيو/حزيران 1987 رئاسة الحكومة بالوكالة في عهد الرئيس أمين الجميل بعد اغتيال الرئيس رشيد كرامة في يونيو 1987.كما تولى الحص رئاسة الحكومة من نوفمبر/تشرين الثاني 1989 إلى ديسمبر 1990 في عهد الرئيس إلياس الهراوي، ومن ديسمبر 1998 إلى أكتوبر 2000 في عهد الرئيس أميل لحود، فيما تولى حقائب وزارية في عهود مختلفة، منها الصناعة والنفط والإعلام والتربية ووزارة الخارجية والمغتربين، وانتُخب نائباً عن بيروت مرتين بين أعوام 1992 و2000.وولد الحص في ديسمبر/كانون الأول 1929 لعائلة سنية بيروتية، ويعتبر من القامات اللبنانية العربية ومن الاقتصاديين أصحاب الخبرة والاستقلالية فهو حائز على شهادة في الاقتصاد والعلوم السياسية، وسافر إلى الولايات المتحدة حيث حاز من جامعة أنديانا على شهادة الدكتوراه في الاختصاص نفسه. وترك الحص قبل فترة العمل السياسي لكنه كان يؤكد في كل مناسبة وموقف أنه لم يستقل من عمله الوطني، قبل أن يبتعد عن الساحة بفعل صراعه الطويل مع المرض.ونعى رئيس الحكومة الأسبق تمام سلام، في بيان، الحص وقال إن "قامة وطنية كبيرة من بيروت ومن لبنان رحلت اليوم ورحل معها الصدق والنبل والاستقامة وعفة النفس"، مشيراً إلى أنّ "الرئيس سليم الحص خدم وطنه بأمانة واخلاص وبسلاح الموقف الذي اعتبره واعتمده في مواجهة السلاح غير الشرعي وقوى الأمر الواقع"، مضيفاً: "بيروت هي مدينته وعرينه وحاضنة مسيرته الزاخرة بالعلم والأخلاق مترفعاً عن الصغائر، همه الإنسان وكرامته وحقوقه".