logo
1 2 3 41134
النساء يقتحمن سباقات الهجن في المشرق العربي!!
26.10.2024

القاهرة - تزمجر الجمال عند خط الانطلاق وتنخر قبل أن ترتفع بوابة البداية، وتمد رقابها الطويلة ثم تركض على طول المضمار الرملي. ويصيح صاحب جمل من سيارة متوقفة بجانب مضمار السباق، ويقرع باب السيارة بقوة ليحث الجمل والفارس الذي يركبه على الاندفاع بأقصى سرعة.مرحبا بكم في الحدث الذي أطلق عليه الجائزة الكبرى لسباق الهجن في مدينة الطائف، الكائنة في الجنوب الغربي من المملكة العربية السعودية، حيث تتسابق الجمال لأداء نحو 250 دورة حول المضمار، للفوز بجوائز قيمتها 13 مليون دولار.
ويدخل الآن مهرجان الهجن هذا، الذي يقام تحت رعاية ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، عامه السادس ويوضع في نفس مرتبة أغنى سباقات الخيول في العالم، ويشارك في مهرجان العام الحالي 21 ألف جمل.
وأصبح سباق الهجن معترفا به كرياضة دولية جادة، ومعلما رائعا للجذب السياحي في العديد من دول الشرق الأوسط. وظلت سباقات الهجن لعدة قرون حكرا على الرجال في الغالب، ولكن النساء أخذن يقتحمن هذه الرياضة بدعم من امرأة ألمانية رائدة.وتقول ليندا كروكنبيرجر وهي مواطنة من ولاية بادن فيرتمبرج الألمانية، والتي أسست أول مدرسة لركوب الجمال للنساء في دبي، “في العام الماضي كانت ممارسة النساء لهذه الرياضة استثناء، ولكنها أصبحت الآن واقعيا جزءا من برنامج السباق". وتضيف “تزداد الثقة في قدرة النساء على ممارسة هذه الرياضة، وفي أن عجلة التدريب يمكن أن تدور".
وتم تنظيم أول سباق رسمي للهجن تشارك فيه النساء، تحت إشراف اتحاد رياضي في الطائف العام الماضي. وأحضرت كروكنبيرجر عشر نساء عند خط البداية في سباق العام الماضي، ثم أحضرت 25 امرأة للمشاركة في سباق العام الحالي.ويتوافق سباق الهجن للنساء المنفصل عن سباق الرجال، مع صورة التحديث التي تسعى السعودية إلى نشرها على مدى عدة أعوام، حيث سمحت الآن للنساء بقيادة السيارات وإقامة مشروعات تجارية خاصة بهن، ثم تمت إضافة المشاركة في سباقات الهجن إلى هذه الأنشطة. ويقول راكب جمل إيراني “هذا الاتجاه لا يلقى قبولا من الجميع، ولكن بعض الناس يدعمونه في الواقع”.
وكانت الجمال ذات السنم الواحد تعد في الماضي ولا تزال رمزا للمكانة الاجتماعية في شبه الجزيرة العربية، وكانت تتم تربيتها للاستفادة من لحومها وألبانها وأوبارها وجلودها، بالإضافة إلى كونها وسيلة مواصلات حيث يطلق عليها اسم سفينة الصحراء.وحتى في القرن السابع الميلادي كان سكان المنطقة ينظمون سباقات للهجن باعتبارها رياضة شعبية، بل كانوا يستخدمونها في أفراح العرس والاحتفالات الدينية، ثم انتقلت الرياضة وانتشرت في مناطق شرقي أفريقيا والهند وأستراليا.
ويتم في العالم العربي انتقاء سلالة جمال السباق بشكل دقيق، وذلك بفضل استخدام أساليب التدريب المتقدمة، وأيضا برامج الاستيلاد المتطورة بما فيها وسائلالتلقيح الاصطناعي ونقل الأجنة. وتطور ما بدأ كتقليد تراثي بين بدو الصحراء، ليصبح نشاطا صناعيا قوي الأداء تعززه التكنولوجيا الحديثة.ومن نتائج التكنولوجيا اليوم أن بعض الهجن لا يركبها في السباقات فرسان، ولكن روبوتات صغيرة يتحكم فيها أصحابها عن بعد، لتفعيل السياط عن طريق إشارات لاسلكية. وتساعد خفة وزن الروبوت الجمال على الركض بدرجة أسرع، وتقليل الإصابات التي تتعرض لها فقرات ظهورها، في حالة ركوب فرسان من أصحاب الوزن الثقيل.
ويتابع أصحاب الهجن ومدربوها بشغف التقدم الذي تحققه في التدريب، وهم يقودون سياراتهم على طول المضمار ويطلقون الأبواق في مرح، وأحيانا يتسببون في وقوع حادث ما. وتبدو كروكنبيرجر وأفراد فريقها من النساء حريصات على الفوز وهن يمتطين الجمال مثنيات ركبهن ومرتديات الجوارب.لا يوجد سرج أو دالايتان من الحديد يضع الراكب قدميه فيهما مثل اللتين توجدان في الخيول، وتقول إحدى المشاركات بعد انتهاء السباق "يشعر الراكب وكأنه يعلو في الهواء ويهبط، وهو ما يخالف قانون الفيزياء".وعلى الرغم من أن مسافة السباق كيلومتران فقط ويستغرق بضع دقائق، فإن أيادي بعض المتسابقات تظل ترتعش طوال نصف الساعة بعد انتهاء السباق. وتقول سوانتي يورينا نيهوس التي جاءت من بلدة زوج السويسرية للمشاركة في السباق، "إنها ثلاث دقائق مرهقة للغاية، لا يمكن لأحد أن يقلل من تأثيرها".والتحقت نيهوس بمدرسة كروكنبيرجر منذ عامين، وهي الآن تسافر إلى دبي كل ثلاثة أشهر تقريبا للتدريب هناك. وتقول نيهوس إن الجمل عندما تمتطيه تصبح تحت رحمته إلى حد ما، ويمكن أن يصل وزن الجمل إلى 800 كيلوغرام، وعادة ما يستمر في الهرولة أو الركض بمجرد أن يبدأ القطيع في الانطلاق، إلى أن يصل إلى خط النهاية، وتوضح أن “في سباقات الخيول يمكنك التوقف، وهو خيار غير متاح مع الهجن”.
وفازت بالمركز الأول في السباق امرأة جزائرية من فريق كروكنبيرجر، وبدت على وجهها مظاهر الفرحة البالغة وهي تقف على منصة الفائزين. وتتفهم كروكنبيرجر حقيقة أن الأمر يتطلب المزيد من الوقت والصبر، قبل أن يتم ضم النساء في المسابقات الرسمية الكبرى للهجن في أماكن مثل الإمارات. غير أنها لا تزال تشعر بالتفاؤل وهي تنظر إلى النساء وهن يقدن الجمال حول المضمار. وتقول "إذا لم أقم بهذا العمل، فمن يفعله؟".


www.deyaralnagab.com