بيت لحم : بين ادعاءات “مس الجن” والقتل بداعي الشرف.. تضامن واسع مع فتاة فلسطينية توفيت في ظروف غامضة!! 01.09.2019 لا تزال الأجهزة الأمنية الفلسطينية تجري تحقيقاتها اللازمة للكشف عن ملابسات حادثة وفاة الفتاة الجامعية إسراء غريب، التي تقطن في إحدى بلدات مدينة بيت لحم، بعد أن أصبحت قضية هذه الفتاة -التي كانت مقبلة على الزواج، ووصلت إلى المشفى جثة هامدة- قضية “رأي عام” محلي وعربي، ما استدعى وصول النائب العام إلى المدينة، وإرسال عينات فحص مخبري إلى الأردن، للكشف عن الحقيقة.وقبل الخوض في تفاصيل الحادثة، التي جرى التعرض لها في وسائل التواصل الاجتماعي من أكثر من جهة، أشهرها حملة تضامن واسعة مع الفتاة التي فارقت الحياة في ظروف لم تكشفها بعد التحقيقات الرسمية، لا بد من التطرق إلى أن النيابة العامة، الجهة الرسمية التي تشرف على سير التحقيقات، لم تصدر حتى اللحظة أي قرارات بحبس أي من أفراد عائلتها، بتهمة قتلها، وأنها لا تزال تباشر التحقيقات اللازمة، وتنتظر وصول نتائج الفحص المخبري من الأردن الذي يملك خبرات أوسع في هذا المجال من شأنها أن تقود إلى الحقيقة.لكن الحملات الواسعة على مواقع التواصل الاجتماعي بعنوان “كلنا إسراء غريب”، التي جلبت اهتمام الإعلام العربي والمشاهير في حادثة لم تسجل من قبل على مستوى المناطق الفلسطينية، وتخللها الحديث عن الواقعة في برامج تلفزيونية ومنشورات على مواقع التواصل، باعتبار أن وفاتها كانت ناجمة عن عملية قتل عائلية بداعي “الدفاع عن الشرف”، دفعت برئيس الوزراء الفلسطيني، محمد اشتية، للقول: “إن قضية إسراء غريب أصبحت قضية مجتمع، نستشعر نبض الشارع تجاهها”.وحسب مصادر محلية من بيت لحم، فقد وصل النائب العام الفلسطيني الأحد إلى المدينة، لمتابعة سير التحقيقات حول وفاة إسراء، في مسعى للوصول إلى الحقيقة، في وقت يتردد فيه أن نتائج العينات التي أرسلت إلى الأردن من أجل فحصها للمساهمة في كشف سبب الوفاة، تحتاج إلى عدة أيام.وتعود الحكاية إلى يوم 22 أغسطس/آب الماضي، حين وصلت الطالبة إسراء غريب (21 عاما)، وتقطن بلدة بيت ساحور، إلى المشفى جثة هامدة، لتفتح النيابة العامة تحقيقا في الحادثة، وتباشر فرق الشرطة المختصة التحريات اللازمة للكشف عن الحقيقة، فيما فتحت أبواب مواقع التواصل الاجتماعي لحملات مناصرة للفتاة التي فارقت الحياة، تحدث خلالها المشاركون بقصص كثيرة عن سبب الوفاة، منها ما حمل الأسرة المسؤولية عن ذلك، من خلال تعريض إسراء للضرب العنيف، ومنها تقارير تحدثت عن تعرضها للضرب من أقاربها في المشفى، في مرة سابقة، قبل أن تنقل إلى المستشفى في المرة التالية جثة هامدة.كما ذكرت قصص ضعيفة أخرى أن الفتاة خضعت لـ”رقية شرعية” بحجة علاجها من مس “الجن” قبل وفاتها، لكن تلك الرواية بحسب سكان من بيت لحم ضعيفة جدا، خصوصا أن الرقية معروفة بأنها تلاوة آيات من القرآن على الشخص المستهدف، لكن ذلك أيضا دفع وزارة الأوقاف إلى نفي وجود أي دائرة أو قسم تحت اسم “دائرة الرقية الشرعية” في هيكليتها الإدارية.لكن كل هذه القصص، التي دفعت مشاهير عرب للتضامن مع إسراء، عقبت عليها النيابة العامة، بالقول إن أسباب الوفاة غير واضحة إن كانت جنائية أم لا، وأنه من الصعب الحكم المسبق على سبب الوفاة قبل صدور نتائج الفحوصات.وأكدت النيابة العامة، حسب ما نقلت وكالة “معا” المحلية، أنها لن تتستر على أحد، وفي حال كانت شبهات حول أي شخص سيتم توقيفه ومحاسبته، مؤكدة أنه لم يتم توقيف أي شخص على ذمة القضية حتى اللحظة.وقد دفعت الحادثة وما واكبها من حملات مناصرة لإسراء العائلة إلى إصدار بيان، استنكرت فيه ما يتم تناقله على منصات التواصل الاجتماعي من “شائعات مغرضة وتضخيم للحدث”، وقالت إن الفقيدة كانت تعاني من “حالة نفسية واضطرابات عقلية” أدت إلى سقوطها في فناء المنزل، مساء يوم التاسع من الشهر الماضي، نقلت على إثر ذلك إلى المستشفى، وتبين وجود كسر في عمودها الفقري، حيث قرر الأطباء أنها ليست بحاجة الى إجراء عملية جراحية في الوقت الحالي لصغر سنها والاكتفاء بتناول الأدوية، وأنه بعد خروجها من المشفى لم تمكث كثيرا حتى وافتها المنية إثر تعرضها لـ”جلطة”.وتوعدت العائلة في البيان الذي نشر على مواقع التواصل الاجتماعي بالملاحقة القانونية والعشائرية لكل من ينشر “ادعاءات كاذبة”.وفي هذا السياق، قال رئيس الوزراء، محمد اشتية، في منشور له على موقع “فيسبوك”، تعليقا على القضية: “مع التزامنا الكامل بأحكام القانون الفلسطيني وسرية التحقيقات وعدم الاستعجال في إطلاق الأحكام المسبقة احتراما لروح الفقيدة ولمشاعر ذويها، إلا أنه صار لزاما علينا تعزيز منظومة التشريعات الحامية للمرأة الفلسطينية، حامية مشروعنا الوطني، التي هي أمنا وأختنا وشريكتنا في النضال والبناء، ونحن منها ولولاها ما كنّا مجتمعا”.وأضاف: “سنتخذ كل إجراء قانوني لازم لإيقاع أقصى العقوبات على كل من تورط في قتل أي إنسان ونحن بانتظار نتائج التحقيق في قضية إسراء”.أما وزيرة شؤون المرأة آمال حمد، فقد أكدت أن هناك ارتفاعا في وتيرة “العنف والقتل” ضد النساء، وكان آخرها الفتاة إسراء غريب، وأكدت في بيان أصدرته أنه مهما كانت أسباب موت إسراء، فإنه سيتم معاقبة ومحاسبة المسؤولين عن هذا الفعل من قبل الجهات المختصة، بعد الكشف عن نتائج التحقيقات.وقد دعت إلى مراجعة “التشريعات العقابية المطبقة” في فلسطين، وقانون الإجراءات الجزائية، لإصدار تشريعات فلسطينية تحاكي الواقع وإصدار قرار قانون حماية الأسرة من العنف في أقرب وقت، وطلبت من الجهات المختصة كشف الحقيقة للجمهور في أقرب وقت احتراما لكرامة وروح الضحية، ومنع تداول الإشاعات على مواقع التواصل الاجتماعي.!!
www.deyaralnagab.com
|