logo
1 2 3 47738
خربة الدير: الطفلة "براء" تتمنى أن تصبح محامية لمقاضاة الاحتلال على جرائمه في الأغوار!!
17.10.2020

كتب علي سمودي– تتمنى الطالبة براء محمود فايز أبو مطاوع، أن تصبح محامية لتدافع عن أبناء شعبها وتشارك في التصدي للاحتلال وحماية الأرض التي تتعرض للنهب والاستيطان والتهويد في الأغوار الشمالية التي يحرم سكانها من أبسط الخدمات والحقوق بما فيها التعليم، ومثلما يمنع الاحتلال البناء والإعمار في المضارب البدوية والخربة، فإنه لا يسمح بإقامة المدارس فيها.ويقول محمود، والد براء: "بشكل دائم، تقول لي طفلتي إنها تريد أن تتعلم وتكبر بسرعة وتصبح محامية، فهي مثلنا لم تعد قادرة على احتمال هذا الظلم الذي نعيشه كل يوم بسبب الاحتلال.. هذه ليست حياة، فقد هدموا منزلنا ودفنوا كتب أطفالي تحت أنقاضه، لكننا سنبقى نعلمهم، وعندما يكبرون سيقاضون الاحتلال على جرائمه".
*التعليم والخوف...
في خربة "الدير"، تعيش الطفلة براء مع أسرتها المكونة من 6 أفراد، بينهم 4 أشقاء مثلها في المدرسة، وكل يوم يكابدون الكثير من صور المعاناة والخوف والقلق في رحلة التعب والعناء الشاقة للوصول لمدرسة قرية "عين البيضاء"، التي تبعد نحو 2 كيلو متر عن مكان معيشتهم.والخربة تتعرض بشكل مستمر للدهم والتخريب وحملات الهدم والاقتلاع التي تعتبر براء التي لم تتجاوز الـ14 ربيعاً شاهدة عليها، وتقول: "نشعر بخوف ورعب دائمين، لا يوجد أمن واستقرار، لأن الجنود لا يفارقون المنطقة، يريدون منا أن نرحل، وحتى أنهم يعترضوننا خلال ذهابنا للمدارس، فنحن نعيش بخوف ورعب ولا تفارقني صورهم، خاصة عندما نراهم على الحواجز أو نتذكر هدم منزلنا".ويقول والدها: "أطفالنا يعانون دوماً من الكوابيس، يستيقظون ليلاً مذعورين وهم يصرخون، فأي شريعة أو قانون يجيز هذا الظلم؟".
*طريق المستوطنين وطلابنا..
يوفر الاحتلال الحماية لأبناء المستوطنين الذين ينقلون لمدارسهم بحافلات حديثة، فيما يضطر المواطن أبو مطاوع لاستخدام جراره الزراعي في طريق وعري وصعب، ويتحمل كل الأعباء ليضمن السلامة ونقل أطفاله الأربعة يوسف (16 عاماً)، براء (14 عاماً)، كرم (12 عاماً)، كريم (10 سنوات).ويقول: " كل شيء يتوفر للمستوطنين ليعيشوا حياتهم ويتمتع أطفالهم بالحافلات والمدارس وكل شيء ، بينما كل يوم عند الساعة الخامسة صباحاً ، ينهض أطفالي من فراشهم ويستعدون لرحلة المصاعب والخوف نحو مدرستهم في قرية عين البيضاء البعيدة عنا 2 كيلو متر تساوي أضعاف مضاعفة".
ويضيف: " نضطر لمغادرة منزلنا حوالي الساعة السادسة صباحاً، وما زلت أستخدم الجرار الزراعي لعدم توفر مواصلات لصعوبة الطريق الوعرة.. شوارع المستوطنين معبدة وسهلة، والطريق التي نسلكها من الخربة لقرية عين البيضاء غير معبدة ، وتزداد معاناتنا صعوبة خلال فصل الشتاء، الوحل وبرك المياه يؤخران وصول أبنائنا للمدارس".ويكمل: قدمنا عشرات الطلبات لتعبيد هذا الشارع، لكن الاحتلال ما زال يرفض ضمن سياساته لمنع التطوير والاعمار في خرب الاغوار، فهو يحاصرنا ويمنعنا من كل مقومات الحياة ، ولطالما حاول منع طلابنا من التعليم".
*لا خوف وأبي معنا..
اعتادت الطالبة براء وأشقاؤها على رحلتهم اليومية في الجرار الزراعي التي تستغرق أكثر من ساعة، دون تذمر من الضجيج الذي يصدر في كل حركة أومشاق السفر، فهدفها الأول أن تستمر في الدراسة، وكل ما يهمهم كما تعبر "الشعور بالأمان.. الذي يلازمهم ما دام والدهم معهم".وتقول: "الطريق إلى مدرستنا صعبة وطويلة، ونشعر بمعاناة كبيرة، لكن اعتدنا على الجرار ووجود والدنا معنا لأنه يجعلنا نشعر بالأمن والراحة، ففي كل لحظة نتوقع اعتراض الاحتلال ودورياته، وبوجود أبي ليس هناك خوف".وتضيف: "بعد نهاية الداوم، نشعر بقلق كبير عندما يتأخر والدنا أحياناً، رغم حرصه الدائم على الحضور لإعادتنا إلى الخربة قبل الوقت، لكننا نعرف أن المعيق هو الاحتلال إما بسبب حاجز أو دهم.. لأن جنود الاحتلال يريدون أن ينغصوا علينا حياتنا دوماً".
*الهدم والتشريد..
تجسد عائلة أبو مطاوع نموذجاً لمعاناة الطلبة في الأغوار في ظل حرب الاحتلال المسعورة، لكن الجميع يصر على تعليم الأبناء رغم كل ممارسات الاحتلال التي تؤثر على الاطفال كثيراً.ومن الصور المؤلمة التي لا تنساها الطفلة براء لحظات هدم منزلهم، وتقول: "اقتحمت آليات الاحتلال ودورياته الخربة، طردونا من منزلنا بسرعة، وهدمت الجرافات منزلنا وبركس الأغنام، بكيت عندما شاهدت حقيبتي وكتبي تحت الأنقاض".ويضيف والدها: "يستخدم الاحتلال كل الطرق لمسح وجودنا من الأغوار، نعيش وسط ظروف صعبة، ومع ذلك كل يوم هناك قرار وسياسة وإجراءات جديدة، يريدون خنقنا والتضييق علينا لنرحل".ويتابع: "تتكرر عمليات هدم المنازل والبركسات على كل أغراضنا، وحتى ملابس وحقائب أطفالنا لا يسمحون لنا بإخراجها وتُدفن تحت الأنقاض، فهدفهم تهجيرنا وتجهيل أجيالنا وتدمير نفسياتهم ومعنوياتهم حتى لا يواصلوا تعليمهم".ويكمل: "أقسى المحطات وجع أطفالنا أمام هذه المشاهد.. دفن حقائبهم وكتبهم.. فلطالما حزن أبنائي بسبب هدم منزلنا وفقدان كتبهم ودفاترهم، لكننا سنبقى صامدون".
*لن نرحل..
رغم كل المخاطر والمضايقات، يواصل المزارع أبو مطاوع مع عائلته الدفاع عن مصدر رزقهم، فيكرس حياته في رعاية وحماية الارض التي تبلغ مساحتها 60 دونماً ، ويعتاش من خيراتها.ويقول: "أرضنا كريمة ومصدر لكل الخيرات، نرويها بالعرق والكفاح وتعطينا الثمر والعيش الكريم.. في بيارتنا، أزرع كافة انواع الخضروات، وكذلك الحمضيات كالليمون والبرتقال والكلمنتينا بأنواعها، كما توجد لدينا عدة رؤوس بقر، تُنتج الجبن والألبان التي نسوقها وتوفر لنا متطلبات معيشتنا".ويضيف: "بشكل دائم ، يدمر الاحتلال المحاصيل أو يصادر مضخات وشبكات المياه للقضاء على محاصيلنا، ورغم الخسائر والأعباء هم يصادرون ونحن نشتري مضخات لنُفشل مخططاتهم".ويختتم: "ما دمنا نتنفس، سنبقى صامدين على أرضنا التي لن نرحل عنها".
*المصدر : القدس دوت كوم


www.deyaralnagab.com