عبلة سعدات بعيد الأُم وذكرى اعتقال زوجها: المرأة الفلسطينية والأسرى عنوانان للتحدي والصمود!! 21.03.2021 كتب علي سمودي- تثبت المرأة الفلسطينية في كل معركة أنها عنوان للتحدي والصمود والثبات في وجه الاحتلال، ولم تتوانَ يوماً عن خوض معركة الحرية والاستقلال، كما قالت المناضلة والأسيرة المحررة عبلة سعدات، زوجة الأسير أحمد سعدات الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، في ذكرى اعتقاله الخامسة عشرة، وبمناسبة عيد الأم.
وأضافت عبلة سعدات: "عبر مسيرة النضال والثورة، سطرت المرأة الفلسطينية أروع صور وتجارب النضال منذ بداية الاحتلال، وسجل شعبنا حافل بأسماء الكثير من المناضلات اللواتي انخرطن في الفعل الوطني المقاوم، ولا تزال المرأة تؤدي واجباتها على الصعيد السياسي والنضالي لانتزاع الحرية ودحر الاحتلال".
وتكمل: "في شهر آذار، نشعر بفخر واعتزاز ببطولات الكثير من النساء الفلسطينيات اللواتي يناضلن في حياتهن الخاصة لتربية أولادهن وتأهيلهم وتسليحهم بالعلم، بالرغم من غياب الزوج والأب، وأخص بالذكر زوجات الشهداء والاسرى، وخاصة ذوي الاحكام العالية، فالكثير من المناضلين الأسرى تركوا خلفهم زوجات مناضلات يقمن بواجبات الأسرة والأولاد ومسؤوليات الزوج والأُم معاً، وبنجاح وبطولة".
وتتابع: "ما يميز المرأة الفلسطينية عن نساء العالم، الانتماء والوفاء، فهي تجد في سجن زوجها أو استشهاده علامة فخر واعتزاز لأولادها، لأن تضحياتهم وسام من اجل الشعب والوطن، ولا يزال شعبنا يحترم من يضحي ويُغلب المصلحة العامة والوطنية على المصلحة الخاصة والفئوية".
*صور ومواقف..
المناضلة عبلة سعدات، التي عاشت تجربة الأسر، ووقفت إلى جانب رفيق دربها ببطولة وشجاعة في كافة محطات اعتقاله، وكرست حياتها للنضال الفلسطيني خاصة على صعيد إعلاء ودعم المرأة وإيصال صوتها وقضية الأسرى، لا تزال تشارك بكل فعاليات آذار الخاصة بالمرأة، وكافة الأنشطة والاعتصامات المطالبة بحرية الأسرى، وفي مقدمتها رفيق دربها الأسير أحمد سعدات المحكوم 30 عاماً.
وتقول: "لم ولن نندم يوماً على ما قدمه زوجي من تضحيات ومواقف في سبيل وطننا وشعبنا، فهذا واجب ومبدأ كرس أحمد حياته له، ومن كل تجربة اعتقال، كان يتحرر أكثر عطاء ونضالاً وحرصاً على إكمال المشوار والمسيرة".
وتضيف: "بالرغم من ذلك، فإن تأثير غيابه صعب ومرير علي وعلى أسرتي، خاصة أن لدينا من الأبناء أربعة، وكانوا بمرحلة حرجة من حياتهم، فمنهم من كان بالجامعة ومنهم من لا يزال على مقاعد الدراسة، وفي هذه المرحلة يكون الأولاد بحاجة ماسة للأب، خاصة الأبناء".
وتتابع: "بصمود وثبات أحمد ودعمه لنا، تمكنا من تجاوز كل المحطات الصعبة، ووقفت إلى جانبه في معركته، وأكملت المشوار مع الأبناء ليكونوا كما أحب وتمنى والدهم الذي سنبقى نعتز بدوره ومواقفه النضالية الشجاعة".
*الاختطاف والسجن ...
بالرغم من مرور السنوات، لا تزال أُم غسان تتذكر لحظة اختطاف رفيق دربها الأمين العام ورفاقه قبل 15 عاماً من سجن أريحا، وتقول: "ستبقى هذه المحطة أكثر لحظة مؤلمة ومؤثرة في حياتي ولن أنساها، فقد عشنا لحظات خوف وكوابيس رعب على مدار 8 ساعات والاحتلال يهاجم سجن أريحا ويدمره، حتى وصل إلى آخر غرفة كان يُحتجز فيها أحمد ورفاقه المتهمون بقتل وزير السياحة الإسرائيلي، وهم: عاهد أبو غلمة ومجدي الريماوي وباسل الأسمر وحمدي قرعان ومعهم القيادي الفتحاوي فؤاد الشوبكي".وتضيف: "لم أتخيل لحظة أن ذلك سيحدث، وبالرغم من قساوة المشهد، كان خروجهم سالمين مكسباً لنا جميعاً، خاصة أن أحمد كان دائماً يردد أنه مشروع شهادة أو أسر".وتشير إلى أن "المحطة الأُخرى الأصعب هي الحكم على أحمد، على رغم أنهم لم يتمكنوا من إثبات أي علاقة له بعملية قتل زئيفي في ظل الصمود البطولي لرفاقه في أقبية التحقيق".
وتقول: "خلال جلسة المحكمة الأخيرة ، وقف أحمد ببطولة وتحدٍّ يُجسد صورة ناصعة للمناضلين الأحرار، ورفض الاعتراف بشرعية المحكمة والقضاة، وأعلن رفضه الاحتلال ومحاكمه وقراراتها، وقال عبارته الشهيرة "إذا كان هناك من يجب محاكمته فهو الاحتلال وأنتم"، فحكموه بالسجن 30 عاماً، وعاقبوه بالعزل وبكل الإجراءات التعسفية التي لا يزال يتحداها ببطولة وثبات".
*أثر الغياب
..بمرور السنوات وتغير الأحوال، تتعدد الصور والمواقف في غياب الأسير سعدات، الزوج والأب والإنسان عن أسرته، وتقول رفيقة دربه أم غسان: "على رغم اعتزازنا الكبير بمواقفه ودوره النضالي والوطني، لكن وفي ظل غيابه، هناك الكثير والكثير من المناسبات المفرحة والمحزنة التي مرت علينا خاصة خلال سنوات اعتقاله بين سجني أريحا والاحتلال".وتضيف: " تألمنا كأحمد وتوجعنا لوفاة والدته خلال اعتقاله، وافتقدناه خلال نجاحات الأولاد في الثانوية العامة والجامعات، وزواج اثنين من الأبناء غسان وإباء".وتتابع: "بالرغم من هذه المناسبات السعيدة، فإنّ السعادة منقوصة وغير كاملة، وأكثر صعوبة، بشكل خاص عليّ أنا، ففي فرحة العائلة الكبرى والأُولى بزفاف بكرنا غسان، لم أعرف كيف أتصرف وغابت كل الخبرات والمعرفة عني في غياب والده، وتحملت ضغوطاً جديدة غير التي أتحملها كل يوم، فلا أحد يعوض وجود الوالد ودوره، خاصة في هذه المناسبات".وتُكمل: "لكن دعم أحمد الكبير رغم قضبان السجن كان حاضراً، والتفاف أحبته ورفاقه والأهل منحنا العزم والقوة لنتحدى الاحتلال ونواصل حياتنا بشكل طبيعي، بانتظار حريته القادمة رغماً عن الاحتلال".
*لحظة لا تُنسى..
خلال اعتقال سعدات ومحاكمته، رزق بكره غسان بحفيدته الأُولى التي حرمها الاحتلال من زيارته، حيث تروي أم غسان أن واحدة من أكثر الصور ألماً ووجعاً كانت ما حدث في إحدى جلسات محاكمة زوجها بمحكمة القدس عام 2013، وتقول: "قبل المحكمة، أرسل لنا أحمد لإحضار زوجة غسان وابنته للمحكمة للتعرف عليهما ورؤيتهما، وبالفعل، نفذنا طلبه ودخلنا إلى قاعة المحكمة بفرحة كبيرة لتحقيق أمنيته، وعندما اقتربت من أحمد، وحاولت تسليمه حفيدته ليحملها في بداية المحكمة، ستنفر السجانون، ومنعونا أمام وسائل الإعلام التي نقلت مشهد الصورة المؤثرة عن ظلم الاحتلال للعالم، وبالرغم من كل محاولاتنا، رفضوا السماح له بلمس حفيدته".وتتابع: "ظلم الاحتلال لم ينته، ولا يزال مستمراً حتى اليوم، فحالياً لدينا ثلاثة أحفاد لا يعرفهم جدهم إلا من خلال الصور، فهم ممنوعون أمنياً من زيارته".
*كورونا والأسرى..
لم تتأخر الناشطة عبلة سعدات يوماً عن زيارة زوجها الذي تعرض لعقوبات العزل والنقل بين السجون، حتى استقر مؤخراً في سجن ريمون، وتقول: "كنت أزوره وابني غسان كوننا نحمل هويات القدس، لكن باقي أفراد الأسرة ممنوعين أمنياً من الزيارات، ومنذ انتشار كورونا، أصبحت جميع عوائل الأسرى تعاني بسبب الغاء الزيارات".وتضيف: "بعد معاناة مريرة وانقطاع وحرمان استمرت ثلاثة شهور، تمكنا من الزيارة قبل اسبوعين، لكننا ما زلنا نشعر بخوف وقلق كبير على حياة الأسرى في ظل انتشار كورونا بين الأسرى، الذين يعانون من الاهمال وعدم توفير متطلبات الحماية والوقاية لهم".وتكمل " كل العالم يسعى لمواجهة كورونا وحماية البشرية، لكن الاحتلال يستمر في سياساته التي تشكل خطراً على حياة أسرانا الذين نتمنى لهم السلامة والحرية القريبة".
*الصمود والتحدي..
وتقول المناضلة عبلة سعدات بمناسبة عيد الأُم: "لم ولن ننسى أبطالنا ومناضلاتنا، فهم عناوين الصمود والتحدي، وبهذه المناسبات.. نوجه تحية نضالية لأسيراتنا وأسرانا داخل سجون الاحتلال الذين لا يزالون يناضلون في ظل أقسى الظروف، من أجل كرامتهم وحريتهم وكرامة وحرية الشعب الفلسطيني، وما دام هناك احتلال وتعدٍّ على حياة الشعب الفلسطيني ومقدراته فإن المقاومة مستمرة والنضال ضد الاحتلال مستمر".وتضيف: "في المرحلة الحالية، نعيش مرحلة حرجة وصعبة للغاية على الصعيد السياسي والوطني والاجتماعي والاقتصادي، ولا بد من النضال على كافة الأصعدة من أجل تغيير هذا الواقع البائس، كي يعيش كافة أبناء شعبنا بحرية وكرامة، ومن أجل بناء مؤسسات ومكونات شعبنا بديمقراطية وحقوق متساوية والحفاظ على الأرض والإنسان من الظلم والاستبداد".
*المصدر : القدس دوت كوم
www.deyaralnagab.com
|