logo
1 2 3 47736
في ذكرى "نفق الحرية".. فتحية العارضة تتمسك بلحظة عناق نجلها محمود!!
10.09.2022

كتب علي سمودي - الأمراض والزمن والعمر، لم تنال من ذاكرة الوالدة السبعينية الصابرة فتحية العارضة، فما زالت ذاكرتها تحتفظ بأدق تفاصيل صور ولحظات الألم والوجع التي لازمت حياتها، منذ بدأ استهداف الاحتلال عائلتها التي لم يسلم أحد منها من الاعتقال، وفي مقدمتهم أسيرها القائد في حركة "الجهاد" الإسلامي ومهندس "نفق الحرية" محمود عبد الله علي العارضة الذي حمل راية فلسطين في ريعان الشباب. تعرض العارضة للاعتقال الأول عام 1992، وبعدما تحرر، واصل مشواره بصمت وبطولة مع "عشاق الشهادة"، حتى تمكن الاحتلال من اعتقاله عام 1996 والذي مازال مستمرًا حتى اليوم، ولكن رغم الحكم عليه بالسجن المؤبد إضافة لـــــــ15 عامًا، تمكن من انتزاع حريته مع رفاقه الأسرى من سجن "جلبوع" عبر نفق الحرية، التي تمر في هذه الأيام الذكرى السنوية الأولى عليها.وهذه مناسبة كما تقول فتحية العارضة لــــــــــ"القدس" دوت كوم، "بشرى بأن محمود سيعود لأحضاني، هم قادرون على سجنه وتقييده وحصاره، لكن قدرة رب العالمين أكبر منهم وسياتي اليوم الذي يعود فيه حراً ومنتصراً". وتضيف: "ابني بطل الأبطال، اختار طريق الجهاد بإرادته الحرة، شجاع وشهم وبطل، لا يعرف الخوف ومتمرد، لذلك مهما قيدوه فإنه قادر على كسر قيده".في عزل سجن "ريمونيم"، يستقبل الأسير محمود الذكرى السنوية على عملية نفق الحرية، ورغم عزله تقول والدته: "مازال يتمتع بمعنويات عالية، ألمي كبير لأني لم أتمكن من زيارته، بسبب حالتي الصحية، ولكنه دومًا يعيش معي، فهو روحي وقلبي وحياتي، وأدعو الله أن يحميه من زنازين الاحتلال التي يحتجز فيها محرومًا من أدنى مقومات الحياة الإنسانية، وسط ظروف اعتقالية صعبة".وتضيف: "بعد عام من اعتقاله وعزله في الزنازين إلى جانب 5 من رفاقه، تتعمد سلطات الاحتلال نقلهم من زنازينهم كل 3 شهور كإجراء عقابي بحقهم، ولكن أتضرع لرب العالمين أن يحميهم ويفرح قلوبنا بخلاصهم من هذا الظلم الذي طال أمده، فنجتمع سويًا ونفرح بكل مناسباتنا بحرية فلسطين وأسرانا، وسنبقى نردد دومًا عيدنا يوم كسر القضبان وحرية أخر أسير".في بلدة عرابة، ولد وتربى ونشأ محمود وسط أسرة مناضلة ومحافظة وملتزمة، ويقول شقيقه الأسير المحرر رداد: "تميز منذ صغره بالبر والحب والوفاء لعائلته ووطنه وشعبه، عصامي ومكافح وصاحب فكر وعقيدة وإيمان راسخ بقضية شعبه وعدالتها".ويضيف: "تلقى تعليمه بمدارس عرابة، ورغم صغر سنه كان يشارك في المسيرات والمواجهات والأنشطة الطلابية، فاعتقله الاحتلال في المرة الأولى بعمر 14 عامًا عام 1992، عاش تجربة الألم والمعاناة والصمود والتحدي في سجون الاحتلال التي قضى فيها 4 سنوات ونصف".لم يتمكن محمود من إكمال دراسته واستعادة حياته الطبيعية بعد تحرره، فالاحتلال كان له بالمرصاد، لنشاطه ودوره في مجموعات عشاق الشهادة التابعة لحركة الجهاد الاسلامي، وأدرج اسمه ضمن قائمة المطلوبين، ويقول رداد: "لم يتوقف الاحتلال عن استهدافه ولم يفرح بطعم الحرية، فقد طارده الاحتلال حتى اعتقل مساء يوم21/9/1996، واقتادوا شقيقي لأقبية التحقيق في زنازين الجلمة التي قضى فيها 3 شهور، انقطعت خلالها أخباره ولم يسمح لأحد بزيارته".بعد رحلة العزل والتعذيب، بدأت محطات المعاناة الجديدة بين المحاكم التي انتهت بصدور حكم بالسجن المؤبد إضافة لـــــ15 عامًا بحقه، ويقول شقيقه رداد: "لم ينال الحكم والاحتلال وسجونه من عزيمة ومعنويات محمود، فسطر بطولات بالصمود والتحدي وأكمل مسيرته التعليمية، حصل على شهادة الثانوية العامة ثم أُنتسب لجامعة الأقصى وحصل على شهادة البكالوريوس في أصول الفقه". ويضيف: "حاليا حرمه الاحتلال من اكمال دراسته العليا، لكنه استثمر كل لحظة خلف القضبان، فأكمل حفظ القران غيباً، كما تمكن من تأليف عدة كتب ودراستها من اهمها كتاب "الرواحل" الذي يتحدث عن سيرة العلماء القدامى وقد تمكن من إصداره ونشره، ليؤكد للاحتلال أن إرادة الأسير أقوى من سجونه وقمعه".خلال اعتقاله، لم يتوقف الاحتلال عن استهداف عائلته، فاعتقلت شقيقته هدى التي قضت 3 سنوات ونصف خلف القضبان، أما شقيقيه أحمد ورداد، فخاضا تجربة الاعتقال والصمود على مدار 20 عاماً حتى تحررا، بينما شقيقه شداد قضى 4 سنوات ونصف، ويقول رداد: "عاشت والدتي كل صنوف الألم وهي تتنقل بين السجون لزيارتنا، قضت واستقبلت كل المناسبات والأعياد محرومة من حضورنا ومشاركتنا، لكنها صبرت وتحدت وفرحت رغم قساوة السجن والسجان بحريتنا التي ستبقى منقوصة ما دام محمود خلف القضبان".ويضيف: "حالياً كل العائلة، تعاني من المنع الأمني منذ نفق الحرية، ووحدها شقيقتنا باسمة التي تزوره، وعلى مدار السنوات الماضية وقبل هربه، لم تعرف عائلتنا معنى الفرح، لأن كل الأشقاء والشقيقات تزوجوا بغيابه وهو خلف القضبان، وما زال أبنائنا ممنوعين من زيارة عمهم وخالهم لأنهم مرفوضين أمنياً أيضًا".منذ أيام، والوفود تزور الوالدة فتحية وعائلة محمود في بلدة عرابة من كافة أرجاء الوطن، ضمن فعاليات إحياء مرور عام على نفق الحرية، والجميع يعبر عن أمله في تحرره ورفاقه وانكسار القيد، وبينما لا يتوقف لسان الوالدة عن الدعاء، يقول شقيقه رداد: "ذكرى اعتقاله بعد هربه، فيها الكثير من الألم والوجع والحزن، خاصةً لوالدتي و قطار العمر يمضى بينما تضيع زهرة شبابه خلف قضبان سجون الاحتلال الذي لم يتوقف عن استهداف أسرتنا ومارس بحقنا كل أشكال القمع والعقاب". ويضيف: "نسأل رب العالمين، أن يصبر أخي ووالدتنا التي ما زالت تقاوم المرض وتتحدى بانتظار أفراحها المؤجلة بحريته، فرغم تحررنا لم تشعر بالفرحة ككل أم لأن محمود ما زال بعيداً عنها". ويُكمل "والدتي من ماجدات فلسطين اللواتي تحدين الاحتلال وسجونه، فرغم معاناتها من الأمراض، لم تتأخر عن زيارتنا، ولا يتوقف لسانها عن التضرع لرب العالمين ليكرمها بالعمر حتى تراه منتصراً وعائداً لأحضانها، لم تعد تجف دموعها، خاصةً بعدما أصبحت منذ سنوات عاجزة عن زيارته بسبب المرض."بعد سنوات من الصبر والتحدي على بوابات سجون الاحتلال لزيارة أبنائها الذين اعتقلوا واحداً تلو الأخر، نالت الأمراض من الوالدة فتحية العارضة، لكنها ما زالت تتمتع بمعنويات عالية، وتتمنى أن تعيش حتى ترى محمود وعروسته وأحفادها ، وتقول: "منزلي مليء بالأحفاد، لكن لن أشعر بفرحة حتى يتحرر حبيب قلبي وفارسي وأزفه عريسًا، انتظر اللحظة التي سيختار فيها عروسته". وأضافت وهي تبتسم، "منذ عملية النفق، اتصلت بي الكثير من الفتيات من كل أرجاء العالم، ويحلمن بالارتباط به، وأنا أنتظر هذا اليوم على أحر من الجمر".
**المصدر : القدس دوت كوم


www.deyaralnagab.com