قتل الفلسطينيين في غزة... المسيّرات الإسرائيلية أسلحة إعدام للمدنيين!! 12.01.2024 *كتب أمجد ياغي..يستخدم الاحتلال الإسرائيلي خلال حربه الحالية على قطاع غزة طائرات صغيرة بلا طيار (مسيّرات) لتنفيذ مهمات قتل مدنيين في مناطق متفرقة من المحافظات الخمس بالقطاع وأيضاً لتحقيق أهداف عسكرية بينها منع خروج الفلسطينيين في غزة من مناطق يحاول السيطرة عليها، وتصوير أماكن ومراقبة أهداف.في 6 يناير/ كانون الثاني الجاري قصف الاحتلال الإسرائيلي تجمّعاً لمواطنين قرب منطقة مخيم رقم 2 التي تفصل بين مخيم النصيرات والزوايدة في غزة، بصاروخ أطلقته طائرة مسيّرة، ما أسفر عن استشهاد 10 أشخاص، بحسب ما يقول أحمد الحتو الذي خسر أحد أصدقائه وابن عمه في القصف.يقول الحتو لـ"العربي الجديد": "أطلقت طائرة استطلاع صاروخاً مباشراً على تجمّع ضم مدنيين، وذلك بعد نحو نصف ساعة من لقائي بهم للتحدث عن هموم العدوان، ومحاولة مواساة بعضنا البعض والابتعاد قليلاً عن التفكير بالمآسي الكثيرة التي تحيط بنا. وقبل الواقعة شاهدنا مسيّرة حلّقت قرب المكان وقصفت موقعاً مجاوراً لمنع وصول رجال إسعاف وطواقم تابعة لجهاز الدفاع المدني الذين بقوا محاصرين في المنطقة".يتابع الحتو: "سبق أن قتلت الطائرات المسيّرة مدنيين في مخيم النصيرات، خصوصاً في الشارع العام، ونقلت شخصياً عدداً من الشهداء والمصابين. عندما تقترب هذه الطائرات من أي مكان نحاول بعد رؤيتها بالعين المجردة الابتعاد عنها لأنها أداة قتل، وهي أصابت قبل أيام أحد أصدقائي لدى محاولته الخروج من المنطقة عبر شارع صلاح الدين. وهو يوجد حالياً في مستشفى شهداء الأقصى بمدينة دير البلح".
الصليب الأحمر: قتل مسعفين في غزة أمر غير مقبول
وكان جيش الاحتلال الإسرائيلي حظر قبل فترة استخدام شارع صلاح الدين شرقي قطاع غزة للنزوح، وكثّف تنفيذاً لهذا القرار استخدام سلاح المدفعية والطائرات المسيّرة في المنطقة التي تفصل مدينة غزة عن منطقة دوار بني سهيلا التي تشكل أحد مسارات العبور إلى شارع صلاح الدين. وهو يركز على استخدام الطائرات المسيّرة لتفريغ المناطق وسط قطاع غزة من المدنيين.وذكر شهود في البلوك رقم 5 بمخيم النصيرات أن طائرات مسيّرة أطلقت ليل الأربعاء النار على منازل مدنيين وأصابت 5 أشخاص، كما أطلقت الرصاص على مدنيين ونازحين في مستشفى شهداء الأقصى بمدينة دير البلح الأحد الماضي، وأصابت العشرات بجروح.خلال فترة الحصار الإسرائيلي لأحياء النصر والجلاء والشيخ رضوان كانت الطائرات المسيّرة تنتشر في كل المناطق، وتنفذ مهمات لتصوير منازل وحتى دروب يعبرها أفراد من عائلات عدة بينها حرز وشرف، قبل أن يرتكب مجزرة في حق عشرات منهم. يقول أحمد شرف (30 عاماً) الذي أصيب بجروح في هجوم شنته طائرة مسيّرة لـ"العربي الجديد": "قتلت طائرات مسيّرة من نوع كواد كابتر شقيقي واثنين من أفراد عائلتي النازحة اللذين لم نستطع الاقتراب من أحدهما لنقل جثته بسبب مواصلة الطائرة المسيّرة إطلاق النار بكثافة على كل من يقترب من المكان المستهدف، علماً أن الطائرات المسيّرة صغيرة الحجم من نوع كواد كابتر كانت تحلّق بين مباني المنطقة".وأعقب ذلك انتقال أحمد وعدد من أفراد عائلته إلى مجمّع الشفاء الطبي الذي بات يستقبل عائلات شهدت مجازر في مناطق عدة نتيجة عدم قدرتها على النزوح إلى جنوب قطاع غزة. ويضم المجمّع أيضاً ناجين من المجازر الإسرائيلية فقدوا أفراداً من عائلاتهم بسبب إعدامات ميدانية وأخرى باستخدام طائرات مسيّرة، وتركوا جثثهم ملقاة في الشارع خلال إخلاء المنطقة.
الجثث في شوارع غزة لا تُحصى
وكانت جهات رسمية مثل مكتب الإعلام الحكومي أو وزارة الصحة في قطاع غزة أكدت عدم قدرتها على رصد أعداد الجثامين الملقاة في الشوارع، وأنه جرى تسجيل بعضها ضمن المفقودين الذين لم يُعرَف مصيرهم. وأبلغ كثيرون عن حالات إعدام ميداني كانوا شهوداً عليها في حق ذويهم أو جيرانهم في المناطق التي نزحوا منها.
ويذكر أحمد شرف أن "الطائرات المسيّرة من طراز كواد كابتر تصدر صوتاً يشبه صوت مروحية لكن بدرجة أقل، وهي تحلّق بسرعة كبيرة، وتدخل البيوت ما يتسبب برعب كبير. وقد سمعنا مرات إطلاقها النار على أفراد عائلات يعيشون قربنا، لكننا لا نعرف عدد الجيران الذين استشهدوا، وأنا أصبت في يدي التي أصبحت متورمة وتحتاج إلى عناية خاصة".يضيف شرف: "تنفذ الطائرات المسيّرة مهمات الجنود الإسرائيليين في مهاجمة أماكن بهدف القتل في أي لحظة، ويجري التحكم بها من بعد لتسهيل الإعدامات الميدانية لأي بشري يظهر أمامها في الشارع، وهذا ما تنفذه الطائرات المسيّرة من نوع الزنانة عبر إطلاق صواريخ صغيرة مدمرة جداً، ونصفها بأنه نسر جارح ينقض من أعلى لقتل فريسته".وتتمثل خطورة الطائرات المسيّرة في أنها تتابع تحركات الغزيين في شكل كثيف وتلاحقهم لقتلهم كما يفعل جندي يلاحق مدنياً بهدف قتله، وهي قد تكرر محاولات القتل مرات لتحقيق الهدف المنشود كما فعلت في 7 يناير الجاري مع الصحافيين حمزة الدحدوح (28 عاماً) ومصطفى ثريا (27 عاماً) حين كانا مع مجموعة إعلاميين كانوا يصورون مكاناً يؤوي نازحين غزيين في بلدة النصر شمالي مدينة رفح.ففي مرحلة أولى أسفر إطلاق الطائرة المسيّرة صاروخاً عن إصابة الصحافي أحمد البرش والمصور عامر رياض أبو عمرو بشظايا في أنحاء الجسم، وبعد مرور 15 دقيقة قصفت الطائرة سيارة من طراز "سكودا" كانت تسير خلف سيارة الإسعاف التابعة لجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، والتي نقلت الصحافيَين الجريحين عبر شارع عمر بن الخطاب شمالي مدينة رفح، فاستشهد الدحدوح وثريا وسائق السيارة قصي محمد سالم (27 عاماً)، وأصيب الصحافيان محمد القهوجي وحازم رجب بجروح خطيرة.ويستخدم الاحتلال الإسرائيلي الطائرات المسيّرة كأداة قتل مباشرة لغزيين منذ عام 2004، ورصد مركز "الميزان" لحقوق الإنسان استشهاد 2146 مدنياً بينهم 378 طفلاً و86 امرأة بهذه الطائرات حتى مطلع عام 2022.ومن بين العدد الإجمالي لقتلى هجمات الطائرات المسيّرة 349 وجدوا داخل منازلهم بينهم 103 أطفال و54 امرأة، أما عدد المنازل التي ألحقت هذه الطائرات أضراراً بها فبلغ 3332.
مدير منظمة الصحة العالمية: الوضع الإنساني في غزة لا يوصف
ويقول الباحث الحقوقي نُهيل أبو رحمة إن أكثر الإعدامات الميدانية التي نفذها الجيش الإسرائيلي كانت عبر قناصة وطائرات مسيّرة قصفت أهدافاً كبيرة مثل سيارات وتجمّعات تضم محلات تجارية. ونفذت الطائرات المسيّرة من نوع "كواد كابتر" تحديداً عمليات عدة لإعدام أشخاص بمفردهم أو ضمن مجموعات في الشوارع.ويرصد أبو رحمة الانتهاكات الإسرائيلية منذ 15 عاماً، ويشير إلى أن حصيلة العدوان الحالي هي الأكبر على صعيد استخدام طائرات مسيّرة مختلفة الأنواع كأداة قتل واستهداف المدنيين، استناداً إلى أرقام وفرتها فرق التوثيق والرصد في مؤسسات محلية فلسطينية. ويقول لـ"العربي الجديد" إنه "بناءً على شهادات عدة لسكان في مدينة غزة وشمالي القطاع ومناطق في الوسط والشرق استخدم الاحتلال الإسرائيلي الطائرات المسيّرة من طراز كواد كابتر في شكل كثيف في العمليات العسكرية لأنها تملك قدرة التنقل بسهولة بين الأماكن بسبب صغر حجمها ما يسمح لها بالوصول إلى أهداف ضيّقة، لذا يستخدمها أداة لقتل مدنيين في شكل مباشر وتفريغ المناطق وتطبيق حظر التجول أحياناً".ومن بين الطائرات المسيّرة التي يستخدمها الاحتلال في غزة، "راكب السماء" التي توفر معلومات استخبارية حول الأهداف، و"إيتان" التي نفذت عمليات اغتيال أثناء الحرب على غزة في مايو/ أيار 2021، ثم الحملة العسكرية التي استهدفت حركة "الجهاد الإسلامي" عام 2022. أيضاً يستخدم الاحتلال مسيّرة "هيرمس 450" (زيك) المزودة بصواريخ تعمل عن بعد، و"هيرمس 900" (كوخاف) التي سبق أن استخدمت في الحرب على غزة عام 2014، علماً أنها تحلّق لمدة 40 ساعة، ويمكن أن تحمل صواريخ وقنابل موجهة.
**المصدر : العربي الجديد
www.deyaralnagab.com
|