logo
1 2 3 47931
مشاهد النزوح القسري تعود إلى غزة ومراكز الإيواء تزدحم بالمواطنين!!
18.03.2025

**كتب أشرف الهور…لم تنتظر الكثير من العوائل الفلسطينية، خاصة تلك التي تقطن على مقربة من الحدود، أو قرب مناطق يستهدفها الاحتلال في هجماته ضد قطاع غزة، حتى بزوغ شمس الثلاثاء، وقررت رغم الظلام والقصف العنيف للطيران الإسرائيلي، النزوح إلى مناطق أخرى في عمق القطاع بحثا عن الأمان، حيث عادت مراكز الإيواء للامتلاء من جديد.
النزوح ليلا
وحلّت العوائل التي نزحت في البداية بسبب الغارات، ولاحقا بعد تهديد رسمي وجّهه لهم جيش الاحتلال، على مراكز الإيواء المنتشرة في كافة مناطق القطاع، وآخرين نزلوا بشكل مؤقت عند أقارب وأصدقاء لهم، فيما بدأ مواطنون ينصبون خيام النزوح، في مناطق جديدة تقع بعمق القطاع.
وكان من بين أكثر المناطق نزوحا سكان بلدات بيت لاهيا وبيت حانون شمال القطاع، وكذلك العديد من البلدات الواقعة شرق مدينة خان يونس جنوبي القطاع، وسكان الأطراف الشرقية لمخيمات وبلدات وسط قطاع غزة أيضا.وقال محمد نعيم من بيت حانون لـ”القدس العربي”، وهو يهم بترك مكان سكنه: “وين بدنا نروح، الحرب شلت تفكيرنا، وإحنا ما صدقنا نرجع نسكن في أرضنا”، وهذا الرجل وعوائل أشقائه كانوا قد أجبروا على النزوح القسري في الأسبوع الأول لبدء الحرب في السابع من أكتوبر 2023، وتنقل خلالها لعدة مناطق في القطاع، قبل أن يعود من جديد في بداية المرحلة الأولى للتهدئة، لنصب خيام النزوح على أنقاض منزل العائلة المدمر، وقد عمل في اليوم الأول لاستئناف الحرب على البحث عن مكان جديد للنزوح، حيث يفكر بالانتقال إلى مدينة غزة، أو إلى مناطق الوسط والجنوب، وقد عبّر عن خشيته من تكرار مشاهد الحرب والنزوح السابقة.وفي تلك البلدة الحدودية الواقعة شمال القطاع، غادرت عدة أسر أماكن سكنها التي عادت إليها مؤخرا، وتوجهت بعد استئناف الحرب إلى مراكز إيواء مؤقتة في مناطق أخرى تبعد عن الحدود، وكان سكان البلدة والمناطق المجاورة، وأيضا أعداد كبيرة جدا من سكان مدينة غزة، عادوا إليها بعد رحلة النزوح المريرة، بناء على تفاهمات المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار، الذي دخل حيز التنفيذ يوم 19 يناير الماضي، وتخلله إعادة فتح طريق العودة من “محور نتساريم”.
نزوح بعد نزوح
وشابه هذا الأمر ما قامت به عوائل أخرى تقطن المنطقة الشرقية لمدينة خان يونس، وتحديدا في بلدات عبسان والقرارة وخزاعة وبني سهيلا، وهي مناطق تعرضت لتدمير كبير جدا في الحرب، طال معظم المباني هناك، ما اضطر السكان لإقامة على أراضيهم الزراعية، بعد أن أثقلتهم هموم التنقل والإقامة في مراكز الإيواء.ومن بين هؤلاء مَن عاد إلى السكان في تلك البلدات قبل أسابيع قليلة، وذلك بعد أن اطمأن لاستمرار سريان اتفاق المرحلة الأولى لوقف إطلاق النار.وكان الناطق باسم جيش الاحتلال، نقل تهديد جيشه لسكان الكثير من مناطق قطاع غزة، بالنزوح القسري، وكتب: “تحذير إلى جميع سكان قطاع غزة المتواجدين في المنطقة المحددة بالأحمر وتحديدا في أحياء بيت حانون، خربة خزاعة، عبسان الكبيرة والجديدة”، مشيرا إلى أن جيشه بدأ “هجوما قويا”، وأن المناطق المحددة “تعتبر مناطق قتال خطيرة”، وطالبهم بالإخلاء فورا إلى المناطق المعروفة في غرب مدينة غزة، وتلك الموجودة في مدينة خان يونس.وقال مهددا: “مواصلة بقائكم في المناطق المحددة، تعرض حياتكم وحياة أفراد عائلاتكم للخطر”.واضطرت عوائل من البلدات الشرقية لخان يونس، من النزوح في بداية الهجمات الجوية العنيفة لجيش الاحتلال، التي استهل بها عودة الحرب، وذلك لضرب الغارات مناطق قريبة من سكنهم، ووصلت تلك العوائل في ساعات الفجر الأولى إلى مناطق تقع وسط مدينة خان يونس، وحلت على مراكز الإيواء، وقال أحد السكان النازحين، إنه وجيران وأقارب له اضطروا لذلك، لاعتقادهم بسبب شدة الغارات أن المنطقة ستتعرض لاجتياح بري كبير.ومع بزوغ شمس الثلاثاء، وصلت قوافل طويلة من النازحين الجدد من تلك المناطق الحدودية، وكان الكثيرون يسيرون على الأقدام، فيما نقل آخرون أمتعتهم وأفراد أسرهم على متن عربات تجرها الحيوانات، فيما لم يجد إلا عدد قليل منهم شاحنات وعربات لنقل عوائلهم، بسبب شح الوقود.ويقول إبراهيم قديح من سكان شرق خان يونس، وكان في طريقه إلى منطقة “مواصي خان يونس” برفقة عائلته، إنه سيذهب إلى منطقة النزوح السابقة، ويحل عليها نازحا من جديد، وأنه سيبدأ فور وصوله بنصب خيمة من قطع أقمشة وأعمدة خشبية ينقلها معه في كل رحلة نزوح، وتحدث هذا الرجل عن مأساة النزوح والسكن في مناطق تفتقر لكل الخدمات والخصوصية من جديد، لافتا إلى أن رحلة النزوح القسري تأتي في وقت يشتد فيه الحصار وتقل فيه المواد التموينية من الأسواق، مما سيساهم في مضاعفة حجم الأزمة، وقد توقع أن يشهد القطاع أوضاعا أصعب مما كانت عليه خلال فترة الحرب السابقة.
العودة للخيام
كذلك جرى رصد نزوح كبير لعوائل تقطن في مدينة رفح أقصى جنوب قطاع غزة، وهي عائلات كانت تعاني حتى في فترة التهدئة الماضية، من استهدافات متكررة وعمليات قصف وإطلاق نار تقوم بها الآليات العسكرية التي تحتل “محور فيلادلفيا”، الفاصل بين جنوبي القطاع والأراضي المصرية.وشوهدت الكثير من العوائل وهي تحمل أمتعتها وأطفالها، وتسير بهم إلى مناطق تقع في منطقة المواصي الفاصلة ما بين رفح وخان يونس، وقال أحد سكان المدينة، الذي عاد للإقامة قبل أسابيع في منزله الذي تعرض لأضرار بليغة، إنه أبقى على خيمة النزوح في المواصي، وكان يتفقدها بين الحين والآخر، لتوقعه بعودة الحرب من جديد، وقد توجه إلى ذلك المكان للإقامة فيه، ومعايشة النزوح بتفاصيله المريرة.وفي مناطق النزوح القسري، سواء في تجمعات الخيام أو في مراكز الإيواء، تفتقد الخصوصية، حيث لا توجد دورات مياه كافية في تلك المناطق، فيما يشتكي السكان من الخيام التي لا تقيهم لا من برد الشتاء ولا من حرارة الصيف، كما تعاني العوائل النازحة أكثر في الحصول على إمدادات المياه.
*المصدر : القدس العربي


www.deyaralnagab.com