logo
1 2 3 48000
الجوع في غزة ينهش بطون جوعى الحرب!!
29.04.2025

*كتب أشرف الهور---بعد طول انتظار في حشد بشري كبير اصطف أمام «تكية» طعام تقع وسط مخيم النصيرات، وسط قطاع غزة، لم يعد الطفل أحمد عبد الكريم، إلا بكمية قليلة من الطعام الساخن، الذي جهزه فريق من أحد المؤسسات الإغاثية.وقد سار هذا الطفل كأقرانه الذين حصلوا بعد جهد جهيد بخطوات متسارعة إلى أسرته التي تقيم في مركز إيواء قريب، وتنتظر هذه الكمية لسد جوعها، فالساعة وقتها كانت تقترب من الثانية عشرة ظهرًا، ولم يكن أي من أفراد الأسرة قد وضع في جوفه كسرة خبز.
ويقول هذا الطفل البالغ من العمر ثلاثة عشر عامًا لـ»القدس العربي»، إنه اعتاد يوميًا الذهاب بقدر معدني إلى مكان «التكية»، والانتظار لفترة تزيد أحيانًا عن الساعتين للحصول على الطعام.ويشير إلى أن التزاحم في كثير من الأوقات يجعله يحصل على كمية قليلة، أو أن يسكب جزءًا من الطعام بسبب التدافع.وبات هذا الطفل يعرف الكثير من مرتادي «التكية»، ومنهم أقرانه من الأطفال، ورجال ونساء ومسنين، إذ يعج المكان بالحديث للتغلب على وقت الانتظار الطويل، كما أصبح يعرف نوعية الطعام المحضر.
ولم يكن هذا الطفل ولا أقرانه قبل الحرب قد مرّ على قاموسهم اللغوي اسم «تكية»، وهي مشاهد ارتبطت بنكبة 1948، حين هجرت العصابات الصهيونية الفلسطينيين قسرًا.
وتنتشر حاليًا «تكايا» الطعام أو «مطابخ الطعام الساخن» في كافة مناطق قطاع غزة غير المشمولة بأوامر الإخلاء القسري، وباتت بسبب نفاد الطعام المصدر الأول لسكان القطاع.وتحصل هذه «التكايا» على الطعام من تبرعات محلية أو منظمات إغاثية دولية، وتقوم الفرق المختصة بطهو الطعام على مواقد الحطب.ورغم أن طريقة الطهي تختلف عن الأطعمة المنزلية، إلا أن الحاجة الاقتصادية أجبرت السكان على الاعتماد عليها.وتقول ندا، وهي سيدة فقدت زوجها في الحرب، لـ»القدس العربي»: «الآن لا مجال للترف، المهم سد جوع الأطفال».وتشير إلى أن وجبات الطعام تقتصر على المعكرونة والأرز والعدس، وخالية من اللحوم.
تكايا الطعام تتهيأ للإغلاق بسبب الحصار
وبمرارة الحاجة، ذرفت ندا دموعها حين استذكرت أيامًا عادت فيها إلى أطفالها خالية الوفاض.وتظهر لقطات أطفالًا يجمعون بقايا الطعام من أواني الإعداد، أو من الأرض.وتمنع سلطات الاحتلال منذ فرض الحصار مرور أي مساعدات غذائية أو طبية أو وقود إلى غزة، مما أدى إلى نفاد غالبية السلع والمساعدات الأممية.وأعلنت وكالة «الأونروا» أخيرًا نفاد الدقيق والطرود الغذائية، وأعلن برنامج الأغذية العالمي تسليم آخر مخزوناته لمطابخ الطعام الساخن.ويشير مكتب تنسيق المساعدات الإنسانية «أوتشا» إلى أن 16 مطبخًا إضافيًا أُغلق بسبب نفاد الإمدادات، محذرًا من تدهور الوضع الغذائي.ويقول إبراهيم الطهراوي، الذي يدير مطبخًا غرب خان يونس، لـ»القدس العربي»، إن كميات الطعام المتوفرة لا تكفي سوى لأيام قليلة.وكان فريقه يشرف سابقًا على عدة «تكايا» غرب رفح وخان يونس، قبل أن يقلص العدد بسبب نقص الإمدادات الخيرية والدولية.ويؤكد أن فرق العمل اضطرت إلى تقليص كميات الطعام اليومية لضمان استمرار عملها.ويشير «أوتشا» إلى تسجيل حوالي 10,000 حالة سوء تغذية حاد بين الأطفال، بما في ذلك 1600 حالة هزال شديد. ويعاني الوصول إلى إمدادات العلاج في جنوب غزة من صعوبات تشغيلية وأمنية.وفي إدانته للحصار، قال المفوض العام لـ»أونروا» فيليب لازاريني إن المجاعة في غزة «من صنع الإنسان ودوافعها سياسية». ومع الارتفاع الجنوني للأسعار، يباع كيلو الدقيق بنحو 30 شيكلًا (8.28 دولارًا)، وكيلو البطاطس بـ60 شيكلًا (16.6 دولارًا)، والبندورة بـ30 شيكلًا (8.28 دولارًا).ولتجاوز المجاعة، تضطر وفاء سعدي لخلط كمية قليلة من الدقيق بالمعكرونة لصنع الخبز، وتقول لـ»القدس العربي»: «ما ضل إشي نوكله».وتشير إلى أن وزن طفلتها الصغير قد انخفض بشكل ملحوظ بسبب سوء التغذية. ويؤكد المكتب الإعلامي الحكومي أن حالات سوء التغذية الحاد تجاوزت 65,000 حالة بين الأطفال والرضع من أصل 1.1 مليون طفل يعانون الجوع اليومي.


www.deyaralnagab.com