صحافة : في غزة أربعة آلاف سنة من الحياة البشرية وأوهام كاتس – نتنياهو لمعسكرات الاعتقال لن تقضي عليها أبدا!!
13.07.2025
في تحقيقها المفصل الذي نشرته صحيفة «نيويورك تايمز» (11/7/2025) ختمته بالقول إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو نجا من أهم أزمة سياسية واجهها بعد هجمات حماس في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، إلا أنه أشرف على واحدة من أكبر الكوارث في القرن الحادي والعشرين والتي ستلوث اسم إسرائيل وللأبد. فعلى مدى عامين من الحرب، أشرف نتنياهو على تدمير وتجويع وترويع وقتل عشرات الآلاف من سكان القطاع متمسكا بشعارات غير حقيقية تخدم أغراض تحالفه المتطرف الذي لا يريد تنازلات من أجل إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين في غزة، وقد تجاهل التحالف المتطرف ونتنياهو دعوات أهالي الأسرى بتحقيق صفقة مع حماس من أجل البقاء في السلطة. ولم يكن نتنياهو قادرا على تحقيق ما يريد من إطالة أمد الحرب إلا بدعم حقيقي من الولايات المتحدة، سواء في عهد جوزيف بايدن، الذي فشل في دفع أو الضغط على نتنياهو لوقف الحرب أو توقيع صفقة مع حماس من أجل الأسرى، ولا في عهد إدارة الرئيس الحالي، دونالد ترامب، المتماهية بشكل حقيقي وواقعي مع أهداف الحكومة الإسرائيلية.
التماهي مع الإبادة
ولعل دعوة ترامب نتنياهو إلى البيت الأبيض ثلاث مرات ومنذ توليه المنصب قبل عدة أشهر، تعطي صورة عن هذا التماهي. فقد تعهد ترامب بقمع الرأي المؤيد لفلسطين، وفعل، كما كشفت مجلة «بوليتيكو» (10/7/2025) حيث اعتمدت إدارته على معلومات من مواقع إلكترونية مشبوهة مهمتها تشويه الناشطين المؤيدين لفلسطين، وخاضت إدارته حربا ضد أعرق الجامعات الأمريكية بحجة أنها لا تكافح معاداة السامية. ولم تتوقف إدارته عن تقديم الدعم العسكري لإسرائيل عبر صفقات بالمليارات. وكان دخول الولايات المتحدة إلى جانب إسرائيل لضرب المفاعلات النووية، في الحرب التي أطلق عليها ترامب بحرب الأيام الـ 12 محورية في نجاة نتنياهو السياسية، فلطالما حاول إبعاد ما يراه التهديد الإيراني «الوجودي» وتحقيق حلمه في إنهاء أحلام الجمهورية الإسلامية بامتلاك قنبلة نووية. وكانت زيارته الأخيرة لواشنطن بمثابة رقصة حرب فارغة ومأدبة على شرفه البيت الأبيض، وهي مناسبة استغلها لتقديم ورقة ترشيح الرئيس الأمريكي لجائزة نوبل، في محاولة للتلاعب على ذات ترامب المتضخمة ونرجسيته، مع أن باكستان سبقته في الترشيح، بعدما زعم أنه تدخل وأوقف مواجهة كانت شبه محتومة بين دولتين نوويتين.
لا صفقة
ورغم تعهدات الرئيس الأمريكي بأنه سيكون «قاسيا» هذه المرة مع نتنياهو وأوحى للرأي العام أنه جاد في إنهاء الإبادة في غزة، إلا أن نتنياهو الذي ذهب إلى واشنطن يحمل كل أوراق اللعبة بيده، عاد إلى إسرائيل وبدون أن يعطي ترامب ما يريده من صفقة وقف إطلاق في غزة. وقال عدد من المعلقين الأمريكيين أنه بحاجة إليها لكي يقنع قاعدته الشعبية في أمريكا التي غضبت من مشاركته في ضرب إيران، وخرقه لتعهده بأنه لن يجر أمريكا إلى «حروب أبدية». ومع ذلك عاد نتنياهو بدون منح هذه الصفقة. وقد استطاع خلال تأكيده على أنه يريد التوصل لإنهاء الحرب إبقاء ترامب إلى جانبه، وخاصة أنه بحاجة إلى الدعم الأمريكي، لو قرر العودة لضرب إيران من جديد. وكان لافتا التصريحات الإسرائيلية من أن المخزون الإيراني من اليورانيوم المخصب لم يدمر بالكامل، بشكل يوحي بأن إسرائيل تريد إكمال المهمة في إيران، مع أنها لم تكمل المهمة في غزة. فقد قرر مبعوث ترامب للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف تأجيل رحلته إلى الدوحة للمشاركة في المحادثات التي بدت وكأن الاتفاق قريب، لكن التصريحات القطرية خففت من حدة التوقعات وأن الأمور العالقة في المفاوضات لا تزال قائمة. وعاد نتنياهو إلى لهجته المتشددة من الحرب، يوم الخميس عندما شارك في تأبين لموظفين في السفارة بواشنطن قتلا، حيث قال: «أعمل على خطوة ستؤدي إلى تحرير شامل، ولكن فقط وفقا للشروط التي تطالب بها إسرائيل: نزع سلاح حماس وغزة منزوعة السلاح، وإن لم يتحقق ذلك بالدبلوماسية، فسيتحقق بالقوة». وهي نفس اللغة التي تمسك بها نتنياهو طوال الحرب وفشلت الإدارات الأمريكية بالضغط عليه حتى الآن.
وما يثير في الأمر أن وزير دفاعه أعلن وسيده في واشنطن عن مخطط جديد لتهجير الفلسطينيين في غزة، حيث قال إسرائيل كاتس إنه أمر الجيش بالتحضير لبناء معسكر اعتقال كبير، أطلق عليه اسم «المدينة الإنسانية» والتي سيدفع إليها كل سكان غزة من الشمال والجنوب، وستقام على أنقاض مدينة رفح. وهذه الفكرة هي الأخيرة في سلسلة من المقترحات التي طرحها المسؤولون الإسرائيليون، أولا لضمان بقاء الجيش الإسرائيلي مسيطرا على غالبية القطاع وحشر البقية من السكان في مناطق ضيقة على الساحل من البحر الأبيض المتوسط، قيل قبل أشهر أنها ثلاث مناطق، وقبل ذلك تم التحدث عن «فقاعات إنسانية» وقبلها تم الترويج لخطة الجنرالات التي قضت بتطهير شمال غزة من السكان واعتبار من يرفض الخروج بأنه مقاتل يقتل، وقد فشلت الخطة، لكن القتل لم يتوقف والهدم والتدمير لم ينته.
متعاقدين للإبادة
ولاحظت آروى المهداوي في صحيفة « الغارديان» (9/7/2025) أن إسرائيل وضعت إعلانات لسائقي جرافات من أجل إكمال مهمة هدم غزة وجعلها غير قابلة للحياة. وقالت إن الأجور المعروضة مغرية، وتتراوح العلاوات لسائق الجرافة ما بين العمارة الصغيرة والكبيرة.
ونقلت عن باحث الهولوكوست عومير بارتوف قوله: «لا اعرف أي حالة مماثلة وتشير التقديرات الأخيرة إلى أن حوالي 70 في المئة من المباني في غزة إما مدمرة بالكامل أو متضررة بشدة. والادعاء بأن الجيش الإسرائيلي يشن حربا في غزة هو ببساطة ادعاء يثير السخرية، فلا حرب في غزة. ما يفعله الجيش الإسرائيلي في غزة هو هدمها. وتهدم مئات المباني بالجرافات أسبوعيا وهذا ليس سرا، لكن التغطية الإعلامية السائدة لم تكن كافية «. ووجدت الكاتبة 12 إعلانا على منصة ميتا تبحث عن سائقي جرافات في غزة، فلم تعد الجريمة سرا بل ويتم البحث عن مصادر خارجية لتنفيذها، تماما كما استعانت إسرائيل في محاولاتها لتحييد الأمم المتحدة ومنظماتها في غزة عن مرتزقة أمريكيين للمساعدة في توزيع الدعم الإنساني الذي لا تزال تفرض عليه حصارا ومنذ شهر آذار/مارس. وتقول أرقام الأمم المتحدة أنه قتل ومنذ بداية نظام التوزيع الذي أوكلت إسرائيل والولايات المتحدة مهمة توزيعه لمنظمة غامضة «مؤسسة غزة الإنسانية» قتل حوالي 800 فلسطيني منذ بداية النظام الجديد المفروض بقوة المرتزقة والجيش الإسرائيلي على الجوعى، منذ أيار/مايو، وهذه هي أرقام الأمم المتحدة التي طالبت وأكثر من مرة بإدخال مزيد من المساعدات. وكان الرد على مطالبها تصنيف وزير الخارجية الأمريكية، ماركو روبيو، لواحدة من مسؤوليها وفرض عقوبات عليها، لأن المقررة الخاصة لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة فرنسيسكا البانيز تجرأت على نشر تقرير مفصل حول اقتصاد الإبادة. وكشفت فيه أن القوات الإسرائيلية لا تقوم بالعمل وحدها بل وبدعم من شركات ومؤسسات غربية وأمريكية. وهو قرار وصفته البانيز بأنه ينم عن تصرف مافياوي، أي عمل المافيا.
ثمن انتصار نتنياهو
ويبدو أن إسرائيل قادرة حتى الآن على تمرير ما تريد من خططها في غزة والضفة الغربية، ولا تهتم بما يقوله العالم عنها، وقد أشار تقرير لصحيفة «نيويورك تايمز» (5/7/2025) لما قاله رئيس الوزراء الإسرائيلي مناحيم بيغن عام 1981 ونصحه الإسرائيليين بـ «عدم التوقف للتأمل فيما سيفكر فيه العالم أو يقوله». وقال لمجموعة من اليهود الأمريكيين إن «العالم قد لا يحب بالضرورة اليهودي المقاتل، لكن عليه أن يحسب له حساب»، إلا أن أكثر من عشرين شهرا من القتال في جميع الاتجاهات كانت لها عواقب وخيمة، كما تقول الصحيفة، فإسرائيل معزولة دوليا وقادتها تلاحقهم المحاكم الدولية، وتنظر أعلى محكمة في العالم، محكمة العدل الدولية في قضية إبادة، وكسرت حرب غزة إجماع الحزبين الرئيسيين في أمريكا بشأن دعم إسرائيل، وتشير استطلاعات الرأي الدولية إلى تزايد النظرة السلبية من إسرائيل. لكن نتنياهو ومن معه من الجمهور الإسرائيلي الميال لليمين يشعرون أن ما تم تحقيقه على مدى أكثر من 21 شهرا يجعل إسرائيل آمنة، فقد تم تحييد أعدائها في سوريا ولبنان وإيران. وفي غزة تخوض القوات الإسرائيلية حربا بلا أهداف، حيث نصح الجنرالات رئيس الوزراء الإسرائيلي بوقف الحرب لأنها باتت بدون أهمية استراتيجية. وتم إضعاف حماس عسكريا وسياسيا في غزة، وقضي على معظم قادتها، والزعيم الوحيد الباقي، هذا إن تابعنا ما تقوله الصحف الإسرائيلية والغربية التي تنقل عنها هو عز الدين الحداد، قائد لواء غزة، الذي أعلن في أيار/مايو نفسه زعيما للحركة في القطاع. وتعاني قيادتها السياسية في الخارج من ضغوط للموافقة على صفقة.
خطة القتل
ومن خلال تمرير خطتها لتوزيع المساعدات الإنسانية، دعمت إسرائيل أو نتنياهو عصابات نهب مثل عصابة ياسر أبو شباب التي سمحت لها ولعدد آخر من العصابات بناء مناطق نفوذ لها على حساب تراجع تأثير حماس، على حد رأي مجلة «إيكونوميست» (10/7/2025) التي قالت إن حماس ربما تخوض المرحلة الأخيرة من المعركة لها في القطاع، وسط تراجع الدعم الخارجي والداخلي لها. ومع ذلك ناقشت المجلة أيضا أن تحقيق وقف إطلاق النار لا يزال صعبا. وقالت إن نتنياهو قبل مغادرته إسرائيل إلى واشنطن، قدم خطة لحكومته، قال إنها تهدف إلى تعزيز أهداف إسرائيل في تدمير حماس. وتتمثل الفكرة في إجبار ما يقرب من ثلث سكان غزة، في البداية، على التوجه إلى منطقة جنوب غزة التي دمرتها إسرائيل بشكل كبير. وسيخضع الداخلون إلى المنطقة، حيث سيتم توزيع الطعام، للتفتيش بحثا عن أسلحة والتدقيق في انتمائهم لحماس. وفي غضون ذلك، يمكن لإسرائيل مواصلة تفتيش المناطق المهجورة وتدميرها. وقد أُقرت الخطة بالإجماع، على الرغم من معارضة رئيس أركان جيش الدفاع الإسرائيلي والمستشارين القانونيين للحكومة، الذين يرون أن مثل هذا المشروع سيشكل جريمة حرب. وأشارت صحيفة «وول ستريت جورنال» (11/7/2025) إلى الفرع القانوني للجيش الإسرائيلي وبعض كبار المحامين في إسرائيل أعربوا عن مخاوفهم من أن الخطة قد تعرض إسرائيل لاتهامات بالتهجير القسري واحتجاز المدنيين، وكلاهما غير قانوني بموجب القانون الدولي. وقد أعربت الهيئة القانونية للجيش الإسرائيلي عن مخاوفها بشأن هذه الفكرة، وفقا لمسؤولين عسكريين مطلعين على الأمر، مجادلة بأنه سيكون من غير القانوني إجبار المدنيين على دخول المنطقة أو منعهم من مغادرتها، أو إقناعهم بمغادرة غزة، أو حجب المساعدات عن أجزاء أخرى من غزة بمجرد إقرار الخطة. وقال المسؤولون إن مجموعة من المحامين العسكريين وضباطا آخرين اجتمعوا مع رئيس أركان الجيش إيال زامير هذا الأسبوع لشرح مشاكل الخطة. وحذر محامون في إسرائيل والخارج من أن الخطة قد تعتبر غير قانونية بموجب القانون الدولي. وألمح مسؤولون حكوميون إسرائيليون إلى خطط لنقل سكان غزة إلى الجنوب، لكن تصريحات كاتس هذا الأسبوع كانت أقوى إشارة حتى الآن إلى جديتهم في المضي قدما. وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد قال في أيار/مايو بأنه سيتم إجلاء سكان غزة إلى «منطقة معقمة» حيث سيتلقون المساعدات. ويقول خبراء قانونيون وجماعات حقوق الإنسان إنه من غير العملي تصنيف السكان إلى مقاتلين ومدنيين. كما أنه ليس من الواضح كيف سيقرر الجنود الإسرائيليون من يسمح له بدخول المنطقة الإنسانية ومن لا يسمح له بذلك، أو ماذا سيحدث إذا رفض المدنيون مغادرة منازلهم.
تسمية الأشياء باسمها
وترى صحيفة «واشنطن بوست» (11/7/2025) أنه في ظل غياب أي تقدم دبلوماسي، يواصل عدد متزايد من المسؤولين الإسرائيليين، بمن فيهم وزراء نتنياهو وعدد من النواب المتحالفين معه، المضي قدما في رؤية أكثر حسما – ومثيرة للجدل – لنهاية الصراع في غزة، كخطة «المدينة الإنسانية»، التي نشرت تفاصيلها أول مرة صحيفة «هآرتس»، حيث أشار كاتس أن الهدف النهائي لهذه «المدينة الإنسانية» هو إجبار معظم سكان غزة على الهجرة للدول المستعدة لاستقبالهم. وكان هذا خطاب نتنياهو في واشنطن أن إسرائيل وأمريكا تعملان على خطط لتوفير «مستقبل أفضل للفلسطينيين» ولكن في دول أخرى غير وطنهم. وردا على خطط كاتس، كتب فيليب لازاريني، المفوض السامي للأمم المتحدة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، على مواقع التواصل الاجتماعي: «سيؤدي هذا الأمر، بحكم الواقع، إلى إنشاء معسكرات اعتقال جماعية على الحدود مع مصر للفلسطينيين، الذين هجروا مرارا وتكرارا عبر الأجيال». وذكرت صحيفة هآرتس في افتتاحيتها يوم الخميس أن «مدينة كاتس الإنسانية» ستسجن جميع سكان القطاع، وهي «نقطة ضعف أخلاقية وتاريخية لدولة إسرائيل والشعب اليهودي. مهما حاولوا في إسرائيل تغليف هذه الخطوة بأوصاف مطهرة، مع أنهم يتحدثون عن معسكر اعتقال».
إبادة إنسانية
وتترافق الخطط الإسرائيلية مع ما كشفته صحيفة «فايننشال تايمز» (7/7/2025) حيث كشفت عن تورط مؤسسة تابعة لرئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير في المشاورات المتعلقة بمشروع «ريفييرا غزة» وإعادة توطين فلسطينيين مع شركة أمريكية. واستخدم رجال أعمال من الإسرائيليين نماذج طورت داخل شركة أمريكية اسمها «بوسطن كونسالينغ غروب» والتي تخيلت غزة كمركز تجاري مزدهر. وحملت الخطة عنوان «الثقة الكبرى» وتم تقديمها لإدارة دونالد ترامب، حيث تشمل على دفع نصف مليون فلسطيني من غزة لمغادرتها ودعوة رجال الأعمال والمستثمرين لتطوير القطاع.
وتقول الصحيفة إن عمل بوسطن كونسالتينغ غروب لغزة وضعها في مركز الجدل الدولي. فقد ساعدت في إنشاء مبادرة مساعدات مدعومة من الولايات المتحدة أو ما أطلق عليها اسم «مؤسسة غزة الإنسانية»، حيث شاب الإعلان عنها وعملها الجدل، وأدى إلى مقتل مئات الفلسطينيين عند مراكز التوزيع. كما وكشفت الصحيفة في وقت سابق عن دور «بوسطن كونسالتينغ غروب» في إعداد خطط لإعادة إعمار غزة. ولعبت خطة الشركة «الثقة العظيمة: من وكيل إيراني مدمر إلى حليف إبراهيمي مزدهر» على وتر التطورات الأخيرة بالمنطقة وعرضت على أعضاء في الإدارتين الأمريكية الحالية والسابقة، إلى جانب حكومات وجهات معنية أخرى في الشرق الأوسط. وتحتوي على تصاميم لافتة صممت خصيصا لجذب انتباه الرئيس الأمريكي وقادة الخليج الذين قد يدعمون جوانب من الخطة.
وعلقت صحيفة «الغارديان» (8/7/2025) في افتتاحيتها على خطط نتنياهو – كاتس، مستعيرة مقولة للمؤرخ الروماني تاكتيوس التي قال فيها «صنعوا صحراء وسموها سلاما» في معرض حديثها عن غزة وإسرائيل، قائلة إن خطاب حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يحاول خلط الذبح بخطط التطهير العرقي. وقال الكاتب الفلسطيني رجا شحادة بمقال نشرته صحيفة «الغارديان»(12/7/2025) إن خطة إسرائيل في رفح جريمة حرب ولكن «لم يحم القانون الدولي أبدا غزة». وقال إن الأصوات تعالت وعلى مدار الـ 21 شهرا الماضية من حرب الإبادة الجماعية التي تقوم بها إسرائيل في غزة، تندد بزوال القانون الدولي والنظام القائم على سيادة القانون. وبالفعل، اختفت واجهة التزام إسرائيل بالقانون الدولي، وأصبحت سياساتها التي تشكل جرائم حرب تعلن بكل وقاحة. وقال إن خطط كاتس هي بالضرورة «معسكرات اعتقال» فلو دخلوا فيها لن يخرجوا، أي الفلسطينيين. وهو بحكم تعريفه مركز احتجاز لأفراد جماعة قومية (وكذلك السجناء السياسيين أو الأقليات) لأسباب أمنية أو عقابية، عادة بأمر عسكري. ونقلت صحيفة «الغارديان» عن مايكل سفارد، وهو محام إسرائيلي في مجال حقوق الإنسان، قوله إن كاتس «وضع خطة تنفيذية لجريمة ضد الإنسانية». قتل المئات وجرح الآلاف وهم يحاولون الحصول على الطعام. وأضاف شحادة أنه بذل جهدا كبيرا لفهم المعاناة غير المفهومة التي يتكبدها الفلسطينيون في غزة، وكيف أن معظم الإسرائيليين لا يعترفون بإنسانيتهم ولماذا لم يظهروا أي ندم على ما يرتكبه جيشهم باسمهم؟ أعتقد أن بذرة نزع الإنسانية عنا قد زرعت خلال الحرب العربية الإسرائيلية عام 1948.
فقد طرد الفلسطينيون بعنف وحرموا من أراضيهم وممتلكاتهم ومقتنياتهم «النكبة»، على أساس أن الأرض وهبها الله للشعب اليهودي. ومنذ ذلك الحين، تمكن الإسرائيليون من استخدام منازل العرب وأراضيهم وبساتينهم دون أي شعور بالذنب. كانت هجمات 7 تشرين الأول/أكتوبر نقطة انطلاق الحرب، لكن إسرائيل تعمل ومنذ وقت على إهانة الشعب الفلسطيني وسلب ممتلكاته بشكل ممنهج لعقود. ويرى شحادة أنه وبعيدا عن محاولات المحو الإسرائيلية، فإن قطاع غزة له تاريخ يمتد لأربعة آلاف عام من الاستيطان البشري المتواصل. إن محاولة إسرائيل لإيقاف الحياة هناك محكوم عليها بالفشل. سيجد الفلسطينيون، سواء بمساعدة الآخرين أو بدونهم، سبيلا للبقاء على قيد الحياة.
www.deyaralnagab.com
|