قالت إنه “الوحيد القادر على صدّ هجمة إسرائيلية”.. مجلة أمريكية تثير الريبة بتقرير يمتدح قدرات الجيش الجزائري!
14.09.2025
أثار تقرير نشرته مجلة أمريكية متخصصة في الشأن العسكري جدلاً واسعاً في الجزائر، بعدما أشار إلى أن الجزائر هي الدولة الوحيدة في شمال إفريقيا والشرق الأوسط القادرة على صد هجمات جوية إسرائيلية.ومما أوردته مجلة ميليتري ووتش ماغازين في تقريرها، أن الجزائر هي الدولة الوحيدة في المنطقة التي تمتلك فضاءً جويا محميا ضد أي هجمات إسرائيلية أو غربية، وذلك بفضل استثماراتها الضخمة في أنظمة الدفاع الجوي الحديثة من روسيا والصين.
وجاء تقرير المجلة الصادر يوم 10 أيلول/ سبتمبر 2025 بعنوان مثير “الدولة العربية الوحيدة التي لا تستطيع إسرائيل والغرب قصفها: ما الذي يجعل الجزائر محصّنة بشكل فريد؟”، وورد فيه بالتفصيل أسباب تميز القدرات الدفاعية للجيش الجزائري، خصوصا في مجال الدفاع الجوي.
وأشارت المجلة إلى أن الغارات الجوية الإسرائيلية توسعت منذ إسقاط النظام السوري في كانون الأول/ ديسمبر 2024، لتشمل أهدافا في إيران ولبنان وتونس واليمن، إلى جانب حملة متواصلة على غزة. وأوضحت أن ذلك تم رغم تقادم أسطول المقاتلات الإسرائيلي المعتمد أساسا على نسخ قديمة من طائرات F-15 و F-16، التي تفتقد لتقنيات الرادارات المصفوفية المتقدمة وخصائص الجيل “+4″، في حين لا يملك سوى عدد محدود من مقاتلات F-35 الحديثة.
وفي سياق تحليلها، أكدت المجلة أن الجزائر هي الدولة الوحيدة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا التي استثمرت بشكل واسع في أنظمة دفاع جوي حديثة من مصادر غير غربية، إذ اعتمدت على روسيا والصين لتزويدها بشبكة رادارات ومنظومات صواريخ أرض-جو، إضافة إلى أساطيل من المقاتلات الاعتراضية. وبيّنت أن الجزائر سرّعت وتيرة التسلح منذ مطلع 2010 بعد سقوط ليبيا تحت قصف جوي غربي عنيف وما تبعه من فوضى.
وأضافت أن العمود الفقري للدفاعات الجوية الجزائرية يتشكل من منظومات S-300PMU-2 و S-400 الروسية وHQ-9 الصينية بعيدة المدى، إضافة إلى أسطول كبير يضم أكثر من 70 مقاتلة Su-30MKA الثقيلة، ومقاتلات Su-35 للتفوق الجوي التي تم اقتناؤها مؤخرا، إلى جانب أنظمة Buk-M2 ومقاتلات MiG-29M. واعتبرت أن هذا المزيج الدفاعي يجعل الجزائر في موقع فريد بالمنطقة، إذ أن متوسط عمر مقاتلاتها أصغر بعقود من نظيراتها الإسرائيلية أو التركية.
كما أبرزت المجلة أن بعض الدول العربية استثمرت في شراء طائرات مقاتلة وأنظمة دفاع جوي حديثة، غير أن مستوى التدريب ظل أقل مما هو عليه في الجزائر، فضلا عن الضغوط الغربية التي فرضت على هذه الدول الاعتماد على أنظمة غربية. واعتبرت أن هذه الأنظمة المصدّرة غالبا ما تكون بنسخ “مخفّضة القدرات”، كما هو الحال مع أسطول مصر من F-16، إضافة إلى القيود المفروضة على استخدامها بسبب تحكم الغرب في الشيفرات المصدرية، بما يمنع توجيهها ضد مصالحه أو مصالح حلفائه.
**بعض الدول العربية استثمرت في شراء طائرات مقاتلة وأنظمة دفاع جوي حديثة، غير أن مستوى التدريب ظل أقل مما هو عليه في الجزائر
وبحسب “ميليتري ووتش”، فإن هذا الواقع يمنح إسرائيل وتركيا ودول الغرب حرية كبيرة في توجيه ضربات جوية عبر المنطقة، في حين تبقى الجزائر البلد الوحيد الذي يملك فضاء جويا محميا ضد مثل هذه الهجمات، سواء بفضل تنوع مصادر تسليحه أو قوة منظومته الدفاعية وتدريب قواته.
لكن هذا الطرح فتح باباً واسعاً للنقاش عبر منصات التواصل الاجتماعي والإعلام المحلي، حيث تباينت القراءات بين من يرى فيه محاولة لتضخيم القدرات العسكرية الجزائرية ضمن خطة تستهدف البلاد، وبين من اعتبره إقراراً بواقع القوة الدفاعية للجيش الجزائري.
جزء من التعليقات ركّز على ما اعتبره حملة مدبرة، تشبه ما حدث مع العراق في التسعينيات حين تم تضخيم قدراته العسكرية في الإعلام الغربي تمهيداً لاستهدافه. وذهب أصحاب هذا الرأي، إلى أن الاهتمام المفاجئ بالقدرات الدفاعية الجزائرية، بالتوازي مع مقالات أخرى عن الجيش المصري وتحليلات منشورة في الصحافة العبرية، يعكس عملية “خداع استراتيجي” جديدة. ودعوا إلى الحذر من الانسياق وراء ما وصفوه بـ”الكذب الممنهج”، مؤكدين أن الجيش الجزائري يبقى مؤسسة دفاعية عقيدتها حماية الحدود وأمن البلاد.
وقال الصحافي المختص في الشأن الدولي رضا شنوف في هذا الإطار إن “الالة الدعائية التي تريد أن تصور الجزائر كدولة مسلحة بتسليح لا يقهر، يعيدني إلى الحملات التي صورت العراق كقوة أكثر من نووية”. وتابع قائلا: “الجزائر دولة تحاول أن تدافع عن نفسها وعن شعبها وحدودها وفقط، فلا تهويل ولا تطبيل ولا لإعادة تدوير التقارير غير البريئة والمشاركة في تحقيق أهداف مسمومة لا تريد لهذه البلاد الخير”.
في المقابل، ظهرت أصوات أخرى اعتبرت أن التقرير الأمريكي يعكس حقيقة معروفة، وهي أن الجزائر تملك قدرات ردع متطورة تجعلها عصية على أي عدوان خارجي. كما أضاف البعض بعداً سياسياً لهذه القراءة، من خلال التأكيد على أن قوة الجزائر العسكرية والدبلوماسية تمثل رادعاً كافياً يجعلها في موقع خاص على الخريطة الإقليمية.
طرح آخر ربط بين هذا الجدل وحملة إعلامية اعتبرها “تمهيداً نفسياً” لسيناريوهات غير معلنة، محذراً من احتمال نقل بؤرة التوتر من الشرق الأوسط إلى شمال إفريقيا. هؤلاء رأوا أن نشر عشرات الصفحات لنفس الفرضية حول قدرة الجزائر على مواجهة إسرائيل ليس بريئاً، معتبرين أن الهدف قد يكون جر الجزائر إلى مواجهة غير ضرورية.
من جهة أخرى، برز اتجاه متوجس من الاهتمام العربي والإعلامي بقوة الجيش الجزائري، معتبراً أن الإشادة المتكررة من قنوات عربية أو صفحات خارجية ليست إلا محاولة لاستدراج الجزائر. هذا الرأي أكد أن عقيدة الجيش الجزائري دفاعية بحتة ولا تقوم على أي خطط هجومية، وأن أي حديث عن مواجهة مع إسرائيل لا يخدم سوى أجندات مشبوهة.
على الضفة الأخرى، حاولت بعض المداخلات نزع الطابع الدرامي عن الموضوع، معتبرة أن فكرة هجوم إسرائيلي على الجزائر غير واقعية. حجج هذا الطرح انطلقت من غياب أي مصلحة استراتيجية أو عسكرية لإسرائيل في استهداف بلد بعيد جغرافياً ولا يشكل تهديداً مباشراً لها. وأشار أصحاب هذا الرأي إلى أن أولويات إسرائيل تظل مرتبطة ببيئتها الإقليمية القريبة: غزة، لبنان، وسوريا، وأن أي مواجهة مع الجزائر لن تحقق لها مكاسب بل ستزيد من عزلتها الدولية.
وبين هذه التوجهات المتعارضة، ظل القاسم المشترك هو استحضار التجارب السابقة في المنطقة، خصوصاً العراق وسوريا ومصر، كنماذج يُستشهد بها إما للتحذير من مؤامرة تستهدف الجزائر أو لتأكيد أن قوة الردع تبقى الضمان الوحيد لرد أي تهديد.
www.deyaralnagab.com
|