صحافة : ميديابارت: مجلس الدولة الفرنسي يهتز على وقع قضايا اعتداءات جنسية!!
25.11.2021
باريس- مجلس الدولة الفرنسي الذي يواجه أحد القضاة فيه اتهاما بتوجيه كلام وإيحاءات تخدش الحياء، يجد نفسه مطالبا بالدفاع عن نفسه لفشله في الوفاء بالتزاماته اتجاه أعضائه، ويتعهد بخطة تأهيلية واسعة؛ وفق ما ذكر موقع “ميديابارت” الاستقاصي الفرنسي.
“ميديابارت”، أوضح أن آنا كانت طالبة ممتازة بل “نموذجية” حسب معهد الإدارة الإقليمية (IRA) حيث درست، وكانت تحلم بالعمل في خدمة الدولة، من أجل مهمة اعتقدت أنها ذات اهتمام عام. واليوم، تشعر صاحبة الثلاثين من العمر بأنها “منهكة”، علما أنها عضو في مؤسسة تلعب أيضًا دورًا قضائيًا وسياسيًا في مجالات التمييز الجنسي والعنف الجنسي.
انضمت آنا إلى مجلس الدولة في منتصف عام 2010 كأول وظيفة في مشوارها، لكن سرعان ما شعرت بخيبة أمل كبيرة، وفقًا للدعوى القضائية التي رفعها محاميها أمام المحكمة الإدارية في باريس، بعد فترة وجيزة من توليها منصبها، أصبحت آنا “ضحية لتصرفات بغيضة” من جانب مديرها الإداري. ويقال إن رئيس القسم الذي تعمل فيه قد أدلى بملاحظات ذات دلالة جنسية، وأغاني قذرة وكلام بذيئ والترهيب المتكرر والمتنوع، والمراقبة الخاصة، الخارجة عن إطار العمل وغير ذلك. ويضيف محامي آنا أن موكلته كانت ضحية “اعتداء جنسي” تعرضت له في مارس/ آذار 2017، أي بعد حوالي ستة أشهر من توليها منصبها.
حدث ذلك، مع أن آنا نبهت زملائها خلال عدة أسابيع ورد عليها البعض بأن “هناك معارك لا تستحق الخوض فيها”. في مارس، تحدثت إلى إدارة الموارد البشرية بمجلس الدولة، والتي بدورها وجهتها إلى طبيب العمل الذي قرر إراحة آنا وطلب من الأمانة العامة في مجلس الدولة بنقلها إلى مصلحة أخرى داخل المؤسسة. لكن في نفس الوقت لم تحظى آنا بحماية قانونية ولم يتم طرد مسؤولها محل الاتهامات بالتحرش الجنسي، يتابع “ميديابارت”.
بعد إجازة مرضية بسبب “اكتئاب وظيفي”، حُوّلت آنا إلى مكتب مقررة المحكمة الوطنية لحق اللجوء، لكنها لم تتأقلم مع وظيفتها الجديدة لاسيما وأنها متأثرة جدا نفسيا بسبب معاناتها لأشهر من التحرش الأخلاقي والجنسي. وتجد صعوبة اليوم في الحصول على وظيفة جديدة، لأنها تتهم بأنها “شخصية مثيرة للمشاكل” أكثر من كونها ضحية، يقول “ميديابارت”.
منذ انفجار هذه القضية قرر بيار أونري فاري مدير المعهد الذي درست فيه آنا، بألا يوجه أي طالبة لخوض تربص لدى مجلس الدولة الفرنسي، خوفا من أن تتعرضن للتحرش الجنسي، رغم أن المؤسسة الفرنسية تنفي هذه الرواية، يوضح “ميديابارت”، قائلاً إن كل ذلك يدل حسب النقابات العمالية في فرنسا على أن السلطة الإدارية قد فشلت فشلا ذريعا في التزاماتها كهيئية توظيفية، وأن ملف آنا يدل على نقص الوعي بالعنف والتمييز الجنسيين في مكان العمل ومسؤولية صاحب العمل في هذه المسألة.
بالنسبة لمجلس الدولة أو في حالة المحاكم القضائية، فإن المسألة ذات بعدين: إذا تم انتقاد هذه المؤسسات لسوء إدارتها لقضايا العنف الجنسي داخلها، فما الذي يجب أن نفكر فيه في سياستها تجاه – الضحايا الذين يطلبون من المؤسستين الدفاع عن حقوقهم؟.
مخطط تأهيلي يطبق على مدار ثلاث سنوات لأربعة آلاف عضو في مجلس الدولة، وذلك بفضل خطة المساواة المهنية التي شهدت النور في يوليو/ تموز 2021، بما في ذلك مكافحة العنف القائم على النوع الاجتماعي والعنف الجنسي.
رداً على سؤال من “ميديابارت”، أوضح الأمين العام لمجلس الدولة أنه قام بتقييم للأوضاع: منذ توليه منصبه في مايو 2019، لم تتلق خلية الاستماع المخصصة أي تقارير عن التحيز الجنسي أو العنف الجنسي. سوى قضية القاضي M R . الذي تمت إدانته بالتحرش الجنسي لكنه لايزال يمارس مهامه إلى يومنا هذا.
سؤال آخر: غياب الدعم للضحايا كما تؤكده حالة آنا؟ لذلك يؤكد الأمين العام لمجلس الدولة تطبيق إصلاحات فعلية في هذا المجال.
خلال الأشهر المقبلة، ستكون مواقف مجلس الدولة تحت المجهر، يجب عليه أولاً أن يبت في قضية جيل أرموند نائب المحافظ السابق لمنطقة مورتاني أو بيرش. هذا المسؤول السامي نجا من محاكمة في قضية عنف أسري، من خلال تسجيله في دورة تدريبية توعوية. وتمت إقالته من منصبه كمحافظ مساعد، وعاد إلى فيلقه الأصلي وأُعيد تعيينه في محكمة إدارية.
ينتظر مجلس الدولة اليوم خيار حساس- يقول “ميديابارت”- إذ سيتعين عليه قريبًا تعيين نائب رئيس جديد، هذا المنصب الذي لم تتولاه قط امرأة، ويحتل مكانًا مركزيًا في الهيكل التنظيمي للجمهورية الفرنسية، فهي المؤسسة التي تشرف على تعيين مستشاري الدولة أو مجلس الحكومة.
والمرشح الأبرز حاليا هو مارك غيوم، محافظ منطقة باريس وضواحيها والأمين العام السابق للحكومة. مرشح أفل نجمه بعد تلطخ ملفه بفضيحة الاستغلال الجنسي للأطفال. وكشف تحقيق أجرته صحيفة “لوموند” أيضًا أن جميع أعضاء المجلس في قصر الإليزيه قد وقعوا بيانا في عام 2020، يسردون انعكاسات متحيزة جنسيًا سمعت أثناء ممارسة وظائفهم، خاصة خلال الاجتماعات المشتركة بين الوزارات. ويستهدف البيان مارك غيوم على وجه الخصوص.
www.deyaralnagab.com
|