صحافة : واشنطن بوست: آلاف من الأطفال بالإمارات يتم حرمانهم من شهادات الولادة بسبب الرسوم!!
22.02.2022
نشرت صحيفة “واشنطن بوست” تقريرا عن حرمان الأطفال المولودين في الإمارات العربية المتحدة من شهادات الولادة مما يمنعهم من الذهاب إلى المدارس وحق العناية الصحية. وقالت كيتي ماكيو إن سبب حرمان الأطفال من شهادات الولادة نابع من عدم دفع العائلات الرسوم المستحقة إلى المستشفيات بعد الولادة، كما وترفض الحكومة تسجيل الأطفال المولودين خارج إطار الزواج الشرعي.
وقالت إن ولدي تشينوي هما في سن الرابعة والسادسة لكنهما غير موجودين في السجلات الرسمية. وبعد ولادتهما لم يكن لدى تشينوي وزوجها القدرة على دفع الفاتورة الطبية والتي وصلت إلى 16.000 دولارا، ورفضت المستشفى إصدار الوثائق الضرورية لشهادة الولادة حتى تتم تسوية الدين.
وقالت ماكيو التي أعدت تقريرها من دبي، إن هذه ممارسة ليست شائعة بين مستشفيات الإمارات، إلا أنها أسهمت بزيادة عدد الأطفال غير المسجلين في هذه الدولة الخليجية والذين لا يستطيعون التسجيل بالمدارس أو الحصول على العناية الطبية ولا حتى التقدم بطلب جوازات. وقال تشنيوي، 37 عاما “ولدي لم يذهبا إلى المدرسة وبدون تأشيرة أو جواز، وهذه مشكلة كبيرة ويريدان في الحقيقة الذهاب إلى المدرسة”.
وتعمل تشينوي من نيجيريا في وظيفة براتب متدن، ووافقت على الحديث بشرط عدم الكشف عن اسم عائلتها لأسباب أمنية، أما زوجها فهو عاطل عن العمل.
ويقدر ناشطو حقوق الإنسان عدد الأطفال الذي يواجهون نفس المشكلة في الإمارات بالألاف وولدوا لمهاجرين من أفريقيا وآسيا. ولم يتم تسجيلهم إما لأن المستشفيات رفضت إصدار الأوراق الضرورية لشهادات الولادة أو لأنهم ولدوا خارج إطار الزواج.
فالأطفال المولودون للنساء العاملات بدون زوج يحرمون من شهادة الولادة لأن العلاقات غير الشرعية محظورة في الإمارات. وفي داخل المجتمع الفليبيني العامل في الإمارات فإن عدد الأطفال غير المسجلين يصل إلى الألاف، وذلك حسب مسؤولين فلبينيين بارزين. وتعتبر الإمارات الغنية بالنفط واحدة من أغنى دول العالم بالنسبة للفرد. ويتمتع كل من المواطنين والموظفين الأجانب الذين يعملون في حرف عالية ومكاتب بمستويات عاليه من التعليم الخاص والعناية الصحية.
ولكن هذه الخدمات تظل بعيدة عن منال الأطفال غير المسجلين. ومثل 8 عائلات مثل تشينوي، الذين تمت مقابلتهم لهذا المقال، فإن أبناء هذه العائلات لم يروا طبيبا منذ ولادتهم ولم يتلقوا التطعيمات الضرورية للمواليد الجدد. وتقول تشينيوي وزوجها إن وضع ابنيهما تركهما في حالة من الكرب الدائم، وقالت “لم نشعر أبدا بالراحة بسبب هذا” و “لا نخرج أبدا من البيت ويظل زوجي معظم الوقت في البيت ولا نريد مشاكل مع الشرطة ونحن خائفون”. ورفض المكتب الإعلامي الحكومي الإجابة على أسئلة الصحيفة.
وفي الوقت الذي يعتبر حرمان المواليد من شهادات الولادة غير قانوني، إلا أن العائلات تخشى من إخبار الشرطة حتى لا تثار مشاكل حول الديون غير المدفوعة للمستشفى. وقالت المحامية في دبي لودميلا يامالوفا “هذا هو ابتزاز واختطاف لهوية شخص”.
وأنجبت بيرل، وهي عاملة مطعم فلبينية طفلة في شهر آذار/مارس وفي مستشفى حكومي بدبي. وولدت البنت قبل الأوان، ووصلت فاتورة إقامتها لمدة شهرين في وحدة حديثي الولادة إلى 29.000 دولارا وهي فاتورة عمل لمدة 3 أعوام كما تقول. ولم تستطع بيرل دفع المبلغ وحرمتها المستشفى من الأوراق الضرورية لاستخراج شهادة الولادة. ووافقت المستشفى على خروجها مع ابنتها بشرط كتابة شيك بالمبلغ كاملا كضمان. ورفض الشيك وهذه مخالفة في الإمارات. وقالت بيرل “لقد خسرت كل شيء ولم يعد لدي ما أملكه” و “الآن علي تسليم نفسي للشرطة”. وفي بعض الحالات تم رفض النساء اللاتي يعانين من المخاض في مراكز الطوارئ نظرا لعدم امتلاكهن تأمينا أو الوسائل لدفع الرسوم. وتقول إيكاترينا سيلوبوفا، مديرة منظمة “دو بولد” الي تدعم العائلات المهاجرة في الخليج “يطلب من الأمهات الأخريات تسليم جوازاتهن قبل السماح لهن بمغادرة المستشفى وبدون دفع الرسوم”. وأضافت “التهديد هو عام، وفي العام الماضي هددت مستشفى بأخذ طفل من أمه بسبب عدم الفاتورة”. وهناك عامل آخر يزيد في أعداد الأطفال غير المسجلين هو اشتراط السلطات الإمارات إرفاق شهادة الزواج في طلبات الحصول على شهادة ميلاد الأطفال، بحسب يامالوفا ودبلوماسيين أجانب.
والمشكلة ليست متعلقة بالإمارات فقط، ففي عدة دول شرق أوسطية لا تسمح بالعلاقات خارج إطار الزوجية، فالأطفال المولودين خارجه لا يتم تسجيلهم. وظلت العلاقات غير الشرعية محرمة في الإمارات بناء على الشريعة الإسلامية، لكنها رفعت الحظر عنها في 2020، وهي خطوة اتخذت ضمن عدة خطوات لجعل البلد جذابا للغربيين في وقت أرادت فيه البلاد تحسين ظروفها بعد انتشار وباء كورونا. إلا أن بعض المستشفيات استمرت في إبلاغ الشرطة عند إنجاب امرأة مولودا بدون أب. وفي حالة تبنتها يامالوفا بدون مقابل تم اعتقال أم وتقييدها بعدما أنجبت في آب/أغسطس.
وفي الشهر الماضي تغير القانون نتيجة ضغوط من المحافظين، وبات القانون يعاقب على الولادة خارج الزوجية بالسجن عامين. وقال حبيب الملا، المشرع السابق والشريك في شركة بيكر ماكينزي “جادلوا ضد رفع الحظر وقالوا لا. وتتقدم القيم وأخلاق المجتمع على كل شيء”. وفي محاولة لخلق توازن بين الليبراليين والمحافظين، فقد اشترط القانون الجديد طرقا لتجنب المحاكمة، منها زاوج والدي الطفل مباشرة أو اعترافهما به. وبالنسبة للمهاجرين العاملين من ذوي الياقات الزرقاء- في المصانع والإنشاءات وغير ذلك- فثمن اتخاذ هذه الخطوات هو خسارة أعمالهم، فقد يكون مكلفا للعاملات المهاجرات من أصحاب الدخل المتدني السفر إلى بلادهن والإنجاب هناك. والمشكلة ليست الكلفة بل واستعادة الجوازات من أرباب العمل، حيث يشترطون على العمال تسليم وثائقهم قبل البدء في العمل.
وعندما حان الوقت الولادة كانت كيتي، 32 عاما وهي عاملة مكتب في دبي إنه قد يلقى القبض عليها لو ذهبت إلى الشرطة، وبدلا من ذلك حاولت الحصول على مساعدة من السوق السوداء للقابلات. وقال إن هذا “غير قانوني وكانت القابلة خائفة أيضا” و”لا تستطيعن الصراخ وعليك الدفع بصمت وهذا مستحيل”. ولم تكن قادرة للحصول على شهادة ولادة لابنها “أريده أن يحصل على شهادة ولادة” و “لم يتم تطعيمه بعد وهذا يقلقني جدا”. وزاد الوباء من المشاكل، فخسارة الوظيفة جعل المهاجرين يكافحون من أجل تأمين متطلباتهم اليومية. ولا تستطيع العائلات التي لديها أطفال بدون جواز العودة بهم إلى بلادهم.
وبالنسبة لهؤلاء يكبرون في ظل المجتمع الإماراتي بدون مستقبل واضح. ويقول فرويلان ماليت جي أر، الباحث في شؤون الهجرة بجامعة كامبريدج إنه مجتمع عائم وسكان غير مرئيين يواجهون مصاعب و”الضغط يزيد على الأمهات”..
www.deyaralnagab.com
|