صحافة : نيويورك تايمز: في أفغانستان وأوكرانيا أخطأت أمريكا في تقدير الروح القتالية!!
26.03.2022
في أفغانستان توقعت المخابرات الأمريكية أن تصمد الحكومة الأفغانية مدة شهور بعد خروج القوات الأمريكية وتوقعت في الوقت نفسه انهيار الحكومة في كييف سريعا. وفي كلا الحالتين كان تقييمها مخطئا للروح القتالية.
ويرى جوليان بارنز أن المواطنين في أوكرانيا تعلموا كيف يصنعون المولوتوف من إعلانات الحكومة، ثم وثقوا أنفسهم وهم يستهدفون العربات الروسية ويحرقونها. وانتظر الجنود الأوكرانيون في كمائن وأطلقوا الصواريخ التي حصلوا عليها من الدول الغربية على المدفعيات الروسية. وسجل الرئيس الأوكراني رسائله بالفيديو في الشوارع حاثا بلده على مقاومة الغزاة. وكان هذا مختلفا عن المشاهد التي سجلت قبل عدة أشهر، عندما دخلت حركة طالبان العاصمة كابول بدون مقاومة. وتخلت معظم القوات الأفغانية عن أسلحتها وزيها. وهرب الرئيس إلى الإمارات العربية المتحدة. ويبدو أن المجتمع الإستخباراتي والمؤسسة العسكرية الأمريكية قد أخطأوا في التقدير حسب مشرعين في الكونغرس. ففي أفغانستان توقعت المخابرات أن تصمد الحكومة في كابول وبقاء قواتها لمدة 6 أشهر على الأقل بعد انسحاب القوات الأمريكية.
وفي أوكرانيا اعتقد المسؤولون الأمنيون الأمريكيون أن يسيطر الجيش الروسي على كييف في يومين. وتقول الصحيفة إن كلا التقديرين كان غير صحيح لأن تقييم قدرة جيش أو أمة على الدفاع يعتبر أمرا صعبا. وهناك عدة عوامل يجب أخذها بعين الاعتبار بما فيها القيادة والإمدادات التي لديها وقوة العدو وفيما إن كان العدو يعتبر قوة غازية. ويكشف سوء التقدير أنه حتى في العصر الإلكتروني والتحليلات الواسعة للبيانات المجموعة تظل العلاقات الإنسانية مهمة في تقييم معنويات بلد أو جيش.
ويقول مسؤولون أمنيون سابقون إن هذا مهم وأن تظل رؤى الناس إلى الشركاء وصناع القرار في واشنطن. فلو كان منظور الولايات المتحدة عن أفغانستان أكثر واقعية لاختلفت النظرة من أجل إجلاء الأفغان الذين عملوا مع القوات الأمريكية ولبدأت في مرحلة مبكرة. ولربما تم استثمار مليارات الدولارات التي أنفقت من أجل بناء الجيش الأفغاني في مشاريع أخرى. وفي أوكرانيا يقول المشرعون إنه لو كان لدى الولايات المتحدة الرؤية الواقعية حول قوة المقاومة للروس لربما قدمت مزيدا من الأسلحة إلى البلد. وقال السيناتور أنغوس كينغ “تقييم إرادة القتال في وقت مبكر من نزاع كهذا أمر صعب” وأضاف “لو كنا نعرف مقدما قوة الأوكرانيين وضعف الروس لربما كنا قادرين على تقديم أسلحة ومساعدات للأوكرانيين بطريقة أسرع، وبناء على افتراض أن لديهم فرصة”. والسؤال حول قدرة وكالات الاستخبارات على تقديم تكهنات صحيحة أو خاطئة أمر محله النقاش. فقبل الغزو، أخبر خبراء أوكرانيا المشرعين والبيت الأبيض أن الأوكرانيين سيقاومون الغزو الروسي. إلا أن التقارير الاستخباراتية كانت متحوطة، وقال مدير وكالة الاستخبارات العسكرية الجنرال سكوت دي بيريير في مساءلة من توم كوتن، السيناتور الجمهوري عن أركنساس إنه اعتقد قبل الغزو أن القوات الأوكرانية لم تكن جاهزة بالقدر الكافي. و”عليه، فقد تساءلت عن قدرتهم القتالية، وكان هذا تقييما سيئا من جانبي لأنهم قاتلوا بشجاعة وشرف”. وفي مقابلة قال كوتن إن المسؤولين في الوكالات الاستخباراتية كانوا يقيمون روسيا قدر ما يستطيعون قبل الغزو. وبعده فقد كان تقييمهم للقدرات الأوكرانية والروسية أقل من ممتاز”، ولكن الحكم على قدرة بلد للدفاع عن نفسه في وجه الهجوم المحتمل يظل أمرا صعبا. وقال إن “إرادة القتال ليست منطقة غامضة عن المخابرات تقوم بالبحث عنها وجمع البيانات بشأنها” و “هي ليست عن عدد المقاتلين في سلاح الجو وما فعلوه، وهناك الكثير من الذاتية”. وتكشف الهجمات المضادة الأخيرة أن قادة أوكرانيا لم يقوموا بالعمل على الدفاع عن أوكرانيا فقط بل وقاموا بهجمات جوية ومدفعية ضد القوات الروسية حول كييف من أجل تدميرها، وهي علامة عن محاولة الأوكرانيين هزيمة الروس وتدمير قواتهم والانتصار في الحرب. وقال آدم شيف، رئيس لجنة الشؤون الاستخباراتية في مجلس النواب إنه من السهل إساءة التقدير بشأن ما يمكن للمجتمع الأمني تقييمه، ففي أوكرانيا وأفغانستان الصيف الماضي، حذر المجتمع الاستخباراتي من أن الحكومة الأفغانية ستنهار ويستلم قادتها لحركة طالبان. وقال شيف إنه سأل خلال إيجاز أمني إن كان الأوكرانيون سيقاومون وكان جواب المسؤولين بنعم، لكن من الصعب معرفة ما يعني هذا في المصطلحات الحقيقية. و “لو كانت هناك نقطة عمياء، أعتقد أنها كانت أقل من عدم قتال الأوكرانيين وأكثر من أن الروس لديهم قدرات عسكرية أكثر مما بدو عليه”.
زادت مصاعب الروس من خلال أساليب الحرب التي تبنوها ومشاكل الإمداد والعربات التي تعطلت وغياب خطوط الاتصال المؤمنة، كما قال مسؤولون أمنيون سابقون.
واعتقد روسيا أنها ستزحف بسهولة نحو كييف وأنها لن تواجه مقاومة كبيرة أو حربا طاحنة كما تواجه الآن. وزادت مصاعب الروس من خلال أساليب الحرب التي تبنوها ومشاكل الإمداد والعربات التي تعطلت وغياب خطوط الاتصال المؤمنة، كما قال مسؤولون أمنيون سابقون. وقال دوغلاس وايز، ضابط الاستخبارات المتقاعد “لم يشك أحد بقدرات الأوكرانيين على المقاومة. ولأن جيشهم صغير فقد قيم المحللون أنهم سيواجهون محدودية في القدرات لخوض حرب حديثة”.
وأضاف “نظرا للحجم الصغير للجيش مقارنة مع الجيش الروسي، فقد حلل المحللون الأرقام وتوصلوا إلى أنهم لن ينتصروا”. وهناك عامل آخر في خطأ التقييم وهو أن المخابرات الأمريكية لم تكن قادرة على التكهن بقدرة الرئيس فولدومير زيلينسكي على تعبئة جيشه بالطريقة التي أبداها، كما أن القيادة الأوكرانية كانت تشك في التقديرات الأمريكية حول الغزو الروسي. وتساءل كينغ عن الرئيس الأوكراني “هل سيكون تشرتشل أم غاني”. وقال المسؤولون إن زيلينسكي قلل من احتمالية الغزو، لكنهم لم يعرفوا كيف سيرد. ولدى الولايات المتحدة سجل في سوء التقدير، ففي حرب فيتنام توقع الأمريكيون صمود جيش جنوب فيتنام وواصلوا تدريبه بدون التركيز على قدرته القتالية. وفي فيتنام والعراق وأفغانستان، اعتقد الأمريكيون أن الوحدات التي دربوها ستقاتل بشجاعة.
www.deyaralnagab.com
|