logo
1 2 3 41060
صحافة : تايم: خطط الصين لبناء سفارة ضخمة في قلب لندن القديمة تثير سخط السكان وتفتح ملفات الإيغور وهونغ كونغ!!
04.05.2022

نشرت مجلة “تايم” تقريرا عن احتجاجات في لندن ضد السفارة الصينية، ومطالب بتسمية شوارع في موقع اشترته الحكومة الصينية عام 2018 لنقل سفارتها إليه، بحيث ستكون أكبر بعثة دبلوماسية لها في أوروبا، وأضخم من السفارة الأمريكية الجديدة.
وعكس شراء مكان مهم في لندن الصعود الاقتصادي للصين كقوة عظمى، وتوترات مع الغرب بسبب سياسات الحزب الشيوعي الحاكم. ومرر الساسة في المنطقة قرارا بتسمية الشوارع المحيطة بالمكان بأسماء تذكر بانتهاكات الحزب الشيوعي مثل “تيانانمين سكوير” و”إيغور كورت” و”هونغ كونغ رود” و”التيبت هيل”.
وفي التقرير الذي أعده تشارلي كامبل، قالت إنه لا يوجد مكان شاهد على تاريخ لندن مثل “رويال مينت كورت”، ففي عام 1348 وعندما أعمل الطاعون منجله في ربع اللندنيين، تم جمع آلالاف من الجثث في المكان. وأعيد تسمية المكان منذ ذلك الوقت، مرة باسم دير وأخرى باسم ساحة البحرية وأحيانا مخزن الدخان، ولم يحصل المكان على اسمه الذي نعرفه به اليوم إلا في عام 1809.
واشترته الصين عام 2018 بمبلغ 250 مليون دولار ليكون مقرا لسفارتها الأضخم في أوروبا. وقدمت السفارة الصينية مخططا لإعادة تطوير المكان الذي تبلغ مساحته 700.000 قدم مربع ولم يصدر قرار بعد بالطلب.
وقال المعماري الذي كلف بإعادة التطوير في عام 2020، إن الهدف من تحديث المكان هو “منح وجه مرحب للصين”. ولم يكن السكان المحليون مرحبين، وعبّروا عن معارضتهم لبيع المكان إلى نظام الحزب الشيوعي ومنحه هذا المعلم المهم رغم فظائعه ضد المسلمين الإيغور، وفي التيبت، وقمع حرية التعبير في هونغ كونغ. وقال الناشط المحلي، رقيب محمد: “هذا عار. مل كان يجب السماح لحكومة الصين بشراء هذا المكان البارز وزرع العلم الصيني قريبا من لندن بريدج وتاور أوف لندن. ربما كان على السلطات السماح للنازيين بالإقامة فيه ورفع راية سواستيكا من عليه”.
أدت المعارضة الشديدة إلى السياسيين في منطقة تاور هاملت، حيث تقع رويال مينت كورت، لتمرير قرار يدعو إلى إعادة تسمية الشوارع القريبة بأسماء تذكّر بفظائع الحزب الشيوعي الصيني. وقالت رابينا خان، عضوة المجلس المحلي، إن تحركهم ضد الصين هو من أجل “الوقوف ضد انتهاكات الحزب الشيوعي الصيني لحقوق الإنسان”.
وزاد الغضب بعد دعم الصين للغزو الروسي لأوكرانيا، وقال فين لاو، مؤسس جماعة مؤيدة للديمقراطية “هونغ كونغ ليبرتي” إن “الصين وروسيا تعاونتا ولعقود في انتهاكات حقوق الإنسان وقمع الحريات المدنية. لو نظرت للجدول الزمني، فإن روسيا تجنبت وبشكل مقصود غزو أوكرانيا أثناء الدورة الشتوية للألعاب الأوليمبية، ومن الواضح أن بينهما صفقة”. ورفض المتحدث باسم السفارة الصينية في لندن التعليق، إلا أن السفير الذي انتهت فترة عمله في لندن، ليو تشياومينغ، قال في رسالة لرئيس بلدية تاوت هاملت، إن المقترحات لتغيير أسماء الشوارع حول المكان هي “مجرد تزييف قامت به مجموعة صغيرة من الساسة غير المسؤولين والإعلام في الغرب”.
ومع أن العلاقات البريطانية- الصينية هي أمر من مسؤولية الحكومة المركزية، إلا أن الاحتجاجات في بريطانيا هي علامة على الديمقراطية كما ظهر من معارضة الشارع البريطاني لزيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. ولكن الحزب الشيوعي وفي ظل الرئيس شي جينبينغ يظهر حساسية للتظاهرات. ويرى البرفسور ستيف تسانغ، مدير معهد الصين في مدرسة الدراسات الشرقية والأفريقية بجامعة لندن، أن “سياسة الإشارات لن تترك أثرا على الطريقة التي يتصرف بها الصينيون، لكنها ستترك أثرا سلبيا على علاقات الصين مع بريطانيا بشكل عام”.
وتعلق المجلة أن الخلاف يعكس الصعوبة التي تواجه الديمقراطيات في تعاملها مع أنظمة ديكتاتورية تعتمد عليها اقتصاديا وتواجه معارضة من المواطنين. وتمر العلاقات الصينية- البريطانية بمرحلة من التوتر بعد منع شركة الاتصالات الصينية “هواوي” من تركيب شبكة “فايف جي” لاعتبارات أمن قومي، وكذلك الدعوات لمنع وكالة الطاقة النووية الصينية من بيع مولدات الطاقة.
وأعطت الحرب في أوكرانيا المتشككين في العلاقة مع الصين ذخيرة جديدة للتركيز على السفارة الجديدة المقترحة. ففي 29 نيسان/ أبريل، قال المتحدث باسم الخارجية الصينية، إن العلاقة مع روسيا “هي نموذج جديد في العلاقات الدولية”. وقال الزعيم السابق لحزب المحافظين إيان دانكن سميث: “تستطيع الصين عمل شيء لم يكن الإاتحاد السوفييتي القديم قادرا على عمله، أي تهديدنا اقتصاديا وعسكريا في نفس الوقت”. وأضاف: “اليوم نواجه روسيا، ولكن لدينا مشكلة أكبر قادمة مع الصين”.
وترى المجلة أن إعادة تسمية أسماء الشوارع في لندن ليس أمرا سهلا، حيث حاول الكونغرس تغيير اسم شارع قرب السفارة الصينية باسم داعية صيني للديمقراطية، ولكن إدارة باراك اوباما عارضت. ولدى الصين تاريخ في تغيير الأسماء في حربها ضد الإمبريالية او في خلافها مع الاتحاد السوفييتي السابق. وفي لندن، فواقع تغيير أسماء شوارع فيها بنايات تاريخية وسط لندن وعقارات قيمتها مليارات الدولارات ليس أمرا سهلا. ويمكن للمجلس المحلي التركيز على شارع فرعي خارج رويال مينت كورت وإعادة تسميته بدون مشاكل. وهو يركز على هذه المهمة السهلة الآن.
ويقول عضو مجلس تاور هاملت المحلي، أندرو وود، إنه يفضل إطلاق “تيانانمين سكوير” لأن الاسم معروف بسبب مجزرة عام 1989. ويقول نقاد التحركات ضد الصين، إن صلاحيات المجالس المحلية محدودة وتمنعها من التدخل في الشؤون الخارجية. وبالتأكيد يقول أندرو إنه عارض مشروع قرار من المجلس عام 2015 للاعتراف بـ”صومالي لاند” المنفصلة عن حكومة مقديشو. لكنه يفرق بين موضوع الصومال والصين، وخاصة ما قامت به الأخيرة من قمع للحريات في هونغ كونغ وما تركته سياساتها من أثر. فبعد عودة الجزيرة عام 1997 للصين، تم الاتفاق على تمتعها بحكم ذاتي لمدة 50 عاما ضمن ما عرف “بلد واحد بنظامين”، إلا أن تطبيق قانون الأمن القومي ألغى عمليا هذا الاتفاق، مما دفع الحكومة البريطانية العام الماضي للإعلان عن برنامج تأشيرات لسكان الجزيرة ومنحهم طريقا للمواطنة. وحتى آذار/ مارس، قدم 103.900 من مواطني هونغ كونغ طلبات تأشيرة. وليست المشكلة في تاور هاملت السفارة، بل القادمين الجدد من هونغ كونغ ومساعدتهم للحصول على مدارس لأولادهم كما يقول أندرو وود. وأضاف: “الطبيعة الديمغرافية لمجتمعنا تتغير بسبب تحركات الحكومة الصينية”.
كما أن انتهاكات الصين ضد المسلمين الإيغور ليست موضوعا مجردا في تاور هاملت، فهذه المنطقة تتركز فيها أعلى نسبة من المواطنين المسلمين في بريطانيا، وبنسبة 38% من المسلمين الملتزمين أو من الأصول المسلمة. وفيها 47 مسجدا بما فيها مسجد شرق لندن، أضخم المساجد في أوروبا.
وتقع رويال مينت كورت في نهاية كيبل ستريت، حيث أخرج سكان المنطقة المتظاهرون التابعون للجماعة الفاشية، أصحابَ القمصان السود بزعامة أوزالد موزلي عام 1936. وتقول رحيمة ماهوت، المقيمة السابقة في المنطقة ومديرة المجلس العالمي للإيغور: “تمثل السفارة البلد، وهو يرتكب إبادة للإيغور ويرهب التيبتيين ويقتلع الديمقراطية في هونغ كونغ”. وكل ما نفعله هو تذكير الناس بالانتهاكات كما تقول.
وبعيدا عن الانتهاكات، فهناك مخاوف من تحول السفارة الجديدة المقترحة لمركز تجسس، ففي 20 تشرين الثاني/ نوفمبر، قال مدير “أم أي 6” أمام المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية في لندن، إن بكين تقوم بحملة تجسس واسعة ضد بريطانيا وحلفائها لسرقة التكنولوجيا وتشويه صناعة القرار السياسي. واعتبر التهديد الصيني بأنه “الأولوية الكبرى والوحيدة”. وأضاف أن عملاء بكين تلقوا تعليمات لمتابعة ومراقبة الصينين في الشتات.
وكشفت وحدة المخابرات الداخلية “أم آي 5” أن مستشارة قانونية للسفارة الصينية واسمها كريستيان لي، كانت في الحقيقة عميلة للجناح الخارجي في الحزب الشيوعي. وكشف أنها بنت علاقات سياسية واسعة وتلقت عام 2019 جائزة من مكتب رئيس الوزراء البريطاني، ةعملت على مدى عقود للتأثير على القرار السياسي وتحصيل الدعم المالي للساسة من الصين.
وزاد الحضور الدبلوماسي الصيني في بريطانيا من 94 إلى 116 بجوازات سفر دبلوماسية عام 2020، ووصل عددهم إلى 121 في لندن وحدها. ولدى الصين قنصلية في أدنبرة وبلفاست ومانشستر، ولا يعرف هدف هذه القنصليات. وفي تقرير للجنة مختارة في الشؤون الخارجية عام 2019 كشف عن تدخل صيني مثير للقلق في الجامعات الصينية. وقال الأكاديمي تسانغ “تحاول الصين اختراقنا”.


www.deyaralnagab.com