صحافة : واشنطن بوست : بايدن لوّح بنجاحاته في اليمن ولكن الحرب مستمرة والمعاناة تتزايد!!
28.07.2022
قالت ميسي ريان وكريم فهيم، في تقرير نشرته صحيفة “واشنطن بوست” إن الرئيس الأمريكي جوزيف بايدن، أثنى على التقدم الذي حققته إدارته في اليمن، وذلك في زيارته الأخيرة للسعودية، التي انتُقد فيها لجلوسه مبتسما إلى جانب ولي العهد السعودي محمد بن سلمان والقادة العرب الآخرين.
ووصف بايدن التقدمَ في الهدنة بأنه مثال عن “القيادة الأمريكية النشطة والمبدئية” في الشرق الأوسط. ومع قرب نهاية الهدنة في الثاني من آب/ أغسطس المقبل، تبدو أطراف الحرب بعيدة عن بعضها، والتأثير الغربي قليل على الحوثيين الذين يسيطرون على شمال اليمن وتدعمهم إيران، وهو ما أثار الأسئلة حول نجاح جهود السلام التي تدعمها الولايات المتحدة.
وأضافت الصحيفة أن الرهانات عالية جدا، ففي الوقت الذي أوقفت الهدنة الحالية معظم الغارات الجوية وأعمال عنف أخرى قتلت آلاف المدنيين، فإن زيادة أسعار المواد الغذائية الناجمة عن الحرب الروسية في أوكرانيا، عمّقت من الكارثة الإنسانية اليمنية، ودفعت آلاف اليمنيين إلى وضع يشبه المجاعة.
وفي الدولة اليمنية الهشّة، فإن كل خرق للهدنة يزيد من احتمالات انهيارها العنيف والمفاجئ. وكان قصف الحوثيين حياً في مدينة تعز، التي تعتبر نقطة ساخنة في الحرب، مصدرا لمخاوف كهذه. وقتل القصف طفلا واحدا على الأقل وجرح 11 طفلا آخرين معظمهم تحت سن العاشرة، وذلك بحسب الأمم المتحدة ومنظمة مواطنة لحقوق الإنسان. ونُشرت صور الأطفال وصنادلهم المغطاة بالدم على الإنترنت، وتسببت في حالة من الغضب، وأدت إلى شجب المبعوث الأممي هانس غرندبيرغ، والذي قام بالتوسط في الهدنة ويحاول الآن التفاوض على هدنة أوسع.
وأشارت الصحيفة إلى أن منظمات حقوق الإنسان شجبت خطة بايدن لزيارة مدينة جدة السعودية ولقاء القادة العرب، وضغطت عليه لفتح ملف الصحافي جمال خاشقجي. وقالت إن حديث الإدارة الأمريكية عن الجهود الدبلوماسية التي استمرت عاما ونصف من خلف الأضواء لحل الأزمة اليمنية، ما هي إلا ورقة تين لإخفاء الهدف الحقيقي من الزيارة، وهو رأب الصدع مع قادة دول الخليج، وحثهم على زيادة معدلات إنتاج النفط لتخفيف أزمة الوقود العالمية.
وقال مسؤول في منظمة غير حكومة طلب عدم الكشف عن هويته إن الإدارة الأمريكية فشلت في التأكيد على دور السعودية في الحرب وقصفها للمدنيين. وقال: “إنهم يستغلون حرب اليمن للتلويح بملف حقوق الإنسان في السعودية، مع أنهم تخلوا عن اليمن وأجندة حقوق الإنسان”.
وبدأت الحرب عندما استولى الحوثيون على العاصمة صنعاء في 2014، مما قاد إلى تحالف بقيادة السعودية عام 2015. وبعد عدة أعوام دخلت الحرب مأزقا دمويا بين الحوثيين والقوى التي يدعمها التحالف السعودي، تاركة اليمنيين عرضة لمخاطر عدة: الغارات الجوية، القصف، الألغام، الجوع والفقر. وأعلن عن الهدنة في نيسان/ أبريل، وهي الأولى منذ عام 2016، وترافقت مع استقالة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، الذي نُظر إليه كزعيم يحكم عن بعد، وعقبة أمام التسوية.
وقال مسؤول في وزارة الخارجية الأمريكية لم يكشف عن اسمه، إن المحادثات نجحت بالحصول على تعهد واضح من القادة السعوديين، وتم التعبير عنه في لقاءات خاصة مع وفد أمريكي زائر، بأن المملكة ستدعم تمديد الهدنة لمدة ستة أشهر، وهو ما يراه الدبلوماسيون مهما لأنه يعطيهم المساحة لتوطيد تسوية دائمة.
وقال إن إدارة بايدن “أرادت أن تخرج من اللقاءات هذه بالكثير من الأشياء، واحد منها يعطيها القوة، وأن السعوديين ملتزمين”. وأضاف: “النقطة التي طرحناها لم تكن تجديد الهدنة فقط، ولكن البناء عليها”.
ولم تكن المملكة بحاجة لدفع أمريكي، كما يقول الدبلوماسيون والمحللون، فقد توصلت إلى أنها بحاجة لنزع نفسها من الحرب، المستنقع الذي لم يقد إلى هزيمة الحوثيين، علاوة على إضعافهم. وأدت الحرب عبر السنوات الماضية لانتقادات بشأن سجل السعودية في مجال حقوق الإنسان. ويوفر تمديد الهدنة شيئا تحتاجه السعودية بشكل ملحّ، وهو وقف الصواريخ التي يطلقها الحوثيون باتجاه الأراضي السعودية والإمارات التي تعتبر شريكة المملكة في محاربة الحوثيين. وقالت ميساء شجاع الدين، الباحثة في مركز صنعاء للدراسات الإستراتيجية: “لقد أجهدتهم الحرب اقتصاديا وسياسيا”. وقالت إن ولي العهد “يريد مناقشة أي شيء وليس اليمن”.
وقال المبعوث الدولي غرندبيرغ في بيان: “كان للهدنة أثر تحويلي على اليمن، وحققت تغيرات ملموسة على حياة الناس”. ومع ذلك، فقد كانت هناك عقبات مثل رفض الحوثيين فتح الطريق إلى مدينة تعز، مما جعل السفر في اليمن مضيعة للوقت وخطيرا. ولم تسمح مصر التي تعتبر واحدة من دولتين تسمح للطائرات القادمة من مطار صنعاء الدولي إلا برحلة واحدة خلال الهدنة، وهو ما دفع بايدن لمناشدة الرئيس عبد الفتاح السيسي شخصيا للسماح بالمزيد من الرحلات، وذلك بحسب شخصيين على معرفة بالموضوع.
وهناك جهود لتوسيع قائمة الرحلات من صنعاء. وبعد مغادرة بايدن جدة، أعلن الحوثيون أنهم لن يمددوا الهدنة التي وصفوها بالمخيبة. وعبّر المسؤولون عن تغيير موقفهم في النهاية والقبول بتمديد الهدنة، وربما ليس لمدة طويلة كما تأمل الأمم المتحدة وأمريكا.
ومع استمرار الجدل، “فكل الحديث هو عن الهدنة وليس التسوية السياسية”، كما تقول شجاع الدين من مركز صنعاء. فالعملية السياسية هي أعقد من مجرد الاتفاق على الهدنة، في ضوء التشرذم الحاصل في اليمن نظرا للصراع الطويل وعدم توقع الحوثيين القبول بتنازلات من أجل السلام، كونهم يسيطرون على مناطق واسعة ويحكمون من العاصمة. وليس لدى الولايات المتحدة الرغبة في التعامل مع هذه التعقيدات كما تقول شجاع الدين، “بالنسبة لهم، اليمن هو جنوب السعودية”، ويمكن لواشنطن الضغط على السعودية والإمارات للمساعدة في إعادة إعمار ما ساعدتا على تدميره، لكن ليس للأمريكيين أي نفوذ على الحوثيين.
ويقول المسؤولون الأمريكيون إنهم عقدوا مباحثات مباشرة وغير مباشرة مع الحوثيين، ويأملون بشمل إيران في العملية السلمية في النهاية، والتي لا تزال توفر الدعم والسلاح لهم كما يقولون. ولاحظوا أن إيران أصدرت بيانات في مناسبتين دعما للهدنة. وقال المسؤول في وزارة الخارجية: “لو استطعنا تمديد الهدنة، أعتقد أنها ستعطينا أملا بأن أطراف النزاع ترى أنها لحظة في الحرب” والبدء برسم معالم حل دائم.
وبحسب تقييم لبرنامج الغذاء العالمي، فإن نصف اليمنيين سيعانون من غياب الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة، ومن بينهم أكثر من 160 ألفاً يواجهون أوضاعا تشبه المجاعة. واضطرت الوكالة لتخفيض الحصص نظرا لزيادة أسعار المواد الغذائية بسبب حرب أوكرانيا ونقص التمويل.
وكان اليمن يستورد قبل الحرب من أوكرانيا نسبة 30% من حبوبه وحصة أخرى مهمة من روسيا. وفي الوقت الذي كان فيه التجار اليمنيون يشترون طن القمح الأوكراني بـ240 دولارا، فإن أفضل خيار لهم الآن هو القمح الأسترالي بسعر 470 دولارا للطن. وانعكس هذا على أسعار الخبز والحصص المتوفرة التي باتت أقل.
www.deyaralnagab.com
|