logo
1 2 3 41058
صحافة : فايننشال تايمز: غزو أوكرانيا منح قوى الوسط في جنوب العالم صوتا أمام القوى العظمى!!
29.12.2022

نشرت صحيفة “فايننشال تايمز” افتتاحية قالت فيها إن نظاما عالميا جديدا يتشكل ويشير إلى صعود القوى المتوسطة، والسبب في ذلك، هو غزو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لأوكرانيا بداية عام 2022.
وقالت الصحيفة إن الغزو وضع نهاية للمصالحة التي جرت بعد الحرب الباردة بين روسيا والغرب. في وقت زاد التنافس بين الصين والولايات المتحدة، حيث سرعت الصين ضغوطها العسكرية على جزيرة تايوان، وقامت واشنطن بفرض قيود مشددة على تصدير التكنولوجيا إلى الصين.
كل هذا يعطي صورة أن عصر المواجهة بين القوى العظمى قد عاد، وهو ما يدعو للقلق حتى للدول التي لا ترسل أسلحة إلى أوكرانيا، أو حدّت من تجارتها مع روسيا والصين. ولو مضت روسيا ونفذت تلميحها باستخدام السلاح النووي، فإن العالم كله سيندفع نحو عهد محفوف بالمخاطر. وأدى التنافس بين القوى العظمى إلى انتشار العقوبات الاقتصادية التي تهدد التجارة وتدفق الاستثمارات، وجعلت دول الجنوب قلقة من هيمنة الدولار على النظام المالي العالمي.
إلا أن التنافس المتزايد بين التحالف الأمريكي- الغربي، والمحور الروسي- الصيني، يقدم فرصا وتهديدات لـ”قوى الوسط”، ففي الوقت الذي تحاول واشنطن وموسكو وبكين وبروكسل تطويع الشؤون العالمية لصالحها، أصبح من الواجب عليها الاستماع أكثر لآراء القوى الواقعة في الوسط، تركيا، السعودية، أندونيسيا وجنوب أفريقيا.
ففي الوقت الذي يواجه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ضغوطا في الداخل، إلا أنه مارس دورا وبمهارة على المسرح الدولي. ورغم العضوية في حلف الناتو، لم تنضم تركيا للعقوبات الغربية ضد روسيا، بل وقفت حكومة أردوغان أمام تقدم كل من السويد وفنلندا بطلب لعضوية الناتو، في محاولة منها للحصول على تنازلات من حلفائها. ويمكن لتركيا أن تلعب دورا قويا في المجال الجيوسياسي، حيث منحتها الحرب في أوكرانيا ورقة نفوذ. فقد نجح الأتراك بالتفاوض على صفقة لنقل الحبوب عبر البحر الأسود، بشكل خفف من حدة التضخم في أسعار الطعام حول العالم. ويمكن لتركيا لعب دور في مفاوضات السلام بالمستقبل.
وزادت أسعار الطاقة المرتبطة بالحرب في أوكرانيا، من أوراق النفوذ السعودية. وتحدث الرئيس جو بايدن عن تحويل المملكة إلى بلد منبوذ، إلا أنه زار السعودية هذا الصيف. وفي الأسابيع الماضية، زار الرئيس الصيني شي جين بينغ، المملكة. وتسير الهند التي لديها طموح واقعي بالتحول إلى قوة عظمى هذا القرن، في طريق وسطي، حيث أغضبت البعض في الغرب لأنها استوردت النفط الروسي الرخيص. ولكن الهند تعرف أنها ستُفلت من كل هذا نظرا لحاجة الغرب إليها كمعادل للقوة الصينية.
ومع ذلك، فخيبة الأمل في عالم الجنوب، قادت لحديث في العواصم الغربية لوضع التحالف الغربي النشط في مركز صناعة السياسة العالمية. وتحدث مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان عن مجموعة الدول السبع التي تهيمن عليها الولايات المتحدة وأوروبا “كلجنة تنظيم للعالم الحر”. ومن خلال ترفيع درجة مجموعة الدول السبع، فالغرب لا يمكنه تجاهل قوى الوسط الممثلة في مجموع الدول العشرين.
ويعني تأثيرها المتنامي أنه لا يمكن تجاهل دورها الكبير في تشكيل قواعد التجارة والتكنولوجيا والعقوبات والأعراف الدولية. وكان بيان قمة العشرين التي عُقدت في تشرين الثاني/ نوفمبر بأندونيسيا قويا في شجبه لروسيا، وأظهر أن من الخطأ التخلي عن تأثير قوى الوسط في عالم الجنوب. وتحتاج هذه الدول نفسها لأن تفكر بهدوء حول موقعها، والدفاع عن مصالحها الاقتصادية وشجب المعايير الغربية المزدوجة، وهو أمر مقبول. إلا أن العدوان الروسي والصيني الخارج عن السيطرة، بحسب قول الصحيفة، سيقود في النهاية لتهديد مصالح قوى الوسط مثل تركيا والهند وأندونيسيا ودول الخليج، وهذا هو الدرس الواجب عليها استيعابه.


www.deyaralnagab.com