logo
1 2 3 41060
صحافة : جيوبوليتكال: القيادة العسكرية هي سبب أزمة مصر.. والسيسي منشغل بأمنه وبقائه!!
14.01.2023

نشر موقع “جيوبوليتكال فيتشرز” تحليلا بعنوان “معوقات التعافي الاقتصادي في مصر” للباحث اللبناني هلال خاشان، أكد فيه أنه منذ أن أطاحت مجموعة من ضباط الجيش بالنظام الملكي في مصر في عام 1952، ركزت الحكومات المتلاحقة على أمنها وبقائها، ولا تعد إدارة الرئيس عبد الفتاح السيسي استثناء.
وقال إنه بالرغم أن السيسي تعهد بعد انقلاب 2013، بتحسين حياة المصريين وتعزيز هيمنة المدنيين على النظام السياسي وعدم الترشح للرئاسة، سرعان ما نكث بوعوده كلها، فيما أطلق مشاريع ضخمة أفادت المؤسسة العسكرية وليس الطبقة العاملة.
وبحسبه، تكافح البلاد، حاليا، في ظل أزمة اقتصادية عميقة مع احتمال ضئيل لتحقيق انتعاش دائم. وتهدف المشاريع التي أطلقها السيسي إلى ضمان بقاء حكمه وليس تحسين الاقتصاد.
بالرغم أن السيسي تعهد بعد انقلاب 2013، بتحسين حياة المصريين وتعزيز هيمنة المدنيين على النظام السياسي وعدم الترشح للرئاسة، سرعان ما نكث بوعوده كلها
وأشار إلى أنه في عام 2015، أمر السيسي ببناء عاصمة إدارية جديدة بتكلفة 58 مليار دولار، بهدف نقل مؤسسات الدولة إليها بالكامل، وعزلها عن الشعب وأي اضطرابات اجتماعية محتملة.
وفي نفس العام افتتح السيسي ما يعرف بـ”قناة السويس الجديدة” التي كلفت 8 مليارات دولار. وكان من المفترض أن يضاعف المشروع عائدات الممر المائي الاستراتيجي 3 مرات لتصل إلى 13 مليار دولار سنويًا.
لكن من المتوقع أن تجلب 8 مليارات دولار فقط هذا العام، بزيادة قدرها 40% فقط عن عام 2020، عندما خنق الوباء حركة الملاحة البحرية العالمية.
وبرأي الكاتب يعد مشروع العاصمة الإدارية محاولة لتحويل مركز القوة السياسية والاقتصادية بعيدًا عن القاهرة وجمهورها الذي يميل إلى الثورة.
ولا يستطيع معظم المصريين الانتقال إلى العاصمة الجديدة، مما يعني أنها ستستوعب في الغالب الطبقة المرفهة – أي أولئك الأقل ميلًا للانخراط في الاحتجاجات والذين يشكلون قاعدة الدعم الرئيسية للنظام.
كما أدخلت الحكومة تغييرات أخرى على مشهد القاهرة من شأنها أن تسمح بالانتشار السريع للقوات العسكرية وشبه العسكرية في حال حدوث اضطرابات اجتماعية واسعة النطاق.
وتشمل التغييرات استثمارات كبيرة في البنية التحتية للمواصلات وإنشاء الطرق والجسور، مما أدى إلى تدمير جزئي للمعالم المعمارية التاريخية في المدينة.
وتهدف الخطة إلى استخدام الجسور الجديدة – 40 جسرا شرق العاصمة الجديدة – لتسريع تحركات القوات المسلحة.
وبحسبه تتضمن الإستراتيجية الأوسع احتواء الانتفاضات الواسعة في المدن بسرعة وفعالية أكبر من خلال إعادة الهيكلة الحضرية.
وتخشى الحكومة تكرار الأحداث التي أدت إلى الانتفاضة الجماهيرية في عام 2011، عندما تعرضت عدة مراكز للشرطة في القاهرة، لا سيما في الأحياء الفقيرة والمناطق منخفضة الدخل، للهجوم والنهب.
وأرادت الحكومة في البداية تغيير التركيبة السكانية للمناطق الحيوية القريبة من المراكز الحكومية عن طريق نقل السكان إلى أماكن أخرى وإنشاء منطقة عازلة في محيط مؤسسات الدولة.
ويقول الكاتب إن هذا كان هدفًا غير واقعي في البداية، لكن الحكومة تمكنت من تغيير البنية التحتية للنقل بشكل منهجي للسماح للقوات المسلحة بالتحرك بسرعة أكبر في جميع أنحاء القاهرة، مما يقلل من احتمالية الحصار الجماهيري كما حدث في عام 2011.
في 2015، أمر السيسي ببناء عاصمة إدارية جديدة بتكلفة 58 مليار دولار، بهدف نقل مؤسسات الدولة إليها بالكامل، وعزلها عن الشعب وأي اضطرابات اجتماعية محتملة.
ويشدد الكاتب على أن السيسي ضلل الشعب المصري مرارًا وتكرارًا بشأن تطلعاته السياسية. وبعد أن قاد انقلاب 2013 الذي أطاح بالرئيس المنتخب ديمقراطياً محمد مرسي، قال السيسي، الذي كان قائداً للجيش في ذلك الوقت، إنه لن يترشح للرئاسة.
ويذكر الكاتب أن السيسي لم يكن يرغب في إعطاء انطباع بأنه تصرف من منطلق مصالحه الشخصية في الإطاحة بالرئيس السابق. وأصر أحد ضباط الجيش على أن السيسي أكد له مرارًا أنه لن يترشح ويفضل تكريس جهوده لتطوير وتحديث القوات المسلحة.
وقال ضابط كبير مقرب من السيسي إنه كان الشخص الأكثر استحقاقا لهذا المنصب وشدد على أن شعبية “السيسي” الساحقة جعلته مرشحًا مثاليًا.
وأصدر السيسي تعليمات سرية لمساعديه بتعبئة الرأي العام المصري لدعم ترشيحه. وبعد إعلان ترشيحه أخيرًا، حصل على 96% من الأصوات، بينما حصل منافسه المدني على 3% فقط.
وقبل الترشح لولاية ثانية في 2018، قال السيسي إنه لن يرشح نفسه لولاية ثالثة في 2022، مؤكدا أنه سيحترم الحد الدستوري لفترتين مدتهما 4 سنوات.
لكن التعديلات التي صادق عليها البرلمان المصري العام الماضي مددت فترة السيسي الحالية لمدة عامين. ويحق له الآن الترشح لولاية نهائية مدتها 6 سنوات في عام 2024.
كما ضلل السيسي، بحسب الكاتب، الجمهور بشأن الأزمة الحالية في البلاد. وغالبًا ما يتذرع الرجل بنظريات المؤامرة لتبرير تدهور الوضع الأمني والاقتصادي.
وقد ألقى باللوم في التدهور الاقتصادي في البلاد على ثورة 2011 التي كلفت مصر وفقًا لتقديراته حوالي 477 مليار دولار. كما أعرب عن مخاوفه من أن تؤدي ثورة مماثلة، ربما بمساعدة الولايات المتحدة، إلى انهيار الدولة المصرية.
وبالرغم من اعترافه بأن مصر تمر بأزمة حقيقية، إلا أنه يعتقد أن تعافيها مرهون باستعداد الناس لتحمل المسؤولية والتعاون مع الحكومة.
لكن أساس هذه الأزمة، بحسب الباحث، هو القيادة العسكرية التي لا تعرف كيف تدير الاقتصاد وتلبي احتياجات الناس.
وكانت الطريقة الوحيدة التي تعاملت بها الحكومة مع الأزمة هي الاقتراض المفرط أو فرض المزيد من الضرائب على المصريين الذين يكافحون بالفعل لتغطية نفقاتهم.
وفي عهد السيسي، نما الدين الخارجي لمصر من 15% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2013 إلى أكثر من 90% العام الماضي.
وتشير التوقعات إلى أن الحكومة ستصل إلى 230 مليار دولار من الديون في عام 2023 وستتجاوز 260 مليار دولار العام المقبل.
ولا يشمل ذلك تكلفة إنشاء محطة الضبعة للطاقة النووية بقيمة 28.75 مليار دولار وخدمة القطار فائق السرعة بتكلفة 23 مليار دولار.
تبلغ إيرادات مصر من العملات الأجنبية، بما في ذلك من السياحة وقناة السويس والصادرات، 24 مليار دولار على الأكثر.
في عهد السيسي، نما الدين الخارجي لمصر من 15% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2013 إلى أكثر من 90% العام الماضي. وستصل الديون إلى 230 مليار دولار في 2023 وستتجاوز 260 مليار دولار العام المقبل
ومن الواضح أن هذا لا يكفي لسداد الديون، لذلك لجأت الحكومة إلى مزيد من الاقتراض حتى لا تتخلف عن سداد الديون.
وفي العام الماضي، تبنت الحكومة إصلاحات لتأمين قرض من صندوق النقد الدولي، وأعلن البنك المركزي تعويم الجنيه المصري، مما أدى إلى مزيد من التدهور في أوضاع المصريين.
وبالرغم من تنوع الاقتصاد المصري، إلا أنه راكد ويفتقر إلى القدرة التنافسية.
ومنذ عهد الرئيس جمال عبد الناصر، فشلت الحكومة في معالجة المشاكل الناجمة عن الإهمال وسوء إدارة المال العام.
وقد حذر صندوق النقد الدولي من عام مليء بالتحديات بالنسبة للاقتصاد العالمي، وقد تعاني مصر أكثر من غيرها، فهي واحدة من العديد من البلدان التي تواجه آفاقًا اقتصادية صعبة بسبب الوباء والحرب في أوكرانيا والركود العالمي الذي يلوح في الأفق.
وعلى المدى القصير، قد يؤدي القرض الجديد من صندوق النقد الدولي بقيمة 3 مليارات دولار، وكذلك الاستثمارات والمنح من دول الخليج، إلى استقرار الاقتصاد مؤقتًا.
لكن على المدى الطويل، من المشكوك فيه أن يحقق برنامج الإصلاح الاقتصادي انتعاشًا شاملاً ومستدامًا.
ولن يغطي قرض صندوق النقد الدولي احتياجات مصر التمويلية، لكن تأمين المزيد من الأموال يتطلب الالتزام بإصلاحات صارمة، بما في ذلك تخفيف قبضة الجيش على الاقتصاد، مما قد يعرض قبضة “السيسي” على السلطة للخطر.
في غضون ذلك، يشهد الاقتصاد تباطؤًا، ويعيش أكثر من ثلث سكان البلاد البالغ عددهم 104 ملايين نسمة على 3 دولارات يوميًا.
ويشدد الكاتب على أن السيسي وصل إلى السلطة دون خطة وطنية، وحافظ على سلطته من خلال استرضاء الجيش والاستثمار في المشاريع الضخمة التي كان لها تأثير ضئيل على الإنتاجية الاقتصادية.
وبعد أن أمضى معظم حياته في الجيش، فهو يعرف كيف يحافظ على علاقة متماسكة مع القوات المسلحة.
وفي المقابل، يدرك السيسي أن قوة الجيش ازدادت بعد أن سحق المعارضة السياسية، لذا فهو حريص على تقويض قدرة الجيش من الانقلاب عليه.
وبحسب الكاتب، مكّن انقلاب 2013 الأجهزة الأمنية من التعافي بعد ثورة 2011، وقد ساعدت خبرة السيسي العسكرية في الحفاظ على التوازن بين الرئاسة والجيش، لكنه يكافح من أجل استمرار السيطرة على السلطة.
وقد صدق على قانون تخفيض مدة خدمة كبار الضباط العسكريين، بمن فيهم رئيس الأركان، من 4 سنوات إلى سنتين.
يدرك السيسي أن قوة الجيش ازدادت بعد أن سحق المعارضة السياسية، لذا فهو حريص على تقويض قدرة الجيش من الانقلاب عليه
ويذكر الباحث أنه في العام الماضي، أعلن السيسي عن خطة لتعزيز المصالحة الوطنية وعين لجنة عفو، لكن خلال الأشهر الثمانية الماضية اعتقلت الشرطة ضعف عدد النشطاء لتحديهم توجيهات الرئيس.
ويرى أن تحالف السيسي مع الجيش يلغي كل التزاماته الأخرى. ومنذ عام 1952، جاء جميع الرؤساء من الجيش باستثناء “محمد مرسي” الذي أزاحه الجيش بعد عام واحد في منصبه.
ويختم الباحث بالقول لقد فهم هؤلاء القادة كيفية إدارة علاقاتهم مع الجيش ولكن لم يكن لديهم قدرة على تطوير الاقتصاد. وطالما ظل هذا هو الحال، فلن يكون هناك احتمال كبير للإصلاح السياسي أو التنمية الاقتصادية الحقيقية.


www.deyaralnagab.com