logo
1 2 3 41058
صحافة : نيويورك تايمز: السوريون يعيشون وطأة الحرب وظروفا معيشية صعبة ثم جاء الزلزال!!
07.02.2023

نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” تقريرا حول الزلزال الذي ضرب تركيا وشمال سوريا، التي تعاني أصلا من كارثة إنسانية.وهناك ثلاثة ملايين سوري يعيشون في أوضاع مزرية ومحفوفة بالمخاطر قبل المأساة الجديدة.
وجاء في التقرير أن السوريين، سمعوا مرة أخرى هدير وضجة الأبنية وهي تتساقط، والغبار يتصاعد وسط أكوام من الخرسانة الرمادية والأسلاك المعدنية الملتوية حيث كانت البيوت والمكاتب. ومرة أخرى حفر السكان بأيديهم بين الأنقاض بحثا عن أحبابهم.
يوم الإثنين في شمال سوريا، انهارت عمارات سكنية ومحلات، ومُسحت أحياء سكنية في ثوان، نتيجة هزة أرضية قوية، في مشاهد يعرفها السكان في تلك المنطقة المدمرة منذ أكثر من عقد من الزمان.
وتقول الصحيفة إن ملايين السوريين شردتهم الحرب إلى الشمال، وهي المنطقة الوحيدة التي لا تزال خارجة عن سيطرة النظام السوري، حيث عاشوا في الخيام والمناطق الأثرية المدمرة بعدما دمرت بيوتهم.
وأدى الانهيار الاقتصادي الذي ترافق مع الحرب، إلى عدم حصول الكثيرين منهم على وجبة مشبعة. وتركتهم أزمة المحروقات في الشتاء يرتجفون من البرد على أسرّتهم بدون مدافئ. وأدى انهيار البنى التحتية إلى مرض الآلاف منهم، بحيث لم يكونوا قادرين على الذهاب للمستشفيات والمراكز الطبية التي استُهدفت بالضربات الجوية، كما انتشرت بينهم الكوليرا.
ثم جاءت الهزة الأرضية المدمرة. ونقلت الصحيفة عن إبراهيم الخطيب، المقيم ببلدة تفتناز في شمال- غرب سوريا: “كيف سنتحمل كل هذا؟”، واستيقظ الخطيب من نومه مصعوقا، حيث هرع إلى الشوارع مثل جيرانه، مضيفا: “أمس بالغارات الروسية وهجمات بشار الأسد، واليوم الهزة الأرضية”.
وتسبب الزلزال بأضرار جسيمة في جنوب تركيا وشمال سوريا، مخلفا آلاف الضحايا. وفي سوريا قُتل أكثر من 1400 شخص، وسُويت مناطق سكنية بالتراب، وتسبب الزلزال بدمار تعوّد عليه المواطنون طوال السنوات الماضية بسبب الغارات الجوية والقصف المدفعي لنظام الأسد.
وقال الدكتور أسامة سلوم في مستشفى خارج إدلب: “في كل لحظة تأتي جثث جديدة”. ومات طفل عمره ستة أعوام بين يديه وهو يحاول تقديم الإسعاف الأولي له، قائلا: “رأيت الحياة تختفي من وجهه”. مضيفا أنه ظن في البداية أن الحرب عادت “وظللنا نحدق بالسماء بحثا عن مقاتلات” روسية.
وقال المتحدث باسم الصليب الأحمر الدولي مرددا صدى منظمات الإغاثة الدولية: “في أي مكان آخر من العالم ستكون حالة طارئة” وفي سوريا “هي طوارئ فوق الطوارئ”.
ومن هنا، فالدمار الشامل والاقتصاد المتداعي وانهيار العملة، سيجعل من الرد على الكارثة الجديدة، مهمة صعبة على طرفي النزاع في سوريا. ورغم تحرك فرق الإنقاذ سريعا، إلا أن المهمة صعبة جدا وسط البرد والمطر، حتى على رجال إنقاذ تعودوا على أوضاع كهذه.
ونظرا لعدم وجود معدات ثقيلة لإخراج العالقين من تحت الأنقاض، فإن البنايات التي نجت من الهزة الأولى، انهارت لاحقا بسبب الهزات الارتدادية اللاحقة. وقال سكان في حلب إنهم خائفون من البقاء داخل البنايات خشية انهيارها، ولهذا حشروا أنفسهم في السيارات، وملاعب كرة القدم.
وقال رائد صالح مدير منظمة “الخوذ البيضاء” إن عشرات الآلاف من سكان شمال- غرب سوريا التي تسيطر عليها الجماعات الموالية لتركيا ويعيش فيها 4.5 مليون نسمة، بلا مأوى. ويعيش في المخيمات حوالي 2.7 مليون شخص.
وتشبه المشاهد في المستشفيات، الضربات الجوية في ذروة الحرب، حيث يشترك المصابون في سرير واحد، ويعالج الأطباء المصابين في كل زاوية من المستشفى. ورغم توقف الأعمال القتالية الكبرى، إلا أن النظام الصحي لم يتعافَ من الدمار بعد. ولا يعمل من المراكز الصحية سوى نسبة 45% مما كانت عليه قبل الحرب.
وفي كل أنحاء سوريا، يعاني الناس من ظروف العيش البائسة التي تشبه سنوات الحرب.
وفي هذا الشتاء، حرق السوريون النفايات وقشور الفستق الحلبي للحصول على تدفئة، ولا يستحمّون سوى مرة في الأسبوع. وظلوا في البيوت نظرا لعدم توفر التدفئة أو الوسائل لنقل أبنائهم، وتخلوا عن الوجبات الساخنة، ومنهم من باع ملابسه الثقيلة مقابلة وجبة طعام.
وفي بعض المناطق، لا تصل الكهرباء إلى البيوت سوى مرة ولساعة في اليوم، بشكل يجعل من المدافئ الكهربائية والهواتف النقالة غير مفيدة. وتوقفت مضخات المياه في المزارع مما زاد من أسعار الطعام، ولا تصل المياه إلى البيوت، بشكل دفع الناس لاستخدام المياه من مصادر ملوثة. وتراجع الناتج القومي الإجمالي السوري إلى النصف في الفترة ما بين 2010- 2020. وأعاد البنك الدولي تصنيف سوريا عام 2018 إلى دولة ذات دخل متدن.
وتأثر البلد من جائحة كوفيد-19 التي زادت من الضغوط على النظام الصحي. ورغم انتصاره في الحرب، ليس لدى بشار الأسد المال الكافي لدعم المناطق الواقعة تحت سيطرته، مما أجبر الأغنياء على المساهمة في دعم الميزانية.
وبعد الزلزال، أعلنت وزارة النفط عن إرسال كميات إضافية من الوقود للمساعدة في توفير الطاقة لعمليات الإنقاذ. وقبل الزلزال، كان القيام بأي نشاط يومي كابوسا بالنسبة للسوريين، فكيف اليوم؟ فبدون محروقات، لا توجد تدفئة ولا كاز لإعدد الطعام والشاي الساخن. واستخدم السكان جذوع الأشجار في دمشق والغوطة للتدفئة، وحرق آخرون بقايا الوقود المستخدم في آلات عصر الزيتون، وإطارات السيارات وأحيانا النفايات. وأغلقت المدارس بسبب عدم توفر الكهرباء للإضاءة والتدفئة أو انخفض عدد طلابها. ولا تعمل الإنترنت، فيما أغلقت مكاتب الحكومة مرتين في الأسبوع لتقنين استخدام الطاقة. وفي طرطوس، على البحر المتوسط، استقال موظفون بدلا من إنفاق راتبهم على الذهاب والعودة من العمل.


www.deyaralnagab.com