صحافة : ذي كونفرزيشن: وصول حمزة يوسف لرئاسة وزراء اسكتلندا حلقة تغير مهمة في السياسة البريطانية!!
30.03.2023
نشر موقع “ذي كونفرزيشن” مقالا لأستاذة السياسة والتاريخ والعلاقات الدولية بجامعة أستون، بارفين أختر، وأستاذ السياسة بجامعة غلاسكو، تيموثي بيس، قالا فيه إن وصول حمزة يوسف لمنصب رئيس وزراء اسكتلندا يعتبر لحظة تاريخية بالنسبة للمملكة المتحدة. وهذا يعني أنه ولأول مرة في التاريخ، يوجد للبلاد رئيس وزراء هندوسي في ويستمنستر (ريشي سوناك) وآخر مسلم في اسكتلندا.
وأشار الكاتبان لما قاله يوسف في خطاب النصر: “يجب أن نفخر جميعا بحقيقة أننا أرسلنا اليوم رسالة واضحة، مفادها أن لون بشرتك، ودينك، ليسا عائقا أمام قيادة الدولة التي نسميها جميعا الوطن”.
ويعلق المقال أن هذين الرجلين من أبناء المهاجرين الذين قدموا إلى المملكة المتحدة بحثا عن حياة أفضل، يجسدان في ظاهر الأمر الحلم الذي يفتح المجال للمهاجرين وأبنائهم لأن يصلوا إلى المناصب الكبرى في المجتمع من خلال العمل الجاد.
وهناك قصص مماثلة في أماكن أخرى على أعلى مستوى في السياسة البريطانية أيضا. مثلا، يقود حزب العمال المعارض الرئيسي في اسكتلندا أنس سروار، وهو أيضا من أصل باكستاني مسلم، وكذلك صادق خان، عمدة لندن. فيما تتمتع الحكومة البريطانية أيضا بتنوع عرقي غير مسبوق.
العديد من هؤلاء السياسيين هم أبناء وأحفاد مهاجرين جاءوا إلى المملكة المتحدة في خمسينيات وستينيات القرن الماضي ممن هاجروا لأسباب اقتصادية من مستعمرات سابقة مثل الهند وباكستان ودول شرق إفريقيا ومنطقة البحر الكاريبي، حيث وصلوا وفي جيوبهم مال قليل وحصيلة فقيرة من اللغة الإنكليزية.
وغالبا ما عملت هذه الموجة الأولى من المهاجرين بمرحلة ما بعد الاستعمار في الصناعات البريطانية العظيمة، في المصانع وفي المشاغل واستقروا في المدن والبلدات الكبيرة.
واسكتلندا هي الدولة الأوروبية الغربية الوحيدة التي لديها زعيم مسلم والمملكة المتحدة الديمقراطية الوحيدة حيث يدير أبناء الشعوب المستعمرة سابقا الدولة التي استعمرت دول آبائهم وأجدادهم. وهي لحظة هائلة، يقود المملكة المتحدة واسكتلندا وإيرلندا جميعا أشخاص من الشتات من جنوب آسيا.
اسكتلندا هي الدولة الأوروبية الغربية الوحيدة التي لديها زعيم مسلم، والمملكة المتحدة الديمقراطية الوحيدة حيث يدير أبناء الشعوب المستعمرة سابقا الدولة التي استعمرت دول آبائهم وأجدادهم
طالما مدح كل من يوسف وسوناك أخلاقيات العمل التي غرسها فيهما الأجداد والآباء ومكنتهما من الارتقاء في التسلسل الهرمي الاجتماعي والسياسي في بريطانيا.
إنها قصة ملهمة ولكن ربما يجب أن يفكر كلاهما فيها الآن حيث أصبحا في سدة السلطة. وربما يكون من الصعب على الوافدين إلى بريطانيا اليوم تكرار هذه الرحلة.
وعلى الرغم من أن يوسف صرح بأنه مسلم متدين، إلا أنه من الواضح أيضا أنه لا يعتقد أن المشرعين يجب أن يقودهم دينهم في صنع القرار.
وقال الكاتبان إنهما نظما نشاطا في البرلمان الاسكتلندي حول المسلمين والعملية السياسية في اسكتلندا عندما أصبح يوسف عضوا في البرلمان الاسكتلندي لأول مرة، كشف أن دينه كان جزءا من دافعه للانخراط في السياسة في المقام الأول.
وحدثت يقظته السياسية قبل عقد من الزمن في أعقاب هجمات الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر في الولايات المتحدة. وبينما كان جالسا يشاهد صور انهيار البرجين مع زملائه، التفتوا ليسألوه لماذا يكره المسلمون أمريكا. هذا، كما يقول، جعله يدرك أن السياسة مهمة.
عندما أصبح يوسف عضوا في البرلمان الاسكتلندي لأول مرة، كشف أن دينه كان جزءا من دافعه للانخراط في السياسة في المقام الأول
ونادرا ما تم التعليق على دين وعرق يوسف في السياسة الاسكتلندية. في الواقع، من النادر أن نسمع وصفه بأنه “وزير مسلم” أو “عضو البرلمان الاسكتلندي البريطاني الآسيوي”. الأمر نفسه ينطبق على الآخرين الذين سبقوه أو تبعوه وهو مقياس لمدى تقدم المملكة المتحدة فيما يتعلق بالأقليات في الحياة العامة.
أثناء منافسة قيادة الحزب الوطني الاسكتلندي، مع ذلك، كان غياب يوسف عن التصويت على زواج المثليين موضع تساؤل وتم ربطه بدينه ومكانته في مجتمع غلاسكو الباكستاني. وكان الادعاء أنه لا يريد التصويت لصالح هذا التشريع خوفا من تنفير هذا المجتمع.
ورد متحدث باسم حملة يوسف بالقول إنه “يدعم الزواج المثلي بشكل قاطع” وإن غيابه عن التصويت كان بسبب “مشاركة مهمة للغاية تضمنت محاولة تأمين إطلاق سراح مواطن اسكتلندي محكوم عليه بالإعدام بتهمة التجديف في باكستان”.
ومن المهم ملاحظة أنه لم يواجه أي من يوسف أو سوناك اختبار الإجهاد الحقيقي. أصبح كلاهما قائدين على خلفية عملية اختيار حزبية مغلقة، لذا لم يضطرا بعد إلى الترشح كزعيمين في انتخابات عامة.
لم يواجه أي من يوسف أو سوناك اختبار الإجهاد الحقيقي. أصبح كلاهما قائدين على خلفية عملية اختيار حزبية مغلقة، لذا لم يضطرا بعد إلى الترشح كزعيمين في انتخابات عامة
وسيكون هذا هو المقياس الحقيقي لمدى قبول الجمهور البريطاني الأوسع للوجه المتغير للسياسة الوطنية. يبقى أن نرى ما إذا كان عرقهم يصبح عاملا في النقاش العام حول سياساتهم.
ويبدو أن كلا من يوسف وسوناك حريص على الحفاظ على دينه في المجال الخاص، وهو أمر متوقع في السياسة البريطانية. فقد اشتهر فريق رئيس الوزراء السابق توني بلير بأنه عاش بشعار “نحن لا نتدخل بالدين” عندما تعلق الأمر بتجنب المناقشات حول المسيحية التي يعتنقها.
ولا يمكن أن تكون سياسة يوسف مختلفة أكثر من سياسة سوناك. فهو ينتمي لتيار يسار الوسط بشكل مؤكد بخصوص الهجرة والرفاهية والضرائب. مما يذكرنا بأن الهوية السياسية للأقلية العرقية ليست موحدة، على الرغم من أن الأحزاب اليسارية ظلت لسنوات طويلة تعتبر تصويت الأقلية أمرا مفروغا منه.أما اليوم، فينعكس التنوع العرقي والديني والثقافي عبر الطيف السياسي. من الممكن أن تصل إلى القمة مهما كانت هويتك السياسية.
ومع ذلك، يعلق الكاتبان أن القليل قد تغير عندما يتعلق الأمر بالخلفية التعليمية والاجتماعية. كان والد يوسف محاسبا. أما سوناك فنجل طبيب وصيدلانية. ذهب كلا الرجلين إلى مدرسة خاصة. لقد كانوا جزءا من جيل المهاجرين الذين تمكنوا من القدوم إلى المملكة المتحدة وحققوا حياة أفضل لأنفسهم.
ولا يزال المتعلمون في المدارس الخاصة يهيمنون على السياسة. أما الطبقة هي الانقسام الحقيقي في السياسة البريطانية، بغض النظر عن لون الشعار الذي يرتديه المرشح.
www.deyaralnagab.com
|