من تاريخنا نقتات!!
بقلم : زهير ابن عياد ... 19.01.2012
نحن بأمس الحاجة الى اعادة تقييم لسلوكنا ، ونقد الذات ، بنظرة ثاقبة الى الأمام تستشرق متطلبات المرحلة وظروفها ، علينا الخروج من التقوقع والتموضع الآني المتميز بانعدام الثقة في النفس ، التي ركنت الى دعة الرفاه الاجتماعي والتأمين الوطني ، ذلك بخطوات لا بد من إتباعها ليكون نضالنا شامل راقي باتجاهه لعدة اصعدة ، بقصد تعمد المغرضون بإذابة تراثنا وإرثنا الحضاري سواء كان ذلك ثقافة وادبا او إجتماعيا أو تاريخا وحتى اقتصاديا واصبحنا نعجز عن اقلمة انفسنا للظروف الراهنة ، وتجارب من سبقنا نستسيغ منها الكثير في هذه الناحية ، جهدوا على إذابة تراثنا وزرع تصورات مفادها ان الدولة انقذتنا ولو كنا في احد البلدان العربية لمتنا جوعا وهلم جرا ... لا أخفيكم سرا بأننا هنا - وباحصائيات مؤكدة - نعاني من القلق وعدم الراحة وهناءة البال ولم ننعم برونقنا الصحراوي المؤسس على الفطرة والبساطة ، وظني ان ذلك بالعكس تماما لو كنا في بلد عربي ما ... يجب ان نعيد صهر تراثنا ودمجة في حياتنا اليومية بكل تفاصيله القديمة البناءة ، يجب ان نتخطى حواجز الوهم والتذبذب هنا وهناك ، وان نتجاوز دائرة "الميثولوجيات العصرية " باستنباط واستقراء واستحضار كل ما هو مقنع واقعي من تراثنا الأزلي واستنساخه كتجربة آنيه قد تفيد وتساهم في نضالنا ،لا اعتقد ان العمل تجاه شرائح معينه فئوية قد يعود بالنفع ،إن لم يستنزف الجهود وينسفها فانه يخلق حالات من البلبلة والفوضى الخلاقة ، ولا يتعدى كونه مضيعة للوقت لا جدوى منها ، اقصد الجمعيات والمؤسسات والهيئات التي خرجت علينا أخير في النقب ، على كثرتها فاني اراها تطل برأسها وكأنها خجولة من تراثها وتاريخها البدوي ، وتعمل على استحياء ومكابرة ، دون تطرق للمفاهيم " الاعرابية " بشيء ، وظهورها في هذه الظروف لا يعدوا كونه تسجيل حضور جماهيري لا غير ، يدرك الجميع ان البدو مجتمع محافظ له تقاليده وعاداته التي لا يحيد عنها وأية محاولة لفرض أجنده خاصة بالقفز من فوق هذه الهوية ، لا بدو ان تهوي لطرق الفشل ، علاوة على اننا امام مفترق طرق صعب يجب ان نتحد ونتعاضض فيها جميعا ، لا أن نجر وراء كل ناعق ، ونزعم بذلك تطورا وتقدما ، امرين لنا فيهما المجال والمآل ، الحفاظ على الارض ، وتأكيد الهوية العروبية الاسلامية المحافظة ، مع ابراز جذورنا واعتزازنا ببداوتنا لا مواربة وتغاضي عن ذلك ..
علينا تخطي مرحلة العجز والوهن الفكري في خضم ثورة اعلامية ثقافية نهضوية ترافق هذا الحراك النشط في وسطنا ، لا ان نجعل الامور تتفاقم ونصر بدون أي تبرير على ايدلوجيات لا توازي انماطنا البتة ، بواقعية وموضوعية يجب ان نساهم باسهامات جادة وجديدة باتتاج فكري معاصر يوازي أو يستمد من التراث ، وذلك بدراسة نواميسه وبتأني ولا ضير في فهمه وادراكه وبالتالي الاجتهاد والابداع بمعطيات جديدة تنطلق من ثقافتنا وتربيتنا ، لا مندوحة عن سقوط الحتميات لتشكيل اللكنة الحضارية كإنجاز ، لكنة تواجه كل خلل ينخر في ابداننا التي غدا ديدنها على تكريس الاتكالية والتسليم بالواقع منوطا بالظرف الراهن والرضى بالقليل وقتل الطموح ، يجب ان نقوم اعوجاج الياتنا بمراجعات فكرية تهتدي الى القيم والثوابت لا ضربها بعرض الحائط وكانها اتت من فراغ ، والمتتبع للساحة اليومية في نقبنا يشاهد تطور نوعي وبتسرع لقيام هيئات وجمعيات ونحل عديدة جلها تنبذ تراثنا للعراء ، وتزعم انها تعالج وتداوي الداء ... صراحة انهم يسبحون في الوهم والفوقية ، ويساهمون في تغييب ذاتنا ، وعن غير قصد ونية يقوضون كياننا كأصلانين من منبع تاريخي عريق ، فلا لاستحقار واستصغار واستخفاف بتراثنا وهويتنا توصيات تنهض بالتراث :
- أن ندرك بأن لنا حقا تاريخيا هنا واجب علينا صيانته والذود عنه .
- أن نستلهم روح الأجداد ، الذين لا ينكر دورهم في الثبات . وعلينا مواصلة المسيرة .
- ان لا نحيد عن تراثنا عرضا ومفاهيمنا البدوية ، ونعيد صياغة وبعث هذا التراث وإحياء نبضه ..
- تأصيل هويتنا العروبية الاسلامية ، في ظل التشرذم الحاصل .
- التشبث بالأرض ، حتى لو الجأتنا الظروف ان نقاسي قر البرد وحر القيظ ..
- عدم نسيان الذات والذوبان البطيء وسط مجتمع اخر والتورط في متاهات الهوية ..
- المساهمه في اعادة صياغة الأدب والثقافة البدوية شعرا ونثرا ..
- التواصل مع العرب طالما نحن امتداد عرقي وفكري لهم ، نستشعر معهم كل ضائقة ونفرح لفرحهم ...
- تشكيل مجمع أدبي ثقافي علمي فكري يتابع كل جديد وتأطيره كهيئة علمية بدوية هادفه ...
- انتهاج الوسطية الحضارية في مدارسنا ، ولو اننا نستسيغ ما يجري فيها على مضض
- ان نملك المرونه الواقعية العقلانية ال ego حسب علم النفس لنوازن بين ما اجبرنا عليه وثقافتنا ،وليس التذبذب والتنكيس ..
حاصلة القول اختصار لما كثر ، ليدل بأننا في خضم مؤامرة قديمة جديدة تستهدف النقب وكيانه ، وعلى ضوء الاحداث الاخيرة المتسارعة ، نشأت اوضاع اشبه بمراتع للفتنة غدا الكل فيها يغني على ليلاه ، وذلك بمهاجمة الروح البدوية ونعتها بالتخلف والتقهقر ، يجب طرح طروح تلفت النظر الى الواقع البدوي الاصيل ، عربي النبل ، كرم المحتد ومن تاريخنا نقتات!!
www.deyaralnagab.com
|