|
راس جرابة في مواجهة التهجير: أهالي النقب يتشبثون بأرض أجدادهم!!
بقلم : الديار ... 24.11.2025
يعيش أهالي راس جرابة في منطقة النقب، جنوبي البلاد، في حالة خوف وقلق مستمر، في ظل قرار المحكمة العليا الإسرائيلية القاضي بإخلائهم من قريتهم، رغم أنهم يسكنون فيها منذ ما قبل النكبة وإقامة إسرائيل في العام 1948.
ويسكن أهالي القرية البالغ عددهم نحو 600 نسمة من عائلات الهواشلة وأبو صُلب والنصاصرة، في ظروف معيشية صعبة، في مساكن من الصفيح تفتقر للكهرباء والمياه والبنية التحتية، بسبب عدم اعتراف السلطات الإسرائيلية بملكيتهم لأراضيهم، فيما يضطر نحو 300 طالب إلى السفر لمسافة تصل إلى 25 كيلومترًا يوميًا للوصول إلى مدارسهم في قرية قصر السر. وتفتقر راس جرابة إلى رياض الأطفال والأطر التعليمية الأخرى.
وبعد سنوات من النضال القانوني الذي خاضه الأهالي بمساندة مؤسسات حقوقية، أصدرت المحكمة العليا، الأسبوع الماضي، قرارها النهائي بإخلاء القرية خلال 90 يومًا، دون توفير أي بدائل للسكان، وذلك تمهيدًا لبناء حي جديد تابع لمدينة ديمونا على أنقاض منازل أهالي راس جرابة.
فريج الهواشلة
يقول الحاج فريج الهواشلة (87 عامًا) من قرية راس جرابة لـ"عرب 48": "نحن نعيش هنا منذ ما قبل قيام دولة إسرائيل، ولم تكن هناك أي معالم للمدينة التي تُسمى اليوم ديمونا، فقد بُنيت على أراضينا التي كنا نزرعها ونعيش منها، وعندما جاءت دولة إسرائيل، دمّرت كل شيء". ويستذكر المسن الهواشلة بدايات إنشاء مدينة ديمونا، ويقول: "في البداية، جلبوا نحو 15 رجلًا وامرأة وأطفالهم، وأسكنوهم في بيوت متنقلة صغيرة، دون طعام أو ماء. شفقنا عليهم في حينه، لأنهم كانوا مع أطفالهم ويعيشون بلا شيء. نحن نتحدث عن سنوات ما بين 1940 و1948".
ويضيف: "عندما شفقنا عليهم بعدما طُردوا من أوروبا، يردّون لنا المعروف اليوم بتهجيرنا من أراضينا. لا يوجد أي مكان نذهب إليه، وهذا التهجير غير مقبول. نحن مئات العائلات في راس جرابة، أصبحنا بلا مستقبل في ظل هذا القرار المجحف والعنصري من المحكمة".
ويختتم الهواشلة حديثه قائلاً: "أؤكد أنه لا يوجد أي مكان نعيش فيه بعد تهجيرنا من قريتنا. نريد حلاً وليس ترحيلاً. مطالبنا واضحة: الاعتراف بنا وبملكيتنا لأرضنا".
حسن الهواشلة
ويقول حسن الهواشلة (41 عامًا) من راس جرابة لـ"عرب 48": "وُلدت في قريتي راس جرابة قبل 41 عامًا، وترعرعت وكبرت فيها. والدي وجدي أيضًا وُلدا هنا، قبل أن تُطرح حتى فكرة إقامة مدينة ديمونا على أراضينا. نحن هنا قبل ديمونا".
ويُعلق الهواشلة على قرار المحكمة العليا الإسرائيلية قائلًا: "المحكمة لم تقدّم لنا أي حلول، بل فرضت علينا أوامر الإخلاء والتهجير دون أي بدائل. نحن لسنا ضد القانون، بل نطالب بتطبيقه بعدالة، لكن الدولة والمحاكم لم تنصفنا أبدًا. المحكمة أصدرت قرارًا بإخلائنا من قريتنا خلال 90 يومًا، رغم أننا نعيش هنا منذ ما قبل قيام إسرائيل. لا يمكن القبول بتهجيرنا".
ويضيف: "المحكمة العليا الإسرائيلية لم تنصف أهالي النقب يومًا. طوال عقود، كانت معظم قراراتها تصبّ في مصلحة الإخلاء والتهجير. من جهتنا، لم نعد نثق بهذه المحاكم، فالقانون كما يُطبّق اليوم، غير عادل ويدمّر عائلات بأكملها".
ويتابع: "إخلاء قريتنا وهدمها يأتي تمهيدًا لإضافة حي جديد لمدينة ديمونا، على حساب أراضينا ومنازلنا. من غير المنطقي أن تُهدم بيوتنا من أجل بناء منازل لسكان يهود، هذا أمر غير معقول ولا مقبول. لقد قدمنا العديد من الحلول، والمناطق المحيطة بديمونا واسعة وشاسعة، لكن الاستهداف كان لأراضينا فقط، وهذا مرفوض تمامًا".
وعن موقف السكان من الحلول المقترحة، يقول الهواشلة: "حاولنا مرارًا وتكرارًا التواصل مع رئيس بلدية ديمونا لإيجاد تسوية، لكنه رفض كل محاولات الحوار، ولم يُبدِ أي استعداد لتغيير موقع المخطط. يبدو أن الهدف هو الإخلاء والتهجير فقط، لا أكثر".
ديمونا تتوسع على حساب راس جرابة
ويوضح: "نحن لم نأتِ إلى راس جرابة من أي مكان، نحن وُلدنا هنا، وكنا هنا قبل الجميع. من يسكنون في ديمونا اليوم جاؤوا من أماكن لا نعرفها، بينما نحن نسكن على هذه الأرض منذ مئات السنين. نعم، نريد حلولًا، لكن ليس على حساب تهجيرنا واقتلاعنا من أرضنا".
وعن مدينة ديمونا، المقامة على أراضي راس جرابة، يقول الهواشلة: "هذه المدينة فارغة، يبنون العمارات دون وجود سكان. نسبة الإشغال لا تتجاوز 30% من القدرة السكانية الكاملة، ويبدو أن الهدف الحقيقي من توسعتها هو تهجيرنا. يبنون عمارات للأشباح، القرار إجرامي. نحن نريد حلولًا، لكن إن أرادوا تهجيرنا، سنبقى هنا مهما حاولوا اقتلاعنا من أرضنا".
ويوجه الهواشلة دعوة للقيادات العربية، قائلاً: "عندما كنا يدًا واحدة وقائمة مشتركة، كانت لنا قوة وصدى. أما ضعفنا اليوم فهو نتيجة التشرذم. قوة بن غفير وسموتريتش جاءت من فرقتنا، ولو توحدنا مجددًا، لما عاد هؤلاء إلى الحكم، ولتراجع الهدم والإخلاء والتهجير".
إنشاء أحياء جديدية لديمونا على أراضي راس جرابة
وبخصوص الطلاب، يوضح: "يوجد في القرية نحو 300 طالب يتعلمون في قرية قصر السر، التي تبعد 25 كيلومترًا عن راس جرابة. أما الأطفال في سن رياض الأطفال، فبلا أي إطار تعليمي. إنهم يجعلون الحياة غير قابلة للعيش لدفعنا للرحيل، لكن هذا لن يحدث، حتى لو قصفونا بالطائرات".
ويختتم الهواشلة حديثه بالتأكيد على وجود حلول ممكنة، قائلاً: "الحلول موجودة، وهي بيد رئيس بلدية ديمونا، إن أراد. فالمساحات حول المدينة شاسعة، ولا داعي لهدم منازلنا. نحن نريد حلولًا، لا تهجيرًا. في القرية مئات الشبان، وإن هُجّرنا، سيجد هؤلاء أنفسهم بلا مأوى، وستُترك النساء وكبار السن في العراء، وهذا لا يمكن أن نقبل به".
معيقل الهواشلة
ويقول نائب رئيس المجلس الإقليمي للقرى غير المعترف بها في النقب، معيقل الهواشلة، لـ"عرب 48": "لا يعقل أن يتم تهجير مواطنين من أرضهم وقريتهم من أجل توسيع مدينة ديمونا، فقط ليُسكن مكانهم سكان يهود بدلًا من العرب".
ويُؤكد أن مطلب الأهالي واضح، قائلاً: "نحن نطالب ببقاء المواطنين على أرضهم، أو بضم قرية راس جرابة رسميًا إلى مدينة ديمونا ومنحها كامل الخدمات البلدية، لا سيما أن جزءًا من الخدمات تُقدَّم حاليًا من المدينة".
ويُعرب الهواشلة عن استيائه من قرار المحكمة العليا الإسرائيلية، قائلاً: "القرار مجحف وسيئ وعنصري بحق السكان، ولا يمكن القبول بإخلاء الناس من قريتهم التي عاشوا فيها منذ مئات السنين. هنا نشأ الحاج فريج وكل الأهالي، وما يزيد من قسوة القرار أنه لا يوفّر أي بديل للسكان". *المصدر : عرب48
www.deyaralnagab.com
|