logo
إختيار فيفي عبده أمًا مثالية تكتيك أم استراتيجية…!!
بقلم : سهيل كيوان ... 20.03.2014

قيل الكثير في الأم نثرًا وشعرًا، والحديث النبوي الشريف فضّلها على الوالد’أمك أمك أمك ثم أبوك’ وقيل في المثل الشعبي’الدنيا أمّ’و’جناح الأم بيلم’ وغيره الكثير.
وغنى كثير من الفنانين للأم، قديمًا وحديثًا، إلا أن أغنية الراحلة فايزة أحمد’ست الحبايب’هي من الأغنيات الخالدة في الذاكرة العربية، وقد تكون أهم أغنيات فايزة أحمد وأكثرها رواجًا وخصوصًا في مناسبة يوم الأم.
ومن الأغاني الشهيرة ‘أمي يا ملاكي يا حبي الباقي إلى الأبد’ لفيروز′ .
وهناك أغنية(أم البطل) لشريفة فاضل، والتي غنتها لإبنها الشهيد في حرب أكتوبر عام 1973′.
وجاءت أغنية (أمي) من شعر محمود درويش وغناء مرسيل خليفة لتحتل موقعًا قريبًا من (ست الحبايب)، إلا أن (ست الحبايب) بقيت الأكثر شعبية وتحمل الشحنة العاطفية الأكبر المستقرة في ذاكرة العرب الجماعية، لأسباب عدة، أهمها أن ست الحبايب سبقت(أمي) بسنين كثيرة، كذلك لسهولة وبساطة كلماتها بالمحكية المصرية، والدعاء الذي يتخللها ‘يا رب يخليكي يا أمي’، أضف لهذا صوت مارسيل المشحون بالسياسة والعاصفة، عندما يغضب هو وعوده وينشد ‘هرمت فردّي نجوم الطفولة’.
‘يا رب يخليكي يا أمي’ تترك غصة في قلب كل من رحلت والدته، يشعر بالحنين ويتذكرها في موقف أو ابتسامة أو كلمة أو أكلة كان يشتهيها من يديها.
ومن هنا إلى الهزّ، فقد قال نابليون إن الأم التي تهز السرير بيمينها تهز العالم بيسارها، والهز بالهز يذكر،فحصول السّيدة فيفي عبده على شهادة الأم المثالية من نادي الطيران كان مادة مثيرة للإبتسام والتعليقات الساخرة، والسؤال لماذا؟ ألا يمكن لفيفي عبده أن تكون أمًا مثالية! ألا يمكن لراقصة أن تكون أمًا مثالية في بلد يعتبر الرقص فيه مهنة من المهن الأساسية! لماذا الإستهتار بالرقص وهز الوسط في حين أن أفراح ومناسبات وسياحة أخوتنا المصريين تعتمد كثيرًا على هذا الفن!. ألم يقل عادل إمام ‘لو كل واحد عزّل عشان ساكنه تحتيه واحدة رقاصة كانت البلد كلها حتبات بالشارع′، وذلك لكثرة الراقصات،وفي مصر خمسة آلاف(5000) راقصة محترفة ومنظمة في نقابة الموسيقيين يعملن في ثلاثة آلاف وخمسمائة(3500) ملهى، وقد يصل راتب الراقصة حوالي خمسة آلاف(5000) جنيه يوميًا حسب بيان من النقابة ،وكثيرًا ما تقدم الراقصة عرضها الذي تظهر فيه محاسنها في ملهى أو فندق، وفي نهاية السهرة ترتدي الجلابية وتلف نفسها بما في ذلك رأسها لتعود مجلببة ولا من شاف ولا من دري.
ألم نشاهد ونقرأ عن راقصات اعتمرن أو حججن أو أقمن موائد الرحمن في شهر الخير والإحسان!
ألا يمكن لراقصة بالية أو تانغو أو فلامنكو أو سامبا أو سالسا وغيرها أن تكون أمًا مثالية وفاعلة خير كبيرة!
هل تخلو راقصة البطن من عاطفة الأمومة؟ بالطبع لا، لا الراقصة ولا المجندة في المارينز،هذه الطبيعة البشرية موجودة لدى الأمهات، بل حتى لدى الحيوان المتوحش الذي لا يغني ولا يهز وسطه إلا لفريسته!
الرقص الشرقي هواية ومهنة وصار له مدارس،وانتقل إلى بلدان كثيرة غير عربية، خصوصًا تلك التي يزورها السائحون العرب، بل للعمل فيها في بلاد العرب،حتى في مصر نفسها، لدرجة أن الراقصات الوطنيات المصريات طالبن بالحماية أمام زحف الأجنبيات اللاتي صرن ينافسنهن، صحيح ليس لهذا الرقص شرف مهنة المعلم أو الطبيب أو قائد الشرطة أو الباحث العلمي أو حتى شيخ الخفر، ولكنها مهنة أكل عيش وركوب سيارات فارهة واقتناء فيلات.
ورغم ذلك تبقى الأم والأمومة أمرًا مقدسًا بعيدًا عن الرقص الشرقي الذي أتقنته الأم المثالية فيفي عبده ودينا وقبلها سهير زكي والفنانات الكبيرات نجوى فؤاد وسامية جمال وتحية كريوكا وآلاف غيرهن.
حركات الجسد واهتزازاته الشهوانية أو المحرضة على الإثارة وملابس الراقصة والأماكن التي يمارس فيها هذا الفن وجمهوره كلها أمور تناقض حالة الأمومة التي ما زالت تعني لدى العرب والمسلمين الحشمة والحنان وهز السرير والسهر على سعادة الأسرة(ليس في البار)، يا رب يخليكي يا فيفي…
هذه الحيثيات تجعلنا نتساءل عن سبب هذا الخيار لفيفي عبده كأمٍ مثالية، هل هو تكتيك أم استراتيجية، هل هو مكافأة لفيفي ودينا وغيرهن من أمّة الراقصات على موقفهن من السيسي والإنقلابيين في مصر؟ أم أنه تحوّل استراتيجي له ما بعده تجاه مفهوم الأمومة من جهة والموقف من الرقص الشرقي من جهة ثانية!
هل كان يمكن لنادي الطيران منح هذا اللقب لفيفي عبده لو كانت رافضة للانقلابيين، هل مصدر اللقب هو الأمومة المثالية فعلا وبعد ست زيجات للسيدة فيفي أم هو الموقف السياسي؟
في كل الأحوال، لا يحق لأحد إنكار مشاعر الأمومة عن فيفي أو دينا أو صافيناز أو غيرهن،ولكن في هذه المناسبة الكريمة هناك أمهات نحب أن نذكّر بهن وكل واحدة منهن تستحق أكثر بكثير من شهادة نادي طيران أو حتى من وزارة دفاع أو حتى من رئيس الجمهورية.
في يوم الأم ننحني لآلاف الأمهات السجينات ووالدات الأسرى في السجون العربية والإسرائيلية اللواتي يسهرن السنين ويواظبن على زيارة فلذات أكبادهن من وراء القضبان، في حال سُمح لهن وفي حال عرفن مكان سجن أبنائهن.
في يوم الأم ننحني إجلالا لمئات آلاف الأمهات السوريات اللاتي يجاهدن لتوفير الدفء والحنان والغذاء اليومي لأطفالهن سواء بسبب الهجرة القسرية أو بسبب الدمار الذي حل بديارهن.
في يوم الأم ننحني للأمهات اللاتي فقدن بيوتهن وبقين مع أسرهن يبحثن عن الدفء والستر في العراء في فلسطين وسورية.
في يوم الأم نقف إلى جانب أمهات المفقودين اللاتي لا يعرفن مصير أبنائهن وخصوصًا في سورية وبلدان عربية أخرى.
في يوم الأم نقف مع الأمهات في قطاع غزة اللاتي يتألمن في جوار أسرة أبنائهن المرضى ولا يستطعن نقل أبنائهن للعلاج بسبب الحصار الطويل من قبل إسرائيل ومصر.
في يوم الأم ننحني إجلالا لأمهات الشهداء في مقابر الأرقام الإسرائيلية اللاتي لا يعرفن مكان قبور أبنائهن.
في يوم الأم نذرف دمعة مع دموع الأمهات اللاتي فقدن أبناءهن، أمهات الشهداء في فلسطين وسورية ولبنان ومصر وكل الوطن العربي، نصرخ معهن صرخة الحياة، فلسيقط الطغاة والإحتلال، اللعنة على الطغاة وعلى الإحتلال.


www.deyaralnagab.com