حسابات نتنياهو ومأزق السيد حسن…!!
بقلم : سهيل كيوان ... 22.01.2015
في العدوان الإسرائيلي على قافلة حزب الله – إيران في الأرض السورية، ضرب نتنياهو عصافير عدة بحجر واحد، أولا وقبل كل شيء، تدخل العملية في رصيده الانتخابي القريب، وهذا كان أحد أهم حساباته حين وافق هو ووزير دفاعه على قرار الهجوم.
ثانيا يحاول بهذا تعويض خسارته المعنوية بعد ذهاب فلسطين إلى محكمة الجنايات الدولية وإعلان رفضه التعاون معها في التحقيق بوقوع جرائم حرب ضد الفلسطينيين، فالجميع منشغل الآن في رد أو عدم رد حزب الله وإيران وكيف يكون وما الذي قد يجره! فمن عادة قيادات إسرائيل خلط الأوراق عند كل مرحلة مفصلية من تاريخ الصراع، سواء كانت على الجبهة العسكرية أو السياسية.
ثالثا، هي رسالة لإيران أن قتالها إلى جانب النظام السوري لا يعني غض الطرف عن اقترابها من حدود وقف إطلاق النار مع إسرائيل، لأن قوانين اللعبة ستتغير.
رابعا، محاولة وضع إيران في موقف محرج، فهي في مفاوضات متقدمة مع الغرب حول مشروعها النووي الذي أعلن نتنياهو أنه يسعى لوقفه بكل الوسائل، أما القول بأنه لم يعلم بوجود قائد إيراني، فهو محاولة لإنزال إيران عن الشجرة العالية بعد تصريح قائد الحرس الثوري علي الجعفري عن الرد»الصاعق المدمّر»، ومن أجل القول لحلفاء إسرائيل وأمريكا بالذات إذا «وقعت الواقعة» إنه لم يقصد التخريب على المفاوضات ولا على أوباما الذي أعلن رفضه لعقوبات جديدة على إيران، ولا توريط حلفائه في حرب معها.
خامسا، مما لا شك فيه أن حماس نتنياهو ووزير دفاعه للعملية أتى كرد سريع على تهديدات نصر الله قبل أيام بـ «احتلال الجليل» جعلت البعض يتحدث ببساطة وسذاجة عن «اجتياح الجليل».
سيحاول نتنياهو التوقف عند هذا الإنجاز الذي أضافه إلى رصيده وعدم الإنجرار لمواجهة واسعة، لأن مواجهة شاملة ستفقده هذه النقاط مهما كانت نتائجها.
السيد حسن نصر الله في مأزق، إذا رد بحجم الحدث فقد يتورط في مواجهة شاملة، وهذا ما لا يريده، لأنه يعني ضربة موجعة جدا له، وخصوصا أن جزءا كبيرا من كوادره غارق في الوحل والدم السوري، ولا شك أن النظام السوري لا يريد مواجهة كهذه، لأنه لا يستطيع تقدير عواقبها وإسقاطاتها عليه، أما ردّ حزب الله بتفجير لغم من بعيد وإصابة جنديين إلخ، كما حدث قبل أشهر، فهو ما يمكن لنتنياهو أن يستوعبه، ولكنه لن يكون مقنعا ولن يعيد للحزب هيبته وقوة ردعه.
العملية أظهرت أن جهاز حزب الله الأمني مخترق على مستوى قادته الكبار، أو أن قادة كبارا لدى حليفه النظام السوري وحتى الإيراني يعملون لصالح إسرائيل، أما الحديث المبسّط عن أن المعارضة السورية في الجولان هي التي قد تكون وشت بهذه القافلة، فهذا كلام فارغ، لأنها لو عرفت هذا لضربت هي بنفسها، ثم إن وصول قادة على هذا المستوى إلى الجولان على بعد خمس كيلومترات من شريط وقف إطلاق النار، من الطبيعي أن يكون سرا لا يطلع عليه سوى بعض قادة حزب الله وقلائل جدا في النظامين السوري والإيراني.
من ناحية أخرى، من يظن أن النظام السوري خسر من هذه الضربة فهو مخطئ، فقد ربح من جانبه بمنع إيران وحزب الله من التخطيط لاستفزاز إسرائيل من أراضيه، معلنا بهذا التزامه في حماية حدود وقف إطلاق النار وإبقاء الجولان جبهة آمنة، في الوقت ذاته، فهو لا يستطيع الاعتراض على رغبة حليفيه ومنقذيه حزب الله وإيران اللذين أرادا كما يبدو دراسة الوضع ميدانيا بهدف إنشاء ورقة ضغط إيرانية- على إسرائيل من الجولان بواسطة حزب الله، وسواء تمت الوشاية من النظام نفسه أو من عملاء في قمة هرمه العسكري، فالنتيجــــة التي أرادها النظــــام السوري وصــلت، طبعا هناك من يقول كيف يكون رابحا وهذا اعتداء على هيبته!
هذا كلام ليس له أي اعتبار لدى النظام السوري، فهو يردّ عادة بقتل المزيد من السوريين وبوحشية أكبر، ثم يزعم أن القتلى هم أذرع إسرائيل وينتهي الأمر من ناحيته، وبالفعل فقد أغار في اليوم التالي لهذه العملية على سوق للماشية قتل وجرح فيها عشرات السوريين في تيماء شرق الحسكة.
الطبيعي والمتوقع هو أن يرد حزب الله، ولكن بحذر شديد دون جرّ إسرائيل إلى مواجهة واسعة لن تكون في صالحه، وفي حال وقعت هذه المواجهة واتسعت، يستطيع الحزب إمطار شمال فلسطين بآلاف الصواريخ كما فعل عام 2006، وبإمكانه شل الحياة المدنية في شمال فلسطين لأسابيع عدة! ولكن الحديث عن «احتلال الجليل»، هو كلام للاستهلاك الإعلامي، ومحاولة لترميم هيبة الحزب المتآكلة بسبب الوحل السوري، وكان على السيد حسن لو لديه هذه القدرة بالفعل أن يتركها مفاجأة للمواجهة القادمة.
قد يتمكن الحزب من إنزال مقاتليه وراء الخطوط على طريقة الأنفاق التي نفذتها حركة حماس، وتوجيه ضربات خاطفة ومؤلمة، ولكن بين الضربات المؤلمة واحتلال الأرض بونا شاسعا، تصريحات السيد حسن النارية عن احتلال الجليل لم تكن ضرورية وبرأيي مثيرة للدهشة، ولو اكتفى بما سبق وقاله القيادي الحمساوي الزهار» نغزوهم ولا يغزونا» لكان أفضل وأصدق.
فمن هي العيون والآذان التي تزوّد إسرائيل بمعلومات شديدة السرية كهذه! الشهيد عماد مغنية (الحاج رضوان) كان ضحية المصادر نفسها، وها هو نجله وبعض رفاقه يلحقون به، وعلى ما يبدو هي قريبة جدا من السيد حسن نفسه، في قيادته أو في القيادة السورية الحليفة (وهذا هو الأرجح)!.
الرد الموسع سيكون مأزقا لحزب الله وللنظام السوري ولإيران ولنتنياهو، كل من وجهة نظره وموقعه، ولهذا سيحاول الجميع أن يكون الرد والرّد على الرّد محصورا وتحت السيطرة.
www.deyaralnagab.com
|