سياسة وغرام على موائد اللئام!!
بقلم : سهيل كيوان ... 23.02.2017
إنه متمسك بالسلام، ولا يفوّت فرصة إلا ويعلنها على الملأ «أنا أريد السلام»، يقولها عادة وهو محتقن الوجه، كأنما يُحرَج لاضطراره النطق بهذه الكلمة النابية التي تحولت دلالتها إلى «أنا أريد اغتصابكم».
لا أحد يعرف حتى أعظم المحللين السياسيين والعسكريين الاستراتيجيين وحتى الفلاسفة لماذا جرت قمة العقبة سرا بين بيبي والسيسي والملك عبد الله، بينما القريب والبعيد يعرف علاقات الغرام بينهم أجمعين، هذا كمن يضرب موعدا للقاء زوجته وحلاله سرا في قبو تحت الأرض في غابة نائية ليبتعد عن الأنظار.
لو كانت هذه الخلوة برعاية صينية مثلا لقلنا إن الأمر جديد، ويحق لهم ممارسته بحذر إلى حد ما، ولكن بإشراف كيري فما الداعي للسرية. ثم كيف توهموا أن اجتماعا مع بيبي لن ينفضح على الأقل من سارة زوجته، التي أرغمته على الطلب من رجال أعمال أن يقتنوا لها مجوهرات وشمبانيا باهظة، أم حسبتما أيها الساذجان بأنه لن يخبرها عن اجتماع العقبة وما قبل وبعد العقبة؟ من يظن أن السياسة بعيدة عن نساء السياسييين فهو واهم، فهناك قصص تبدأ ولا تنتهي عن التداخل بين هذه وتلك، منذ كليوباترا وأنطونيو حتى ابنة ملك إسبانيا المتمسكة بزوجها، رغم إدانته بالفساد، ومرورا بزبيدة زوجة هارون الرشيد وصراع الخلافة ونكبة البرامكة، والملك فاروق وكاميليا ورشدي أباظة، وقصص القادة العسكريين والفنانات عشية النكسة الشهيرة.
ليس فقط في طوق الحمامة، فمن أصول العشق والغرام أنه يحق للعاشق التظاهر بالزعل من عشيقه وأن يتدلل عليه، والعاشق الصادق يتقبل حتى الإساءة بروح غرامية، ولهذا قالت العرب ضرب «الحبيب زبيب وحجارته قطين»، ولهذا من حق الأردن مثلا أن يقلب وجهه وأن يتمزعل ويتدلل بعد علاقة غرامية طويلة مع إسرائيل، من حقه أن يطلب منها احترام العشرة الطويلة السرية والعلنية، ولأجل مصلحة الأولاد على الأقل، ممكن للأردن أن يقول لإسرائيل صحيح نحن نحبك ولا توجد قوة ممكن أن تفرق بيننا، ولكن كفى للبلطجة والتشبيح في القدس وفي أراضي هؤلاء المقطوعين، كيف قبلت على نفسك يا إسرائيل أن تشرعني في الكنيست سرقة أراضي الناس بقانون رسمي؟ ألا يكفي ما لديك من قوانين وما سرقتِيه وتسرقينه أيتها الطماعة، هل كانت هذه البهدلة ضرورية. من حق العاشقة أن تحمل حقيبتها وتهدد بالخروج من البيت وأن تتظاهر بلملمة ملابسها وعلبة الماكياج ومصاغها وأغراضها الشخصية ودسها بعشوائية في حقيبة سفر على طريقة أغاني إليسا وباسكال مشعلاني المصوّرة، أو خلع خاتم الزواج ورميه على الطاولة أو حتى ضربه بالأرض، يعني التهديد بسحب الممثلين الرسميين من الدول التي تضرب بعرض الحائط القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة، وحتى التلويح بقطع العلاقة وفرض حرمان غرامي عليها والبحث عن حب جديد، فلا يليق التلطي وراء شعار محاربة الإرهاب، وتوسل بيبي العودة للتفاوض، فقط لأجل الزعم بوجود مفاوضات، بينما الجميع يدرك حتى أطفال روضة السنافر أن التفاوض مع بيبي يشبه محاولة إقناع الذئب بالذهاب إلى عيادة طبيب الأسنان لتقويم أنيابه والكف عن افتراس الكبش الذي لم يبق منه سوى أظلافه.
كثيرا ما قلت لنفسي ألا يشاهد السيسي المسلسلات المصرية، أم أنه يتكبر عليها ويهرب إلى مسلسلات أمريكا اللاتينية؟ من حقك يا معلم أن تزعل من بيبي وأن تقول له بلهجة أبوية مثلما تخاطب أكثر من تسعين مليون مصري، يا حبيبي إسمع كلامي ده أنا أخوك يا بيبي..كيف سنحارب الإرهاب إذا كنت حضرتك تصنعه بيديك.. أنا هموت مدعوش منك، على طريقة المرحوم سعيد صالح.
أيها القادة والزعماء العرب بسياستكم المتخاذلة أضعفتم حتى الأصوات القليلة الرافضة للاستيطان داخل إسرائيل، وكذلك تخذلون أصدقاء الفلسطينيين حول العالم.
ستزداد إسرائيل تطرفا وتوحشا ما دمتم لا تقيمون وزنا لأنفسكم، ولا تدركون أن موقفا جديا واحدا منكم قد يغير اتجاه السياسة حتى داخل إسرائيل. ستزداد إسرائيل تطرفا ما دام أبو مازن وحماس يقسمان القُطر الفلسطيني إلى إمارتين، وكلاهما لا تستطيعان استيراد طن من الإسمنت والحديد بدون إذن وموافقة البلطجي، وستزداد تغولا وطمعا ما دام الاستيطان لا يكلفها سوى شحطة قلم وخبر على شريط الأخبار من بعض الفضائيات.
بإمكان الزعيمين وغيرهما ممن يلتقونه سرا أو علنا أن يقولوا له من باب النصح، إن السلف الصهيوني تعب كثيرا حتى توصل إلى معاهدتي سلام مع دولتي مواجهة، فلا تكن يا بيبي كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا، وإلا زعلنا منك.
طبعا بيبي لن يقبل النصائح وسيواصل القول»أنا أريد السلام» ويقصد أنا أغتصبكم، وأستهتر بكم، ولا أراكم من سنتمتر واحد، ومن لا يعرف منكم فليعرف، أنا أريد السلام، وهذا يعني أنا بلطجي وشبيح وعليكم أن تقبلوا ما أمليه عليكم، واللي مش عاجبه يشرب من قناة البحر الميت، ها أنا أتحداكم فأروني ماذا أنتم فاعلون.
www.deyaralnagab.com
|