الرحمة دين الإنسانية !!!
بقلم : د .ياسمين نايف عليان ... 26.03.2019
الانسانية لا حدود لها فقط أيقظها داخلك ولا تطل بها السبات وهي مرآة النفس ؛ فلقد قيل ما أكثر الناس وما أندر الانسانية , فالإنسانية صفة تميز الفرد عن غيره في ردة فعله في المواقف فتظهر من خلال مشاركة الناس أحزانهم وأفراحهم متمثلة بالرحمة والعطف شعورا وفعلا وتتجاوز فيه حد المتعة والسعادة وراحة الضمير للشخص المشارك عند القيام به ؛ وتبرز أهمية التربية الانسانية في اعداد المواطن الانسان الذي يؤمن بالسلام والحق والمساواة والعدل والتعايش مع أخية الانسان بعيدا عن النزاعات والصراعات والتناحر والظلم والعدوان بين بني البشر .
وتستمد الإنسانية قوتها من الرحمة وهي سلوك يحركه الضمير الإنساني الذي يستمد قوته من الانفعالات والمشاعر التي تظهر بمجرد حدوث أي فعل مفرح أو حزين أومؤلم أوغير أخلاقي تشعر الفرد بتأنيب الضمير وتجعله في حالة من التوتر والقلق ولا تهدأ إلا بإصدار فعل يتعامل مع الموقف وان غابت الانفعالات والمشاعر ، تعطل الضمير وأصبحت ردة فعل الفرد غير مبالية اتجاه أي فعل غير أخلاقي وبالنسبة له تصبح المواقف المؤلمة والمفرحة كلاهما أمر عادي فالرحمة هنا تكون منعدمه.
فلقد بتنا نشاهد في الآونة الاخيرة مشاهد تدمي القلب والعين حول المجتمعات من دمار وخراب وقتل ونهب وسوء خلقي والتي تزداد في تدهورها يوم بعد يوم ، مما يعني أن هناك غياب للمشاعر الانسانية ، ويقول علماء علم النفس أن الانفعالات وراثية وان البيئة تعمل على نموها وتطورها من خلال التنشئة الاسرية والمجتمعية ؛ فأصبح هناك تساؤلات عدة تطرح نفسها : هل المشكلة بالجينات ام بالتنشئة الاجتماعية السلبية ؟؟؟ وهل يمكن للتنشئة الاجتماعية السوداء قتل المشاعر عند الإنسان ؟؟؟ ام هي مرض انتشر بين الناس فأعراضه تصبح كالوسواس في رأسه كأنه يقول لا يمكنني التدخل؛ ليه أجيب وجع الراس لنفسي ، فأصبح الخوف وعدم الثقة والنفور سلوكيات تعكسها اللامبالاة للمواقف أمر طبيعي !!!
فرؤية الأطفال تقتات عيشها كالقطط، بين أرصفة الطرقات تلتقط رزقها بين مداخل العربيات براءة جيل ضاعت مابين ألم البكاء والفقدان ؛ حاجات انسانية تفتقدها الطفولة ألم وكسر وعنف ؛ أطفال تهرع للنوم في أزقة الاماكن العامة بين اسطوانات وكراتين بالزوايا واقع مرير والقادم أكثر جبروتا؛ أطفال تقتل بدم بارد وتدفن أحياء حروب أحرقت الاخضر واليابس جميعها أحداث تهز وتفجر المشاعر الإنسانية بعيده عن العرق والدين فغياب المشاعر والضمير يجعلها أمر طبيعي ؛شباب عاطل عن العمل محبط تهدر طاقاته فيقع فريسة مابين ادمان الانترنت أو الهجرة خارج البلد ،شباب ضائع ما بين التقليد الاعمى و شهادات علمية تحرق في غير مجالاتها ، عقول وكفاءات باتت مابين الوقوع في المرض يا اما الاغتراب عن المجتمع او الهروب بحثا عن حياة يا اما البقاء أو الموت في الطرقات أوغرقا في أحد البحار او المحيطات وغيرها من الأحداث المؤلمة ؛ جميعها تؤخذ بالأمر الطبيعي مع غياب الإنسانية ؛ وتتطور إلى مرض آخر أكثر شراسه خالي من الرحمة والتلذذ والتمتع بآلام الآخرين وتدخل الانسان تحت مسمى التعصب الإجرامي لذلك نرى مجتمعات الأمن أصبحت غير آمنة أرواح تسفك في الجوامع والكنائس والأماكن العامة بطرق وحشية وبتفاخر الجاني بها، نفوس ماتت بها المشاعر وعطلت بها الضمائر فأصبح لا مكان للإنسانية والرحمة بها ؛إن أية جريمة أو إصابة؛ بغَضّ النظر عن القضية، ارتكبت أو سُبِّبَت لشخص آخر هي جريمة ضد الإنسانية ؛يجب على الإنسان ألا يكتفي بان يعتز بنفسه، بل عليه أن يستشعر كماله الإنساني بحيث يخجل من الإتيان بالعمل القبيح ؛ فمنبر الإنسانية قلبها الصامت لاعقلها الثرثار.
www.deyaralnagab.com
|