موقف يحترم لشيخ الازهر بوجه دول التطبيع!!
بقلم : مها هيكل* ... 21.11.2021
رغم ملاحظاتي على ضعف مؤسسة الازهر وخضوعها للابتزاز السياسي وهيمنة الحكام داخل وخارج مصر لكن موقف شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب مؤخرا من ما يسمى “بالدين الإبراهيمي الجديد” واعتبار ذلك مكيدة ضد المسلمين يستحق منا الاحترام والاشادة بهذه الشجاعة في وجه المطبعين الرسميين العرب وان كانت خجولة منقوصة.
فرغم تماهي موقف المرجعية السنية المتمثلة بالأزهر في الغالب مع مواقف دول ما يسمى بالاعتدال العربية تبعا لموقف نظام السيسي ومجاملة للدعم المالي الذي يصدق أنه الفتات على موائد اللئام من حين لآخر لمشيخة الازهر، الا ان هذا الموقف الاخير من الدكتور الطيب أثار غضبا بين جيش كتاب التدخل السريع والذباب الالكتروني المطبع والغارق لأذنيه في حب اسرائيل، فقد وصلت الاهانة الى حد وصف شيخ الازهر بـ(الشحاد الذي يشترط) على من يعطيه الحسنة.
لكن في المقابل تفاعلت شريحة واسعة من الكتاب والنشطاء والمفكرين بايجابية مع الموقف الازهري المقاوم النادر، نظرا لأهمية الكلمة في الدفاع عن العقيدة الإسلامية فيما ذهب آخرون إلى التأكيد على البعد السياسي للكلمة واعتبارها ردا مبطنا من الازهر ضد محاولات الانتقاص من القضية الفلسطينية وترسيخ محاولات التطبيع الجارية حاليا، مؤيدين ما ذكره الشيخ الاكبر من أن ما يسمى “الدين الإبراهيمي” هو دعوة لمصادرة حرية الاعتقاد والإيمان والاختيار.
لكن العتب ما زال كبيرا على مشيخة الازهر بسبب موقفها الضعيف في وجه رجل الدين المسيحي زكريا بطرس والذي أهان فيه الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم.
ولا يخفى أن الدعوة الى (دين ابراهام) الغرض الحقيقي منه هو تحقيق المصالح الغربية الصهيونية، وتدمير الأديان السماوية، خاصة الإسلام، وتزييف التاريخ، وتغيير الواقع، لصالح المخططات الصهيونية، وكان الاولى المسارعة الى رفضه منذ أن دعا اليه الرئيس الامريكي السابق دونالد ترامب وبابا الفاتيكان كما فعلت ذلك المرجعية الشيعية في النجف وقم والتي كانت سباقة للاسف على مرجعية الازهر او تلك السعودية التي تغرق في نوم عميق وتبصم بالعشرة لكل خطوات محمد بن سلمان.
ففي سبتمبر / ايلول الماضي 2019 حذر بيان المرجعيات الشيعية في قم والنجف ولبنان بالاضافة الي شخصيات علمائية سنية أقل حجما من الأزهر الشريف وهيئة كبار العلماء السعودية من خطط بيت العائلة الإبراهيمية الذي يجري تشييده في جزيرة السعديات بالعاصمة الإماراتية أبو ظبي، والذي هو خطة تتمثل في مشروع بناء يجمع مسجدا وكنيسة وكنيسا تحت سقف صرح واحد، أعلنت عنه دولة الإمارات بحضور الحاخام الاسرائيلي الاكبر يتسحاق يوسف الذي زار الامارات في أول زيارة حاخامية صهيونية يؤمن بقتل جميع العرب لبلد عربي وقام ايضا بتدشين معبد يهودي مستقل ومدرسة دينية.
كما أن هذا المشروع المريب هو الذي دعا اليه من القدس المحتلة وزير الخارجية الأميركية الأسبق هنري كيسنجر بداية تسعينيات القرن الماضي، بهدف قولبة العالم في دين جديد، لأن أميركا ترى أن الخطر الحقيقي عليها هو الدين الإسلامي، والذي وصفه الرئيس الأميركي الأسبق ريتشارد نيكسون، بأنه العدو الازلي للعالم الحر وامريكا حسب زعمه.
هذا المشروع السياسي هدفه صناعة حالة مختصة بديانة مختصة وفق مراد الحكومة الخفية للصهاينة في العالم يقوم في جوهره على التطبيع والقبول بالاحتلال الصهيوني للأراضي العربية وانتهاك المقدسات الدينية، عبر تصدير رؤية سياسية تقوم على توحيد الأديان، والتقريب بين أنصار كل دين، سعيا نحو طمس الهوية الإسلامية، وتشويه القيم والمبادئ الإسلامية، وبالتالي تهميش دور المرجعية الإسلامية الاكبر في الازهر الشريف لصالح دعاة الديجتيل، كنت اتمنى لو ربط شيخ الازهر بالتحذير من التطبيع كي تكتمل الصورة وقبل أن نجد أنفسنا أمام خريطة جديدة للمنطقة تذوب فيها الحدود ما بين دجلة والفرات حيث الحلم الأكبر “إسرائيل الكبرى” جغرافيا واقتصاديا وعسكريا ودينيا، وأيضا استعدادا لحرب “الهرمجدون” ونهاية الكون كما يراها متطرفو إسرائيل.
*كاتبة مصرية ناشطة ضد التطبيع..**المصدر : رأي اليوم
www.deyaralnagab.com
|