القانون الأسوأ في الدُّرْج!!
بقلم : سهيل كيوان ... 10.11.2022
كثيراً ما يحتدم النقاش حول مشاركة أو مقاطعة العرب الفلسطينيين لانتخابات الكنيست في إسرائيل! وهل هذا يفيدنا أم يضرُّ بنا، ويمنح إسرائيل وجها زائفاً من الديمقراطية!
نسبة كبيرة من العرب أصحاب حق الاقتراع يقاطعون الانتخابات للكنيست، جزء منهم يقاطعها بصورة منهجية، يقودهم تيار أساسي، وهو الحركة الإسلامية الشمالية بقيادة الشيخ رائد صلاح، وقسم آخر من حركة أبناء البلد، أما القسم الأكبر من المقاطعين، فهم من جمهور اللامبالاة واليأس من إمكانية التأثير من داخل هذا المنبر.
في الجولة السابقة وصلت نسبة التصويت بين العرب إلى 44% فقط من أصحاب حق الاقتراع، وهذا أضعف التمثيل البرلماني العربي، خصوصاً أنّ اليهود يشاركون بنسبة عالية، وخصوصا في المستوطنات والجمهور الديني اليهودي إذ تصل نسبة المشاركة إلى أكثر من 90%. من ناحيته التقى نتنياهو في موقفه مع دعاة المقاطعة، فقد ضخَّت حملته مئات آلاف الشواقل لـ»تخدير» العرب، وحثّهم على عدم الوصول إلى الصندوق، وانتشرت إعلانات مجهولة المصدر في القرى العربية» لن نصوّت ما لم تتوحّدوا» تبيّن أن الليكود وراءها. ورغم ذلك ارتفعت نسبة المصوتين عن المرة السابقة ووصلت إلى حوالي 55% في هذه الجولة، إلا أن النسبة العامة بلغت أكثر من 71%، الأمر الذي يعني أن نسبة التصويت عند اليهود بلغت أكثر من 75%. خوض التجمّع الوطني الانتخابات منفرداً أدى إلى خلق منافسة شديدة، وتحرُّك ناشطي الأحزاب العربية إلى جلب الأصوات، إضافة إلى تنظيمات صهيونية أمريكية غير معنية برجوع نتنياهو إلى السلطة، لأنها تقدّر بأنه يسبب ضررا لمصلحة إسرائيل، دفعت بأموال كثيرة لجمعيات وإعلانات كثيفة، تحثّ العرب على المشاركة في التصويت، ارتكزت على التخويف من بن غفير وتحالفه مع نتنياهو، بل كُتبت سيناريوهات تتصوّر البدء في ترحيل أهالي أم الفحم، بعد عام من استلام بن غفير مفاتيح السُّلطة. واضح أن للصوت العربي أهميته، رغم الادعاء بأنه يمنح شرعية للديمقراطية الإسرائيلية، وفي هذا شيء من الحقيقة، إلا أن التقدير ما زال راجحاً لصالح المشاركة، وفقط لأنه صوتٌ مؤثّر، سعى اليمين إلى رفع نسبة الحسم لدخول الكنيست من 2% إلى 3.25% وهذا أدى إلى إقصاء التجمّع الوطني الديمقراطي صاحب شعار دولة كل المواطنين، رغم حصوله على 139000 ألف صوت. ولكن هل يكفي رفع نسبة الحسم لعرقلة التمثيل العربي! وماذا إذا اتحدوا في قائمة واحدة مستقبلا كما فعلوا من قبل في القائمة المشتركة التي أوصلت 15 عضوا، وكانت الكتلة الثالثة في الكنيست! أعتقد أن القانون المقبل سيكون تحديد عدد المقاعد المخصصة للأقلية العربية، مثلا أن يكون سقف حصّتهم محدوداً بخمسة عشر أو عشرين نائباً كحد أقصى، بالاعتماد على قانون يهودية الدولة كمرجعية، لمنع التأثير العربي في القضايا الأساسية والمصيرية. إلا أنّه في الوقت الذي سيُسنُّ قانون كهذا، سوف تنتهي مشاركة العرب في التّصويت، لأنهم سيدركون عبث محاولات الوصول إلى مركز القرار والتأثير، وهذا خطير، لأنّه يعني اللجوء إلى بدائل غير الكنيست للحصول على حقوقهم وحل قضاياهم.
لقد سبق وكانت محاولات لمنع العرب من الإدلاء برأيهم، عندما طالب اليمين في حينه، بإجراء استفتاء عام على اتفاق أوسلو بمشاركة اليهود فقط، لأنه يتعلق بمصير الدولة اليهودية، ولكن الاقتراح رُفض في حينه، إلا أنّه عام بعد عام، نقترب من اللحظة التي ستجري فيها استفتاءات خاصة باليهود دون العرب في القضايا الأمنية والمصيرية. سوف يؤجّل اقتراح قانون تحديد عدد النواب العرب في الكنيست، لكنه موجود في الدُرج، إلى أن يحين وقته. صعود اليمين المتطرّف الذي يقوده الكاهانيون إلى السُّلطة، لا يعني قدرته على تطبيق شعاراته قبل الانتخابات! وسيضطر للعمل في حذر شديد، لأنّ هنالك سياسة عريضة وعميقة تعتمد في الأساس على تفتيت قوى الفلسطينيين، وعدم دفعهم إلى توحيد طاقاتهم في الداخل والضفة والقطاع. التركيز الآن على الاستفراد بالضفة الغربية لإخضاعها وتهميش دور السُّلطة الفلسطينية حتى تعلن حل نفسها، وأما دور «عرب إسرائيل» فسوف يأتي لاحقاً في الوقت المناسب. أخيراً مهما كان شكل السّياسة الداخلية التي سينتهجها النظام الفاشي، فنحن على ثقة بأن قرون ثيران الفاشية سوف تتحطّم على صخرة صمود شعبنا.
www.deyaralnagab.com
|