الفتاوى الشاذة بحق المرأة.. عنف ممنهج وإرهاب جسدي!!
بقلم : أحمد حافظ ... 29.12.2015
يبدو أن المرأة أصبحت مادة دسمة بالنسبة إلى عدد كبير من رجال الدين في الوطن العربي، بسبب أو دون سبب، وكأن الفتاوى الدينية وجدت لأجل المرأة فقط، التي لم تعد تسلم من الزج بها في أمور تتعلق بالنواحي الجنسية وعلاقتها بالرجل.
الحديث عن الفتاوى الدينية التي تختص بالمرأة، قد يكون في حاجة إلى مجلدات، ما دفع المنظمات النسوية ومجالس حقوق المرأة إلى ترديد أسئلة على مدار الوقت، يمكن أن تتلخص في جدوى الأهداف الخفية التي جعلت غالبية الفتاوى ترتبط بالمرأة، حتى لو لم تكن طرفا فيها. غير أن التمعن في مضامين الفتاوى، يشير إلى أنها تنظر إلى المرأة باعتبارها مخلوقا غريبا، خلق فقط للجنس، على الرغم من كل التحركات الدولية التي تسعى إلى المساواة بينها وبين الرجل ودخولها في غمار السياسة والشراكة الاجتماعية في كثير من البلدان.
هذا يفتي بأن خروج المرأة من بيتها “عورة”، وبعضهم ذهب إلى أن كلها “عورة”، ونزولها البحر يعتبر في منزلة “الزنا” لأن البحر “ذكر”، وآخر يجيز زواجها في سن العاشرة حماية لها من الانحراف، ويقول آخر إنه “يحق للرجل النظر إلى المرأة المتبرجة لأنها أسقطت حقها، حين خلعت الحجاب”.
وتندرج بعض الفتاوى الشاذة بحق المرأة، تحت الكوميديا السوداء، عندما يحّرم عليها أن تأكل بعض الخضروات، أو ملامسة الخيار والموز، حتى لا تشعر بالشهوة، وأن تشغيلها جهاز التكييف في غياب زوجها حرام، لأنه يعطي إشارة للجيران بتواجدها في المنزل. كما حرموا عليها أن ترتدي الملابس الضيقة أمام أخيها أو والدها، والأدهى أن بعضهم ذهب إلى أن عقد الزواج يكون باطلا إذا تجردت الزوجة من ملابسها أمام زوجها.
هذه الأنواع من الفتاوى وغيرها الكثير، لم تعد قاصرة على مجتمع عربي بعينه، لكنها تفرقت بين المجتمعات، كل حسب هواه، ومدى قدرة المؤسسات الدينية الرسمية على حماية حق المرأة في الحياة.
ولا ينسى كثيرون، ما أثاره إمام مسجد النور ببرلين في ألمانيا، في خطبة يوم الجمعة الأولى من أغسطس الماضي، بإصداره فتاوى، اعتبرها المجتمع الألماني تحقيرا للمرأة، حيث أباح عدم جواز رفض المرأة دعوة زوجها في الفراش، حتى وإن كانت حائضا، ولا يجوز للزوجة المبيت حتى في بيت والديها، دون إذن الزوج ووصفت بعض الصحف الألمانية هذه الخطبة بأنها “تدهس حقوق المرأة بالأقدام”.كما وصفها فرانك هينكل، وزير الداخلية الألماني، بأن “هذه أيديولوجية دينية مظلمة تحتقرالنساء”.
فرخندة حسن، أمين عام المجلس القومي للمرأة في مصر سابقًا، وإحدى أبرز الناشطات في حقوق المرأة، وصفت هذه الفتاوى بأنها مسيئة للدين الإسلامي، ويمكن الإرتكان إليها في الدول الأوروبية للتأكيد على النظرة السلبية للمرأة في الإسلام، برغم أن العقيدة الإسلامية منها بريئة.
وأفادت في تصريحات لـ”العرب” أن دعاة الفتاوى الشاذة، ينظرون إلى المرأة العربية على أنها “نكبة”، ويعتبرونها سببا في دمار المجتمعات، برغم التطور الثقافي العربي في نظرة المجتمعات والساسة والأنظمة للمرأة في السنوات الأخيرة.
الخطورة الأكبر، أن يتم استغلال الدين، في تشويه المرأة، أوإجبارها على مسار معين، ما قد يتسبب في أن يجبرها الزوج أو الأسرة على إتباع هذه الفتاوى. ومع مرور الوقت تتفكك الأسرة، ويمكن أن تعيش المرأة في سجن طويل لا تخرج منه. وقالت فرخندة: الحل أن يقوم كل شخص بتحليل الفتاوى بعقله، وإن لم يقتنع بها بعقله وفكره أو لا تتناسب معه، فلا يتطرق إليها مطلقا”.
إلى ذلك، يبقى تغيير نمط التعليم في المعاهد الأزهرية، وتحسين صورة المرأة في المناهج التعليمية العربية، أقصر الطرق للقضاء على مثل هذه الفتاوى المدمرة للمرأة.
وأشارت إلى أنه مهما حاول بعض الشيوخ النيل من كرامة النساء ووضعيتهن ومستقبلهن باسم الدين، يبقى الواقع أكثر إيجابية، خاصة مع تحضر ثقافة الكثير من الشعوب العربية في نظرتها للمرأة.
يذكر أن دراسة صدرت في أواخر العام 2013، بعنوان “الفتوى الضالة عن الإخوان والسلفيين”، عن الدكتور سيد زايد، عضو لجنة الفتوى بالأزهر الشريف، كشفت أن الفتاوى الشاذة التي تتعلق بالمرأة، خلال حكم جماعة الإخوان المسلمين فقط، بلغت حوالي 51 فتوى، جميعها لا تتوافق مع الدين الإسلامي، ونظرته للمرأة.
وفي تقدير أشرف بيومي الأكاديمي وأستاذ النفس والاجتماع، أن هذا النوع من الفتاوى، يعتبر عنفا ممنهجا ضد المرأة العربية، فالعنصرية والتحقير عنف، وأي فتوى قد تعرضها للإيذاء البدني أو اللفظي لأجل إرغامها على تنفيذها والاقتداء بها، سواء من المجتمع أو الزوج أو الأسرة.وقال لـ “العرب” تقع محاولات وضع المرأة في خانة “العورة أو الشهوة”، في خانة الهوس الجنسي من هذه الفئة من الدعاة ولا بديل عن صدور قانون بتجريم الفتاوى لغير الأزهريين والمتخصصين في الفتوى، باعتبارهم أصحاب الدراسة والعلم، بحيث تكون بعيدة عن التشدد والفكر المتطرف.
وأضاف أن استمرار هذه النظرة الدونية للمرأة، خطر على كل المجتمعات، وتهديد صريح للاستقرار الأسري، وهناك أسر ترى في بعض الفتاوى أنها مسلم بها، في ظل صمت أهل العلم في الرد على المتشددين.
وقد يصل الحال بالمرأة التي ترغم على تطبيق فتوى تخنق حياتها وحريتها، أن تفكر في إنهاء حياتها بأي شكل، لذلك تبقى المسؤولية الأكبر على وسائل الإعلام أن تمنع نشر أو استضافة شيوخ الفتاوى الشاذة، لأجل استقرار المجتمعات، لأن هذه الفتاوى تطرف لا يقل خطورة عن الإرهاب الجسدي.
المصدر : العرب
www.deyaralnagab.com
|