مغالطات : وزارة الأوقاف الكويتية تحذر من حرية المرأة "كمظهر للإلحاد"!!
بقلم : الديار ... 24.03.2018
الكويت - أثارت وزارة الأوقاف الكويتية الجدل مجددا بربطها الدعوة إلى تحرير المرأة بما سمته ظاهرة “الإلحاد المعاصر”.
وجاء ذلك في خطبة الجمعة الموحدة التي وزّعتها الوزارة أمس على الخطباء والأئمة في مختلف المساجد والجوامع تحت عنوان “الإلحاد المعاصر: خطورته ومظاهره”، متضمنة فقرة تقول “أهل الإلحاد المعاصر أضافوا إلى ذلك الدعوة إلى الانحلال من جميع القيود الشرعية والأخلاقية، والدعوة إلى حرية المرأة التي هي في حقيقة الأمر انسلاخها من الأعراف والعفة والحياء إلى عادات الكفار والانحلال والتبرج والسفور”.
كما اعتبرت الخطبة ذاتها أن “الوقوف في وجه هذه الفتنة النكراء وهذا الإرهاب الفكري الإلحادي الشنيع من أعظم الجهاد في سبيل الله؛ لأنه دفع للصائل عن الدين والدنيا جميعا”.
ويثير مثل هذا الخطاب مخاوف العديد من الدوائر السياسية والفكرية الكويتية المحذرة من أنّ صدوره عن هيئة رسمية في الدولة مؤشر سيء على تغلغل متشددين في مؤسساتها وامتلاكهم إمكانية التأثير في صياغة خطابها وتوجيه سياساتها.
وانتقد ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي اختيار موضوع الخطبة على اعتبار أنّ ما سماه محرّروها “ظاهرة الإلحاد” اتهام باطل للمجتمع ومحاولة من قبل الدوائر المتشدّدة داخل وزارة الأوقاف استدامة الضغوط عليه بتضخيم مسألة هامشية، فضلا عن الخلط الفظيع بين مطلب حضاري مجتمعي يتمثّل في تحرير المرأة والارتقاء بوضعها ومسألة الإلحاد.
وقال أحد النشطاء إنّ مسألة الإلحاد على افتراض وجودها لدى بعض الأفراد، لا ترتقي إلى أهمية قضية ترشيد الخطاب الديني وتنقيته من مظاهر التشدد والمغالاة، وهي قضيّة أحرى باهتمام الوزارة من قضايا أخرى هامشية.
وردّ عليه آخر بالقول إنّ ذلك يمرّ أولا بتنقية مؤسسات الدولة الكويتية، ووزارة الأوقاف بالذات، من العناصر المتشدّدة وعلى رأسها أتباع جماعة الإخوان المسلمين الذين تسرّبوا إلى الوزارة طيلة العشريات الماضية ومازالوا يستغلونها في نشر أفكارهم، ومن ضمنها ما ظهر في خطبة الجمعة.
وكثيرا ما تعكس تصريحات مسؤولين كويتيين وعيا واعترافا بوجود مشكلة في الوزارة المذكورة، وبحتمية معالجة تلك المشكلة دون أن يتمّ ذلك بالفعل، ما يعني مواصلة دوائر متشدّدة احتلال مواقع هامّة فيها بحيث تمنع إصلاحها وترشيد ما يصدر عنها من خطاب.
نشطاء كويتيون يرون في اختيار الإلحاد موضوعا لخطبة الجمعة الموحّدة في مساجد وجوامع الكويت اتهاما باطلا للمجتمع ومحاولة من قبل الدوائر المتشدّدة داخل وزارة الأوقاف استدامة الضغوط عليه بتضخيم مسألة هامشية لا ترتقي إلى مرتبة الظاهرة، فضلا عن الخلط بين تلك المسألة والمطالبة المشروعة بحرية المرأة والارتقاء بوضعها
وسبق لإخوان الكويت أن خاضوا معركة معلنة ضدّ وزير الأوقاف السابق محمّد الجبري بسبب برنامج وضعته وزارته بهدف تطهير مؤسساتها من المتشدّدين وترشيد الخطاب الديني لتجنّب محاذير الطائفية ودعم الإرهاب.
ويسجّل متابعون للشأن الكويتي ما يصفونه بالعودة القوية لتيارات إسلامية، من سلفية وإخوانية، إلى واجهة الأحداث في البلد، واتخاذها من بعض مؤسسات الدولة ومن ضمنها مجلس الأمّة ومن وسائل الإعلام منابر للضغط على المجتمع وممارسة الوصاية عليه.
كذلك يُعتبر قطاع التعليم من القطاعات الأثيرة لدى إسلاميي الكويت، حيث يرون فيه، أسوة بكبار قادة جماعة الإخوان المسلمين بمن فيهم المؤسسون الأوائل للجماعة، أفضل بوابة وأقصر طريق لأسلمة المجتمع وتأسيس أرضية داخله لأسلمة مؤسسات الدولة وتسلّم زمام قيادتها.
وسبق لوزير التعليم السابق بدر العيسى أن وصف وضع التعليم في بلاده بالمحزن قائلا إن مؤسساته “تتفشى فيها القبلية والتيارات الإسلامية، والإخوان متمكنون جدا من هيئة التعليم ومنتشرون داخلها”.
ويشتكي كويتيون، لا سيما من أبناء الجيل الشاب، ممّا يعتبرونه تصعيدا من قبل قوى الإسلام السياسي لضغوطها على المجتمع، ومحاولتها فرض قراءتها المتشدّدة للدين، وسعيها لفرض أخلاقيات منافية للتطور من خلال تكفير وتجريم ممارسات لا تنطوي على أي تجاوزات أخلاقية أو مخالفات لتعاليم الدين وتقاليد المجتمع.
وتشهد الكويت على غرار مختلف الدول العربية صعود جيل شاب متأثّر بتيارات العولمة التي سرّعت وسائل التواصل الحديثة من انتشارها.
ومن ضمن تأثيراتها الميل إلى الحرية ورفض ضغوط رجال الدين وتسلّط تيارات الإسلام السياسي على الحياة العامّة ومحاولتهم فرض تعاليمهم وقراءاتهم المتشدّدة للدين.
ويبدو رموز الإخوان والسلفية في الكويت منقطعين عن واقع التطوّر في البلاد ودافعين نحو الصدام مع جيل الشباب من خلال تعاليمهم الغريبة!!
www.deyaralnagab.com
|