عيد المرأة يتحول إلى حدث سياسي في تونس!!
بقلم : حسن سلمان ... 14.08.2020
تحول العيد الوطني للمرأة التونسية إلى حدث سياسي في البلاد، حيث استغل الرئيس قيس سعيد المناسبة لإصدار عفو خاص عن 73 سجينة، فضلا عن لقائه عددا من العاملات الفلاحيات، إضافة إلى المناضلة الحقوقية راضية النصراوي، فيما أكد رئيس البرلمان، راشد الغنوشي، تمسك البرلمان بالدفاع عن حقوق المرأة و«التفاعل الإيجابي مع كلّ مشاريع ومقترحات القوانين والاتفاقيات الدولية الهادفة لتحقيق المزيد من المكاسب للمرأة التونسيّة والتصدّي لكلّ مظاهر التمييز والعنف والتهميش والعمل على إنهائها».
وبمناسبة الاحتفال بالعيد الوطني للمرأة، والذي يتزامن مع الذكرى 64 لصدور مجلة (قانون) الأحوال الشخصية، قرر الرئيس قيس سعيد «تمتيع 73 سجينة بالعفو الخاص مما يفضي إلى إطلاق سراح 23 سجينة منهن، فيما تتمتع البقية بالحط من مدة العقاب المحكوم به»، وفق بيان أصدرته الرئاسة التونسية.
كما قام سعيد بزيارة إلى منطقة المرايدية من معتمدية بوسالم في ولاية جندوبة (شمال غرب)، حيث التقى عددا من أهالي المنطقة وخاصة العاملات في المجال الفلاحي. واستمع رئيس الدولة إلى «مشاغل العاملات والصعوبات التي يعشنها يوميا على غرار مخاطر التنقل وتدني الأجور في القطاع الفلاحي وانقطاع الفتيات عن التعليم، فضلا عن تداعي عدد من مساكن أهالي المنطقة للسقوط».
كما أكد سعيد ضرورة العمل على تمكين كافة النساء من حقوقهن وخاصة منها الاقتصادية والاجتماعية، وأن لا يكون ذلك مرتبطا بمناسبة بعينها بل عملا متواصلا. وأشار إلى أن التشريعات الموجودة، رغم أهميتها، في قطيعة مع الواقع المعيش للكثير من النساء وهو ما يجب تداركه من خلال العمل أكثر على تمكين المرأة من كافة حقوقها حيثما كانت في المدن أو في الأرياف.
واستغل سعيد هذه المناسبة لزيارة إلى المناضلة الحقوقية راضية النصراوي، في محاولة «للاطمئنان على صحتها وتقديرا لها ولمسيرتها النضالية».
وخلال حديثه مع النصراوي، أكد سعيد أن «تونس لا تزال في حاجة إلى راضية النصراوي وقيمها ومبادئها ونضالاتها، معربا عن يقينه بأنه «لو كان المؤرخ حسن حسني عبد الوهاب على قيد الحياة لألحقها لمؤلفه «شهيرات التونسيات» فهي جديرة بذلك لما قدمته لتونس كمناضلة حقوقية وكامرأة تونسية حرة وشامخة».
كما زار سعيد أيضا الفنانة القديرة دلندة عبدو التي تعاني من وعكة صحية، حيث أشاد بما قدمته للساحة الثقافية والفنية التونسية و«ما تميزت به من خفة روح وقدرات فنية جعلتها تنجح في كسب محبة الجمهور سواء عبر أعمالها المسرحية أو التلفزية أو السينمائية».
فيما أشاد رئيس البرلمان، راشد الغنوشي، بما تحقّق للمرأة التونسيّة من مكاسب منذ دولة الاستقلال، ودعا إلى ضرورة الحفاظ عليها ومراكمتها بما يعزّزها وبما يحمي حقوقها الاقتصادية والاجتماعيّة والسياسيّة كاملة دون نقصان.
وأضاف، في بيان صادر عن رئاسة البرلمان «نذكّر بأن حماية ما تحقّق للمرأة التونسيّة من مكاسب على مرّ العقود الماضية والعمل على تعزيزها وتطويرها هو التزام دستوري، لذا فلا مجال مطلقا للتراجع عن كل تلك المكاسب، بل الواجب مراكمة المزيد منها بما يتلاءم مع التطور الحاصل في الاجتماع البشري وما تعرفهُ بلادنا من تحوّلات لا يُمكنها إلاّ مزيد فتح الآفاق أمام المرأة التونسيّة لتحسين أوضاعها والارتقاء بدورها المحوري في المجتمع والدولة».
كما جددت رئاسة البرلمان «حرصها وجاهزيّتها للتفاعل الإيجابي والسريع مع كلّ مشاريع ومقترحات القوانين والاتفاقيات الدولية الهادفة لتحقيق المزيد من المكاسب للمرأة التونسيّة والتصدّي لكلّ مظاهر التمييز والعنف والتهميش والعمل على انهائها. وتؤكد على اهمية مواجهة المشاغل التي تعبّر عنها عديد الأوساط المجتمعيّة حول الواقع الصعب الذي تعيشه المرأة في عديد من الجهات الداخلية والأحياء الشعبيّة، وتدعو الجهات الحكوميّة إلى مزيد العناية بمثل هذه الأوضاع ووضع الخطط والبرامج التنموية اللازمة لتجاوز كلّ النقائص الموجودة».
وتباينت مواقف الأحزاب السياسة من هذه المناسبة، حيث اعتبرت رئيسة حزب الدستوري الحر، عبير موسي ،أن هذه السنة البرلمانية تعتبر سنة مرجعية في العنف السياسي ضد المرأة، مضيفة «كل الوفود التي حضرت المشاورات الحكومية لا تتضمن العنصر النسائي وهذا يعتبر تقزيما للمرأة وإبداء رأيها في المجال السياسي».
فيما استغل هشام العجبوني رئيس الكتلة الديمقراطية في البرلمان المناسبة لاستعراض نماذج من مساهمة المرأة التونسية في حركة المقاومة المسلحة، حيث دون على صفحته في موقع فيسبوك «خضراء الزيدية صعدت إلى الجبل مع زوجها. ومبروكة بنت محمد زوجة المقاوم حسن الغيلوفي: استقبال المقاومين وإيواؤهم وحفظ أسرارهم وتعرّضها للتهديد من القوات الاستعمارية. وحسينيّة رمضان عميّد: حملت السلاح مع الأزهر الشرايطي، فجّرت جسرا على وادي المالح بين قفصة وزانوش، تحصلت على «بطاقة دولاتور». ومحجوبة الموساوي: مقاومة وصحافية في عصابة الشرايطي، تجمع المعلومات. وريم المسّية: من المكناسي زوجة مناضل، مموّلة للمقاومة وتخيط زي المقاومين. ومحبوبة حرم عبد الحفيظ الحاجّي: ابنها المقاوم حسين الحاجّي، من أولاد الحاج سيدي عيش، مموّلة للمقاومة».
وكتب عبد الوهاب الهاني، رئيس حزب المجد «كل عام والمرأة التونسية بألف خير في عيدها الوطني الرابع والستين.. تونس تكاد تكون الاستثناء في العالم حيث يقترن عيد المرأة بإصدار قانون تضمن أبرز الإصلاحات المجتمعية في مجلة الأحوال الشخصية. كل عام وتونس بخير».
وتحت عنوان «عيد بأي حال عدت يا عيد؟»، كتبت النائبة عن حركة النهضة، جميلة الكسيكسي «نحن معاشر النساء والرجال نشكل خليتين في جسم المجتمع، بما يفرص بناء علاقة على قاعدة الانسجام والاشتراك في الفعل والحركة بما يقوي الجسم لا بما يضعفه أو يسلب بعضا منه أحد مصادر قوته. أرى أن الواقع مشترك والمصير مشترك وأن العلاقة بين الرجال والنساء جدلية تقوم على قاعدة التأثير والتاثر. لذلك فإن كل ما يمس النساء ينعكس على الرجال بالضرورة والعكس صحيح وينعكس كذلك على باقي المجتمع. لقد حققنا الكثير وما زال الأكثر ما زالت معركة التوازن في مسك السلطات وتصدر مراكز النفوذ مستمرة لقد تأخرت تمظهراتها بعد ستة عقود من إعداد الأرضية (الحق في التعليم والصحة والعمل والانتخاب وباقي الحقوق المدنية والاجتماعية) تأخر قطار المساواة وتكافؤ الفرص في المجال السياسي».
وأضافت «بعد 63 سنة من الحقوق ومن الشرارة الأولى لتحرير المرأة التونسية، لم نتوصل بعد إلى جني كل ثمار المكتسبات، هذه المرأة إلى تتربع على مقاعد الجامعات وفي مراكز البحث العلمي والتي اكتسحت فضاءات التدريس بكل مستوياتها والقضاء والطب والهندسة والمحاماة والفلاحة والقطاع الخاص وإدارة الأعمال والرقمنة، وغيرها. كل تلك النساء اللاتي تفوقن بالفكر والساعد (الفلاحات فخر البلاد) واستطعن بالجهد وبما أوتين من خصائص بشرية أن يصبحن كفاءات حقيقية واستطعن التأثير في حياة الناس بشكل مباشر. كل تلك النساء لا توجد بحجم فعلهن وبحجم قدرهن واقتدارهن في مراكز صناعة القرار بجميع أطره».
*المصدر : القدس العربي
www.deyaralnagab.com
|