لماذا لا تتدخل روسيا وترسل آلاف الحوريات!؟
بقلم : سهيل كيوان ... 04.04.2013
التركيز على الهامشي لإبعاد الأنظار عن الحدث الأساسي، هو سياسة مارستها وتمارسها السلطات الظالمة حسب أهوائها في مواجهة المعارضين في كل زمان ومكان، وذلك بما يخدم سياستها وتطويل أمد بقائها، فهي قد تضخّم حدثا عاديًا وحتى تافهًا، فتجند له إعلامها وتحوله الأهم في حياة الناس، تركز عليه فيناقش وتُدبج حوله المقالات والدراسات وتجند الأموال لدعمه أو محاربته، في الوقت الذي تتجاهل فيه الجوهري والأهم والمصيري.
السلطة الغاشمة تحاول التقليل من شأن خصومها وإهانتهم، تحقيرهم، المسّ بسمعتهم، وتصغير شأنهم في عيون الجماهير، في حقبة تاريخية ما اتهم الشيوعيون بأنهم يمارسون نكاح المحارم، عندما كانت مهمة الأنظمة محاربة الشيوعية كقوة صاعدة على صعيد العالم، وقد اتهمت هذه الحركة بالإباحية والإلحاد لتسهيل محاربتها، وهذا حد جدًا من توسّعها وانتشارها بالفعل.
للعامل الجنسي أهمية كبيرة في السلم وفي الحرب،
ويلعب دورًا قويًا في تحفيز الجنسين على الإبداع في أي مجال يلتقيان فيه، ومعروف أن المؤمنين الأتقياء وُعدوا إلى جانب طيبات الجنة بالحوريات لإمتاعهم وبدون أي قتال أو عمل استشهادي، ويشهد تاريخنا أن سبي الجواري كان حافزًا قويًا للقتال وتقدم الصفوف في الفتوحات الإسلامية.
كذلك فإن النساء يخدمن في معظم الجيوش الغربية إلى جانب الرجال، ومهماتهن لا تقتصر على القتال، كثيرات منهن يحملن خلال الخدمة العسكرية بغير قصد أو عمدًا كي يتم إطلاق سراحهن من الخدمة وربما يحصلن على مكافأة، الجيش الإسرائيلي مكون من ذكور وإناث، وتلعب المجندات دورًا كبيرًا في رفع معنويات الجنود، وكثيرًا ما تشاهد جنديًا ومجندة في مكان عام يتبادلان القبل، فالجنس طبيعة بشرية قوية، هناك من يوجهها وينظمها لتخدمه، وهناك من يوظفها سياسيًا بهدف الإساءة وتشويه الخصوم والأعداء.
استخدم الجنس خلال الثورة في مصر، حين اتهمت البطلات المشاركات بالمظاهرات في الميادين بالانحلال الأخلاقي، بعد انتصار الثورة وفي زمن الدكتور مرسي حاول رجال دين أو طفيليات متسلقة على الدين تحقير المعارضات لحكم الإخوان والاستخفاف بهن، بل أن بعضهم راح يبرر الاعتداء والتحرش بهن حد الإغتصاب، فيقلب الأمور ويحملهن المسؤولية، كذلك راح بعض العلمانيين وخصوم الإخوان يبحثون عن -فضائح إسلامية- مثل خلوة غير شرعية بين ناشط إخواني أو سلفي ملتحٍ وسيدة محجبة، فرسموا وكتبوا وضخّموا وشوّهوا.
التهمة جاءت معاكسة في الوضع السوري، فالمتهم بالنكاح غير المشروع والانحلال والشهوانية هي الحركات الإسلامية المنضوية تحت لواء الثورة ومحاربة النظام،والذي يوجه الإتهام هو النظام الذي يتغنى بالعلمانية والتحرر وحقوق المرأة، حيث ركز في حربه الإعلامية على فتاوى بعض المعتوهين وضخمها وجعلها السّمة الأساسية للثورة، وآخرها ما سمي بفتوى 'نكاح الجهاد' التي نسبت لشيخ سعودي أنكرها بدوره!
وسواء أفتى أم لم يفت بها، فهذا ليس صلب الموضوع ،ولا الهدف الذي انطلقت الثورة لأجله ودفعت بعشرات الآلاف من أبنائها.
إسرائيل في حربها ضد الفلسطينيين استغلت سلاح الجنس، فقد بثت في عام النكبة الرعب ليس بقتل وطرد الناس من بيوتهم فقط، بل ببث الرعب من خلال التهديد بانتهاك الأعراض والاغتصاب، الأمر الذي جعل مئات آلاف من الفلسطينيين يتركون قراهم من دون قتال خشية على أعراضهم.
في الانتفاضة الثانية حاولت إسرائيل الإثبات للعالم بأن رجال العمليات التفجيرية الذين يضحون بحياتهم ليسوا سوى مرضى جنس، يطمحون بالحوريات التي وعدوا بها في الجنة، وكأنه ليس للفلسطينيين قضية احتلال ولا تهويد ونهب أرض ولا قضايا أسرى ولا طرد من البيوت ولا إذلال يومي على الحواجز، ولا يشغل بال الشباب الفلسطيني سوى النكاح وبأعداد هائلة، وقد تواطأ بعض الكتاب والمفكرين والسياسيين العرب مع هذه الرواية وراحوا يتداولونها ويكتبون ويجتهدون بالإساءة لمن ضحوا بأرواحهم، خدمة مجانية منهم لاحتلال ظالم سعى ويسعى إلى شيطنة المقاومين الذين ضحوا بأغلى ما يملكون، علمًا أن عمليات استشهادية كثيرة نفذها شبان وشابات لا ينتمون للحركات الدينية، وسبق الجميع بهذا الشهيدة سناء المحيدلي وهي من أوائل الاستشهاديات في الجنوب اللبناني علمًا أنها تنتمي لحزب علماني.
السلطات السورية حاولت منذ البداية أن تشوه وجهة ثورة الشعب السوري وأهدافها، كان التركيز على الشيخ عدنان العرعور، فانتقت بعض أقواله، وقررت أنه هو الذي يمثل الثورة متجاهلة القيادات والشعارات العلمانية الإنسانية، ومئات الآلاف الذين كانوا ينشدون ويدبكون في الشوراع ويهتفون-سلمية سلمية-إسلام ومسيحية، هكذا زج النظام بسلاح المذهبية-سنة-شيعة-مسيحيون- لتشويه أهداف الثورة.
الحرب الإعلامية بين بعض متعصبي السنة والشيعة ليست جديدة،اليوتيوب مكتظ بأشرطة مستفزة من الطرفين منذ سنين طويلة، يركز فيها الطرفان على قضايا الجنس والموقف من المرأة، ومعظمه تشويه للإسلام ومن الطرفين.
ثم جاء دور توظيف الغرائز فروّجوا قصة تزويج القاصرات السوريات في مخيمات اللاجئين في الأردن ،وكأن الثورة تتحمل مسؤوليته لو حصل بالفعل، كذلك اغتصاب النساء اللاجئات في المخيمات على الأراضي التركية وبالعشرات، وكأنه لا وجود لنظام ولا منظمات ولا أحزاب ولا إنسانية ولا إسلام في تركيا، ثم جاء'نكاح الجهاد'، والفياغرا والمناديل المعطرة استعدادًا للقاء الحوريات،وبعض التصريحات البلهاء، هكذا بكل بساطة في محاولة لشيطنة الثورة والثوار، وكأنما كل هذه الدماء الطاهرة سالت وتسيل لإشباع الغرائز الحيوانية، ولكن إذا صح هذا، فما هي المشكلة بأن تتدخل روسيا الحليفة الكبرى للنظام وتقوم بتشغيل عصابات الاتجار بالرقيق لتحل القضية خلال ثمانٍ وأربعين ساعة، فبإمكان روسيا أن تغمر سوريا بعشرات آلاف الشقراوات اللاتي يُبعن كرقيق في طول وعرض الكرة الأرضية، حينئذ لا داعي لكل هذه الدماء لإشباع رغبات ونزوات ذكور المسلمين وتنقذ النظام من أزمته.
لا شك أن هناك من يسيء بالفعل، والمشاركون في الثورة ليسوا قديسين بملايينهم، وقد يتصاعد هذا السيل من الفتاوى التافهة، والكذب والفبركات،وتصرفات البعض الحيوانية، والجرائم التي يرفضها كل صاحب ضمير وحسٍ بشري،ولكن تبقى الحقيقة الراسخة والساطعة، وهي أن الثورة ما كانت لتكون وتستمر رغم كل هذا القمع والشراسة والتضحيات لولا أن الشعب بغالبيته هو الذي يحركها، وليس حفنة من الشاذين أو المعتوهين جنسيًا ونفسيًا وفكريًا.
www.deyaralnagab.com
|