صناعة الشياطين…!!
بقلم : سهيل كيوان ... 22.08.2013
ازدهرت صناعة شيطنة الخصوم السياسيين، تخوينهم والعمل على حشرهم في خانة الإرهابيين بهدف استئصالهم.
هناك من يتصرف بغباء مفرط ويبحث اقتراح إخراج الإخوان عن القانون وتحويلهم إلى تنظيم إرهابي محظور، وهذه بالذات التربة الخصبة جدًا التي نمت وتنمو فيها الحركة سواء تحت اسم الإخوان أو أي اسم آخر يحمل الفكرة نفسها، خصوصا بعد الطريقة الإجرامية التي تم التعامل معهم فيها وكأنهم ليسوا مصريين ولا بشر، بل غزاة وصلوا من كوكب آخر واحتلوا ميادين مصر وشوارعها، وبات على القوات المسلحة إنقاذ الوطن من احتلالهم، فقد تمت شيطنتهم بمثابرة ونجاح إلى أن حان وقت قطافهم، صاروا شياطين، وليس مع الشيطان تفاهم سوى محاربته وإلغائه وقتله وسجنه واعتقاله، ليس للشيطان أم ولا أب ولا أبناء يبكونه، الشيطان لا يتألم عندما يُضرب أو حتى يُحرق، الشيطان لا يبكيه ولا يرثيه إلا أبناء ملته، الشيطان لا يعيل أسرة ولا أسرة تهتم به، ليس له زوجة وإذا كان له فهي شيطانة، وقتل الشيطان مباح، فليس لدمه حرمة ولن يطالب بحقه سوى شيطان مثله، وحينئذ لا مشكلة بقتله هو الآخر لأنه متحالف مع الشيطان بهدف نكاح شيطانة، ومن ينكح شيطانه يقتل، لأنهما قد ينجبان شيطانًا يفسد في الأرض، وقتل الشيطان قبل ولادته أفضل من انتظار ولادته ثم اعتقاله والتحقيق معه، لأنه يعرف كيف يتملص من المحققين، ولديه صبر هائل على تحمل السجن، وهو يخطط من وراء القضبان ليواصل أعماله الشيطانية، وإذا اعتقل بالخطأ ولم يقتل، أي إذا أخذت قوى الخير رأفة به، فالأولى قتله في السجن، لأنه سيحاول الهرب أو قتل السجانين، لا أحد يشفق على الشيطان أو يترحّم عليه، فالجميع سيقول شكرًا لليد التي قتلته، بالإضافة إلى أن كثيرًا من الشياطين ينتحرون عندما تضيق بهم السبل كي يظهروا أنفسهم ضحايا ويتهموا الأبرار بقتلهم.
قدّر ملائكة الإنقلاب الملائكي في مصر أن العالم سيتفهم ما يفعلونه وسيتعاطف معهم ضد الشياطين، وكلمات ومصطلحات مثل إرهاب وإرهابيين ومحاربة الإرهاب كافية للفرز بين نور الملائكة الإنقلابي الذي يجب أن يُدعم من قوى السلم والتقدم والإزدهار الإقليمي والدولي المتنور أينما كان وبين ظلام الشياطين، وهذا مصداقا لما أكده شمعون بيريس وغـــــيره من قيادات صهــــيونية عريقة ومتجددة مرارًا بأن الصراع في المنطقة ليس بين إسرائيل والعرب أو الفلسطينيين، بل أن الصراع بالأساس هو بين الملائكة من صهاينة وعرب معتدلين وشعوب متنورة من جهة وإرهاب وظلام الشياطين من جهة ثانية.
أما أفضل الطرق لمحاربة الشياطين وأقلها تكلفة بل والمربحة جدًا فهي عندما يتقاتل الشياطين ويصفّون بعضهم بعضًا بدون تدخل الملائكة، وخير مثال على ذلك عندما يكون شياطين حزب الله الشيعي في حالة حرب مع شياطين أهل السنة، والشيطان الإيراني في مواجهة شياطين وأفاعي العراق وبلاد الشام.
رافق عملية الشيطنة والأرهبة للإخوان في مصر( أي إتهامهم بالإرهاب) تحريض على شيطان إرهابي صغير اسمه (حماس)، فقد امتدت خيوط التنسيق الملائكي الرحيم من تل أبيب ورام الله إلى القاهرة الى السعودية نصيرة النور والرومانسية، فجأة أصبح لسلطة رام الله حديث وموقف من الإرهاب،علمًا أننا لم نسمعها تسم بالإرهاب من يحرق المساجد ويدنسها ويحرق المحاصيل الزراعية ويقتلع الزيتون ويمنع الفلسطيني من الوصول الى أرضه ويطرده من بيته في القدس ويقتله بدم بارد في الخليل ويلقي عليه القمامة، لم نرهم يحرضون العالم على مرسلي مرتكبي هذه الجرائم بل نراهم يصافحونهم ويتبادلون الصور التذكارية معهم ويسمون هذا مفاوضات.
يُعلمنا تراكم العفن بأنه يجب إعادة النظر بتهمة الإرهاب والتوقف مليًا والتمحيص ومعرفة من الذي يطلقها، ضد من، متى ولماذا، وماذا يختبئ وراء كلمة كهذه!
الصراع مع الإرهاب قديم منذ كان على الأرض ظالم ومظلوم، فقد أطلق الحكام الظلمة صفة الإرهاب والتخريب والردّة والإلحاد على من يعارضونهم أو يقاومون نفوذهم أو ينافسونهم، حتى الإخوان المسلمون لم ينجوا من تهمة الردة عن الإسلام والخروج عن الملة وعمليًا استباحة دمائهم.
المخرب أو الإرهابي ليس اختراعًا إسرائيليا، فقد سبقهم فيه الفرنسيون والإنكليز، ولا أعرف ماذا أطلق الأمريكي الأبيض على الهندي الأحمر،ولكن بالتأكيد سيكون توصيفا يضاهي كلمة إرهابي أوأسوأ منها.
يسرع معظم مدعي’العلمانية’ العرب لتبني تهمة الإرهاب الملصقة بالإسلاميين، ويشاركون الأنظمة فيها لكسب ودها والنفاق لها من أقصر الطرق وأحقرها فيضعون كل مظالم السلطان جانبا ويملأون الدنيا ضجيجًا عن حرية الإعتقاد والتعبير ومحاربة التكفيريين وحماية الأقليات، وينظّرون عن دين الرحمة المتسامح الذي يحرم استباحة دم الإنسان، ولكنهم يتفهمون بطش السلطان ويجدون له المبررات عندما يستبيح الدم خصوصا عندما يكون إسلاميًا (سبحان الله كل الدم حرام إلا دم المسلم)، وكي يحللونه فيجب نزع صفة المسلم عنه، فهو متأسلم، وإضافة التاء والهمزة لكلمة مسلم هي حجة مقنعة لقتله، أو على الأقل لاعتقاله في أبو زعبلنا-مو أو طرّه- نامو أو المزّة- نامو.
إن عجز العلمانيين تنظيميا وفكريًا أمام الإخوان يجعلهم يلجأون إلى أسهل الطرق وهي تهمة الإرهاب والشيطنة، فهي طريقة سهلة وفعالة، إسرائيل جربتها وما زالت تستخدمها حتى وصل الدور الى أغنية -يا طير الطاير-. من الظلم للعلمانية أن نسمي أعداء التيار الإسلامي العرب بالعلمانيين، فهم عموما فاسدون طامعون في السلطة لنهب خيرات الوطن كما فعل حسني مبارك وأبناء أسرته ووزراؤه الأبرياء .
من المخجل اعتبار القبض على رئيس الدولة المنتخب وعلى مرشد الإخوان وقياداتهم إنجازًا أمنيًا، فهؤلاء لم يأتوا من مالي ولا من الشيشان، ولكنه إمعان في الشيطنة وتبرير الجريمة المذهلة والتنصل من تبعاتها.
ما يقوم به الإنقلابيون المرتبكون الفوضويون المذهولون مما فعلت أيديهم الآن، هو عملية استئصال واسعة لتبرير البطش بحزب يضم في صفوفه مئات الآلاف وربما ملايين المصريين، وهو يشبه عملية اجتثاث البعث في العراق والتي يعرف الجميع نتائجها الكارثية.
الإخوان المسلمون ليسوا عضوًا زائدًا في جسد الشعب المصري والمنطقة العربية ولن يتم استئصالهم بهذه البساطة، لأنهم مركب عضوي أساسي في حركة الشعب المصري والعالم العربي كله،عملية الإستئصال المزمعة هذه لن تؤدي إلى شفاء الجسد بل إلى إصابته بمرض عضال قد يستمر أجيالا.
من حقك أن تكون ضد الفكر الديني والإخواني، من حقك أن تكفر أو تؤمن، ولكن عليك أن تقاوم الفكرة بالفكرة والحجة بالحجة، وتجفيف منابع ومصادر البيئة التي تنتج فكرة ما، وأن تكون حضرتك بديلا حقيقيًا للناس وتطلعاتهم في العيش الكريم والحرية وليس نهّابا جديدًا لخيرات البلد حتى ولو ارتديت عباءة جان جاك روسو،ورداء سيدنا الخضر أو القديس جرجس الذي يحارب التنين….
www.deyaralnagab.com
|