إعادة الاعمار بين الحصار و الاليات و الرقابة الدولية!!
بقلم : د.ماهر تيسير الطباع ... 05.11.2014
يعاني قطاع غزة على مدار ثمان سنوات من حصار إسرائيلي ظالم و خانق أدي لتوقف كافة مشاريع التنمية في قطاع غزة خلال تلك الفترة مما كان له الاثر السلبى على حياة المواطنين وتسبب في نقص حاد في الوحدات السكنية , البنى التحتية , الطرق , المستشفيات , المدارس , الطاقة , المياه , هذا بالإضافة لتعرضه لثلاث حروب خلال خمس سنوات أتت على كل ما تبقى من مقومات الحياة الكريمة , و أصبح أكثر من مليون مواطن في قطاع غزة يتلقون مساعدات إغاثية وهو ما يمثل 60% من سكان القطاع , كما ارتفعت معدلات البطالة لتصل 55% وبلغ عدد العاطلين عن العمل 230 الف عاطل عن العمل , وبلغ معدل انعدام الأمن الغذائي 57% من الاسر.
وبعد انتظار دام لمدة 50 يوم تم عقد مؤتمر المانحين لإعادة إعمار قطاع غزة بتاريخ 12/10/2014 في مدينة القاهرة برعاية كريمة من جمهورية مصر العربية , , وتقدمت السلطة الوطنية الفلسطينية بخطة وطنية للإنعاش المبكر وإعادة الاعمار في غزة و تم وضع هذه الخطة بهدف الانتقال من جهود الإغاثة إلى التنمية طويلة الأمد في قطاع غزة عبر أربعة قطاعات رئيسية هي القطاع الاجتماعي وقطاع البنية التحتية والقطاع الاقتصادي وقطاع الحوكمة وتم طلب مبلغ 4 مليار دولار لتنفيذ تلك الخطة , كما تقدمت السلطة بخطة لدعم الموازنة على مدار الثلاث سنوات القادمة بمبلغ 4.5 مليار دولار ,أي أن إجمالى المبلغ الذي كان مطلوب في مؤتمر المانحين لإعادة إعمار قطاع غزة 8.5 مليار دولار , وما تم رصده في مؤتمر المانحين 5.4 مليار دولار على أن يكون نصف هذا المبلغ لإعادة إعمار قطاع غزة أي 2.7 مليار دولار , و النصف الاخر هو لدعم موازنة السلطة خلال الثلاث سنوات القادمة .
لكن للأسف الشديد إن إجمالي ما تم رصده لإعادة إعمار قطاع غزة 2.7 مليار دولار و هذا المبلغ في حالة توفره فهو لا يغطي خسائر الحرب الاخيرة على قطاع غزة وذلك بالرغم من أن غالبية معالم الدمار الذي خلفه عدوان 2009 و 2012 ما زالت باقية على الأرض.
كما أن المبلغ الذي تم رصده في المؤتمر يغطي قطاعين فقط من خطة إنعاش وإعمار قطاع غزة و هم القطاع الاجتماعي وقطاع البنية التحتية و الاسكان , وهو غير كافي لإحداث انتعاش في اقتصاد قطاع غزة ومعالجة الآثار الكارثية للحصار المفروض منذ ثماني سنوات.
ونحن نقترب الان من أعتاب الشهر الأول على انعقاد مؤتمر المانحين ومازالت العديد من التساؤلات مطروحة دون إجابة واضحة لها و أهمها:
• متى سوف تبدأ عملية إعادة الاعمار الحقيقة لقطاع غزة؟
• ما هي المدة الزمنية لتسليم أموال المانحين للجهات التى سوف تتولى عملية الاعمار؟
• متى سوف يتم تعويض المتضررين من الحرب؟
• متى سوف يتم تعويض أصحاب المنشآت الاقتصادية التى تم تدميرها خلال الحرب؟
• ما هي آليات و معايير إعادة الاعمار و التعويضات؟
• كيف يمكن للمواطن الغير متضرر من الحرب الاخيرة الحصول على كيس الإسمنت؟
ونتيجة لتلك التساؤلات بدأت تتسرب إلى المواطنين مخاوف كبيرة من عدم امكانية تنفيذ عملية الاعمار على أرض الواقع بسبب الاجراءات الاسرائيلية المتواصلة على المعابر واستمرار فرض الحصار وضبابية وقسوة الالية الدولية لإدخال مواد البناء الى قطاع غزة.
وعلى صعيد الحصار و المعابر التجارية فبعد مرور أكثر من شهرين على إعلان وقف إطلاق النار فلم يتغير شئ على أرض الواقع فحال المعابر كما هي قبل الحرب الاخيرة بل تكاد تكون أسوء فكافة المعابر المحيطة بقطاع غزة مغلقة باستثناء معبر كرم أبو سالم و الذي يعمل وفق الآلية التى كان يعمل بها قبل الحرب , و التغير الوحيد على حال المعابر هو إدخال 75 شاحنة من مواد البناء للقطاع الخاص بتاريخ 14/10/2014 بالتزامن مع زيارة الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون, لكن للأسف الشديد وبعد حجز تلك الكمية لمدة 15 يوم تم توزيعها بطريقة الكوبونة المدفوعة على المتضررين بتاريخ 31/10/2014 , علما بأن هذه الكمية لا تمثل سوى 18% من الاحتياج اليومي لقطاع غزة من مواد البناء حيث يحتاج قطاع غزة لإعادة إعماره من ثلاث إلى خمس سنوات لكن هذا يتطلب إدخال ما يزيد عن 400 شاحنة يوما فقط من مواد البناء ( الاسمنت و الحديد و الحصمة و البسكورس ) دون رقابة أو قيود، لكن في حال تم تطبيق آلية الرقابة الصارمة و العقيمة على دخول مواد البناء سوف يحتاج قطاع غزة إلى 20 عام لإعادة الاعمار.
والخلاصة من ذلك تكمن بأن استمرار الحصار الإسرائيلي الظالم على قطاع غزة سوف يبقى مساعدات المانحين المالية حبرا على ورق ولن يشعر المواطن بعملية إعادة الأعمار و التنمية.
خبير ومحلل اقتصادي
www.deyaralnagab.com
|