لا لممارسات وانتهاكات الأنظمة العربية!!
بقلم : سهيل كيوان ... 28.12.2017
لو دققتم النظر وأصغيتم جيدا لرأيتم وسمعتم أن شريحة واسعة من أبناء أمتنا مصابة بأعراض مرض اسمه «لا للبسطار الإسرائيلي نعم للبسطار العروبي»، في هذه المقالة تستطيع أخي القارئ أن تعرف إذا كنت مصابا، وإليك أعراض هذا المرض.
هل تشتم الاحتلال الإسرائيلي في الليل والنهار وتطالب بحرية الأسرى في فلسطين وتقف دقيقة حداد لذكرى شهدائها، وتنشد بخشوع موطني موطني في افتتاح أي مناسبة، وتدعو لوحدة إسلامية مسيحية ضد الاحتلال، وضد قرار ترامب بالنسبة للقدس، وتدعو لتظاهرات وتشترك فيها، وتطالب أردوغان بتنفيذ تهديده بقطع العلاقة مع إسرائيل؟ ولكن أنت نفسك لم ترفع ولا مرة شعارا مطالبا بحرية الأسرى في سجون سوريا، ولا تظاهرات ضد دوس حقوق الإنسان في الوطن العربي، ولا ضد أحكام الإعدام بالجملة في مصر، ولا اشتركت في مظاهرة ضد استمرار العلاقات بين إسرائيل والأردن ومصر وإسرائيل، وكأن الأمر لا علاقة له بكل ما يجري في المنطقة، مع أنك ذكي وتعرف، ولكنك تنوي أن تسافر إلى عمّان وتعبر الحدود بلا عقبات كي تلتقي هناك بقوميين عرب، ومن هناك لتحيوا صمود النظام السوري في وجه المؤامرة الكونية، وتريد أن تزور القاهرة أو أن تصيّف مع العائلة في شرم الشيخ من دون أن تستجوب أو أن تتبهدل في المعبر، أو لأنك ارتحت لاستضافتك على فضائية أسهل ما فيها شتم الاحتلال الإسرائيلي بإنشاء رائع، ثم تمتدح محور المقاومة من دون التطرق لما يعانيه الشعب السوري، مثلا، بسبب سياسة النظام، ثم تقول نحن مع سوريا شعبا ونظاما، ولا تلتفت إلى ما يعانيه شعب إيران حيث تُسجّل في هذا البلد المسلم واحدة من أعلى نسب تنفيذ الإعدام في العالم، ثم تصمت على ما يتعرض له الفلسطينيون في لبنان، الذين يعيشون في ظروف لا يمكن قبولها لأعتى الأعداء، وتقول للاجئين السوريين إنهم «مستاهلين اللي بيصير فيهم». إذا كنت واحدا من هؤلاء فهذه أعراض قوية للمرض المذكور أعلاه!
تغيّر صورة بروفايلك في الفيسبوك إلى صورة الفتاة البطلة عهد التميمي، أو الشهيد إبراهيم أبو ثريا المقعد في كرسيه، وتطالب بإطلاق سراح الطفلة البريئة التي صفعت جندي الاحتلال، ولكنك تمتدح نظاما يحتجز مئات الفتيات والفتية، وتغض الطرف عن آلاف السجينات السوريات خصوصا، والعربيات عموما، أسألك بالله، ألا تعرف في نُص خاطرك ماذا كان سيكون مصير ابنتك أو زوجتك أو اختك إذا صفعت جنديا من جنود النظام في مواجهة ما، في حلب أو في أي مدينة عربية من المحيط إلى الخليج، حلّفتك بشرف ابنتك وأمك ألا تعرف ما هو مصير فتاة كهذه وأسرتها لو صفعت جنديا من جنود فيلق القدس الإيراني أو من ناشطي الحشد الشعبي.
هل أنت ممن يتحدثون كثيرا عن سوء معاملة الأسرى في سجون الاحتلال، وعدم تقديم العلاج لهم، ولكنك لم تكلف خاطرك في البحث عن وضع السجينات والسجناء السياسيين في الوطن العربي، وعن أسباب سجنهم وما رأي المنظمات الدولية في ظروف سجنهم. إذا كنت من هؤلاء فهذه من أعراض المرض، أما إذا كنت فلسطينيا فهذا يعني أنك تطالب العرب بأن يشعروا بآلام شعبك ولكنك تدير ظهرك لآلامهم وهذه وقاحة من حضرتك.
هل تشتم أمريكا وإسرائيل وتصفها بأنها قوى التكبر العالمي وتمتدح آيات الله وبرامجهم الصاروخية وتحيي بيونغ يانغ، ولا تتذكر أنه في كل عام يعدم المئات من البشر في إيران على رافعات وبنسبة هي الأعلى في العالم، ومعظمهم لأسباب سياسية، كذلك تنسى أن من يتثاءب أمام كيم جونغ لي قد يلقى حتفه من حيث لا يحتسب! إذا كنت من هؤلاء فأنت تقول نعم للبسطار الإيراني ولو من تصنيع كوري وبحب كبير.
هل تطالب بحرية صحافي فلسطيني وتتناقل في الفيسبوك صورة اعتداء عليه أو استشهاده في الضفة الغربية أو قطاع غزة، ثم تكتب محيّيا صمود أنظمة تحتل منذ عقود ذيل قائمة العالم في حرية الصحافة، والأولى في الاعتداءات على الصحافيين واختفائهم القسري، ولا تكلف خاطرك ولو بنظرة واحدة لفحص وضع الصحافة هناك! إذا كنت من هؤلاء فحالتك خطيرة.
هل أنت معجب بفضيلة شيخ أو سيادة مطران وتتغنى بموافقه الوطنية ضد ترامب، وهو نفسه تستضيفه فضائية ما فيمتدح نظام الأسد، ويصمت على نظام مصر الانقلابي، وبعد أيام تستضيفه فضائية إماراتية أو سعودية فيحيي المكرمات الملكية والأميرية ووقوفها إلى جانب القضية الفلسطينية أبا عن جد، إذا كنت من هؤلاء فوضعك مقلق جدا.
هل أنت معجب بمن يقف في الكنيست الإسرائيلي من القائمة العربية المشتركة أو بمسؤول كبير في لجنة المتابعة لشؤون عرب 48 ويصرخ بأعلى صوته ضد النائب الليكودي العنصري حازان الذي اعترض حافلة لذوي الأسرى وتوجه إليهم بكلام بذيء عن أبنائهم، ويسرع ليكون الأول لالتقاط صورة مع أسير محرر، ولكن هذا المسؤول نفسه يبلع لسانه ويغدو كفيفا وأبكم أمام قتل الأبناء وسحلهم أمام ذويهم في نظام عربي سفاح وقاتل، ولا يفك عقدة لسانه إلا لمدح النظام المعادي للاستعمار والامبريالية. هل تعتمد في مواقفك على التقسيم الثنائي الذي يعود للألفية الرابعة قبل الميلاد، إما معنا أو مع «داعش»، إما مع إسرائيل أو مع إيران وحزب الله وكوريا الشمالية! إما مع السيسي أو مع الإرهاب، إما مع تحطيم وحرق التراث الإنساني وتخريبه أو مع الحشد الشعبي! إما مع الحوثي أو مع محمد بن سلمان! إما مع يزيد بن معاوية أو مع حسن نصر الله! إذا كنت تتنبى هذه المواقف فأنت يا عزيزي مصاب بهذا المرض الخبيث، وعليك أن تراجع ضميرك ومواقفك، لعن الله غسيل الأدمغة. وأخيرا وكي لا يستغل أحدٌ من أولئك الذين يشددون على إبراز قذارات الأنظمة العربية كي يقولوا في النهاية نار إسرائيل ولا جنة العرب، أقول لهم، هذا المقال ليس موجها لمن يقولون نعم لكل أنواع البساطير.
www.deyaralnagab.com
|