الإنتظار نصف الرد!!
بقلم : راسم عبيدات ... 30.08.2019
من بعد قرار حزب الله على لسان امينه العام السيد حسن نصر الله في كلمته في مهرجان الذكرى الثانية للتحرير الثاني،تحرير جرود عرسال اللبنانية من دنس الجماعات الإرهابية والتكفيرية،هذا الإنتصار الذي منع وحمى المنطقة من التقسيم على أسس مذهبية وعرقية وطائفية،كما منع سقوط لبنان في براثين تلك الجماعات الإرهابية بالرد على هجوم المسيرتين الإسرائيليتين،واسرائيل وقيادتها تعيش حالة " فوبيا" الإنتظار،فحركة المركبات والجنود والمستوطنين على الحدود اللبنانية يجري تقيدها،حيث توارت كل المظاهر العسكرية،وليصل الأمر بان مراسل فضائية الميادين وصل خط الحدود اللبنانية مع فلسطين ووضع قدمه في الأرض الفلسطينية ولم يكن هناك أي تواجد عسكري اسرائيلي والموانيء الإسرائيلية في الشمال أيضاً جرى اغلاقها خوفاً من الرد،وإستهداف اسرائيل من البحر،وفي الجو حركة الطائرات الحربية والمسيرة الإسرائيلية على مدار الساعة.
مال ووقت وجهد يصرف بإنتظار رد حزب الله،متى سيكون الرد..؟؟ وأين سيكون..؟؟ وما هي الوسيلة المستخدمة في الرد..؟؟،وما هو حجم الرد وطبيعته...؟؟،وما هي الأهداف التي سيشملها الرد..؟؟،وهل سيكتفي الحزب برد رمزي،ام سيكون الرد مؤلماً ويقرب نتنياهو من بوابة السجن ..؟؟ كل هذه الأسئلة تطرحها المستويات العسكرية والأمنية والسياسية والإسرائيلية،وتجري حولها نقاشات معمقة،ورسم للسيناريوهات،هل سيتم إستيعاب الضربة،وعدم دفع الأمور الى حرب تريدها اسرائيل ولكنها تخشها،ام أن الضربة اذا كانت مؤلمة وكبيرة،تجعل اسرائيل ملزمة بالرد عليها،وهنا قد تندفع الأمور نحو الحرب الشاملة،التي تجد فيها اسرائيل نفسها امام جبهة مقاومة ممتدة من طهران حتى فلسطين..؟؟.
توظيف نتنياهو روقة الأمن في الإنتخابات لمصالحه الخاصة، دفعت الى بروز خلافات بين الكتل والأحزاب الإسرائيلية،فهناك من يقول بأن نتنياهو يريد أن ينشر تصويت الجيش له بالنار من خلال توسيع دائرة الإشتباك مع جبهة المقاومة،بضرب قواعد الحشد الشعبي في العراق والهجوم بالمسيرتين على اهداف لحزب الله في الجنوب اللبناني ومقر لحزب الله في بلدة عقربا بريف دمشق....نتنياهو صرف معظم اوراقه الإستراتيجية قبيل الإنتخابات التي جرت في نيسان الماضي،فقد خرج في حملة اسماها "درع الشمال" في أواخر عام /2018،أثار حولها الكثير من "الببروغندا" وحشد لها الكثير من القوات العسكرية برية وجوية،بما فيها الحفارات الضخمة من أجل تدمير أنفاق حزب الله الهجومية،وفي حينها "تمخض الجبل ليلد فئيراً وليس فأراً"،فتلك الأنفاق معروفة منذ عام /2014،وهي غير مفعلة،واراد نتنياهو توظيفها في معركة الفوز في الإنتخابات البرلمانية الإسرائيلية المبكرة في 9/ نيسان الماضي...والان بعد خرق نتنياهو لقواعد الإشتباك والهجوم بالمسيرتين على اهداف لحزب الله في الضاحية، أصبح مصير نتنياهو رهينة بيد حزب الله،فهل سيطول الإنتظار بإنتظار رد حزب الله..؟؟؟ وهل سيكون هذا الرد قبيل الإنتخابات ام بعدها ..؟؟وهل سيطول الوقوف على رجل ونصف..؟؟ تلك أسئلة تناقش في دوائر صناع القرار الإسرائيلي،وهي تدرك تماماً بان رد حزب الله قادم،فالضغوط الأمريكية والغربية والعربية على لبنان لن تثمر في منع رد حزب الله،فلبنان تكون لديه اجماع شعبي ووطني عابر للطوائف رغم بعض الأصوات النشاز المأجورة، بأن من حق لبنان الدفاع عن سيادته والرد على العدوان،فالرئيس اللبناني عون،وصف العدوان الإسرائيلي بانه إعلان حرب،ونعيم القاسم نائب الأمين العام لحزب الله قال" بأن الرد آت لا محالة"،وحزب الله له تاريخ صادق في الرد على أي عدوان اسرائيلي عليه،فعملية القنيطرة،رد عليها حزب الله،ولا اعتقد بان الحزب يسمح بفرض قواعد اشتباك جديدة وكسر للخطوط الحمراء،بحيث تصبح اسرائيل تستبيح اجواء لبنان في الإستطلاع والهجوم،فسابقاً قبل حزب الله ان تستمر طائرات الإحتلال الإسرائيلي المسيرة بالتحليق في سماء لبنان،ولذلك حفاظاً على تماسك جبهة لبنان الداخلية،فهناك قوى لبنانية مرتبطة بالتحالف الأمريكي- السعودي الصهيوني،وقيام حزب الله بإستهداف تلك الطائرات، يعني ان تلك القوى ستمارس التحريض عليه في الداخل اللبناني،في إطار سعيها لخلق فتنة داخلية،تهدد امن واستقرار لبنان ووحدته،والقول بأن الحزب ياخذ لبنان نحو الحرب،وانه يخدم وينفذ اجندات غير لبنانية،والمقصود هنا اجندة ايرانية،ولكن الأوضاع اليوم مختلفه كلياً والحلف المعادي يمنى بالهزائم على كل الجبهات،والحزب قوته الأساسية التي كانت تعمل في سوريا الجزء الأكبر منها عاد الى لبنان،ومحور المقاومة يزداد قوة وصلابة وإمكانيات وقدرات عسكرية،والضغط الذي يفهمه الحزب،ان يطلب من اسرائيل أن لا تستمر باللعب بالنار وممارسة العدوان،وليس أن يتراجع عن القيام بعملية الرد،فهو لن يسمح بان يكون التهويل بالحرب،وبأن اسرائيل سترد بقوة على أي رد لحزبه،لكي يصبح ذلك جواز سفر لإسرائيل،لكي تمارس بلطجتها وعربدتها،هنا وفي قطاع غزة وفي سوريا والعراق،وبأنه على العرب أن يأكلوا ويتلقوا الضربات صامتين.
"فوبيا" الإنتظار الإسرائيلي، التي يصرف فيها المال والجهد والوقت،هي إرهاق وحرق للإعصاب،وقد يطول هذا الإنتظار او قد لا يطول، ولكن سواء طال هذا الإنتظار أم لاء،فهذا نصف الألم،ولكن الألم الحقيقي سيكون بعد الرد،هذا الرد سيثبت الخطوط الحمراء وقواعد الإشتباك من جديد،واذا أردتها اسرائيل حرباً،فلا أعتقد بأن هذه الحرب التي يكره عليها الحزب ومحور المقاومة سيخشونها،وبالمناسبة هناك المنهارون في الساحتين العربية والفلسطينية،والذين يخشون رد حزب الله أكثر من اسرائيل،فهم تربوا على الذل والمهانة والإستكانة،ولذلك هم جوقة تشكيك وتحريض ليس على حزب الله،بل على كل فلسطيني وعربي يقول بخيار ونهج وثقافة المقاومة،ولكن علينا كما قال الإمام علي كرم الله وجهه ورضوان الله عليه " ان لا نخشى طريق الحق لقلة السائرين فيه".
www.deyaralnagab.com
|