مبادرة الفصائل الفلسطينية لتحقيق مصالحة ووحدة وطنية فلسطينية!!
بقلم : د.عبد الستار قاسم ... 24.09.2019
يتطلع الشعب الفلسطيني إلى يوم تتحقق فيه الوحدة الوطنية الفلسطينية وليس مجرد المصالحة بين فصيلي فتح وحماس. لا يوجد من بين الشعب الفلسطيني من يقف ضد الوحدة الوطنية إلا الخون والعملاء والجواسيس، والوحدة الوطنية الفلسطينية موضوع إجماع فلسطيني وطني. والشعب يدرك الخيبات التي ترتبت على الاقتتال الفلسطيني والانقسامات والإجراءات التعسفية التي مارسها فلسطينيون ضد فلسطينيين.
الفصائل الثمانية المتواجدة في قطاع غزة مشكورة على مبادرتها والتي تحيي التوجه نحو مصالحة ووحدة وطنية، ومبادرتها تشكل جهدا مخلصا نحو إخراج الشعب الفلسطيني من مأزق وضعته فيه فصائل في مخالفة كبيرة لكل التطلعات والآمال الفلسطينية. وقد قرأت المبادرة جيدا ولي التعليقات التالية:
1- تتحدث المبادرة عن استراتيجية نضالية فلسطينية قبل أن تتحدث عن التخلص من الاتفاقيات مع الكيان الصهيوني، فتترك نفسها في تناقض منطقي لا مفر ينعكس على الخطوات الميدانية. لا يمكن وضع استراتيجية نضالية قبل التخلص من كافة الالتزامات تجاه الكيان الصهيوني بما في ذلك التنسيق المدني والإداري وإلغاء الاتفاقيات بطريقة أو بأخرى.
2- تتمسك المبادرة باتفاقيات داخلية فلسطينية لم تجد طريقها إلى التنفيذ. هذا يشير إلى أن الأطراف المطلوب منها تنفيذ الاتفاقيات تنكرت لتوقيعها، ولا أجد مؤشرا حاليا إلى أن هذه الأطراف مستعدة للتنفيذ.
3- تم الاتفاق بين الفصائل عام 2005 على إعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية، ولم يتم التنفيذ بعد مرور السنوات الطوال. هناك من لا يريد إعادة بناء المنظمة لكي يبقى مسيطرا على القرار والمال الفلسطينيين.
4- لا تعالج مبادرة الفصائل مسائل هامة على رأسها أزمة الشرعية وأزمة الهوية الفلسطينية وأزمة التوزيع سواء في القطاع أو في الضفة.
5- تدعو المبادرة عباس إلى المشاركة، في حين لو كان عباس قائدا حقيقيا لما استمر الانقسام حتى الآن، ولما اختفت الوحدة الوطنية الفلسطينية. في ظل عباس الذي تسلم السلطة عام 2005، حصل الاقتتال في غزة، وتمزقت عرى التماسك الاجتماعي، وتدهور المستوى الأخلاقي، واستهتر الكيان الصهيوني بنا، وحصلت موبقات صهيونية مرعبة، وهو بقي ينادي بمقاومة شعبية سلمية في ذات الوقت الذي أصر فيه على التنسيق الأمني مع الصهاينة. في إجراءاته ضد غزة، عمق الانقسام، وحتى حركة فتح لم تسلم من إجراءاته التي كان لها وقع غير جيد على وحدة الحركة.
6- واضح أن الفصائل لا تريد قول الحقيقة في وجه عباس. هو غير شرعي ويغتصب السلطة، والمفروض أن تكون الانتخابات وفق القانون الأساسي للسلطة أولوية عساها تفرز قيادة جديدة تسهل على الشعب الفلسطيني لم الشمل.
7- لقد جربنا مصر ومخابرات مصر مرارا وتكرارا، ويبقى السؤال: هل مخابرات مصر معنية فعلا بوحدة وطنية فلسطينية؟ والمبادرة تصر على تجريب المجرب.
على الرغم من ذلك، ليت المبادرة تلقى تجاوبا على الرغم من علاتها. وإذا صدقت النوايا، فإنه من المفروض ألا تحتاج إلى مبادرات. المفروض أن يكون الإصرار على الوحدة الوطنية الفلسطينية مغروسا في الثقافة الوطنية الفلسطينية بحيث لا يقوم أي شخص أو جهة بأي عمل من شأنه أن يضفي شوائب على وحدة الموقف الفلسطيني.
ما رأيكم بمبادرة فلسطينية بديلة، ولا تحتاج إلى فترة تجربة أو تهيئة؟ وهي التالي والمطروحة منذ سنين دون أن تعلق عليها الفصائل الفلسطينية:
الخروج من المأزق الفلسطيني
بروفيسور عبد الستار قاسم
من الناحية العملية نحن إما تحت الاحتلال أو تحت حصار يفرضه الاحتلال، ولذلك نحن لسنا بحاجة إلى رئاسة وزراء أو رئاسة سلطة، ولسنا بحاجة إلى كل تلك المسميات الكبيرة الخداعة، ورحم الله امرئا عرف قدر نفسه. ونحن بحاجة إلى حل للمحنة الداخلية التي نعيشها يجنبنا شر أمرين وهما: صراع الفصائل والاتفاقيات مع إسرائيل. الشعب الآن يدفع ثمن صراع الفصائل كما دفعه في السابق، وهو يدفع ثمن اتفاقيات لم تأت إليه إلا بالمزيد من الهموم. النقاط التالية قد تشكل مخرجا:
أولا: تشكيل مجلس إداري وطني من الخبراء والمختصين والأكاديميين الفلسطينيين المستقلين لإدارة الحياة المدنية واليومية للشعب الفلسطيني. هذا مختلف عن طروحات صهيونية حول إقامة مجلس إداري لأنه فلسطيني المنشأ والهدف، وهو مؤقت، ولا مفر من إقامته لأننا تورطنا في الكثير من الأعمال المدنية واليومية التي لا بد من تغطيتها مدنيا.
أعرّف المستقل بأنه المعروف بانتمائه الوطني لكنه غير مرتبط بأي فصيل فلسطيني وأي دولة عربية أو غير عربية.
ثانيا: مهمة المجلس إدارية فقط، وليست سياسية، وله صلاحية فرض الأمن المدني. أي أنه يشرف على قوة شرطة لها صلاحية الإشراف على الأمن الداخلي.
ثالثا: لا علاقة لهذا المجلس بالأمن الوطني، وتبقى مهمة الأمن الوطني بيد فصائل المقاومة التي تعمل سرا وبدون التدخل إطلاقا في مجريات الحياة المدنية واليومية الفلسطينية.
رابعا: على كل الفصائل الفلسطينية أن تدعم إدارة هذا المجلس إذا طلب الدعم، دون أن يكون لها حق الاعتراض. من شاء منها أن يقاتل فالعدو أمامنا، ومن لم يشأ فله النشاط الاجتماعي.
خامسا: يحضّر المجلس بعد استتباب الأوضاع المدنية الفلسطينية لعمل انتخابات إدارية.
سادسا: الجهاز الأمني الوحيد المسموح بوجوده هو جهاز الشرطة التابع مباشرة للمجلس الإداري. نحن لسنا بحاجة إلى أجهزة أمن أو قوة تنفيذية، ومن الممكن استيعاب أفرادها في مرافق أخرى.
سابعا: ينشط المجلس مع مختلف قوى الشعب الفلسطيني داخل فلسطين وخارج فلسطين لإعادة ترتيب منظمة التحرير الفلسطينية بطريقة يتمثل فيها الجميع وفق ميثاق تجمع عليه مختلف القوى، والتي تتولى بعد ذلك الإشراف على شؤون الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج بما في ذلك الشأن السياسي.
هناك تفصيلات أمنية واقتصادية واجتماعية تتبع، وعلى راسها كيفية تشكيل المجلس المقترح. التفصيلات جاهزة لمن أراد أن يقرأ.
www.deyaralnagab.com
|