ما وراء الجدار!!
بقلم : د.شكري الهزَّيل ... 04.08.2022
في طفولتي المشاغبة لم اترك شئ لم اكتب او ارسم عليه رسمة ما,كتبت على الرمل والحيطان والاشياء وحجارة الرغمون وكنت دائما اشعر اني اقف امام جدار او حاجز من الخوف يحول دون ان اتخطى هذا الجدار وهذة الحدود خوفا من " العقاب" واللوم على كتابة رسوماتي وكتاباتي التي تحتاج احيانا الى محو الاثار والازاله لكونها نوع من انواع الكتابة التي تحتاج الى اركان نظافة مزعومة, وهكذا تعايشت مع كَّر وفر حالة هوايتي الى ان جاء يوم ما فكرت وقرَّرت فيه ان اكتب على رقبة حماري شئ ما ولم افلح في البداية حتى جاءت فكرة وعي طفل بوجود انواع من الطلاء واستغرق الامر طويلا في بادية الظلمات حتى حصلت على علبة طلاء صغيرة لاكتب على رقبة الحمار الابيض" هذا الادمي" للبيع, ليصبح هذا " الادمي" شهير في الحي والمحيط واينما حَّل وقادتة اقدامة في مراعي الكلا والفلا والمضارب المجاورة ليتحول فعلا اسمه من حمار الى " الادمي" الذي كسب شهرة غير عادية لم احسب حسابها في ذاك الوقت ولم احسب حسابا ايضا ل توجس الناس من " ادمية" الحمار المنعوت بكل النعوت وعبارات الاهانات.... لا يجوز هذا التجاوز على " البشر" قال احدهم ولا بد من محو الطلاء حفاظا على " الادميه" وقال اخر اننا " سنحُك" الطلاء حتى يزول ويبقى الحمار حمارا والادمي ادمي, لكن الزمن وحده كان كفيل بمحو الطلاء مع بقاء اسم الادمي خالدا في وجدان الناس حتى بعد وفاته التراجيديه في حادث غريب بين مركبة وحيدة تسير وسط الصحراء والادمي الذي تعرض للدهس بزعم ان السائق لم يلحظ وجوده.. مركبه وحيدة يقودها " ادمي" تسير وسط مساحات شاسعة لا تتحاشى الصدام مع "الادمي" وتدهسه ليصبح مثلا في الوجدان العام: مثل ابوبعير الذي دهس " الادمي" رغم سعة المكان من كل الجهات...صحراء العقول تقود مركبة وسط صحراء الجغرافيا...ادمي عن ادمي يفرق..!
كادت قصة " الادمي" ان تغادر ذاكرتي بلا رجعة الى ان جاء ذاك اليوم الذي جاء بعد عقود على غياب " الادمي" حين اكتشفت على رمال الشاطئ كتابة شبه غامضة كتب صاحبها عبارة : مات " الادمي" وبقي هؤلاء " الحمير" المدجنون..تعجبت من العبارة لتعود فجاة ذاكرتي الى " ادمي" الصحراء" ورابط العلاقة الفلسفية مع ادمي شاطئ البحر..ما بين صحراء العقول والكتابة على رمل الشاطئ هنالك علاقة ما ,فالصحراء تعيد انتاج صحراءها والكتابة على الرمال تطير مع الرياح لتبقى الصحراء صحراء والبحر بحر .. يااااه... ياما قلوب تحطمت على شواطئ الامل..ياما ورود زرعها العشاق على شاطئ البحر ليأخذها المد والجزر لتغرق في الاعماق... لربما تعيش الورود في قاع البحار وتموت على طول وعرض جنان الدنيا..
انا هو العوسج ووردة هذا الوطن اللذي اغرقناه في قاع بحر وجداننا ونحن نكتب على رقابنا واعناقنا الطويلة " ادمي" يعيش وسط وطنه ولا يعيش.. ادمي نسي ان اقدامه تقف على تراب وطنه وراح يمارس طقوس الغربة ويتقمص عادات من يحتل بلاده ويذل شعبه.. وضع كل شئ في سلة اجازة.. كل شئ ذاهب في اجازة من المكان الى العقل وحتى الوجدان..جواز واجازة.. جواز خزي وعار وطني واجازة تتقمص طقوس مشتقات المُحتَّل من كيانه الى لغته..يااااه...نسينا ااننا نحن ونسينا ان الزمن غدار... لقد جبلوا " ادمي" اخر وجعلوه فتات اخر على فتات صحونهم ومأدب احتلالهم وخرابهم..جعلوه ناطق بلغتهم وكارٍه للغة امه...جعلوا لحم وعظم اكتافه من وزارات الاحتلال.. اتراحه وافراحة من خزينة الاحتلال..معلمنا يعلم في مدارسنا براتب من الاحتلال..طبيبنا يعالج مستوطني الاحتلال ليطيل حياتهم ويتقاضى اجر معلق على كفن شهيد.... ابقى ي معنا واسمع صوت عقولنا يناديك.. اسمع وبص حولك في محيطك المغترب...اسمع.. شوف العجب ياعجيب.. القوم تقيم مهرجان لجثة قادمة عبر حدود الوطن ومعابر الاحتلال....جثة مطَّبعة...حشاكم ومع كل احترامنا لكم , فالتطبيع يعني لغويا في فلسطين: تطبيع البهيم وترويضه..!!
مهندسنا يهندس بيوت المستوطنات وعمالنا يشيدونها..محاميينا يدافعون عن وجود الاحتلال..ما وراء جدار كذبنا لوائح تهم واتهامات لا تعد ولا تحصى..رجالنا تنضم الى صفوف جيش وشرطة الاحتلال.. نساءنا يخدمن"مدنيا" في صفوف شرطة الاحتلال وباسم حقوقهن يخترقنا هذا الاخير اجتماعيا ووطنيا وحضاريا...جمعيات رجالنا ونساءنا مموله من قبل الاحتلال تحت شعار كذبة " ثقافة التطوع" وخلق شخصيات " قيادة رائده" تُشرف عليها مخابرات الاحتلال..طوط ماشي وطوط جاي.. خشخاش يطارد خشخاش داخل وخارج جدراننا وكذبنا ونفاقنا وانفصامنا...نحن نعتبر العملاء " قدوة" والاعداء مرشدون ومن ثم نلوم اطفالنا اللذين قدمناهم قرابين لمخالب الاعداء.. قرابين قتل وَّعيهم ووجدانهم الجهل الخسيس والادمي الرخيص واسلامويون يدعون الدين و " التدين" ويعملون في صفوف الاعداء ضد شعبهم واخرون مؤيدون بشدة لوجودهم في حكومة تذبح اطفالنا وتهدم بيوتنا وتستبيح مساجدنا ووجودنا واحيانا يكون سائق الجرافة مرتكبة جريمة الهدم ضال من بين صفوفنا!.... لا تصدقوهم حتى لو قراوا لكم كل الايات القرأنية.. لقد علموهم ودَّربوهم على الكذب والخيانة والتضليل في مدارس "ّ نجوم الضراء"... كَّونه من يكون وكان من كان حتى ولو كان سليل رحم امك, الخائن خائن والخائنه خائنة فلا تزركشوهم وتحتفلوا بانجازاتهم ونجاحاتهم والقابهم ومناصبهم..كلها وجلها تعود الى نفس المنبت.. منبت اصله وفصله مؤسسات الاحتلال وادواته من عربان وفلسطينيي الردة الوطنية...ابقوا معنا..
نحن كذابون ومستترون وراء جدران الكذب والتضليل.. نحن ناكل ونشرب من صحن احتلال غاشم..نحن عندنا سلطة فلسطينية تعيش داخل جدران الاحتلال وخلف جدار الكذب " الفلسطيني", فهي لا فلسطينية ولا تمت لفلسطين بصلة..نحن عندنا حمائل و فصائل تعيش قياداتها الرغد والرفاهية في دول الخليج والخارج فيما الناس تموت جوعا داخل جدران الحصار في قطاع غزة وكامل فلسطين ... ثم فرق كبير بين حياة فندق "10" نجوم وفلسطيني غزي لا يملك رغيفا ولا شحنة كهرباء ترطب حرارة حارقة تحرق قوته وحياتة... نحن كذابون منضمون الى عضوية الكنيست الصهيوني المُشيَّد على جماجم الشعب الفلسطيني.. نحن نشارك في حكومة عدو يحتل بلادنا ويشرد شعبنا ويشاركنا في المسجد الابراهيمي والمسجد الاقصى... نحن كلنا كذابون وحياتنا قابعة في سجن ما وراء جدران الكذب والضحك على ذقوننا..نحن نوشي بالمقاومين ليقتلهم الاحتلال ونسير بالكلام المعسول في جنازاتهم.. مهندسنا عبد للاحتلال.. اطباءنا عبيد للاحتلال والالقاب يخدمون مجتمع المستوطنين اللذين يحتلون بلادنا.. يطيلوا اعمار من يقتلون اطفالنا في غزة والضفة والقدس وكامل فلسطين المحتلة..
.. مركباتنا فاخرة خاوية على عروشها من الكرامة الوطنية.. مناصبنا ملوثه.. باحثوننا وباحثيننا يدرسون في جامعات ومؤسسات الاحتلال ويكتبون اعمال تخدم رواية الاحتلال..الي بيسمع بيدشَّع: الدكتور فلان والدكتوره علانه: كلهم وجلهم مع القابهم ومناصبهم صناعة الاحتلال...هم جزء من منظومة الاحتلال ويبحثون بارشاد وتوجيه من " اكاديمية" الاحتلال.. فلان" الفلسطيني" الذي اصبح دكتور وبروفيسور لانه انكر وجود شعبه ورَّوج لوجود الاحتلال و " شرعية" اغتصاب فلسطين..الدكتوره "سماح" بَّيقلي تكتب بحث "رائع" اثبتت فيه وجود" الاقلية" العربية في " اسرائيل" وتحصل على منحة دراسية في اوروبا لمجهودها المزعوم باقتباس من كُتب الصهاينه وكأن جدتها ام سويلم لم تكن من ضحايا النكبة!.. الدكتور جراح ابن جراح ينقذ حياة " البشر" وكأن الدم الفلسطيني العالق في رقاب هذا المستوطن " البشر" ليس دما ولا لحما.. بالامس كان يهتف " الموت للعرب" واليوم يعالجه الدكتور جراح تحت عنوان " البشر" وهل كان اطفال غزة اللذين قضوا تحت القصف والردم ليسوا من البشر؟...وراء جدارنا تكمن تفاصيل جريمة ذاتية نرتكبها كل يوم بحق حقوق شعبنا مهجرا ووطنا..لايوجد اخطر من الشريحة المتعلمة " مهنة" تبرير المهنة و تثبيت " المقام" والراتب..
راتب وبس والباقي خس..وين ع باب الله...اسطنبول.. دبي العمارات..التذكرة اغلى او ارخص بكثير من فلسطين في عالم الماديات والرفاهيات... ما بتطعم خبز ولا بتمَّول اجازة...الدور والطابور على ابواب اسطنبول ودبي التطبيع والتأمر على فلسطين.. زحمة!..بلا فلسطين بلا بطيخ.. عنا دولة ب " جواز سفر".. الوطن مقابل جواز سفروشوية ترفيهات..ياااااه اليوم رايت " الغزازوة"مرَّجدين عند اهلهم بالداخل كل عشرة بغرفة والاجار 500 " شويكل" وبدون ميه " ساخنه" وعلى لامبتين كهربا فقط..ممنوع اكثر..تكاليف...والضفاوية بموتوا وبيستشهدوا على " فتحات" الجدار وضربات الشمس الحارقة..شهداء لقمة العيش وحرارة قرص السماء! ... خلاص استبدلنا التحرير بلَّم الشمل ووزير لَّم الشمل حسين الزلطاوي كل يوم بيعلن اسماء وقوائم لم الشمل.. انجاز...واو..500 حالة لم شمل ب يوم واحد: كلهم وجلهم من اقارب ومقربي الزلطاوي... ليس من بينهم واحد بحسب حق العودة!.. بين حق العودة وقوائم لَّم شمل الزلطاوي..!!
صرنا فرجه وراء جدراننا واسوارهم.. السور الواقي.. السور المتلوي.. الجدار العازل..الكانتينات المعزولة.. المستوطنات الشرعية وغير الشرعية.. ليك ما بتستحي يا هجين " فلسطين" وانتي بتلوي ذراع الكلمات وتفصلها على مقاس عدوك مُحتَل بلادك.. متى كان في شئ شرعي وغير شرعي؟.. اياك تقول انو: حيفا ويافا كانت وما زالت "مستوطنات" شرعية واللي على ارض خليل الرحمن والقدس " الشرقية" غير شرعية.. طبعا ما ننسى الشرعية الدولية..ثلاث ارباع لهم ولنا ربع ارض مشاع يشاركنا فيها المستوطنين.. الجماعة زعلانين من جو بايدن الي اصلا جاي يزور " المستعمرة" المقامه على ارض فلسطين ولا هو ساءل لا عن فلسطين ولا عن شعبها.. الزلمة صهيوني ونحن في بلاد " الزلطة" اقل شويه من الصهاينة...صرنا مجرد همَل فضائيات ومواقع الكترونية, محللين ومفكرين واعلاميين نراقب حركة احتلال فلسطين وننقل وجهة نظر صحافة الاحتلال تحت بند"قناع" حرية الراي... الوطن مُحتَّل والراي حر.....معنا من رام الله المفكر الكبير المختص بالشؤون " الاسرائيلية": من وجهة نظري المتواضعة سيكون نتانياهو رئيس الحكومة القادمة وطويل العمر عباس سيكون الرئيس الفلسطيني ولن تكون دولة فلسطينية.. سننتظر نتائج الانتخابات الاسرائيلية والامريكية 100 عام اخرى وسنطالب بالحماية الدولية وسنمارس النباح والشجب والندب فيما ام امجد العزيزة تلقى نظرتها الاخيرة على ابنها الوحيد الشهيد امجد... الى ام الشهيد ام امجد ابوعليا..نشد على اياديكي وايادي امهات الشهداء الماجدات وتعازينا من النهر الى البحر والوطن والمهجر لكي...
في انتظار عودة جيوش الشهداء الابطال لتشهد على حالنا ونحن نشيعهم وننسى تضحياتهم في اليوم التالي..شيدنا ابراج من عاج ونحن نأبن ونشيع الشهداء فيما القيادة خائنة.. خائنة بكل تفاصيلها...ما وراء الجدار...ابراج عالية لانفصامنا وصحاري تيه شاسعة لضياعنا الوطني.. عدوك هو عدوك وانت وانا نعرفه لكن ماذا عن ومع اعداءنا الداخليين الذين انضموا لصفوف عدونا؟؟...مثل الشوال الفارغ رايح جاي يمجد بالاحتلال ولا علم له بماجرى ويجري في فلسطين من انتهاكات ومجازر استهدفت الشعب الفلسطيني منذ عام 1948 وحتى يومنا هذا...اعلامنا مهلهل.. اعلام احزاب وفصائل وقبائل..قلنا وما قالوا وعندنا الكثير ما نقوله عن زلطتنا واسرلتنا وصهينتنا وخزينا وعارنا الوطني.. الناس العاديه حياهم الله وهم اكثرية وطنيه من النشاما والنشميات الصامدون في الوطن والمهجر..شرائح المتعلمون ومشتقاتهم غارقون في الكذب والالقاب والبحث عن راتب ومقام وشهرة وهم مستعدون لخدمة اعداءهم مقابل المال..نعام يدفن رأسه في رمل الراتب والمال ويمارس الخيانه الموضوعية والاسمية باللغة العبربية وعن جماعات التصاريح والفساد في بلاد الزلطة حدث بلا حرج فهم منهمكون في شراء العقارات والفيلات والوشاية بالمقاومين ومن ثم السير في جنا زاتهم....
لسنا بافضل حال ولا قريبون من هذا الحال, فنحن ومن بين صفوفنا وتاريخنا النضالي ابطال وبطلات وشهداء وشهيدات واسرى ابطال واسيرات بطلات وقدوات يُقتدى بها,لكن في صفوفنا خمج وفساد و ظواهر انحلال وطني مندمجة داخل منظومة الاحتلال... نحن نعيش تناقضات كبيره ومعيبة ونرزح تحت وطأة احتلال غاشم في ظل وجود قيادة خائنه وخانعة زرعت وتزرع كل اشكال الهزيمة المعنوية في نفوس الشعب الفلسطيني.. نحن نرى الذئب ونصر على قص اثره..فلسطين محتله من النهر الى البحر وباقي ماتبقى جدار من الكذب والتضليل..ما وراء الجدار نكبه فلسطينية وطنية تداخل فيها الحابل بالنابل لنصبح شعب حلمه الاول والاخير تصريح عمل داخل الكيان هربا من الفقر والعوز...لقد تحولنا الى حالة اقتصادية واجتماعية" السلام الاقتصادي" يغذيها الاحتلال والغرب الامبريالي وزلطة رام الله التي تروج لثقافة تصاريح العمل ولم الشمل حفاظا على بقاءها ودعما لوجود واستمرار الاحتلال.....حالنا بلا رتوش ولا شعارات اسوأ من سئ مع تأكيدنا على التحية الكبيرة لمناضلينا ومقاومينا وشهداءنا واسرانا الابطال ولشعبنا الصامد وطنا ومهجرا ...ما وراء جدارنا وحيطاننا تختبئ مأساة اخرى بتفاصيل بعيده عن الوطنية الفلسطينية.... نشارك في عرس بغل لا له اول ولا اخر..مستمر... نحتاج الى ثورة تصحيح مسار قبل ثورة التحرير الكامل والشامل... تحياتنا لكم وطنا ومهجرا واينما كنتم وتواجدتم عبر القارات... حبر اقلامنا لن ينضب وكلماتنا لن تتوقف مهما حاصروها وحاولوا قمعها.. اما ان نكون مع فلسطين بكل حذافير تفاصيلها الجغرافية والتاريخية والديموغرافية والوطنيه او لا نكون..!!
www.deyaralnagab.com
|