الفلسطيني أسامة السلوادي.. مصور شربت عيناه قوة ساقيه!!
بقلم : أوس داوود يعقوب ... 05.02.2014
ملكات الحرير.. توثيق بصري لأزياء سليلات الزيتون من أجل حماية التراث الكنعاني من السطو.
بيت لحم - يعرض المصور الصحفي الفلسطيني أسامة السلوادي، في كتابه “ملكات الحرير”، الصادر في مدينة رام الله بفلسطين المحتلة، مجموعة هامة من الصور الحديثة للأثواب الفلسطينية التي كانت تتميز بها كل منطقة وبلدة وقرية ومدينة في أرض فلسطين التاريخية. يضمّ الكتاب الواقع في (207 صفحات، من القطع الكبير) صورا لـ26 شابة وسيدة يرتدين مجموعة واسعة من الأثواب الفلسطينية المطرزة، التي يعود بعضها إلى أكثر من 120 عاما.
عن كتابه يقول السلوادي لـ”العرب”: «كتاب “ملكات الحرير” هو بداية سلسلة من الكتب أعمل عليها لتوثيق الموروث الثقافي الفلسطيني بالصور، لأن الصور الآن هي ركيزة أساسية من ركائز الإعلام الحديث، وقد لاحظت أن تقبل العالم للأعمال الفنية أكثر من تقبل النصوص المجردة. وأظن أن تناول مثل هذه المواضيع قد تأخر كثيرا في فلسطين، إذ كان علينا إنتاج هكذا كتب منذ زمن بعيد”.
وعن سبب تسمية الكتاب بـ”ملكات الحرير” يضيف محدثنا: “اختيار الاسم هو خلاصة بحث طويل قمت به في موضوع التراث، حيث وجدت أن جداتنا ملكات كنعان كن يلبسن ملابس مشابهة لهذه الثياب، وما زال الكثير من الأثواب الفلسطينية المطرزة يحمل إلى غاية الآن رسومات “آلهة كنعان” فقررت أن اسم “ملكات” هو اسم مناسب لكتاب نساء يرتدين الحرير».
سلاح الجمال
يأتي كتاب “ملكات الحرير”، كردّ عملي للحفاظ على الموروث التقليدي الفلسطيني الذي يتعرض للنهب من قبل المحتلين الصهاينة، من ذلك مثلا أن مضيفات شركة الطيران الإسرائيلية “العال” يرتدين الثوب الفلسطيني ويقدمنه كتراث “إسرائيلي”، وبالتالي فالكتاب محاولة للإسهام في حفظ هذا التراث الوطني الفلسطيني من السرقة.
السلوادي (المولود في مدينة رام الله في 14 فبراير 1973)، والذي أصابته قوات الاحتلال الصهيوني عام 2006 -بداية الانتفاضة الثانية- برصاصة وسط مدينة “رام الله”، أدّت إلى إصابته بشلل نصفي جعلته جليس مقعد متحرّك، يتابع حديثه معنا فيقول: “في معركتنا الشرسة مع الكيان الصهيوني يجب أن نستخدم كل ما نملك من أسلحة، ومنها سلاح الكاميرا/الصورة. ذلك أن صراع الصورة مهمّ جدا بموازاة الأسلحة الأخرى فالثقافة والفن والجمال والحقيقة هي أيضا من مقومات النضال ومن أدوات المقاومة”.
ويستعرض المصور الفدائي في مقدمة كتابه، الدوافع وراء إصدار هذا الكتاب، قائلا: “قررت أن أستخدم أسلوب العصر والسلاح الأكثر فتكا وجمالا وسحرا في الإعلام الحديث، وهو سلاح الصورة لترسيخ صورة الجمال الفلسطيني الأصيل بكل تفاصليه وألوانه الجذابة ورسوماته التي ترتبط بالمكان والشعب“.
ويبين السلوادي في حديثه معنا أن عمله هذا استغرق قرابة العامين، ما بين الإعداد والبحث والتصوير. مشيرا بكثير من الفخر والاعتزاز إلى أن “كل الصور والتحضيرات تمّت على الكرسي المتحرك، ولهذا كان له معنى وطعم آخران بسبب حجم التحديات الهائلة التي تواجه ذوي الإعاقة في بلدنا، حيث أن الوصول إلى أماكن التصوير الوعرة في حدّ ذاته إنجاز”.
زيتون فلسطين
يخطف غلاف الكتاب الأنظار بصورة رائعة لفتاة جميلة ترتدي ثوبا مطرزا من أثواب الجدات الفلسطينيات في إشارة إلى هوية المرأة الفلسطينية. أما مضمون الكتاب، فيركز بشكل إبداعي على الزي الفلسطيني، وما يمثله باعتباره جزءا هاما من التراث والثقافة الوطنية، والذاكرة الشعبية للأزياء التراثية الآخذة بالاندثار، ويحتوي على شرح مفصل عن طبيعة القماش والرسومات المستخدمة والمناسبات، التي كانت تختلف فيها طبيعة النقوش المطرزة على الثوب حسب المنطقة التي يرتدى فيها.
ووفقا لما ورد في مقدمة صاحب العمل، فقد تمّ تصوير أزياء تلبسها نساء وفتيات فلسطينيات في بيئة فلسطينية تظهر أيضا جمال الإنسان الفلسطيني وجمال الطبيعة، بدءا من مدن قرى الجليل الأعلى المحتل وحتى بئر السبع، مرورا بالقدس، ونابلس، ورام الله، وحيفا، وغزة، وغيرها من المدن والقرى والمناطق الفلسطينية.
وعن سبب ذلك يقول السلوادي: “حاولت عرض الزي الفلسطيني في كافة مناطق فلسطين، وقد تعمدت التصوير في الجبال والصحراء والطبيعة لعرض جمال الزي الفلسطيني وربطه بالأرض”.
كما ضمّ الكتاب مقالين، الأول لشريف كناعنة، (المتخصص بالتراث الفلسطيني)، يقدّم فيه شرحا عن الملابس الشعبية ودلالاتها، والمقال الثاني، للدكتورة هنيدة غانم، (الباحثة في مجال علم الاجتماع)، حمل عنوان “نساء يحيكن بالحرير” ومما جاء في هذا المقال، قول غانم: “الثوب الفلسطيني يرسم حدود الجسد وفقا لخريطة القيم التي تحكم علاقة المجتمع بالمرأة-الأنثى. فالتطريز يزين منطقة الصدر والأكمام والسيقان بألوان زاهية متمايزة، ويخصها ويميزها بذلك لأنها مكامن الأنوثة وخريطة جسد متخيل يُحتفى به وبجماله”.
وعن الشخص والجهد الفني البصري يقول الأكاديمي الفلسطيني الدكتور خالد الحروب: «أسامة السلوادي الذي شربت عيناه قوة ساقيه، جُبلت روحه في سفوح قرية سلواد، واختزنت ريحا حنونا لا تعصف بالناس والأرض، وإنما تحضن وجوه الفلاحين في الصباح، وتقبل أياديهم في المساء. الريح الحنون صارت تهب من صدور الناس وعيونهم باتجاه الأرض. يهيم عشقا على كرسي متحرّك في حقول الحصاد".
www.deyaralnagab.com
|