"حنين الدم" مسلسل لبناني عن معاناة الأبناء من أخطاء الآباء !!
بقلم : ناهد خزام ... 06.01.2019
تدور أحداث المسلسل اللبناني “حنين الدم” في أجواء عائلية متوترة، بين أخوين، فرّق بينهما انحياز الأب لواحد منهما على حساب الآخر، ليمنح كامل ثروته لابنه المطيع، الأمر الذي يسبب صراعا كبيرا بين الأخوين تستمر نتائجه طوال حلقات المسلسل.
تعود أحداث المسلسل اللبناني “حنين الدم” إلى سبعينات القرن الماضي، في وقت العدوان الإسرائيلي على لبنان، وفي هذه الأجواء المتوترة تدور أحداث العمل حول عائلة الثري رشيد بك (سمير شمص) وزوجته سلمى (رفقا الزير) وابنيه كمال (علي منيمنة) ونبيل (عمار شلق).
شخصية الشابين تبدو متناقضة تمام التناقض، ما يسبب التوتر والإزعاج للوالدين، فكمال شاب متهور لا يهتم سوى بإرضاء ملذاته، وهو مداوم على لعب القمار، وعلى النقيض تماما نرى نبيل شابا متمتعا بالوقار والاتزان ويساعد والده في إدارة أعماله، كما يعيش قصة حب مع ندى (فيفيان أنطونيوس).
هذا الاختلاف الحاد بين شخصيتي نبيل وكمال يزعج والديهما، ففي حين تسعى الأم إلى محاولة تقويم كمال لا يرى الأب رشيد بك فائدة من محاولاتها تلك ويفكر في وسيلة للحفاظ على ثروة الأسرة من التقسيم والضياع على يد ابنه المستهتر، فيهديه تفكيره إلى كتابة ثروته جميعها إلى ابنه نبيل، ما يكون سببا في صراع كبير تستمر نتائجه طوال حلقات المسلسل.
يذكر أن مسلسل “حنين الدم” هو التجربة الإخراجية الأولى لشربل الخوري في مجال الدراما، ووضع له السيناريو زينة عبدالرازق، ويشارك فيه نخبة من النجمات والنجوم اللبنانيين، من بينهم عمار شلق وعلي منيمنة ونيكول طعمة وباتريك مبارك وإليسار حاموش وفيفيان أنطونيوس وجو صادر ومونيانا مقهور وجوي الهاني وسمير شمص ورفقا الزير وآخرين.
تشهد الحلقات الأولى من المسلسل مواجهات مستمرة بين الأب وابنه كمال، وفي إحدى هذه المواجهات يعتدي الأب على ابنه ويقوم بطرده من البيت وسط توسلات الأم، وعلى إثر ذلك يقرر الأب أن يكتب كل ثروته لابنه نبيل خوفا من ضياعها على يد ابنه كمال الذي ينفق ببذخ على ملذاته الشخصية.
وسرعان ما يتعرض كل من الأب والأم إلى حادث مروع يودي بحياتهما ويجد الابن نبيل نفسه في حيرة أمام الالتزام بما قرره الأب من تقسيم للثروة، لكنه يجنح إلى إعطاء أخيه حصته كاملة من الثروة شريطة أن يتزوج، أملا منه في أن يدفعه الزواج والاستقرار إلى الابتعاد عن أصحاب السوء.
ويتزوج كمال بالفعل، غير أنه لا يستطيع التخلص من الضغينة التي يحملها لأخيه، فتصل المواجهات في ما بينهما إلى حد العراك بالأيدي، ولا يتورع كمال أيضا من التحرش بخطيبة أخيه.
تنقلب الأحداث رأسا على عقب حين تشعر ندى بآلام المخاض ويذهب نبيل لإحضار الطبيب فيتعرض حينها إلى حادث سيارة يفقد على إثره الذاكرة تماما.
وتلعب المصادفة هنا دوراً رئيسيا في أحداث المسلسل، ففي اللحظة التي يتعرض فيها نبيل للحادث تمر حبيبته السابقة ميرفا (نيكول طعمة) وتستطيع انتشاله من داخل السيارة، لتستغل ميرفا الأمر وتصطحب نبيل معها إلى تركيا، حيث يتزوجان ويعيشان هناك. وباختفاء نبيل تخلو الأجواء لأخيه كمال من أجل الاستحواذ على ثروة أبيه، ولا يكتفي بهذا فقط بل يبعد زوجته أيضا عن طريقه باختطافها وسجنها في أحد الأماكن المهجورة.
وفي الأثناء، تخاف الخادمة المخلصة نجوى (إليسار حاموش) من تعرض ابنتي نبيل بك الصغيرتين للخطر فتقرر اختطافهما وإبعادهما عن ناظري عمهما، لتنشأ الفتاتان بعيدا عن بعضهما في كنف أسرتين مختلفتين.. تمر السنوات وتكبر الطفلتان من دون أن تعرف أيا منهما الأخرى.
وتستمر الأحداث خلال النصف الآخر من المسلسل، إذ تجمع المصادفة بين الإخوة وأبناء العم في سياق من الأحداث والصراعات والعلاقات الرومانسية.
تبدو الأحداث على هذا النحو قريبة الشبه من المعالجات الكلاسيكية في السينما الهندية أو العربية، إذ تتحرك الشخصيات في مسارات قدرية تتسم بالمبالغة، فيتخاصم الإخوة مع بعضهم البعض وهم يجهلون حقيقة العلاقة التي تربط بينهم، أو يحاول العم الإيقاع ببنت أخيه في شباكه وهو يجهل قرابتها له، ما يضعنا في مواجهة مجموعة من الحوادث والعلاقات المفتعلة طوال الوقت، أو ردود الأفعال المتطرفة التي تفتقر إلى دافع مناسب أو منطقي.
ومن بين هذه المواقف المتطرفة على سبيل المثال احتفاظ كمال بزوجة أخيه حبيسة في أحد البيوت المهجورة لأكثر من عشرين عاما، وكان من السهل عليه قتلها للتخلص منها كما قتل أمها أو عزمه قتل أخيه، ومبرر كمال الوحيد هنا، هو الانتقام منها على صدها له وتفضيلها لأخيه.
ومن بين ردود الأفعال المتطرفة أيضا في قسوتها مشهد استقبال الأم للفتاة الكفيفة أماني التي قرر ابنها الارتباط بها، فترفض الأم هنا تلك العلاقة وهو أمر وارد الحدوث بالطبع، لكن الأم تتمادى في رد فعلها بلا رحمة حين تقوم بطرد الفتاة من بيتها بقسوة مفرطة ما يدفعها إلى السقوط أرضاً من دون أن تتحرك مشاعر الأم، مع العلم أن الأم كما جاء في المسلسل هي أم طبيعية وتتسم بالطيبة في تفاصيل حياتها العادية، وليست من آكلي لحوم البشر.
بعض تفاصيل العمل شابها أحيانا شيء من الخلل، كالعلاقة التي تجمع بين ميرفا ونبيل على سبيل المثال، والصدفة العجيبة التي جعلتها تمر في اللحظة نفسها التي تعرض فيها للحادث، ثم ارتباطها به مع كتمانها لشخصيته رغم معاناته الشديدة أمامها.
لا غبار في الحقيقة على أداء الفنانين المشاركين في العمل، فكل منهم أدى دوره بإتقان وحرفية بعيدا عن خلل السياق أو المبالغات في الوقائع، فهو أمر يقع على عاتق المخرج والمؤلف أولا وأخيرا.
وتجدر الإشادة هنا بمجموعة الوجوه الجديدة والشابة في المسلسل والتي تمتعت بالحيوية والأداء الجيد، نذكر منها على سبيل المثال دور جوي الهاني ومونيانا مقهور، وأدوار كل من أنطوان الحجل وعلي منيمنة وفيفيان أنطونيوس وبولين حداد التي كانت لافتة أيضا، وكذلك شخصية علاء التي أداها الفنان باتريك مبارك، وهو صديق السوء الذي يلعب دور الذراع الأيمن لكمال والمنفذ الأمين لرغباته الشريرة، ولا شك أن اجتهادات هؤلاء الفنانين قد مثلت طوق نجاة للعمل من السقوط والتردي بفعل هذه المبالغات الغير محسوبة. المصدر: العرب
www.deyaralnagab.com
|