logo
همسات مع "قصة عشق" للكاتبة مريانا أمين!!
بقلم : زياد جيوسي ... 20.02.2025

"قصة عشق" نص يقع تحت تصنيف "النثيرة" والتي تسمى بمصطلحات أدبية حديثة بالشعر النثري، وهو بوح وجداني بقلم الكاتبة مريانا أمين اللبنانية المقيمة في باريس، ونجد أن النص يعتمد على الصور واللوحات الشعرية والجرس الموسيقى وتناغم الإيقاع الداخلي، وليس على البحور والقافية أو على التفعيلة، وهو نص ناعم منساب بسلاسة مستمدا سلاسته من مادة النص القائمة على العنوان ووصف حالة العشق والتي لخصتها بكلمات: "هي نبضة حبّ !"، والنص يلخص فكرة الحب الجميل والنقي في زمن بدأ هذه الحب يتلاشى ويظهر وكأنه بعض من ماضٍ رحل مع من رحلوا، فنجدها تقول: "لنحيا، بصدق يسكن الأنفاس"، وهي تصور حبيبين يعيشان قصة حب بعيدة عن الخداع والزيف، فهنا وحسب النص نجد حب فيه "تذوب نبضات قلبيهما، فتصبح نبضة واحدة"، فالكاتبة في نصها تتحدث عن حب يصل إلى درجة العشق البعيد عن العناوين والصفات المحددة، فهي "قصة عشق، بلا عنوان"، حب بلا قيود بفلسفة فكرة الحب غير المشروط بعفوية وعاطفة من القلب " لا كذب فيها ولا رياء"، فتصبح الرقصة حالة من الإنصهار: "خفقة واحدة برقصة واحدة".
نجد الكاتبة تستخدم أسلوبا يظهر الموسيقى الداخلية في النص، من خلال تناغم وحركة وتكرار في النص مثل: "يقتربان، يرقصان، يقرآن، يقتربان" وهنا نلاحظ التكرار في كلمة يقتربان في النص وتكرار النون في الكلمات، ونجد الجمالية برسم الصورة الشعرية بقولها: "يقتربان، يرقصان معا ويقتربان"، وهذه لوحة تشير للاقتراب حد الالتصاق والذوبان من خلال الرقص والموسيقى الهادئة التي ترافق هذا الأسلوب من الرقص، وفي هذا التحليق من الحب والانصهار الروحي والإلتصاق الجسدي، تصور الكاتبة اللوحة بأن العاشقين "بنظرات الحب يقرآن، مجلدات عشق تفسرها العيون"، وهذه اللوحات مع الكلمات المرسومة توصل النص للتحليق في موسيقى داخلية قائمة على الحركة الهادئة، وارتفاع منسوب الإحساس العاطفي والتناغم بين كلمات النص وانسيابيته، حتى تعبر الكاتبة عن الحالة التي وصل اليها العاشقان: "ترتجف النبرات، لنصبح كعصافير حب".
ومن خلال قراءة النص نجد أن الكاتبة تستخدم صورا ورمزيات واستعارات عديدة تمثل العشق والحب في النص مثل: "يرقصان معا"، فالانسجام العاطفي والحب يتمثل بالرقص واختيار رقصة هادئة تجعل التصاق العاشقين حتمي وترمز للحب المتبادل بين الطرفين، وفي هذه الرقصة العاطفية يكونان وكأنهما يهمسان: "نحتضن بصدق، نقبل بعضنا بصدق"، وتجعل القارئ يتخيل صورة بصرية تمثل حالة متقدمة من العشق والانسجام الروحي، ومن هذه الصور البصرية: "ترتجف النبرات" و "تبعثر دقات القلب" وهذه تشبيهات تعبر عن الحب القوي وتعكس صورا للتأثرات العاطفية المتبادلة، وفي استعارة رائعة تقول: "مجلدات عشق تفسرها العيون" وهنا استعارة كناية عن صمت الكلام وتحلق العيون، وتصف العاشقين بأنهما "عصافير حب"، ولا أظن أن هناك لم يشاهد هذا النوع من العصافير الملونة والجميلة والحب بين الذكر والأنثى بحيث منحها الانسان هذا الإسم، ويلاحظ أن الشاعرة لجأت لتكرار بعض الكلمات لخلق الايقاع الموسيقي المتناغم مثل: "رقصة واحدة، نبضة واحدة، خفقة واحدة"، وهذا يترك تأثير عاطفي واحساس بالانسجام العالي بين العاشقين لمن يقرأ القصيدة بتمعن وهدوء، فيلمس ارتفاع وتدرج وتيرة المشاعر، من لحظة اللقاء ومن ثم الرقص والإنصهار بحالة من العشق الذي يولد حالة من الأحاسيس الانسانية والنقاء والصدق.
"لتتلألأ العيون، ببريق من نور"، بوصف جمالي ووجداني كبير تصف لنا الكاتبة حالة العشق التي وصل اليها المتحابان، فقدمت لنا الكاتبة مريانا أمين لوحة مرسومة بالكلمات لحكاية حب قوية بأسلوب شعر نثر جميل ورقيق، فكانت اللغة سلسة وناعمة، وجرس وايقاع موسيقي راق، ومن خلال الاستعارات والرمزيات والتشبيهات والتكرار رسمت لنا لوحة جميلة ومجموعة من الصور، بنص حفل بالعذوبة والرقة حتى همست مع الكاتبة أن هذه الرقة: "تسحرنا، فتستفيق أحاسيسنا"، حتى تنهي الكاتبة تحليق القارئ بنهاية النص وتقول: "ونكتب كل لحظة، قصة عشق، بلا عنوان"."
*قصة عشق
مريانا أمين
يقتربان
يرقصان معا ويقتربان
بنظرات الحب يقرآن
مجلدات عشق تفسرها العيون
وتذوب نبضات قلبيهما
فتصبح نبضة واحده
خفقة واحدة برقصة واحدة ...
هي نبضة حبّ !
تبعثر دقات القلب
لتتلألأ العيون
ببريق من نور
لا كذب فيها ولا رياء
تسحرنا
فتستفيق أحاسيسنا
وترتجف النبرات
.. لنصبح كعصافير حب
نحتضن بصدق
نُقبّل بعضنا بصدق
لنحيا
بصدق يسكن الانفاس
ونكتب كل لحظة
قصة عشق
بلا عنوان !!!


www.deyaralnagab.com