مرآة الروح...!!
بقلم : روضة الفارسي ... 05.06.2013
الآن وجهي على بركة صغيرة في حديقتنا...
منذ حين كان المطر ينهمر على كل شيء، وكان وجهي مرفوعا باتجاه السماء
فتتقاطر المياه من وجنتيّ ومن شعري المنسدل على كتفي.
كان الصوت يخرج من كياني داعيا مبتهلا فترى روحي قطرات المطر حبات لؤلؤ...
في مياه البركة وجهي...ثم فجأة أرى فيها القمر...
تغمرني حالة حب فأقفز فرحة حتى تلمس قدماي ماء البركة، فيغيب القمر...
أحزن لضياعه... إنه هناك في السماء منير مستدير... وإنه هنا مشعّ في قلبي...
فلم نتشبث عادة بالظلال وننسى الحقيقة؟
في صفاء السماء تبدو النجوم أكثر لمعانا...
أنسى كل شيء أشارك الكائنات الاحتفال...
لحواسي أن تبقى متيقّظة كي لا تتسلل الأفكار التي تحاول تعطيلها...
لكن الأفكار جرفتني نحو الماضي، وجعلتني أستعيد خيبات من أحباء,
وجراح الأقربين بالغة الألم.
أحس لمسات رقيقة على ساقي ... إنها ريحانة ...
بعد أن أجلب لها بعض الجبنة من الداخل، تصعد درجات السلم بكل خفة...
ثم تدير لي رأسها لتقول بعينييها شكرا... عادت بي الذاكرة إلى صباح هذا اليوم...
حين أهانتني جارتي دون أي داع. تصاعدت الدماء إلى رأسي غيظا
فوعدت نفسي بمقاطعتها نهائيا... ..أدخل المطبخ وأضع الإبريق على الموقد...
بعد لحظات أجلس على السرير حاملة بيدي كوب ينسون ساخن فأجد ريحانة متكورة فوقه...
من خلال الزجاج أرى لقمر بوضوح وألمح شجرة الزيتون التي تحركها الرياح فترقص في صبر واستسلام...
تخيلت لو كنت تلك الشجرة. وتذكرت ما قاله أحد الحكماء عن إحساسها
ويقظتها وفزعها لو مر بها أحد الحطابين...
أنظر مرة أخرى إلى المستدير المشع في السماء فيحضرني وجه أبي الروحي حين قال:
"إذا أردت أن تبلغي الصفاء عليك بالمجهود المتواصل يا ابنتي..فان الوجود ليس بعيدا،
إنه قريب جدا ويغمرنا حينما نكون غير غافلين"... .
في الصباح أقوم نشطة... طاقة بنفسجية تغمرني...تسبقني ريحانة إلى الشرفة...
ألمح جارتي تلك..أبتسم لها ونقول معا "صباح الخير"...
تنزل ريحانة إلى الحديقة فألحق بها... رائحة الحبق تغمر المكان..
أوراق الزيتون تبدو أكثر حسنا .. ورق التوت أشد خضرة...
العشب النديّ يضفي على الأرض سحرا ...
و تزهر أغصان اللوز فيزهر قلبي معها...
تنظر لي ريحانة مستعدة للقفز على كتفي..مازال صوت من داخلها يرسل نغمات حب...
تغوص عيناها في روحي فلا أغدو أميّز إن كنت روضة أو ريحان تونس
www.deyaralnagab.com
|