مثقفون فلسطينيون يحذرون من تحديات خطيرة ويدعون لاستراتيجية نضال جديدة!!
بقلم : الديار ... 18.06.2018 يؤكد مثقفون فلسطينيون في الوطن والشتات أن شعبهم العربي الفلسطيني يواجه أربعة تحديات خطيرة، داعين لتغيير استراتيجيات النضال التي تحفظ له وحدته وتقر طريق تحرره بالإفادة من تجاربه الطويلة.
جاء هذا في بيان كان ثمرة جهد مجموعة مثقفين فلسطينيين من كل العالم جمعهم تطبيق «ملتقى فلسطين» ، وهم يخططون لعقد لقاء لهم في الخريف المقبل في اسطنبول على ما يبدو.
ويقول البيان الذي تولى رعايته الكاتب ماجد كيالي والأستاذ الجامعي أسعد غانم، إن الشعب الفلسطيني يواجه في المرحلة الراهنة عدة تحديات، منها الفراغ السياسي المتمثّل بتآكل وتقادم وضعف كياناته السياسية (المنظمة والسلطة والفصائل)، لصالح سلطة تحت الاحتلال، وهي سلطة مقيّدة في مواجهتها للسياسات الإسرائيلية، العدوانية والاستيطانية والاحتلالية والعنصرية، ولا تستطيع تطوير الفلسطينيين وتعزيز صمودهم وتنمية مواردهم البشرية، وصياغة إجماعاتهم الوطنية.
وأشار الى تحد يتمثل بنشوء وقائع تهدد بمخاطر تحوّل الشعب الفلسطيني الواحد إلى شعوب عدّة، بأولويات مختلفة ومتباينة، نتيجة تآكل البنى السياسية الفلسطينية، وانخراط أغلبها في مشاريع لا تدخل في جوهر البعد الوطني للقضية الفلسطينية، مما أضر بوحدته ووحدة قضيته ومصيره، في مواجهة سياسات إسرائيل المتنوعة، وهو ما تجلّى، مثلاً، في ضعف علاقات التعاضد، وضعف التضامن، مع الأهوال التي عانى فلسطينيو سوريا منها، سيما في مخيم اليرموك، عاصمة اللاجئين الفلسطينيين وعنوان حق العودة، وهو ما تعرض له قبلهم فلسطينيو العراق. وتابع البيان «وها نحن نشهد ذات الوضع في ضعف الإسناد لشعبنا في غزة، الذي يعاني منذ 12 عاما الحصار، من قبل إسرائيل، أو مصر، أو من قبل السلطة بإجراءاتها «العقابية»، الذي يخوض وحيدا، منذ أسابيع الحراكات الشعبية والسلمية للتعبير عن حقه في العودة، وهو ما حصل سابقاً في الحراكات التي قادها شعبنا في القدس». ووجه الموقعون تحية تقدير للفلسطينيين الصامدين في أرض فلسطين التاريخية، وفي الضفة مؤخراً، الذي عبّر عن إرادته في مظاهرات حيفا ورام الله، بتأكيده أننا شعب واحد، في حيفا ويافا وعكا والناصرة والجليل والقدس ورام الله والخليل ونابلس وجنين، كما في مخيمات اللاجئين في البلدان العربية وفي كل بلدان الشتات.
*التحدي الثالث: التحول من حركة تحرر إلى سلطة
أما التحدي الثالث بنظر المثقفين الموقعين فيكمن بتحول الحركة الوطنية من حركة تحرر إلى سلطة «.ويرى أن هذا ما أوصلنا إلى هذا الدرك من الاختلاف والانقسام والتفكّك وانعدام المصداقية، الأمر الذي يسهّل على إسرائيل سياساتها العدوانية والاستيطانية والعنصرية ضد شعبنا في كافة أماكن تواجده». وهذا يعني بنظرهم أن كل الكيانات السياسيّة تتحمّل مسؤولية ما وصل الشعب الفلسطيني إليه، لاسيما الحركتان الكبيرتان، او المهيمنتان، فتح وحماس. وأضاف البيان «فكما أخذتنا «فتح»، وعبر هيمنتها على المنظمة، إلى اتفاق أوسلو الجزئي والمجحف والناقص بتداعياته الكارثية، وأوصلتنا إلى ما نحن فيه، بقيادتها الأحادية، وتهميشها المنظمة، أخذتنا «حماس» إلى خيارات غير محسوبة ولا مدروسة، أدت إلى الانقسام، والتسهيل على إسرائيل فصل شعبنا في القطاع عن شعبنا في الضفة، وفرض هيمنة أحادية وإقصائية في القطاع، وضمن ذلك انتهاج أشكال مقاومة حملت شعبنا أكثر مما يحتمل، الامر الذي جعل إسرائيل تكرر اعتداءاتها عليه وتحوله لسجن كبير لمليوني فلسطيني.
من هنا يتوافق المثقفون الفلسطينيون أولاً على ضرورة إعادة بناء الكيانات السياسية لاسيما المنظمة والسلطة، على أسس وطنية وتمثيلية وديمقراطية ومؤسسية، لأن ذلك هو المقدمة الضرورية لتعزيز إدراكات شعبنا لكونه شعبا واحدا، وأساسا لا بد منه لحمل أي خيار وطني فلسطيني، واعتماد الانتخابات والوسائل الديمقراطية لتعيين التوازنات والحسم في الخلافات الداخلية، كذلك الإقلاع عن التصورات والتصرفات القائمة على اعتبار أننا إزاء سلطة ناجزة، او كسلطة سيطرة وقمع واعتقال، كما يحدث في الضفة وفي غزة، في حين لا يزال الشعب الفلسطيني يعاني الاحتلال والاستيطان والتمييز العنصري والتشريد. ويأتي ضمن ذلك، إعادة الاعتبار للمنظمة ككيان سياسي للشعب الفلسطيني كله، والتعامل بمسؤولية وطنية لرفع الحصار عنه في غزة، وإنهاء أية إجراءات إدارية أو مالية تفاقم معاناته. وأكدوا أن رفع «العقوبات» المالية والسعي لرفع الحصار بكل اشكاله واجب وطني ملح وصارم، ويجب الا يكون مشروطا بالقضايا الأخرى على أهميتها، لأن إفقار وإذلال أهلنا في غزة لا يخدم أية قضية وطنية ذات شأن، ناهيك عما يسببه من معاناة إنسانية.
من جهة ثانية دعا المثقفون الفلسطينيون حركة حماس لإنهاء سيطرتها على غزة وإنهاء الانقسام، كما دعوا فتح الى توفير المعطيات المناسبة لذلك على صعيدي السلطة والمنظمة.
*دعوة لتخفيف معاناة اللاجئين
كما يدعون لبذل مزيد من الجهود مع الدول المعنية لتخفيف معاناة اللاجئين الفلسطينيين في سوريا ولبنان، وضمن ذلك قيام منظمة التحرير الفلسطينية بمنح جوازات سفر للاجئين الفلسطينيين، باعتبارهم جزءا من الشعب الفلسطيني، وباعتبار أن جواز السفر قد يسهل عليهم، لاسيما في ضوء مأساة فلسطينيي سوريا، وبحث الطرق التي يمكن ان تساهم في تمكين من يريد من اللاجئين من العودة إلى أرضه ووطنه.
وفي توصية رابعة دعوا لانتهاج أشكال النضال التي يمكن أن تعزز من صمود الشعب الفلسطينية في كافة أماكن تواجده، وتمكّنه من بناء وتطوير كياناته السياسية والاجتماعية، وتنمية موارده البشرية، التي تنمي التعاطف مع قضيته العادلة والمشروعة، وتاليا عدم الانجرار إلى مربع الصراع العسكري الذي تريده إسرائيل، وضمن ذلك الحرب بالصواريخ، الذي يبرّر لها البطش بشعبنا واستنزافه، وهو أصلاً المربع الذي تتفوّق فيه. وتابعوا «هذا مع علمنا أن الصواريخ، وهي متدنّية التأثير، لا تؤثّر على إسرائيل، ولا تغيّر من معادلات القوى، وهي فقط تستخدمها إعلامياً ضدنا، وبإظهار نفسها كضحية، كما ثبت بالتجربة، ومع تأكيدنا بأن المقاومة ليست عملاً مزاجيا ولا تجريبيا ولا هواية، ولا للتوظيف في أجندات لا علاقة لشعبنا بها».
*المقاومة الشعبية الأنسب والأجدى
ويرون أن المقاومة الشعبية هي الأنسب والأجدى، على المدى الطويل مع الإدراك التام بأن المقاومة الشعبية والسلمية لا تحرر أرضاً، لكن المقاومة المسلحة لم تفعل ذلك طوال أكثر من خمسة عقود، وتجربة الانتفاضة الثانية، وثلاث حروب على غزة، أكبر دليل، بيد أن المقاومة الشعبية تربك إسرائيل وتعزلها، وتستثمر في التناقضات فيها، وربما يمكن أن تثمر على المدى الطويل. معتبرين أن في ذلك عزل إسرائيل، أو في عدم تدفيع الفلسطينيين أثمانا باهظة، كما أنها تمكنهم من بناء مجتمعاتهم وتطوير مواردهم، بانتظار الظروف الدولية والعربية التي تمكن من استثمار هذه المقاومة، على نحو ما جرى في تجربتي الهند، او جنوب أفريقيا مثلا. وخلص هؤلاء للقول « بعد أكثر من نصف قرن على الكفاح الفلسطيني المعاصر آن لنا ان نراجع تجربتنا بطريقة نقدية، وأن نستفيد من هذه التجربة في تجنيب شعبنا مزيدا من المخاطر في غير محلها، وآن لنا أن نتصرف كشعب واحد له عدو واحد وقضية واحدة «.
www.deyaralnagab.com
|