الغارديان: قبل 10 أعوام حلم اليمنيون بالحرية فحصلوا على الجوع!!
بقلم : الديار ... 02.02.2021 بعد 10 أعوام على الربيع العربي يواجه اليمن الحرب والكوليرا ووباء فيروس كورونا وأسوأ مجاعة لم تمر عليه منذ عدة عقود، فهل هذا ما حصل عليه اليمنيون لأنهم تجرأوا على الحلم بغد مشرق؟
تجيب مراسلة صحيفة “الغارديان” بيثان ماكرنان بالقول: إن العاصمة اليمنية صنعاء التي شهدت تظاهرات حاشدة قبل 10 أعوام تبدو اليوم هادئة، يتحرك التجار والزبائن ببطء في أسواقها القديمة تحت وطأة قمع الحوثيين واحتلالهم للعاصمة والمعاناة التي تسبب بها الحصار الذي فرضه التحالف السعودي- الإماراتي.
وحلت “صرخة” الحوثيين محل الشعارات والأغاني والقصائد التي تردد صداها وسط البناء القديم. وكتب شعار الحوثيين بالأحمر والأخضر في كل مكان وعلى كل سطح “الله أكبر، الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل واللعنة على اليهود والنصر للإسلام”. ووسط الهدوء الحذر عادة ما يندلع التوتر الذي يخرقه صوت الغارات التي تشنها طائرات التحالف. وبعد 10 أعوام على تجرؤ اليمنيين للحلم في الانتفاضات التي اجتاحت العالم العربي وستة أعوام من اللاعبين الأجانب الذين أطلقوا العنان لحرب مدمرة، بات اليمن يشبه أحجية من الصور المقسمة لا يمكن حلها. وترافق الحرب الطاحنة أزمة إنسانية لم يشهد العالم مثلها منذ 40 عاما. وكلما استمرت الحرب والمجاعة كلما صعب تجميع قطع الأحجية اليمنية معا. فقبل 10 سنوات انطلق 10.000 محتج إلى شوارع صنعاء احتجاجا على الحكم الوحشي والفاسد لعلي عبد الله صالح. واستلهم المحتجون نجاح الثورات في تونس حيث مضوا في تظاهرات سلمية واضعين قطعا زهرية على أذرعهم تعبيرا عن الوحدة. وأدت التظاهرات لتنحي صالح عن السلطة في 2012 وترك المهمة التي وصفها مرة بأنها مثل “الرقص فوق رؤوس الثعابين”، ولقي نهايته في 2017 كما لقي معمر القذافي نهايته، جثة مدمية جرت في الشوارع بعدما حاول أن يتحول إلى الجانب الآخر في الحرب.
وقالت رجا الذيباني اليمنية- الأمريكية التي أجلت دراستها للمشاركة في ثورة 2011 “كان شعورا مبهجا ولأول مرة يتحد فيها اليمنيون. ولم يكن مهما من أي قبيلة أو طائفة دينية جئت أو أي جماعة سياسية انتميت لها. وكانت المساواة الجنسية في أعلى تجلياتها وخرجنا معا أسبوعا بعد أسبوع”. وقالت “بعد عدة أشهر بدأت الصدوع تظهر على الوحدة لكن الكثيرين رفضوا الاعتراف بها”. وفي الفراغ الأمني والسياسي ظهر عدة لاعبين حاولوا سد الثغرة، ففي الشمال بدأت الحركة الحوثية المتمردة بالتحرك. وفي وسط اليمن تمددت القاعدة أما في الجنوب، وبخاصة عدن، فقد تقوت الجماعة الداعية للاستقلال عن الشمال. مما أدى لاندلاع حرب واسعة عندما قرر الحوثيون اقتحام العاصمة اليمنية والإطاحة بحكومة عبد ربه هادي منصور بداية 2015 الذي فر إلى السعودية التي وصل إليها عندما كان محمد بن سلمان يخط طريقه للسلطة وبتشجيع من مرشده ولي عهد أبو ظبي، محمد بن زايد. واستجابت السعودية الخائفة من توسع الدور الإيراني في اليمن بعد سيطرة الحوثيين وقرر محمد بن سلمان بصفته وزيرا للدفاع القيام بحملة عسكرية. وبنصح واستشارة من الحلفاء الغربيين بمن فيهم الولايات المتحدة وبريطانيا، قرر الجيش السعودي الذي لم تختبر قوته في حروب سابقة شن حملة جوية لمدة 3 أسابيع بهدف إخراج الحوثيين من صنعاء. إلا أن “عاصفة الحزم” امتدت إلى 6 أعوام ودخلت في مأزق وتوسعت على 47 جبهة وأدت لمقتل 223.000 شخص.
وبعيدا عن القصور المتوهجة في الرياض وأبو ظبي علقت قوات التحالف في الأراضي الوعرة من شبه الجزيرة العربية، ودفع ثمنها المدنيون اليمنيون. وتم قصف الأعراس والمستشفيات والمدارس، وفي صعدة معقل الحوثيين بات صوت أزيز الطائرات جزءا من الحياة اليومية ولا يلتفت إليه أحد. ومع الحرب جاء الجوع وفقر التغذية والكوليرا وحمى الضنك وفيروس كورونا الذي لاحق الصغار والضعاف وحول البلاد إلى ما أطلقت عليها الأمم المتحدة “أكبر كارثة إنسانية في العالم”. والسبب الرئيس لعدم الإعلان عن مجاعة عامة مرتبط بالأرقام والإجراءات الفنية، فعدم توفر البيانات الكافية هو سبب عدم اعتبار اليمن يواجه مجاعة شاملة.
بدأت السعودية بعقد لقاءات سرية مع الحوثيين فيما سحبت الإمارات معظم قواتها. ومع خروج قوات التحالف زادت المواجهات بين الحوثيين والقوى المحلية الأخرى، وحتى المصالحة بين الحكومة المعترف بها دوليا والمجلس الانفصالي في الجنوب لا تزال هشة.
ويقول مهدي بلغيث من مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية إن “الحوثيين الذين تدعمهم إيران لن يخرجوا” و”هم مستعدون للعبة طويلة بطريقة لا تقدر عليها الدول الخليجية. وفي المستقبل سيقل اعتماد الولايات المتحدة على النفط والغاز من الخليج مما يعني تفكك الشراكة الطويلة. وعندها ما الذي سيمنع إيران من الزحف نحو مكة في الشمال؟”. وفي الجنوب لم ينجل غبار المعركة بعد لكن محمد بن سلمان ومحمد بن زايد نفرا كل حليف محتمل. ففي يوم بارد بمحافظة شبوة الغنية بالنفط والتي تربط شمال البلاد بجنوبها اصطف قادة عشائر للترحيب بقافلة لاند كروزر قادمة عبر الصحراء. وجاء أكثر من 100 رجل يمثلون 10 قبائل للاحتجاج أمام قاعدة عسكرية إماراتية والمطالبة بالعدالة لـ 9 رجال وأطفال قتلوا في أثناء غارة لا مبرر لها قامت بها قوات تابعة للإمارات. وقالوا إن الطائرات الإماراتية تحلق أحيانا على ارتفاع منخفض لتخويفهم. وقال الشيخ أحمد عبد القادر المحضار واحد من الزعماء البارزين الحاضرين “عندما جاء الإماراتيون والسعوديون قالوا إنهم سيستثمرون بمشاريع المياه. وأراد الإماراتيون منا أن نرسل أبناءنا للقتال من أجلهم. وعندما رفضنا حاولوا إخافتنا”. وقال “يتكون اليمن اليوم من عصابات، لا اعتذر ولا محاكم لكي نقوم بالشكوى لها. وأجبرتنا الحرب للاعتماد على الطرق القديمة في حل الأمور وفي غياب الدولة نعتمد على شبكات القبائل والعدالة القبلية”. وتشرذم التحالف منذ دعم الإمارات المجلس الجنوبي الانتقالي في 2017. ولم يعد يربط التحالف إلا العلاقة الشخصية بين الحاكمين في الرياض وأبو ظبي ولا إشارة عن قرب نهاية الحرب.
وبدأت السعودية بعقد لقاءات سرية مع الحوثيين فيما سحبت الإمارات معظم قواتها. ومع خروج قوات التحالف زادت المواجهات بين الحوثيين والقوى المحلية الأخرى، وحتى المصالحة بين الحكومة المعترف بها دوليا والمجلس الانفصالي في الجنوب لا تزال هشة. وفي الوقت الذي علقت فيه إدارة بايدن صفقات السلاح للسعودية والإمارات إلا أن إدارته لا تزال غامضة حول مسار السياسة من اليمن. وكان آخر قرار لإدارة ترامب هو تصنيف الحركة الحوثية كجماعة إرهابية، وهو تحرك حذرت من أنه لن يؤثر على الحركة الحوثية ولكن سيعقد من مهام نقل المواد الإنسانية واستيراد المواد الغذائية والدوائية والتي تشكل نسبة 90% مما يحتاجه اليمنيون. وحتى لو ألغى بايدن قرار ترامب، إلا أن برنامج الغذاء العالمي يقدر أن العقوبات أجبرت 80% من السكان على الجوع. وواصلت الحكومة البريطانية مبيعاتها العسكرية للسعودية رغم قرار محكمة الاستئناف عام 2019 والذي وجد أن الحكومة البريطانية لم تقيم بطريقة مناسبة طريقة استخدام الأسلحة وعدم خرقه للقانون الدولي الإنساني.
www.deyaralnagab.com
|